المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 4968 لسنة 50 ق عليا – جلسة 17/ 9/ 2006
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علنًا في يوم الأحد الموافق 17/ 9/ 2006.
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل – رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان وحسن سلامة أحمد محمود
وأحمد عبد الحميد حسن عبود ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد بلال إبراهيم – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الأتي
في الطعن رقم 4968 لسنة 50 القضائية عليا
المقام من
1- وزير الداخلية
2- مساعد وزير الداخلية مدير أمن الجيزة
ضد
محمود فخري حسين
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 10020 لسنة 57 ق بجلسة
30/ 12/ 2003
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين الموافق 16 من فبراير سنة 2004 أودعت هيئة قضايا
الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن – قيد
برقم 4968 لسنة 50 قضائية عليا – في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضى في منطوقه بقبول
الدعوى شكلاً وفى الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك
من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون
بالمحكمة لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة
الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء
مجددًا برفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً
ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19/ 12/ 2005 وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة
6/ 2/ 2006 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 6/ 3/ 2006 لاستمرار المداولة، وبهذه
الأخيرة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى – موضوع
لنظره بجلسة 1/ 4/ 2006.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 10/ 6/ 2006 قررت إصدار
الحكم بجلسة 16/ 9/ 2006 وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لذات الجلسة لتغير
تشكيل الهيئة، ثم قررت إصدار الحكم بجلسة 17/ 9/ 2006 حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 25/ 1/ 2003
أقام المطعون ضده الدعوى رقم 10020 لسنة 57 قضائية المطعون على حكمها أمام محكمة القضاء
الإداري الدائرة الرابعة بالقاهرة، طالبا الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ ثم
إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء الترخيص رقم 7 لسنة 1984 الصادر له من
مديرية أمن الجيزة بالاتجار في السلاح وغلق المحل مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام
الجهة الإدارية المدعى عليها بالمصروفات، وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 30/ 12/ 2003 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين بوقف تنفيذ القرار المطعون
فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وشيدت المحكمة قضاءها على أن البادي من ظاهر الأوراق
أن الجهة الإدارية استندت في إصدار القرار المطعون فيه إلى ما قام به المدعى من تصنيع
وتجميع أجزاء الأسلحة النارية والاتجار فيها، وأنه قد حرر عن هذه الواقعة المحضر رقم
11061 لسنة 2002 جنح قسم شرطة روض الفرج، إلا أن أوراق الدعوى خلت مما يفيد صدور حكم
جنائي في شأن هذه الواقعة على الوجه الذي يثبت صحة ما نسب إلى المدعى قطعا، وبالبناء
عليه يكون القرار المطعون فيه غير قائم على سبب صحيح في الواقع والقانون، مما يتوافر
معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه إلى جانب توافر ركن الاستعجال.
بيد إن الحكم المذكور لم يلق قبولا من الجهة الإدارية المدعى عليها فأقامت طعنها الماثل
تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول
بأن القرار المطعون فيه صدر من مختص بإصداره مسببا على النحو الذي أوجبه القانون، ومن
ثم فإنه يكون مشروعا ولا ينال منه أن تكون الجنحة المقيدة ضد المطعون ضده لم يصدر فيها
حكم جنائي بعد ، فذلك لا ينفي قيام السبب الذي قام عليه القرار وهو الإخلال بالأمن
العام.
ومن حيث إنه يشترط للقضاء بوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين مجتمعين، أولهما ركن
الجدية – وهو يتصل بمبدأ المشروعية – بأن يكون إدعاء الطالب قائمًا بحسب الظاهر من
الأوراق على أسباب يرجح معها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل في الموضوع.
