المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 1399 لسنة 44 ق عليا – جلسة 17/ 12/ 2005م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم السبت الموافق 17/ 12/ 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد الحميد حسن
عبود ود.محمد كمال الدين منير أحمد ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ ثروت محمد عبد العاطي – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 1399 لسنة 44 القضائية عليا
المقام من
السيد/ عطية عيسى عبد الله
ضد
1- السيد/ عبد الخالق حامد عبد الله
2- وزير الزراعة بصفته خصم متداخل
3- محافظ الوادي الجديد بصفته خصم متداخل
4- رئيس الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بصفته خصم متداخل
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط فى الدعوى رقم 28 لسنة 5 ق بجلسة 26/
11/ 1997م
الإجراءات
فى يوم الإثنين الموافق 22/ 12/ 1997 أودع الأستاذ/ أحمد طلبة الصعيدي
المحامي ، بصفته نائبًا عن الأستاذ/ عبد السلام عبد المنعم عواد المحامي بالنقض والإدارية
العليا ، بصفته وكيلاً عن الطاعن ، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم
عاليه ،فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط فى الدعوى رقم 28 لسنة 5ق بجلسة
26/ 11/ 1997 ، والقاضي فى منطوقه " حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً ، وفى الموضوع
بإلغاء القرار المطعون فيه ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وألزمت الجهة الإدارية
المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – تحديد جلسة لنظر هذا الطعن أمام دائرة
فحص الطعون ، لتأمر – بصفة مستعجلة – بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى موضوع
الطعن ، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ، لتقضي بقبوله شكلاً ، وفى الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه ، والقضاء – أصليًا – برفض طلب إلغاء قرار الجهة الإدارية
، مع إلزام المطعون ضده المصروفات، والأتعاب عن درجتي التقاضي ، واحتياطيًا – ندب خبير
فى الدعوى ليتحقق ممن هو واضع اليد الحقيقي على هذه الأرض قبل صدور القرار وبعده من
واقع مستندات الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني فى الطعن ، ارتأت فيه الحكم
بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعًا ، وإلزام الطاعن المصروفات عن درجتي التقاضي.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن الماثل بجلسة 3/ 11/ 2003 ، وتداولت نظره بالجلسات على
النحو الثابت بمحاضرها ، وبجلسة 6/ 12/ 2004 أحالت الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة
1/ 1/ 2005 حيث نظرته على النحو المبين بمحاضر الجلسات ، إلى أن قررت النطق بالحكم
اليوم ، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضده كان
قد أقام الدعوى رقم 28 لسنة 5ق أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بتاريخ 11/ 10/ 1993
بطلب الحكم بإلغاء قرار الجهة الإدارية بالموافقة على بيع المساحة المشار إليها بالصحيفة
للمواطن/ عطية عيسى عبد الله (الطاعن) ، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها بيع تلك
المساحة له ، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ، ومقابل أتعاب المحاماة ، وذكر – شرحًا
لدعواه – أنه " يضع يده على مساحة 21 قيراط بناحية المعصرة ، التابعة لمدينة موط الداخلة
بمحافظة الوادي الجديد ، بالحوش رقم 113/ بئر رقم 3 ملك هيئة التعمير والصحارى ، منذ
الموسم الزراعي 68/ 69 ، وظل يسدد مقابل انتفاعه بها إلى مصلحة الضرائب العقارية ،
ثم قامت الجهة الإدارية بإرسال كشوف واضعي اليد إلى الهيئة تمهيدًا لبيع المساحات لواضعي
اليد عليها، وأصدرت الهيئة القرار رقم 22/ 11 فى 27/ 7/ 1986 بالموافقة على البيع لواضعي
اليد ، ولدى قيام الهيئة ببيع المساحة المذكورة والمحصورة باسمه (المطعون ضده فى الطعن
الماثل) قامت ببيعها إلى المدعي عليه الرابع (الطاعن فى الطعن الماثل) كما قامت بتحصيل
مقدم الثمن بوقع 10% من القيمة بزعم من أن المذكور هو واضع اليد على تلك المساحة ،
بالمخالفة للواقع ، ومما يؤكد ذلك ما ورد بمذكرة إدارة الملكية والتصرف بجهاز تعمير
الوادي الجديد المؤرخة فى 1/ 9/ 1991 من أنه هو واضع اليد الفعلي على المساحة المشار
إليها وليس المدعي(المطعون ضده) وأنه يتعين إخطار هيئة تعمير الصحارى بذلك.
