المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 4615 لسنة 45 ق عليا – جلسة 24/ 9/ 2005م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 24/ 9/ 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد العزيز إبراهيم
أبو العزم وأحمد عبد الحميد حسن عبود ود. محمد كمال الدين منير أحمد – نواب رئيس مجلس
الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 4615 لسنة 45 القضائية عليا
المقام من
رئيس الجمهورية " بصفته "
رئيس الوزراء " بصفته "
وزير الاقتصاد " بصفته "
وزير المالية " بصفته "
ضد
عادل حسين أحمد أحمد الغمراوى
رئيس مجلس إدارة بنك مصر " بصفته "
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 9251 لسنة 47 ق بجلسة 28/ 2/
1999
الإجراءات
فى يوم الأربعاء الموافق 28/ 4/ 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها
نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإٌدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت
رقم 4615 لسنة 45 ق فى الحكم المشار إليه والقاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلزام
المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعى مبلغا مقداره عشرون ألف جنيه والمصروفات.
وطلب الطاعنون – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا أصليا: بعدم قبول الدعوى رقم 9251 لسنة 47
ق لرفعها من غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهم من الأول حتى الرابع بصفاتهم. احتياطيا:
برفض دعوى المطعون ضده الأول وفى أى من الحالتين بإلزام المطعون ضده الأول المصروفات
ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا
وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2/ 12/ 2002 وبجلسة 7/ 3/ 2005 قررت إحالته
إلى هذه المحكمة والتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم, وبها صدر هذا الحكم
وأودعت مسودته المشتملة على أسبابة عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضده أقام
الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 26/ 9/ 1993
طلب فى ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين تعويضه عما أصابه وأصاب
مورثه من أضرار مادية وأدبية من جراء صدور ونفاذ القرار رقم 134 لسنة 1964 والذى حكم
بعدم دستوريته والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وشرح الدعوى أن مورثة المرحوم أحمد
رشدى الغمراوى كان يمتلك أوراقا مالية ( أسهم ) مودعة ببنك مصر ( القاهرة ) وقد أممت
هذه الأسهم بالقانون رقم 72 لسنة 1963 بسعر 838 قرشا للسهم الواحد على أن تسدد الحكومة
قيمة هذه الأسهم بموجب سندات على الدولة لمدة خمسة عشر عاما بفائدة 4% سنويا وبصدور
القانون رقم 134 لسنة 1964 تم الاستيلاء على 965 سهما ( سماد كيماوى ) ملك مورثه بغير
مقابل بعد أن اعتبرت قدرا زائدا عن الحد الأقصى للتعويض الأجمالى المنصوص عليه فى المادة
الأولى من هذا القرار بقانون والتى قضت المحكمة بعدم دستوريته مما يكون معه هذا الاستيلاء
غير قانونى لانعدام سنده وأضاف المدعى أنه أصيب ومورثه بأضرار مادية وأدبية من جراء
صدور ونفاذ القرار المشار إليه, ويتمثل الضرر المادى فى منعه من ماله ما يزيد على عشرين
عاما وحتى وفاته سنة 1984 ومنعه من إرثه فترة طويلة فى وقت كانا فى أشد الحاجة إليه
وما تبع ذلك من الحرمان من المعيشة الرغدة والاستدانة لمواجهة أعباء الحياة, ويتمثل
الضرر الأدبى فيما أصابة ومورثة من الألم النفسى والذلة والمهانة وقد بلغت قيمة الأسهم
وقت الاستيلاء عليها 8086 جنيها, وبلغ ريع ذلك المبلغ 9704 جنيها بواقع 4% كما هو محدد
بالقانون رقم 72 لسنة 1963 لمدة ثلاثين عاما.
