المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 8053 لسنة 47 ق عليا – جلسة 17/ 9/ 2006
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علنًا في يوم الأحد الموافق 17/ 9/ 2006.
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل – رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم وحسن سلامة
أحمد محمود وأحمد عبد الحميد حسن عبود ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد بلال إبراهيم – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الأتي
في الطعن رقم 8053 لسنة 47 القضائية عليا
المقام من
وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية
ضد
محمد محمود عبد السلام خليل – بصفته رئيس مجلس إدارة شركة النيل
للصرافة
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 4502 لسنة 55 ق بجلسة
24/ 4/ 2001
إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 23 من مايو سنة 2001 أودعت هيئة قضايا
الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن – قيد
برقم 8053 لسنة 47 قضائية عليا – في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي في منطوقه بقبول
الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلزام الشركات المرخص لها
في التعامل بالنقد الأجنبي القائمة وقت العمل به بتوفيق أوضاعها خلال ثلاثة أشهر من
تاريخ العمل به، بزيادة رأسمالها المدفوع إلى عشرة ملايين جنيه مصري مع ما يترتب على
ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون
بالمحكمة الإدارية العليا، لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإحالة
الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام
المطعون ضده بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/ 4/ 2005 وتدوول بجلسات المرافعة على
النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 2/ 1/ 2006 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة
الإدارية العليا/ الدائرة الأولى – موضوع لنظره بجلسة 4/ 2/ 2006.
ونظرت المحكمة الموضوع على النحو المبين بمحاضر الجلسات. وبجلسة 22/ 4/ 2006 قررت إصدار
الحكم بجلسة 17/ 6/ 2006 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم بجلسة 2/ 7/ 2006 لإتمام المداولة
وبهذه الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 17/ 9/ 2006 وفيها قررت المحكمة
إصدار الحكم آخر الجلسة، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق
به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في إنه بتاريخ 22/ 3/ 2001
أقام المطعون ضده الدعوى رقم 4502لسنة 55ق المطعون علي حكمها أمام محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى بالقاهرة ،طالبا الحكم بقبول الدعوى شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ
القرار رقم 103 لسنة 2001 الصادر من المدعى عليه فيما تضمنته المادتان الثانية والثالثة
منه، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار في مادتيه المشار إليهما مع ما يترتب على ذلك من
آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات، وذلك للأسباب الواردة بصحيفة الدعوى.
وبجلسة 24/ 4/ 2001 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين بوقف تنفيذ القرار المطعون
فيه فيما تضمنته مادته الثالثة من إلزام الشركات المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي
القائمة وقت العمل به، بتوفيق أوضاعها وفقا لأحكام المادة الثانية منه خلال ثلاثة أشهر
من تاريخ العمل به، بزيادة رأسمالها المدفوع إلى عشرة ملايين جنيه مصري مع ما يترتب
على ذلك من آثار، وشيدت المحكمة قضاءها على أنه لا يجوز أن تطاول القاعدة اللائحية
المعدلة لتنال من المراكز القانونية التي تكونت صحيحة في ظل القاعدة قبل تعديلها، وإلا
لكان في هذا زيغ عن أصل دستوري مقرر وجنوح عن مبدأ قانوني مستقر، وبالتالي فإن كان
سائغا تعديل الحد الأدنى بالزيادة وإلزام من يريد الترخيص في التعامل بالنقد الأجنبي
بها، فليس بسائغ مد هذا التعديل لشركات استوفت الحد الأدنى لرأس المال المدفوع طبقا
للقاعدة السارية وقت إصدار الترخيص لها بممارسة نشاطها، وإنه ولئن كان البادي أن المصلحة
العامة هي هدف مصدر القرار فإنه من غير الجائز المساس بالمراكز القانونية التي تكونت
إلا في الحدود المقررة قانونا، وذلك إعمالا لمبدأ عدم الرجعية.
بيد أن الجهة الإدارية المدعى عليها لم ترتض الحكم المذكور فأقامت طعنها الماثل، تنعى
فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بأن
أحكام القانون رقم 38 لسنة 1994 بشأن تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، اقتصرت على الأحكام
الأساسية للموضوعات التي ينظمها، وأحالت إلى اللائحة التنفيذية فيما يتعلق بالنواحي
الإجرائية والفنية، وخولت الوزير المختص سلطة إصدارها وتحديد شروط إصدار الترخيص للجهات
غير المصرفية، وأن زيادة الحد الأدنى لرأس المال المدفوع أو إنقاصه هو من الملاءمات
المتروكة لوزير الاقتصاد، وما يصدره في هذا الشأن تلتزم به ليس فقط الشركات المستجدة
وإنما تلتزم به أيضا الشركات القائمة في المدة المحددة لتوفيق أوضاعها دون أن يعد ذلك
إعمالا للقرار الجديد بأثر رجعى، ذلك أن المركز القانوني للشركات المرخص لها في التعامل
بالنقد الأجنبي – كما هو الحال بالنسبة للشركة المطعون ضدها – هو مركز تنظيمي يجوز
تعديله في أي وقت بما يتفق ومقتضيات الصالح العام حتى يمكن مسايرة التطورات الاقتصادية
المتلاحقة، وعلى ذلك لا يجوز التحدي في هذا المجال بفكرة الحق المكتسب أو المركز القانوني
الذاتي.
