المحكمة الادارية العليا – الطعن ين الآتيين: – أولاً: – جلسة 21/ 1/ 2006م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم السبت الموافق 21/ 1/ 2006م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار د./ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وأحمد عبد العزيز إبراهيم
أبو العزم وأحمد عبد الحميد حسن عبود ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ ثروت محمد عبد العاطي – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعنين الآتيين: –
أولاً: الطعن رقم 4143 لسنة 44القضائية عليا
المقام من
ورثة المرحوم/ عادل أحمد التوني وهما:
1- ليلى على حسن الحامولي.
2- أماني عادل أحمد التوني .
ضد
وزير الدفاع والإنتاج الحربي.
ثانيًا : الطعن رقم 4615 لسنة 44 قضائية عليا
المقام من
وزير الدفاع والإنتاج الحربي
ضد
1- ليلى على حسن الحامولي.
2- أماني عادل أحمد التوني.
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 6012 لسنة 50ق بجلسة
23/ 2/ 1998
الإجراءات
فى يوم الأحد الموافق 5 من إبريل سنة 1998 أودع الأستاذ/ عرفة محمد
نائبًا عن الأستاذ/ محمد مغاوري عبد ربه المحامي بصفته وكيلاً عن كل من: ليلى على حسن
الحامولي وأماني عادل أحمد التوني ، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا ، تقرير طعن
– قيد برقم 4143 لسنة 44 قضائية عليا – فى الحكم المشار إليه بعاليه ، والقاضي فى منطوقه:
بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بأحقية المدعيتين فى صرف معاش مورثهما العسكري عن الفترة
من 7/ 3/ 1990 حتى 8/ 3/ 1991 وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلبت الطاعنتان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه
، وبإلغاء قرار المطعون ضده بوقف صرف متجمد المعاش العسكري المستحق للطاعنتين بصفتهما
مورثتي المرحوم/ عادل أحمد التوني عن المدة من 2/ 1/ 1969 حتى 8/ 3/ 1991 مع إلزامه
بالمصروفات.
وفى يوم الخميس الموافق 23 من أبريل سنة 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة
عن وزير الدفع والإنتاج الحربي ، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا ، تقرير طعن – قيد
برقم 4615 لسنة44 قضائية عليا – فى ذات الحكم المشار إليه بعاليه.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وبصفة مستعجلة
بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام
المطعون ضدهما بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا برأيها القانوني فى الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبولها
شكلاً ورفضها موضوعًا وإلزام كل طاعن بمصروفات طعنه.
وعين لنظر الطعنين أمام الدائرة السابعة فحص جلسة 18/ 2/ 2004 ، وتدوولا بجلسات المرافعة
على النحو المبين بمحاضر الجلسات ، حيث قررت الدائرة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد
، وبجلسة 1/ 9/ 2004 قررت إحالة الطعنين إلى الدائرة السابعة موضوع لنظرهما بجلسة 26/
12/ 204.
ونظرت الدائرة المذكورة الطعن بجلسة 26/ 12/ 2005 ثم بجلسة 10/ 4/ 2005 ، وقررت بهذه
الأخيرة إحالة الطعنين إلى الدائرة الأولى/ موضوع للاختصاص ، ونظرت المحكمة الطعنين
على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 11/ 12/ 2005 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم
، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 5/ 5/ 1996
أقامت كل من/ ليلى على حسن الحامولي وأماني عادل أحمد ، الدعوى رقم 6012 لسنة 50ق المطعون
على حكمها أمام محكمة القضاء الإدارى (دائرة التسويات والجزاءات) بالقاهرة ، بطلب الحكم
بإلغاء قرار وزير الدفاع والإنتاج الحربي المتضمن وقف صرف المعاش العسكري لمورثهما
عن المدة من 2/ 1/ 1969 حتى 8/ 3/ 1991 ، وبصرف إجمالي هذا المعاش وإلزام جهة الإدارة
بالمصروفات ، وذلك للأسباب المبينة بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 23/ 2/ 1998 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه بأحقية المدعيتين
فى صرف معاش مورثهما العسكري عن الفترة من 7/ 3/ 1990 حتى 8/ 3/ 1991 ، وشيدت المحكمة
قضاءها على أن الثابت من الأوراق أم مورث المدعيتين كان قد صدر قرار جمهوري بمنحه معاشًا
استثنائيًا ، إلا أن هذا المعاش أوقف صرفه طوال فترة عمله بالوظيفة المدنية المدة من
2/ 1/ 1969 حتى تاريخ وفاته فى 8/ 3/ 1991، وأنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا
قد قضت فى الدعوى رقم 3 لسنة 16 قضائية دستورية بجلسة 4/ 2/ 1995 ، بعدم دستورية الفقرة
الأولى من المادة من قانون التقاعد والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون
رقم 90 لسنة 1975 فيما تضمنته من وقف صرف المعاش العسكري عند تعيين صاحب المعاش بالجهاز
الإدارى للدولة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو هيئات القطاع
العام وشركاته، ومن ثم وإعمالاً للأثر الرجعي لحكم المحكمة الدستورية العليا المشار
إليه ، فإن المدعيتين تستحقان صرف معاش مورثهما عن خمس سنوات سابقة على نشر الحكم المذكور
فى 6/ 3/ 1995 ، أي المدة من 7/ 3/ 1990 حتى 8/ 3/ 1991 ، أما ما سبق هذه المدة فإن
حقهما فى صرف المعاش يسقط بالتقادم.