وبجلسة 28/ 2/ 1999 صدر الحكم المطعون فيه, وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت بالأوراق
أن مورث المدعى كان يمتلك 965 سهما ( سماد كيماوى ) تم تأميمها وآلت إلى الدولة بغير
مقابل وبأعتبارها قدرا زائدا عن الحد الأقصى للتعويض الأجمالى المنصوص عليه فى المادة
الأولى من القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا فى القضية
رقم 25 لسنة 2 ق القضائية ( دستورية ) بجلسة 2/ 3/ 1985 بعدم دستورية القانون الأخير
بالتعويض الإجمالى ومن ثم فإن قرار الاستيلاء على الأسهم التى كانت مملوكة لمورث المدعى
يكون قد انهار سنده التشريعى الأمر الذى يتوافر معه ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة,
بالإضافة إلى توافر ركن الضرر المتمثل فى حرمان مورث المدعى من ماله وشعوره بالأسى
والألم من جراء غل يده من إرثه الذى آل إليه منذ وفاة مورثه عام 1984.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله
للأسباب الآتية:
أولا: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهم الأول والثانى
والثالث والرابع لانتفاء صفاتهم على سند من القول أن الأسهم التى تم الاستيلاء عليها
مودعة ببنك مصر ( القاهرة ) وللبنك شخصيته الاعتبارية المستقلة ويمثله رئيس مجلس إدارته
أمام القضاء. ثانيا: عدم أحقية المطعون ضده فى التعويض عن الأضرار الأدبية التى أصابت
مورثه لعدم المطالبة بها حال حياة مورثة وعدم أحقية المطعون ضده فى التعويض عن الأضرار
المادية والأدبية التى أصابته شخصيا لأنها أضرار غير مباشرة مما لا يجوز التعويض عنها,
كما أن ثمة مغالاة فى تقدير التعويض عن الأضرار المعوض عنها, ولما كان الحكم المطعون
فيه قد خالف ما تقدم فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون جدير بالإلغاء.
ومن حيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح
المنازعة فى الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم بميزان القانون
وزنا مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التى تعيبه من
عدمه ولا يغل يدها فى هذا الشأن الأسباب التى بنى عليها تقرير الطعن بحسبان أن الأمر
فى المنازعات الإدارية مرده إلى مبدأ المشروعية نزولا على سيادة القانون. وبالنسبة
للدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهم
الأربعة الأول, ولما كان كل من المدعى عليهم الأربعة الأول ( الطاعنون ) تقوم بالنسبة
لصفاتهم صلة بموضوع الدعوى والفصل فيها واختصامهم فى إصدار قرارات تمس موضوع الدعوى
سواء فيما يتعلق بتبعية البنك المركزى لوزارات الاقتصاد واعتبار وزارة المالية هى بيت
المال المنوط به التحمل بكافة الالتزامات والتعويضات عن الدولة وتبعية الوزارتان لرئيس
مجلس الوزراء وإصدار رئيس الجمهورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 الذى يستند إليه
المطعون ضده الأول فى طلب التعويض ومن ثم تغدو صفاتهم قائمة بالنسبة فى الطعن ويتعين
بالتالى رفض الدفع وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع بسقوط حق المطعون ضده الأول فى المطالبة بالتعويض بالتقادم
الطويل.
ومن حيث إن القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت نص فى المادة
الثانية على أن " تتحول أسهم الشركات ورؤس أموال المنشآت إليها إلى سندات اسمية على
الدولة… ".
ونصت المادة الثالثة على تشكيل لجان تختص بتحديد سعر كل سند إذا لم تكن الأسهم متداولة
فى البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها ستة شهور…. وتكون قرارات اللجنة نهائية
وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن…. " ثم أصدر المشرع القرار بقانون رقم
134 لسنة 1964 المعمول به اعتبارا من 24/ 3/ 1964 ناصا فى مادته الأولى على تحديد تعويض
أجمالى لأصحاب المنشآت المؤممة لا يتجاوز خمس عشرة ألف جنية ومما لا شك فيه أن نص المادة
الثالثة من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 والمادة الأولى من القرار بقانون رقم 134
لسنة 1964 يشكلان مانعا قانونيا يتعذر معه على أصحاب الشركات والمنشآت المؤممة المطالبة
بحقوقهم طعنا على قرار لجان التقويم أو المطالبة بقيمة التعويضات التى تجاوزت خمسة
عشر ألف جنيه طبقا لحكم المادة 382 من القانون المدنى وذلك قبل إنشاء القضاء الدستورى
فى مصر.
ومن حيث إن المشرع بتاريخ 31/ 8/ 1969 صدر القانون رقم 81 لسنة 1969 بإصدار قانون المحكمة
العليا وأناط بها الاختصاص بالفصل فى دستورية القوانين, وبتاريخ 25/ 8/ 1970 أصدر القانون
رقم 66 لسنة 1970 بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا والمعمول به
اعتبارا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية فى 27/ 8/ 1970, ونفاذا لأحكام الدستور أصدر
المشرع بتاريخ 29/ 8/ 1979 القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية
العليا والمعمول به اعتبارا من 21/ 9/ 1979 نفاذا لحكم المادة العاشرة من مواد إصداره.