والثاني ركن الاستعجال: بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى
بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية: فإن البين من الإطلاع على نص المادة 12 من القانون رقم
394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر ، أن المشرع قد حظر استيراد الأسلحة المنصوص
عليها في المادة الأولى من هذا القانون والاتجار بها أو صنعها أو إصلاحها ، إلا بترخيص
خاص من وزير الداخلية أو من ينيبه عنه ، وخول وزير الداخلية سلطة واسعة في الموافقة
على منح الترخيص أو رفضه أو تقصير مدته أو قصره على أنواع معينة من الأسلحة أو تقييده
بأي شرط يراه محققًا لمصلحة الأمن العام ، كما أن له سحبه في أي وقت أو إلغاءه ، إلا
أن المشرع لم يجعل سلطة وزير الداخلية في هذا الشأن سلطة مطلقة ، وإنما قيدها بضرورة
أن يكون قرار الوزير بسحب الترخيص أو إلغائه مسببًا ، ومن المقرر أن ثمة فرقًا بين
تسبيب القرار الإداري وقيامه على السبب المبرر له قانونًا ، فالسبب هو ركن أساسي من
أركان القرار لابد من توافره حتى ينهض القرار صحيحًا ، أما التسبيب فهو إجراء شكلي
استهدف به المشرع توفير ضمانة لأصحاب الشأن ضد عسف الإدارة وتجاوزها للحدود المشروعة
للسلطة التقديرية ، ومن ثم فإنه كلما أوجب المشرع على جهة الإدارة أن يكون قرارها مسببًا
، فعليها أن تذكر هذه الأسباب واضحة جلية حتى إذا لم يجد فيها صاحب الشأن مقنعًا لجأ
إلى القضاء لإعمال رقابته على مشروعية القرار ، وذلك بالتحقق مما إذا كانت النتيجة
التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصا سائغًا من أصول تنتجها ماديًا وقانونيًا
أو أنها منتزعة من غير أصول موجودة ، وكذلك التحقق مما إذا كان التكييف القانوني للوقائع
على فرض وجودها ماديًا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون أم لا ، ثم ترتيب النتيجة
النهائية على كل ذلك.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم ، ولما كان البادي من ظاهر الأوراق أن جهة الإدارة
قد استندت في إصدار قرارها المطعون فيه بإلغاء الترخيص رقم 7 لسنة 1984 الممنوح للمطعون
ضده بمزاولة نشاط الاتجار في السلاح ، إلى الاتهام المنسوب إليه في الجنحة رقم 11061
لسنة 2002 جنح روض الفرج بتصنيع وتجميع أجزاء الأسلحة النارية محليًا والاتجار فيها
، وذلك رغم أن هذا الاتهام كان قيد التحقيقات ولم يصدر فيه حكم جنائي بعد ، وبالتالي
كان يتعين عليها أن تتريث في إلغاء الترخيص حتى يتم الفصل في الجنحة المنوه عنها ،
بحسبان أن القاعدة العامة هي أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته ، إلا أنها تعجلت في إصدار
القرار المطعون فيه ، الأمر الذي يصم القرار – بحسب الظاهر من الأوراق – بعيب مخالفة
القانون والتعسف في استعمال السلطة ، يؤكد ذلك الحكم الصادر ببراءة المطعون ضده من
الاتهام المنسوب إليه حسبما يبين من الشهادة الصادرة من نيابة شمال القاهرة/ مكتب المحامي
العام بتاريخ 14/ 3/ 2005 والمودعة حافظة مستندات المطعون ضده.
ومن حيث إنه متى كان ذلك ، فإن ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يضحى
متوافرًا ، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال بحسبان أن استمرار تنفيذ القرار من شأنه أن
يحرم المطعون ضده من ممارسة النشاط المرخص له به في تجارة الأسلحة ، وبالتالي حرمانه
من عائد هذا النشاط والذي قد يمثل مصدر رزقه الوحيد ، ومن ثم وإذ توافر لطلب وقف التنفيذ
ركناه اللذان يقوم عليهما وهما الجدية والاستعجال فإنه يتعين القضاء بوقف تنفيذ القرار
المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ولا يغير من ذلك ما أثارته الجهة الإدارية من أن المطعون ضده قد تنازل عن المحل موضوع
الترخيص الملغي إلى آخر يدعى/ إبراهيم منصور على ، وأن هذا الأخير قام بتغيير النشاط
إلى الاتجار في الملابس ، مما تنتفي معه مصلحة المطعون ضده في الدعوى ، ذلك أن الثابت
من الأوراق وما ورد بدفاع المطعون ضده ، أن هذا التنازل تم في تاريخ لاحق على صدور
القرار المطعون فيه كأثر ونتيجة لهذا القرار ، ومن المقرر أن العبرة في الحكم على مشروعية
القرار هي بالظروف والملابسات السائدة وقت صدوره ، ومن جهة أخرى فإن هذا التنازل ليس
من شأنه – والحالة هذه – أن يحول بين المطعون ضده وحقه في الانتقال بالترخيص إلى مكان
آخر تتوافر فيه الشروط المقررة لمزاولة النشاط ، وذلك لخلو القانون رقم 394 لسنة 1954
من نص يحظر هذا الانتقال ، سيما وأن المطعون ضده قرر في مذكرة دفاعه أنه افتتح محلا
آخر بأحد الشوارع التي يوجد بها عدة تراخيص لتجارة الأسلحة.
وإذا خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ولا
مطعن عليه ، مما يضحى معه الطعن الماثل غير قائم على أساس من الواقع أو القانون خليق
بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
" فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة: –
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