بيد أن القضاء سالف الذكر لم يلق قبولاً من المدعيتين فأقامتا الطعن رقم 4143 لسنة
44 قضائية الماثل ، تنعيان فيه على الحكم مخالفته للقانون ، وذلك على سند من القول
بأن نص المادة 99 فقرة من قانون التأمين والمعاشات للقوات المسلحة رقم 90 لسنة
1975 ، يعد مانعًا تشريعيًا قبل الحكم بعدم دستوريته – من المطالبة بصرف معاش مورثهما
، وبالتالي لا يسري التقادم على النزاع إلا من تاريخ زوال هذا المانع ، وذلك عملاً
بحكم المادة من القانون المدني.
كما أن الحكم المذكور لم يصادف قبولاً أيضًا من الجهة الإدارية فأقامت الطعن رقم 4615
لسنة 44 قضائية ، تنعى فيه على الحكم أنه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك
استنادًا إلى أن المشرع فى المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة
1979 أخذ بقاعدة الأثر الفوري والمباشر للأحكام الصادرة عن تلك المحكمة ولم يأخذ بقاعدة
الأثر الرجعي إلا فيما يتعلق بالنصوص الجنائية ، ومن ثم وإذ أخذ الحكم المطعون فيه
بقاعدة الأثر الرجعي فإنه يكون قد خالف صريح نص المادة 49 المشار إليها ويضحى حقيقًا
بالإلغاء.
ومن حيث إن المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48
لسنة 1979 ، تقضي بأن أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية وقراراتها ملزمة لجميع سلطات
الدولة وللكافة ، وأن تلك الأحكام تنشر فى الجريدة الرسمية ، ويترتب على الحكم بعدم
دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ، ومفاد
ذلك – حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة وأفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور
– أن الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية ، وهى بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة
فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري، تكون لها حجية مطلقة ولا يقتصر
أثرها على الخصوم فى الدعاوى التى صدرت بشأنها ، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة
وجميع سلطات الدولة ، كما أن مؤدى عدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم
التالي لنشر الحكم – وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون – لا يقتصر على المستقبل
فحسب وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم ، الأمر الذى يستتبع
أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعي كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة ، ويستثنى من
هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز القانونية التى استقرت بحكم حائز قوة الأمر المقضي
أو بانقضاء مدة التقادم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أعمل هذا المبدأ على الحالة موضوع النزاع وطبقه على
الوقائع المعروضة تطبيقًا سليمًا سواء فيما يتعلق برجعية الحكم الصادر بعدم الدستورية
أو بتقادم الحق المطالب به وذلك على النحو السالف إيراده ، ومن ثم فإنه يضحى والحالة
هذه مطابقًا لصحيح حكم القانون ولا مطعن عليه ، الأمر الذى يغدو معه الطعنان الماثلان
على غير سند من القانون خليقان بالرفض.
وغني عن البيان أنه لا وجه لما أثارته الجهة الإدارية الطاعنة من القول بأن القاعدة
التى أخذ بها المشرع فى قانون المحكمة الدستورية العليا ، هى قاعدة الأثر المباشر والفوري
للحكم بعدم الدستورية وليس قاعدة الأثر الرجعي ، إذ أن ذلك مردود بما أوضحته المحكمة
الدستورية العليا ذاتها فى حكمها الصادر فى القضية رقم 37 لسنة 9ق دستورية بجلسة 19/
5/ 1990 ، من أن عدم إعمال الأثر الرجعي للحكم بعدم الدستورية أمر يأباه المنطق القانوني
السليم ويتنافى مع الغرض المرتجى من الدفع بعد الدستورية ، ولا يحقق لمبدي الدفع أية
فائدة عملية ، بحسبان أن المنازعات الموضوعية التى أثير فيها الدفع بعدم الدستورية
، تدور كلها حول علاقات وأوضاع سابقة بالضرورة على الحكم بعدم الدستورية، الأمر الذى
يجعل الحق فى التقاضي – وهو من الحقوق العامة التى كفلها الدستور للناس كافة – بالنسبة
للمسألة الدستورية غير مجد ومجرد من مضمونه ، وهو ما ينبغي تنزيه المشرع عنه. وفضلاً
عن ذلك فقد أكد التعديل الذى أدخله المشرع على المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية
العليا بموجب القانون رقم 168 لسنة 1998 ، على أن الأحكام الصادرة بعدم الدستورية هى
أحكام ذات طبيعة رجعية ، إذ أخرج من نطاق هذه الرجعية الأحكام الصادرة بعدم دستورية
أي نص من النصوص الضريبية ، بأن جعل أثرها مباشرًا فى جميع الأحوال ، ولو أنها كانت
كذلك بطبيعتها لما كان ثمة حاجة لإفرادها بنص خاص.
كذلك لا وجه لما ذهبت إليه الطاعنتان من أن التقادم لا يسري على الحق المطالب به إلا
من تاريخ زوال المانع التشريعي من المطالبة به بناء على الحكم الصادر من المحكمة الدستورية
العليا ، ذلك أن النص فى المادة من القانون رقم 90 لسنة 1975 على وقف صرف المعاش
العسكري عند الالتحاق بوظيفة مدنية ، لا يعد مانعًا من موانع التقاضي ، بمعنى أنه لم
يحظر على صاحب الشأن التداعي أمام القضاء للمطالبة بحقه قبل سقوطه بالتقادم ، وأن يدفع
من خلال الدعوى التى يقيمها فى هذا الشأن بعدم دستورية النص ، ومن ثم لا يسوغ للطاعنتين
– وقد تقاعستا عن إقامة الدعوى حتى سقوط حقهما فى صرف معاش مورثهما بالتقادم عن الخمس
سنوات السابقة على نشر الحكم بعدم دستورية نص المادة (99/ 1) المشار إليها – التحدي
بالمانع التشريعي من المطالبة القضائية وذلك لانتفاء الواقع القانوني لهذا المانع.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: –
بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعًا وألزمت الطاعنين كلاً مصروفات طعنه.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