ومن حيث إن واقعا قانونيا قد تكشف منشؤه وقوامه الحكم الذى أصدرته المحكمة الدستورية
العليا فى القضية رقم 16 لسنة 1 ق دستورية بجلسة 30/ 4/ 1983 بعدم دستورية المادة الثالثة
من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت فيما تضمنه من النص
على أن تكون قرارات لجان التقويم نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأى وجه من أوجه الطعن,
كما أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها فى القضية رقم 25 لسنة 2 ق دستورية بجلسة
2/ 3/ 1985 بعدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 بتعويض أصحاب أسهم رؤوس أموال
الشركات والمنشآت التى آلت ملكيتها للدولة وفقا لأحكام القوانين أرقام 117, 118, 119
لسنة 1961 والقوانين التالية لها تعويضا إجماليا.
ومتى كان ذلك وكان الأصل فى الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة إذ هى لا تستحدث
جديدا ولا تنشئ مراكز أو أوضاعا لم تكن موجودة من قبل, بل إنها تكشف عن حكم الدستور
أو القانون الأمر الذى يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعى كنتيجة حتمية
بطبيعته الكاشفة, فضلا عن أن نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا قضى بعدم
جواز تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته من اليوم التالى لتاريخ نشر الحكم بعدم الدستورية
فى الجريدة الرسمية ومن ثم بات متعينا على قاضى الموضوع اعمالا لهذا النص, ألا ينزل
حكم القانون المقضى بعدم دستوريته على المنازعة المطروحة عليه.
ومن حيث إنه بالترتيب على ما نشأ من واقع قانونى كشف عنه حكم المحكمة الدستورية العليا
المشار إليه فإنه لا وجه للقول بسقوط حق المطعون ضده الأول فى المطالبة بالتعويض بمضى
خمس عشرة سنة لعدم مضى هذه المدة منذ بدء عمل المحكمة العليا بالرقابة على دستورية
القوانين نفاذا لأحكام القانون رقم 81 لسنة 1969 بإنشائها والقانون رقم 66 لسنة 1970
المشار إليهما سلفا وحتى تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر بجلسة
30/ 4/ 1983 وبحسبان أن الحكم ملزم لجميع جهات القضاء ومن ثم فإن الحق المطالب به لم
ينقضى بالتقادم قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا ويسرى بالتالى بشأنه مجال أعمال
الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية.
ومن حيث إنه عن التعويض وإذا كانت طلبات المطعون ضده الأول فى دعواه قد شملت التعويض
عن الضرر الأدبى الذى أصاب مورثه المرحوم/ أحمد رشدى الغمراوى إلا أن الحكم المطعون
فيه لم يتناول هذا التعويض الأدبى المورث وقصر قضاؤه على التعويض المادى عن المورث
والتعويض المادى والأدبى الذى أصاب المطعون ضده كوريث ولما كان من المقرر أن تقدير
التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسبا مستهدية فى ذلك بكافة الظروف
والملابسات فى الدعوى ويتعين على محكمة الموضوع أن تبين فى حكمها عناصر الضرر التى
أقامت عليها قضائها بالتعويض, ومن المقرر كذلك أنه كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بتعويض
إجمالى عن جميع الأضرار التى حاقت بالمضرور إلا أن ذلك مشروط بأن تبين عناصر الضرر
التى قضت من أجله بهذا التعويض وأن تناقش كل عنصر على حدة وتبين وجه أحقية طالب التعويض
فيه أو عدم أحقيته, وأن يكون هذا التقدير قائما على أساس سائغ ومردود إلى عناصره الثابتة
بالأوراق ومبرراته التى يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يبدو متكافئا
مع الضرر غير زائد عليه أو ناقصا عنه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حين قدر التعويض المادى تصيغه أوراق الدعوى وله مبرراته
وتوازنه مع العلة من فرض التعويض وتناسب التعويض مع الضرر ومن ثم يكون الحكم قد أصاب
وجه الحق فيما قضى به لأثباته وأحكام القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديرا
بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات عملا بحكم المادة من قانون المرافعات.
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
