المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 20832 لسنة 51 ق عليا – جلسة 6/ 1/ 2007 م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
دائرة الأحزاب السياسية
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم السبت الموافق 6/ 1/ 2007 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل – رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومصطفى سعيد مصطفى
حنفى وعبد الحليم أبو الفضل أحمد القاضي ود. محمد كمال الدين منير أحمد – نواب رئيس
مجلس الدولة
بحضور السادة الأساتذة الشخصيات العامة/ أ. إسماعيل محمد عبد الرسول سليمان وأ.د. مجدي
محمد على أبو ريان وأ.د. هاني عبد الرؤوف مطاوع وأ. د فتحى محمد على طاش وأ.د. سمير
محمد عبد العزيز.
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر قنديل – نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
فى الطعن رقم 20832 لسنة 51 القضائية عليا
المقام من
عاطف أحمد عبد الله بودي بصفته وكيلاً عن الأعضاء المؤسسين لحزب السلام الدولي تحت التأسيس.
ضد
رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية.
" إجراءات الطعن "
فى يوم السبت الموافق 3 من يوليه سنة 2005 أودع الأستاذ/ عادل سيد
أحمد المجبر المحامى المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن
الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 20832 لسنة 51 القضائية
عليا طلب فى ختامه للأسباب الواردة بتقرير الطعن – بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء
قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر بتاريخ 2/ 7/ 2005 بالاعتراض على تأسيس حزب
سياسي جديد باسم حزب السلام الدولي وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات،
وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأي القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلا وفى الموضوع برفضه وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام المحكمة جلسة 3/ 12/ 2005 حيث نظر بهذه الجلسة والجلسات التالية
على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وفيها
صدر الحكم وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطاعن يهدف بطعنه إلى طلب الحكم بقبوله شكلا ، وفى الموضوع بإلغاء قرار
لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر بتاريخ 2/ 7/ 2005 بالاعتراض على تأسيس حزب السلام
الدولي مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إقامة الحزب المذكور ومباشرته لمهامه ، مع
إلزام جهة الإدارة المصروفات.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطاعن تقدم بتاريخ 8/ 3/ 2005 بإخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب
السياسية بمجلس الشورى يطلب فيه الموافقة على تأسيس حزب سياسي جديد باسم " حزب السلام
الدولي ".
وبجلسة 2/ 7/ 2005 أصدرت لجنة شئون الأحزاب السياسية قرارها المطعون فيه بالاعتراض
على الطلب المقدم من الطاعن لتأسيس الحزب المذكور فطعن على هذا القرار بالطعن الماثل
فى 3/ 7/ 2005 ثم طرأ واقع قانوني جديد بعد الطعن تمثل فى صدور القانون رقم 177 لسنة
2005 المنشور بعدد الجريدة الرسمية 27 تابع "ط" فى 7 يوليه سنة 2005بتعديل بعض أحكام
القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية الأمر الذى يثير مسألة القانون الواجب
التطبيق فى المنازعة الماثلة.
ومن حيث إن ثمة حقائق قانونية يتعين إبرازها فى هذا الصدد توصلاً إلى إنزال صحيح حكم
القانون على واقعات النزاع الماثل وهذه الحقائق هى:
أولا: تنص المادة 187 من الدستور على أن: " لا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع
من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، ومع ذلك يجوز فى غير المواد
الجنائية النص فى القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب ".
ومن هذا النص يبين أن الأصل أن القاعدة القانونية لا تسرى إلا على ما يقع من تاريخ
العمل بها، واستثناء من هذا الأصل يجوز أن تسرى القاعدة القانونية بأثر رجعى على الوقائع
السابقة عليها حال النص على ذلك فى القانون بموافقة أغلبية خاصة أكبر من الأغلبية العادية
هى أغلبية جميع أعضاء مجلس الشعب لا أغلبية الحاضرين منهم فقط ولا تشمل هذه السلطة
الاستثنائية القوانين الجنائية. ولا جدال بأن إعمال القاعدة العامة الواردة فى هذا
النص منوط بأن تكون الواقعة أو المركز القانونى لصاحب الشأن قد اكتملت عناصره واستوفى
شرائطه فى ظل القاعدة القانونية التى تحكمه ، فإذا لم يتحقق ذلك بأن ظلت الواقعة أو
المركز القانونى فى دور التكوين ولم يكتمل بعد إلى أن لحق القاعدة التى يخضع لها تعديل
يمس عنصرًا أو أكثر من عناصر هذه الواقعة أو المركز القانونى، فإنه يخضع لسلطان القاعدة
الجديدة، حيث لا يكون صاحب الشأن قد اكتسب مركزًا ذاتيا من القاعدة القديمة قبل التعديل
يسوغ له التحدى به، وليس فى ذلك إعمال للرجعية من قريب أو بعيد، بل أنه مؤدى التطبيق
الصحيح لقاعدة الأثر المباشر للقانون، وهو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فى العديد
من السوابق والتطبيقات.