وبجلسة 26/ 11/ 1997 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسًا على أن "المدعي يضع يده
على مساحة 11س 21ط … اعتبارا من موسم 82/ 83 حتى موسم 89/ 90 ، كما كان يسدد القيمة
الايجارية لهذه المساحة طوال تلك الفترة بانتظام إلى مأمورية الضرائب العقارية بالداخلة
، وبالتالي يتوافر فى شأنه شرط التصرف بالبيع لتلك المساحة له ، وإذ قامت الجهة الإدارية
ببيع المساحة المذكورة للمدعي عليه الرابع ، بموجب قرارها المطعون فيه ، ومن ثم تكون
قد تنكبت جادة الصواب ، الأمر الذى يتعين معه الحكم بإلغاء هذا القرار ، وما يترتب
على ذلك من آثار " وأنه " يغير من ذلك ما دفع به المدعى عليه الرابع من أن الإيصالات
الصادرة من مصلحة الضرائب عن أعوام 91 و92 و93 تثبت أنه واضع اليد على مساحة الأرض
، المشار إليها ومالكها ، ذلك أن العبرة بوضع اليد وسداد القيمة الايجارية بانتظام
حتى 27/ 7/ 1986 تاريخ صدور القرار رقم 22/ 101 ، وقد أجدبت الأوراق مما يفيد وضع يد
المذكور على تلك المساحة وسداد القيمة الايجارية قبل هذا التاريخ مباشرة ، مما يتعين
معه الالتفات عن هذا الدفع ، وطرحه جانبًا. "
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله
حينما قضى أولاً: بقبول الدعوى شكلاً ذلك أن الطاعن كان قد تعاقد مع الهيئة العامة
لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية فى 9/ 2/ 1991 بموجب قرارات صحيحة صادرة من الهيئة
، لأن واضع اليد الحقيقي على تلك المساحة هو الطاعن ، وحيث إن المطعون ضده أقام دعواه
المطعون على الحكم الصادر فيها فى 11/ 10/ 1993 أي بعد ما يزيد عن عامين وكان يعلم
علمًا يقينيًا بهذا التعاقد من خلال المستندات التى قدمها للمحكمة المطعون على حكمها
، مما يدل على علمه يقينيًا بموعد تعاقد الطاعن مع الهيئة ، ومن ثم تغدو دعواه أصلاً
قد أقيمت فى غير الميعاد القانوني وبالتالي تعتبر غير مقبولة شكلاً. ومن ناحية ثانية
، فقد أغفل الحكم المستندات المقدمة من الطاعن فى الطعن الماثل ، وأهمها تلك التى تدل
على أنه أول من وضع يده على هذه القطعة محل التداعي سنة 71/ 1972 ، وأنه كان المزارع
الفعلي لها ، وأنه ترك الأرض فى رعاية المطعون ضده لصلة القرابة ، وأن القائم بزراعتها
حاليًا هو الطاعن ، وهو ما يتضح من كشوف وضع اليد التى أرسلت إلى الهيئة باسم الطاعن
، ولم يدرج اسم المطعون ضده ، وجهة ثالثة أغفل الحكم المطعون فيه كتاب الهيئة العامة
لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والذى أثبت بتاريخ 24/ 12/ 1996 أن الطاعن كانت
مخصصة له قطعة الأرض موضوع التداعي فى تاريخ صدور القرار الطعين ، وأنه طبقًا للوارد
فى السجلات المصرية فإن الطاعن يضع يده على هذه الأرض قبل سنة 1986 بينما أثبت الحكم
خلاف ذلك حينما أورد أن المطعون ضده هو الذى كان يضع يده عليها من عام 1982 حتى موسم
1990 مما يدل على أن هناك تناقضًا بين ما جاء بالحكم وحقيقة المستندات المقدمة من الهيئة
العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ، وهى الجهة المسئولة عن تخصيص الأراضي
لواضعي اليد عليها.
