المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 12906 لسنة 51 ق عليا – جلسة 6/ 1/ 2007 م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
دائرة الأحزاب السياسية
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم السبت الموافق 6/ 1/ 2007 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل – رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومصطفى سعيد مصطفى
حنفى وعبد الحليم أبو الفضل أحمد القاضي ود.محمد كمال الدين منير أحمد – نواب رئيس
مجلس الدولة
بحضور السادة الأساتذة الشخصيات العامة/ أ. إسماعيل محمد عبد الرسول سليمان وأ.د. مجدي
محمد على أبو ريان وأ. د. هانى عبد الرؤوف مطاوع وأ.د فتحى محمد على طاش وأ.د. سمير
محمد عبد العزيز.
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر قنديل – نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
فى الطعن رقم 12906 لسنة 51 القضائية عليا
المقام من
طارق إمام محمد مصطفى علام وكيل مؤسسي حزب الديمقراطية الاشتراكي
ضد
رئيس مجلس الشورى
" إجراءات الطعن "
فى يوم الأربعاء الموافق 11/ 5/ 2005 أودع الأستاذ/ أحمد أبو الفضل
الجيزاوي المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن
– قيد برقم 12906 لسنة 51 قضائية عليا – طلب فى ختامه – للأسباب الواردة بالتقرير –
الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية
فى 26/ 4/ 2005 بالاعتراض على تأسيس حزب الحرية الديمقراطي الاشتراكي مع ما يترتب على
ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بالمصروفات، وذلك للأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو الوارد بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلا وفى الموضوع برفضه.
وعين لنظر الطعن أمام المحكمة جلسة 3/ 12/ 2005 وتدوول بجلسات المرافعة على الوجه الثابت
بمحاضر الجلسات، حيث دفع الطاعن بجلسة 4/ 11/ 2006 بعدم دستورية القانون رقم 40 لسنة
1977 وطلب إحالة الطعن إلى المحكمة الدستورية العليا لوجود عيب الانحراف التشريعي.
وبجلسة 2/ 12/ 2006 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطاعن يهدف بطعنه إلى طلب الحكم بقبوله شكلا ، وفى الموضوع بإلغاء قرار
لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر بتاريخ 26/ 4/ 2005 بالاعتراض على تأسيس حزب الحرية
الديمقراطي الاشتراكي مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إقامة الحزب المذكور ومباشرته
لمهامه، مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم دستورية القانون رقم 40 لسنة 1977 نظام الأحزاب السياسية
لوجود انحراف تشريعي به دون أن يبين الطاعن النصوص القانونية التى ينص عليها بعدم الدستورية
ولما كانت هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة 6/ 2/ 1999 فى الطعن رقم 2583 لسنة 42 ق بأن
المادة 30 من قانون المحكمة الدستورية العليا تنص فى المادة 30 على أن " يجب أن يتضمن
القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها
وفقًا لحكم المادة السابقة بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري
المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة " فيجب أن تكون هناك نصوص بعينها يحددها الدفع بعدم
الدستورية وأوجه هذه المخالفة بالنسبة لكل نص على حده.
ولما كان الطاعن يبغي من دفعه بعدم دستورية نصوص قانون الأحزاب السياسية فإنه كان يتعين
عليه أن يبين وجه المخالفة بالنسبة لكل نص على حده فإذا لم يقم بهذا الإلزام كان دفعه
غير متسم بالجدية مما تعين معه رفض طلبه ، وأما ما أشار إليه الطاعن بمذكرات دفاعه
من تقييد حرية تكوين الأحزاب وفقًا لأحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه نظرًا
لسيطرة حزب معين على تشكيل لجنة الأحزاب – حسبما يقول الطاعن – فقد قضت هذه المحكمة
بحكمها سالف الذكر فإن القانون لم يشترط عدم انتماء رئيس اللجنة أو أي من أعضائها إلى
حزب معين كما أن اللجنة بحسب تكوينها واختصاصاتها وسلطاتها فى البحث والتقصي هى فى
حقيقتها لجنة إدارية وما يصدر منها لا يعدو أن يكون قرارات إدارية شكلاً وموضوعًا يخضع
للرقابة القضائية أمام المحكمة المختصة ومن ثم لا يسري فى شأن أعضائها ما هو مقرر بشأن
القضاة من شروط تتعلق بالحيدة والتنحي والمنع من المشاركة فى إصدار القرار باعتبار
أن من أسباب الطعن على القرار الإدارى عامة الانحراف بالسلطة وإساءة استعمالها.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن إبان نظر الطعن صدر القانون رقم 177 لسنة 2005 بتعديل
بعض أحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية – حيث تطلب من بين ما تطلبه
– أن يكون الإخطار بتأسيس الحزب موقع عليه من ألف عضو من المؤسسين على الأقل ومن عشر
محافظات على الأقل بما لا يقل عن خمسين عضوا من كل محافظة.
