المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 6572 لسنة 45 ق عليا – جلسة 20/ 10/ 2007م
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم السبت الموافق 20/ 10/ 2007م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل – رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومصطفى سعيد مصطفى
حنفى وأحمد عبد الحميد حسن عبود ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر قنديل – نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 6572 لسنة 45 القضائية عليا
المقام من:
1 – وزيرة الشئون الاجتماعية بصفتها
2 – محافظ القاهرة بصفته
3 – المستشار رئيس مجلس القضاء الأعلى بصفته
ضد:
السيدة/ حسنية حمزة غراب فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 9315 لسنة 50ق بجلسة 16/ 5/ 1999
الإجراءات
فى يوم الثلاثاء الموافق 6/ 7/ 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها
نائبًا عن الطاعنين بصفاتهم ، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم عاليه
، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (الدائرة الثانية) فى الدعوى رقم
9315 لسنة 50 ق بجلسة 16/ 5/ 1999 والقاضى فى منطوقه " بقبول الدعوى شكلاً ، وبإلغاء
القرار المطعون فيه ، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات ".
وطلبت الهيئة الطاعنة – للأسباب الواردة فى تقرير طعنها – تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن
أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا ، لتأمر: أولاً: بوقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه بصفة عاجلة. ثانيًا: بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله
شكلاً ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصليًا بعدم قبول الدعوى لرفعها
من غير ذى صفة ، واحتياطيًا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى ، ومن باب الاحتياط
الكلى برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى فى أى من الحالات.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني فى الطعن ارتأت فى ختامه
الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا ، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وعينت جلسة 19/ 5/ 2003 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وبجلسة 7/ 6/ 2004 قررت إحالة
الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 26/ 6/ 2004 حيث نظرته على النحو الثابت بمحاضر
جلساتها إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم ، حيث صدر الحكم ، وأودعت مسودته المشتملة
على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، والمداولةً قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة – حسبما يبين من الأوراق – تخلص فى أن المطعون ضدها
وهى أرملة المستشار محمود عبد الحميد غراب رئيس محكمة الاستئناف سابقًا كانت قد توجهت
إلى نادى القضاة بالإسكندرية بتاريخ 21/ 6/ 1996 حالة كونها عضوة بالنادى وتحمل بطاقة
عضوية برقم 192 بيد أن العاملين بالنادى منعوها من دخوله بعد أن أشاروا لها إلى لافته
مكتوب عليها "ممنوع دخول المنقبات " مما حدا بها إلى إرسال خطابين مسجلين إلى كل من
رئيس مجلس القضاء الأعلى بصفته ورئيس نادى القضاة بصفته طالبة منهما وضع الأمور فى
نصابها الصحيح إلا إنهما أعرضا عنها ولم يعيراها اهتمامًا ، فأقامت دعواها المطعون
على حكمها ، وقد نعت على القرار المطعون فيه مخالفته للمواد 40 و41 و46 من الدستور
والتى تقضى بالمساواة فى الحقوق والواجبات بين المواطنين ، كما يعتبر هذا القرار اعتداء
على الحرية الشخصية وحرية العقيدة لأنها منعت من دخول النادى بسبب ملابسها ولم يمنع
عضوات أخريات أيا كانت الملابس التى يرتدينها خاصة وأن لائحة النادى لم تحدد زيًا معينًا
لدخول النادى ، وأن ما ترتديه من ملابس لا يخالف القرآن والسنة الصحيحة وذلك على التفصيل
الوارد بصحيفة دعواها وساقها الحكم المطعون فيه وتحيل إليه هذه المحكمة تفاديًا للتكرار.