ومن حيث إن المشرع الدستوري قد وضع بمقتضى المادة 187 من الدستور أصلا عاما مؤداه عدم
سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما
وقع قبلها، ومع ذلك يجوز في غير المواد الجنائية النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة
أغلبية أعضاء مجلس الشعب، وهذا الأصل وإن كان يقيد السلطة التشريعية فيما تصدره من
قوانين، فإنه من باب أولى يقيد السلطة التنفيذية التي تقوم على تنفيذ هذه القوانين،
فلا يسوغ لها وهى تصدر قرارات تنفذ بها أحكام القانون أن تضمنها أثرا رجعيا يقضى بانعطاف
أحكامها على الماضي، لما في ذلك من اعتداء على المراكز القانونية التي نشأت واستقرت
في ظل قواعد قانونية كانت قائمة ومنتجة لكافة آثارها، وكذلك المساس بالحقوق المكتسبة
بما من شأنه أن يلحق العنت والضرر بأصحاب هذه المراكز والحقوق.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على القانون رقم 38 لسنة 1994 بشأن تنظيم التعامل بالنقد
الأجنبي – إنه خول الوزير المختص سلطة الترخيص بالتعامل في النقد الأجنبي لجهات أخرى
غير المصارف المعتمدة وذلك وفقا للقواعد والإجراءات التي يصدر بتحديدها قرار منه في
هذا الشأن، وأنه تنفيذا لذلك أصدر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية القرار رقم 331
لسنة 1994 باللائحة التنفيذية للقانون المذكور، وتضمنت المادة من هذه اللائحة الشروط
اللازمة للترخيص بالتعامل في النقد الأجنبي للجهات غير المصرفية، ومنها ألا يقل رأس
مالها المدفوع عن مليون جنيه مصري، كما أصدر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية القرار
رقم 103 لسنة 2001 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 38 لسنة 1994 المشار
إليه، وتضمن هذا القرار في المادة الثانية منه النص على ألا يقل رأس المال المدفوع
للشركة التي يرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي عن عشرة ملايين جنيه مصري، كما تضمن
في المادة الثالثة النص على إلزام الشركات القائمة وقت العمل به بتوفيق أوضاعها خلال
فترة لا تجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقرار.
ومن حيث إن ما تضمنه قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 103 لسنة 2001 المشار
إليه من إلزام الشركات القائمة وقت العمل به – ومنها الشركة المطعون ضدها – بتوفيق
أوضاعها خلال فترة لا تجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به بزيادة رأسمالها المدفوع
إلى عشرة ملايين جنيه مصري بعد أن كان مليون جنيه مصري فقط، قد انطوى على أثر رجعى
للقرار بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون على النحو سالف الذكر، وأهدر بذلك المركز
القانون والحق المكتسب للشركة المطعون ضدها في ظل القواعد التي كان معمولا بها قبل
إصداره، ومن ثم فإن القرار المذكور يكون قد جاء – بحسب الظاهر من الأوراق – معيبا ومخالفا
لصحيح حكم القانون، وهو ما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، فضلا عن توافر
ركن الاستعجال لما يترتب على استمرار تنفيذه من تهديد الشركة المطعون ضدها بالتوقف
عن ممارسة نشاطها بالتعامل في النقد الأجنبي وحرمانها من عائد هذا النشاط، وتلك نتائج
يتعذر تداركها بفوات الوقت، الأمر الذي يكون معه طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه
قد استقام على ركنيه الجدية والاستعجال، مما يستوجب القضاء بوقف تنفيذه مع ما يترتب
على ذلك من آثار.
ولا ينال من ذلك ما ذهبت إليه الجهة الإدارية الطاعنة من أن المركز القانوني للشركات
المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي، هو مركز تنظيمي يجوز تعديله في أي وقت بما يتفق
والصالح العام حتى يمكن مسايرة التطورات الاقتصادية المتلاحقة، إذ أن هذا القول إنما
يخص المراكز القانونية للشركات التي يرخص لها بعد العمل بالتعديل الذي أتى به القرار
رقم 103 لسنة 2001 ولا ينصرف إلى الشركات المرخص لها قبل صدوره لأنها توجد في مركز
ذاتي بالنسبة لهذا القرار لا يجوز المساس به.
كما لا يقدح فيما سبق ما آثاره البنك المركزي المصري بمذكرة دفاعه المقدمة بجلسة 3/
10/ 2005 من القول بانعدام مصلحة الشركة المطعون ضدها في الطعن على القرار المطعون
فيه، بزعم إنه صدر في ظل العمل بالقانون رقم 38 لسنة 1994 وقد ألغى هذا القانون بالقانون
رقم 88 لسنة 2003 مما يستتبع إلغاء ذلك القرار، فهذا القول مردود بأن الأوراق قد خلت
مما يفيد إن جهة الإدارة قد تراجعت عن قرارها المطعون فيه أو عدلت عن تطبيقه في حق
الشركة المطعون ضدها بعد صدور القانون رقم 88 لسنة 2003، مما يفيد أن القرار ظل ساريا
في مواجهة تلك الشركة بما يتضمنه من مساس بمركزها القانوني المستقر حتى تاريخ صدور
الحكم المطعون فيه، وهو ما يقيم لها مصلحة في الطعن عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذه الوجهة من النظر وانتهى إلى القضاء بوقف
تنفيذ القرار رقم 103 لسنة 2001 المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، فإنه يكون
قد صادف صحيح حكم القانون ولامطعن عليه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
" فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة: –
بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