ومن حيث إن ثمة حقائق قانونية يتعين إبرازها فى هذا الصدد توصلا إلى إنزال صحيح حكم
القانون على واقعات النزاع الماثل، وهذه الحقائق هى: –
أولا: تنص المادة 187 من الدستور على أنه " لا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع
من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، ومع ذلك يجوز فى غير المواد
الجنائية النص فى القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب " ومفاد هذا
النص أن الأصل فى القاعدة القانونية أنها لا تسرى إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها،
واستثناء من هذا الأصل يجوز أن تسرى القاعدة القانونية بأثر رجعى على الوقائع السابقة
عليها حال النص على ذلك فى القانون بأغلبية خاصة أكبر من الأغلبية العادية هى أغلبية
جميع أعضاء مجلس الشعب لا أغلبية الحاضرين منهم فقط، ولا تشمل هذه السلطة الاستثنائية
القوانين الجنائية. ولا جدال أن إعمال النص المشار إليه منوط بأن تكون الواقعة أو المركز
القانونى لصاحب الشأن قد اكتملت عناصره واستوفى شرائطه فى ظل القاعدة القانونية التى
تحكمه فإذا لم يتحقق ذلك بأن ظلت الواقعة أو المركز القانونى فى دور التكوين ولم تكتمل
بعد إلى أن لحق القاعدة التى يخضع لها تعديل يمس عنصرا أو أكثر من عناصر هذه الواقعة
أو المركز القانونى، فأنها تخضع لسلطان القاعدة الجديدة، حيث لا يكون صاحب الشأن قد
اكتسب حقا ذاتيا من القاعدة القديمة قبل التعديل يسوغ له التصدي به، وليس فى ذلك إعمال
للرجعية من قريب أو بعيد، بل أنه مؤدى التطبيق الصحيح لقاعدة الأثر المباشر للقانون،
وهو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فى العديد من السوابق والتطبيقات المماثلة.
ثانيا: تنص المادة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية – معدلة
بالقانون رقم 144 لسنة 1980 وقبل تعديلها بالقانون رقم 177 لسنة 2005 – على أنه " يجب
تقديم إخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها فى المادة التالية
عن تأسيس الحزب موقعًا عليه من خمسين عضوًا من أعضائه المؤسسين ومصدقًا رسميًا على
توقيعاتهم ، على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين ، وترفق بهذا الإخطار
جميع المستندات المتعلقة بالحزب.. ويعرض الإخطار عن تأسيس الحزب على اللجنة المشار
إليها فى الفترة السابقة خلال خمس عشر يومًا من تاريخ تقديم هذا الإخطار " كما تنص
المادة من القانون المذكور والمعدلة بالقانون رقم لسنة 1994 وقبل تعديلها
بالقانون رقم 177 لسنة 2005 على أن " تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالي..
وعلى اللجنة أن تصدر قرارها بالبت فى تأسيس الحزب على أساس ما ورد فى إخطار التأسيس
الابتدائي وما أسفر عنه الفحص أو التحقيق ، وذلك خلال الأربعة أشهر التالية على الأكثر
لعرض الإخطار بتأسيس الحزب على اللجنة ، ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالاعتراض على تأسيس
الحزب مسببًا بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن ، ويعتبر انقضاء مدة الأربعة
أشهر المشار إليها دون إصدار قرار من اللجنة بالبت فى تأسيس الحزب بمثابة قرار بالاعتراض
على هذا التأسيس.. ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يومًا التالية لنشر قرار
الاعتراض فى الجريدة الرسمية ، أن يطعنوا بالإلغاء فى هذا القرار أمام الدائرة الأولى
للمحكمة الإدارية العليا.. ".
ومن هذه النصوص يتبين أن الحزب لا ينشأ ولا يحق له مباشرة نشاطه السياسي لمجرد إخطار
لجنة شئون الأحزاب السياسية كتابة عن تأسيسه ، بل أن ذلك منوط بتحقق أحد أمرين: –
أولهما: عدم اعتراض اللجنة على التأسيس. وثانيهما: مضي أربعة أشهر على عرض الإخطار
على اللجنة دون صدور قرار منها بالبت فى تأسيس الحزب ، فالأخطار إذن – وحسبما جرى عليه
قضاء هذه المحكمة – لا يعدو أن يكون واقعة تفتتح بها الإجراءات أمام لجنة شئون الأحزاب
السياسية لتنتهي بصدور قرار صريح بالموافقة أو الاعتراض على إنشاء الحزب. وبالتالي
لا يترتب على هذه الواقعة فى حد ذاتها أي أثر قانوني يكسب أو يسلب حقًا. ومن جهة أخرى
فإن صدور قرار من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على إنشاء الحزب ولجوء أصحاب
الشأن إلى الطعن فيه بالإلغاء أمام المحكمة الإدارية العليا، إنما ينقل النزاع برمته
أمام المحكمة لتنزل عليه صحيح حكم القانون وليحسم الحكم الصادر منها فى هذا الشأن المركز
القانوني للحزب تحت التأسيس بصفة نهائية، الأمر الذى مفاده أن إنشاء الحزب فى هذه الحالة
واكتسابه للشخصية المعنوية يكون معلقًا على صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا بإلغاء
قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على إنشاء الحزب.