ومن حيث إن هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبًا عن الخصوم المدخلين فى الطعن قد دفعت بمذكرة
دفاعها المودعة بتاريخ 25/ 10/ 2004 بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائيا بنظر
الدعوى المطعون على حكمها بسند من أن أرض التداعي من الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام
القانون رقم 143 لسنة 1981 والتى لا تختص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات الناشئة
عنه. كما دفع بذات الدفع وكيل الطاعن بمذكرة دفاعه المودعة بجلسة 8/ 10/ 2005.
ومن حيث إن البحث فى الاختصاص يسبق الفصل فى شكل الدعوى وموضوعها، ويتعين على المحكمة
أن تتصدى له ، ولو لم يثره أي من الخصوم لتعلقه بالنظام العام ، وقد أستقر قضاء مجلس
الدولة فيما يتعلق بالدفع بعدم الاختصاص ولائيا بنظر الدعوى على أن صدور قرار صريح
أو سلبي من جهة إدارية ، لا يخلع عليه فى كل الأحوال ، وبحكم القانون ، وصف القرار
الإدارى ، فإذا صدر فى مسألة من مسائل القانون الخاص، أو تعلق بإدارة شخص معنوي خاص
، فإن ذلك يخرجه من عداد القرارات الإدارية ، أيا كان مصدره ، ومهما كان موقعه فى مدارج
السلم الإدارى ، ولا يعتبر من عداد القرارات الإدارية بالمفهوم الاصطلاحي ، الذى يختص
القضاء الإدارى وحده بنظر المنازعات الخاصة بها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق – وعلى ما يبين من كل من مذكرة دفاع الخصوم المدخلين
فى الطعن الماثل ، وحافظة مستندات الجهة الإدارية المودعة بجلسة 8/ 10/ 2005 – أن الأرض
موضوع التداعي جرى تخصيصها للمطعون ضده طبقًا لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 فى
شأن الأراضي الصحراوية ، فتدور المنازعة الماثلة فى فلكه ، وتخضع لأحكامه.
ومن حيث إن مفاد المادة 22 من القانون رقم 143 لسنة 81 المشار إليه ، وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة ، أن المشرع فى هذا القانون الأخير قد ناط بالمحاكم العادية دون غيرها
، ولاية الفصل فى المنازعات التى قد تنشأ عن تطبيق أحكامه ، وعين المحكمة الابتدائية
المختصة لنظر تلك الدعاوى ، مما يكشف عن أن المشرع ارتأى أن يغلب الطبيعة العقدية المدنية
المترتبة على تطبيق أحكام ذلك القانون ، فغدت المنازعات المتعلقة بالعقود التى تبرم
فى نطاق تطبيق ذلك القانون ، ذات طبيعة مدنية.
ومن حيث إنه متى كان ذلك ، فإن محاكم مجلس الدولة لا تكون مختصة بنظر الدعوى المطعون
على حكمها فى الطعن الماثل ، وإنما يكون الفصل فيها للمحكمة الابتدائية على نحو ما
قرره الحكم الوارد فى المادة من القانون رقم 143 لسنة 1981 ، المشار إليه ، الأمر
الذى يتعين معه الحكم بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًا بنظر المنازعة الماثلة
، وإحالة الطعن إلى محكمة الوادي الجديد الابتدائية للفصل فيها تطبيقًا لحكم المادة
مرافعات مع إبقاء الفصل فى المصروفات.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بصحيح حكم القانون على نحو ما سلف البيان ، فإنه
يكون قد جانبه الصواب ، وحق لهذه المحكمة أن تقضي بإلغائه ، والقضاء مجددًا بعدم اختصاص
محاكم مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى ، مع إحالتها إلى محكمة الوادي الجديد الابتدائية
للاختصاص.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: –
بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ، وبعدم اختصاص محاكم مجلس
الدولة ولائيًا بنظر الدعوى ، وإحالتها بحالتها إلى محكمة الوادي الجديد الابتدائية
، وأبقت الفصل فى المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