ثانيا: تنص المادة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية – معدلة
بالقانون رقم 144 لسنة 1980 وقبل تعديلها بالقانون رقم 177 لسنة 2005 – على أن: " يجب
تقديم إخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها فى المادة التالية
عن تأسيس الحزب موقعًا عليه من خمسين عضوًا من أعضائه المؤسسين ومصدقًا رسميًا على
توقيعاتهم على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين ، وترفق بهذا الإخطار جميع
المستندات المتعلقة بالحزب.. ويعرض الإخطار عن تأسيس الحزب على اللجنة المشار إليها
فى الفقرة السابقة خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديم هذا الإخطار ".
كما تنص المادة من القانون المذكور والمعدلة بالقانون رقم لسنة 1994 وقبل
تعديلها بالقانون رقم 177 لسنة 2005 على أن: " تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على
النحو التالي.. وعلى اللجنة أن تصدر قرارها بالبت فى تأسيس الحزب على أساس ما ورد فى
إخطار التأسيس الابتدائي وما أسفر عنه الفحص أو التحقيق ، وذلك خلال الأربعة أشهر التالية
على الأكثر لعرض الإخطار بتأسيس الحزب على اللجنة ، ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالاعتراض
على تأسيس الحزب مسببًا بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن ، ويعتبر انقضاء مدة
الأربعة أشهر المشار إليها دون إصدار قرار من اللجنة بالبت فى تأسيس الحزب بمثابة قرار
بالاعتراض على هذا التأسيس.. ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يومًا التالية
لنشر قرار الاعتراض فى الجريدة الرسمية ، أن يطعنوا بالإلغاء فى هذا القرار أمام الدائرة
الأولى للمحكمة الإدارية العليا.. ".
ومن هذه النصوص يتبين أن الحزب لا ينشأ ولا يحق له مباشرة نشاطه السياسي بمجرد إخطار
لجنة شئون الأحزاب السياسية كتابة عن تأسيسه ، بل إن ذلك منوط بتحقيق أحد أمرين:
أولهما: عدم اعتراض اللجنة على التأسيس. وثانيهما: مضي أربعة أشهر على عرض الإخطار
على اللجنة دون صدور قرار منها بالبت فى تأسيس الحزب ، فالإخطار إذن – وحسبما جرى عليه
قضاء هذه المحكمة – لا يعدو أن يكون واقعة تفتتح بها الإجراءات أمام لجنة شئون الأحزاب
السياسية لتنتهي بصدور قرار صريح بالموافقة أو الاعتراض على إنشاء الحزب ، وبالتالي
لا يترتب على هذه الواقعة فى حد ذاتها أي أثر قانوني يكسب أو يسلب حقًا. ومن جهة أخرى
فإن صدور قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على إنشاء الحزب ولجوء أصحاب الشأن
إلى الطعن فيه بالإلغاء أمام المحكمة الإدارية العليا ، إنما ينقل النزاع برمته أمام
المحكمة لتنزل عليه صحيح حكم القانون وليحسم الحكم الصادر منها فى هذا الشأن المركز
القانوني للحزب تحت التأسيس بصفة نهائية ، الأمر الذى مفاده أن إنشاء الحزب فى هذه
الحالة واكتسابه للشخصية المعنوية يكون معلقًا على صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا
بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على إنشاء الحزب.
ثالثًا: تنص المادة من القانون رقم 40 لسنة 1977 سالف الذكر معدلة بالقانونين رقمي
36 لسنة 1979 و108 لسنة 1992 وقبل تعديلها بالقانون رقم 177 لسنة 2005 على أن " يتمتع
الحزب بالشخصية الاعتبارية ويمارس نشاطه السياسي اعتبارًا من اليوم التالي لنشر قرار
لجنة شئون الأحزاب السياسية بالموافقة على تأسيسه فى الجريدة الرسمية ، أو فى اليوم
العاشر من تاريخ هذه الموافقة إذا لم ينشر ، أو من تاريخ صدور حكم المحكمة الإدارية
العليا بإلغاء القرار الصادر من هذه اللجنة بالاعتراض على تأسيس الحزب.
وفيما عدا الإجراءات الإدارية التى تنتهي بتقديم الإخطار المنصوص عليه فى المادة من هذا القانون ، لا يجوز ممارسة أي نشاط حزبي أو إجراء أي تصرف باسم الحزب قبل اكتسابه
الشخصية الاعتبارية طبقًا لأحكام الفقرة السابقة ".
ومن هذا النص يبين أن المشرع وإن كان قد أضاف الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا
بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب إلى الحالات التى
تنشأ فيها الأحزاب السياسية وتتمتع بالشخصية الاعتبارية ، إلا أنه قد غاير بين هذه
الحالات فيما يتعلق بتاريخ اكتساب الشخصية الاعتبارية وممارسة الحزب لنشاطه السياسي
، فبينما يبدأ هذا التاريخ من اليوم التالي لنشر قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالموافقة
على تأسيس الحزب فى الجريدة الرسمية ، أو اليوم العاشر من تاريخ الموافقة إذ لم ينشر
، فإن تاريخ صدور الحكم هو المعول عليه فى هذا الصدد وذلك لكون الحكم منشئًا للمركز
القانوني للحزب فى التأسيس وليس كاشفا له ومن ثم فإنه – وبحكم اللزوم – إذا تغير التشريع
المنظم للأحزاب السياسية ووضع قواعد جديدة لنشأة الأحزاب قبل قيام المحكمة بالفصل قى
المنازعة التى رفعت إليها من قبل هذا التعديل فإن المحكمة تنزل على المنازعة المطروحة
عليها القواعد الجديدة المعمول بها وقت الفصل فى النزاع ، فإن كان طلب الحزب بالتأسيس
غير مستوف لهذه القواعد الجديدة أضحى الطلب فاقدًا لأساس قبوله ولا ينهض مسوغًا لإجابة
الحزب إلى طلباته الواردة بصحيفة الطعن.