ثالثًا: تنص المادة من لقانون رقم 40 لسنة 1977 سالف الذكر معدلة بالقانونين رقمي
36 لسنة 1979 و108 لسنة 1992 وقبل تعديلها بالقانون رقم 177 لسنة 2005 على أن " يتمتع
الحزب بالشخصية الاعتبارية ويمارس نشاطه السياسي اعتبارا من اليوم التالي لنشر قرار
لجنة شئون الأحزاب السياسية بالموافقة على تأسيسه فى الجريدة الرسمية ، أو فى اليوم
العاشر من تاريخ هذه الموافقة إذا لم يتم النشر ، أو من تاريخ صدور حكم المحكمة الإدارية
العليا بإلغاء القرار الصادر من هذه اللجنة بالاعتراض على تأسيس الحزب.
وفيما عدا الإجراءات الإدارية التى تنتهي بتقديم الإخطار المنصوص عليه فى المادة من هذا القانون ، لا يجوز ممارسة أي نشاط حزبي أو إجراء أي تصرف باسم الحزب قبل اكتسابه
الشخصية الاعتبارية طبقًا لأحكام الفقرة السابقة ".
ومن هذا النص يبين أن المشرع وإن كان قد أضاف الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا
بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب إلى الحالات التى
تنشأ فيها الأحزاب السياسية وتتمتع بالشخصية الاعتبارية ، إلا إنه قد غاير بين هذه
الحالات فيما يتعلق بتاريخ اكتساب الشخصية الاعتبارية وممارسة الحزب لنشاطه السياسي
، فبينما يبدأ هذا التاريخ من اليوم التالي لنشر قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالموافقة
على تأسيس الحزب فى الجريدة الرسمية ، أو اليوم العاشر من تاريخ هذه الموافقة إذ لم
يتم النشر ، فإن تاريخ صدور الحكم هو المعول عليه فى هذا الصدد ، وذلك لكون الحكم منشئًا
للمركز القانوني للحزب فى التأسيس وليس كاشفا له ، ومن ثم فإنه – وبحكم اللزوم – يشترط
أن يكون طلب تأسيس الحزب مستوفيًا لكافة الشروط المتطلبة وفقًا للقواعد القانونية المعمول
بها وقت الفصل فى النزاع ، فإذا ما عدلت هذه القواعد وترتب على ذلك أن أضحى الطلب غير
مستوف لشرائطه ، كان الطلب فاقدًا لأساس قبوله ولا ينهض مسوغًا لإجابة الحزب إلى طلباته
الواردة بصحيفة الطعن.
ومن حيث إنه استهداء بالمبادئ والأحكام السابقة ، ولما كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ
25/ 12/ 2004 تقدم الطاعن بصفته وكيلاً عن مؤسسي حزب الحرية الديمقراطي الاشتراكي بإخطار
كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية للموافقة على تأسيس الحزب المذكور ، وأرفق
بطلبه برنامج الحزب وتوكيلات الأعضاء المؤسسين وعددها 53 توكيلاً تشتمل على 11 توكيل
فئات ، و42 توكيل عمال وفلاحين ، وعرض الطلب على لجنة شئون الأحزاب السياسية بجلستها
المنعقدة بتاريخ 26/ 4/ 2005 ، فقررت اللجنة الاعتراض على تأسيس الحزب لعدم تميز برنامجه
عن برامج الأحزاب السياسية الأخرى وذلك على النحو المبين تفصيلاً بقرار تلك اللجنة
، الأمر الذى دفع الطاعن إلى إقامة طعنه الماثل طالبًا الحكم بإلغاء هذا القرار مع
ما يترتب على ذلك من أثار ، وإبان نظر الطعن وقبل الفصل فيه نشأ واقع قانوني جديد ،
تمثل فى صدور القانون رقم 177 لسنة 2005 المنشور بعدد الجريدة الرسمية رقم 27 تابع
فى 7 يوليه سنة 2005 – بتعديل بعض أحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية
، ومن بينها شروط وإجراءات تأسيس الحزب، فألزم – حسبما نصت عليه المادة معدلة –
أن يكون إخطار التأسيس موقعًا عليه من ألف عضو على الأقل من أعضائه المؤسسين مصدقًا
رسميًا على توقيعاتهم ، على أن يكونوا من عشر محافظات على الأقل وبما لا يقل عن خمسين
عضوًا من كل محافظة، وذلك بعد أن كان المشرع يكتفى – قبل التعديل – بتوقيع خمسين عضوًا
فقط من الأعضاء المؤسسين للحزب ، ومن ثم وإذ أجدبت الأوراق مما يفيد استيفاء الحزب
الطاعن لهذه الاشتراطات المستحدثة بالقانون رقم 177 لسنة 2005 ، إذ لم يتجاوز عدد مؤسسيه
53 عضوًا ، ولم يبلغ عدد المحافظات عشر محافظات ولم يستوف العدد المطلوب من كل محافظة
على النحو الذي يتطلبه هذا القانون ، فإن الطعن الماثل يغدو غير قائم على أساس من القانون
حريًا بالرفض.
ومن حيث إنه لا محاجة فيما قد يثار من ان العبرة فى الحكم على مشروعية القرار هي بالقواعد
السارية وقت صدوره ، وأن المحكمة بهذا النظر قد راقبت سببًا آخر غير السبب الذي استند
إليه القرار المطعون فيه ، فذلك مردود – فضلاً عما سلف بيانه – بأن مناط التحدي بهذا
القول أن يكون القرار المطعون فيه قد استحدث مركزًا قانونيًا يمكن لصاحب الشأن أن يستمد
منه حقًا ذاتيًا فيما لو أقرته المحكمة عليه ، أما إذا كان القرار لم يستحدث أصلاً
أي مركز قانوني – كما هو الشأن في الحالة الماثلة – فإن نشوء هذا المركز بعد ذلك إنما
يكون رهنًا بالظروف والأوضاع القانونية السائدة وقتئذ، سيما وأن الطعن في قرار الاعتراض
على تأسيس الحزب ليس إلا امتدادًا للنزاع بين طالبي التأسيس والجهة الإدارية ، وطالما
لم يصدر حكم قاطع في النزاع بين الطرفين فإن أي تعديل للقواعد القانونية المنظمة لإنشاء
الأحزاب السياسية ، يصدر أثناء نظر الطعن وقبل الفصل فيه يسري بأثر مباشر وحال على
النزاع ، ولا يسوغ للمحكمة إغفاله ما دام متصلاً بالنزاع ومؤثرًا فى نتيجة الفصل فيه
، والقول بغير ذلك مؤداه قيام الحزب على خلاف إرادة المشرع وما استهدفه التعديل من
فلسفة لإصلاح وتلافي عيوب النظام القائم وانعكاسات ذلك على النظام السياسي للبلاد.
ويضاف إلى ما تقدم بأن الطعن في قرار لجنة شئون الأحزاب بالاعتراض على تأسيس الحزب
يطرح المنازعة برمتها أمام المحكمة إذ لا تنحصر المنازعة فى مدى مشروعية قرار اللجنة
إنما تتعلق فى حقيقتها بما إذا كان قد توافر في الحزب شروط التأسيس المتطلبة قانونًا
من عدمه الأمر الذي يتوجب معه بحث كل ما يتعلق بالمنازعة وليس فقط العوار الذي يوجه
إلى قرار لجنة شئون الأحزاب ، ويؤكد ذلك ما سبق بيانه من أن الحزب يكتسب الشخصية الاعتبارية
– فى حالة طرح المنازعة أمام المحكمة – من تاريخ صدور الحكم وذلك خروجًا على القاعدة
المقررة فى دعوى الإلغاء من أن أثر الحكم بالإلغاء يرتد إلى تاريخ صدور القرار المقضي
بإلغائه وهذا الخروج إنما أراد أن يؤكد به المشرع طبيعة الحكم الصادر فى منازعات الأحزاب
باعتباره منشئًا للمركز القانوني للحزب ومن ثم يتعين على المحكمة وهي بصدد نظر المنازعة
مراعاة القواعد والمعطيات القانونية السارية وقت صدور الحكم .
وغني عن البيان أن هذا القضاء لا يخل بحق الحزب الطاعن فى إعادة التقدم مجددًا بإخطار
إلى لجنة شئون الأحزاب السياسية لتأسيس حزب جديد وذلك بعد استيفاء الشروط والضوابط
التي استحدثها المشرع بموجب التعديلات المشار إليها لقانون الأحزاب السياسية.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : –
بقبول الطعن شكلاً وبرفض الدفع بعدم دستورية قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977
وبرفض الطعن وألزمت الطاعن المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