ومن حيث إنه استهداء بالمبادئ والأحكام السابقة ، ولما كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ
8/ 3/ 2005 تقدم الطاعن بصفته وكيلاً عن مؤسسي حزب السلام الدولي بإخطار كتابي إلى
رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية للموافقة على تأسيس الحزب المذكور وأرفق بطلبه برنامج
الحزب وتوكيلات الأعضاء المؤسسين وعددها 60 توكيلاً تشتمل على 27 توكيلاً فئات و33
توكيلاً عمال وفلاحين وعرض الطلب على لجنة شئون الأحزاب السياسية بجلستها المعقودة
بتاريخ 2/ 7/ 2005 ، فقررت اللجنة الاعتراض على تأسيس الحزب لعدم تميز برنامجه عن برامج
الأحزاب السياسية الأخرى وذلك على النحو المبين تفصيلاً بقرار تلك اللجنة الأمر الذى
دفع بالطاعن إلى إقامة طعنه الماثل طالبًا الحكم بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على
ذلك من أثار ، وإبان نظر الطعن وقبل الفصل فيه نشأ واقع قانوني جديد ، تمثل فى صدور
القانون رقم 177 لسنة 2005 المنشور بعدد الجريدة الرسمية رقم 27 تابع "ط" فى 7 يولية
سنة 2005 – بتعديل بعض أحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية ، ومن
بينها شروط وإجراءات تأسيس الحزب ، فألزم حسبما نصت عليه المادة معدلة – أن يكون
إخطار التأسيس موقعًا عليه من ألف عضو على الأقل من أعضائه المؤسسين مصدقًا رسميًا
على توقيعاتهم ، على أن يكونوا من عشر محافظات على الأقل وبما لا يقل عن خمسين عضوًا
من كل محافظة، وذلك بعد أن كان المشرع يكتفي – قبل التعديل – بتوقيع خمسين عضوًا فقط
من الأعضاء المؤسسين للحزب ومن ثم وإذ أجدبت الأوراق مما يفيد استيفاء الطاعن لهذه
الاشتراطات المستحدثة بالقانون رقم 177 لسنة 2005 إذ لم يتجاوز عدد مؤسسيه 60 عضوًا
ومن ثم فإن الطعن الماثل يغدو غير قائم على أساس من القانون حريًا بالرفض.
ومن حيث إنه لا محاجة فيما قد يثار من أن العبرة فى الحكم على مشروعية القرار هي بالقواعد
السارية وقت صدوره ، وأن المحكمة بهذا النظر قد راقبت سببًا آخر غير السبب الذي استند
إليه القرار المطعون ، فذلك مردود بأن الطعن فى قرار لجنة شئون الأحزاب بالاعتراض على
تأسيس الحزب يطرح المنازعة برمتها أمام المحكمة التى لا تقف حدود سلطاتها عند بحث مدى
مشروعية قرار اللجنة وإنما تمتد لتقدير مدى صلاحية الحزب للتأسيس فى ضوء القواعد السارية
وقت الفصل فى النزاع. ويؤيد ذلك ما سبق بيانه من أن الحزب يكتسب الشخصية المعنوية فى
حالة طرح المنازعة أمام المحكمة من تاريخ صدور الحكم وذلك خروجًا على القاعدة المقررة
فى دعوى الإلغاء من أن أثر الحكم بالإلغاء يرتد إلى تاريخ القرار المقضي بإلغائه وهذا
الخروج أراد أن يؤكد به المشرع طبيعة الحكم الصادر من منازعات الأحزاب باعتباره حكمًا
منشئًا للمركز القانوني الذى أنشأه الحكم الذى يجب أن يصدر فى ضوء القواعد والمعطيات
القانونية السارية وقت صدوره وليس قبل ذلك ، والقول بغير ذلك مؤداه قيام الحزب على
خلاف إرادة المشرع وما استهدفه التعديل من فلسفة لإصلاح وتلافي عيوب النظام القائم
وانعكاسات ذلك على النظام السياسي للبلاد.
وغني عن البيان أن هذا القضاء لا يخل بحق الحزب الطاعن فى إعادة التقدم مجددًا بطلب
إلى لجنة شئون الأحزاب السياسية للموافقة على إنشاء الحزب وذلك بعد استيفاء الشروط
والضوابط التي استحدثها المشرع بموجب التعديلات المشار إليها فى قانون الأحزاب السياسية.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : –
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الطاعن المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