وبجلسة 16/ 5/ 1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسًا على أنه إذا كان جمهور
علماء الإسلام قد استقر عندهم أن وجه المرأة ليس بعورة فيجوز لها الكشف عنه إلا أنهم
لم يحظروا عليها ستره إلا فى الطواف حول الكعبة المشرفة ، كما أن هناك من العلماء من
يرى أن حجب المرأة وجهها أمر واجب بصفة عامة 0000 وهو فى جميع الأحوال (إخفاء الوجه)
غير محظور شرعًا فضلاً عن أن القانون لا يحرمه والعرف لاينكره ، وبذلك يظل النقاب طليقًا
فى غمار الحرية الشخصية ومحررًا فى كنف الحرية العقيدية فلا يجوز حظره بصفة مطلقة أو
منعه بصورة كلية على المرأة ، ولو فى جهة معينة أو مكان محدد مما يحق لها ارتياده 000
وإن كان هناك وجه لفرض مثل هذا الحظر فإن هذا الحق لا يثبت لغير السلطة التشريعية ولو
كان من القائمين على المسئولية فى غيرها مثل مجلس إدارة نادى القضاة 00 فلا يجوز فرض
هذا الحظر المطلق فى النادى أو فروعه ، وإن كان له – كراع مسئول عن تصريف أمور النادى
– أن يواجه بالقدر اللازم ما ينشأ عرضًا من ضرورة تقتضى التحقق من شخصية المرأة فى
مواطن معينة سدًا لذريعة أو لأخرى ، وهو ما قصدت له الفتاوى الشرعية فى هذا الشأن كما
فى حال دخول المرأة النادى توقيًا لدخول غير الأعضاء ، فهذه الضرورة ُتقًدر بقدرها
بتكليف المرأة المنقبة بالكشف عن وجهها عند اللزوم أو رصد مختص من بنات جنسها للتحقق
منها 000 ومن ثم يكون قرار منع دخول المنقبات نادى القضاة هو قرارًا مخالفًا لأحكام
الدستور والقانون ، وكان يتعين على الجهة الإدارية أن تبادر إلى إلغائه بما لها من
سلطة إشرافية على الجهات الخاضعة لأحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 ، أما وقد تقاعست
عن ذلك ، فإن ذلك يعد قرارًا سلبيًا مخالفًا للقانون ، مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله
حيث لم يرد على الدفع المبدى من الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المدعية
(المطعون ضدها) فى الطعن على القرار المطعون فيه والتى لم تقدم ما يثبت أنها عضو بنادى
القضاة ، هذا فضلاً عن انتفاء حالات القرار السلبي فى خصوصية هذه الحالة لأن قرار منع
دخول المطعون ضدها النادى وفروعه كان فقط لأنها ليست عضوًا بالنادى ولا يحق لها الدخول
فيه ، وهذا القرار مشروع ومطابق للقانون وللنظام الأساسي للنادى ، ولا يجوز للجهة الإدارية
الاعتراض عليه أو وقف تنفيذه ، ومن ثم فإن دعوى المطعون ضدها تكون غير مقبولة لانتفاء
القرار الإداري وعلى فرض وجود قرار بمنع المنقبات من دخول نادى القضاة فإن هذا القرار
لا ينال من حرية العقيدة 00 ولا يناهض جوهر الدين ، ويدخل هذا القرار فى دائرة تنظيم
المباح ولا يعد افتئاتًا على حرية العقيدة وكان يتعين على المحكمة القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إنه سبق للدائرة المنصوص عليها فى المادة 54 مكررًا من قانون مجلس الدولة الصادر
بالقانون رقم 47 لسنة 1972 والمضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 أن قضت فى الطعن رقم
3219 لسنة 48ق.عليا بجلسة 9/ 6/ 2007 بعدم قانونية الحظر المطلق لارتداء النقاب عند
دخول حرم الجامعة الأمريكية بالقاهرة ، تأسيسًا على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن
نقاب المرأة التى تغطى به وجهها وقفازها الذى تغطي به كفيها ليس واجبًا ، وأنه يجوز
لها كشف وجهها وكفيها ، وذلك لعدم وجود دليل صريح من القرآن والسنة بوجوب إخفاء الوجه
والكفين ، غير أنه ليس محظورًا ولا منهيًا عنه ، فهو من المباحات ، ولا يجوز إخراجه
من أصل الإباحة إلى الحظر المطلق ، هذا فضلاً عن أن المشرع الدستورى أضفى سياجًا من
الحماية على الحرية الشخصية وعلى الحقوق والحريات العامة ، وارتداء المرأة المسلمة
النقاب هو أحد مظاهر هذه الحرية ، ومن ثم فلا يجوز لجهة الإدارة أو أية جهة أخرى حظر
ارتدائه حظرًا مطلقًا لتعارض ذلك مع الحرية الشخصية التى كفلها الدستور ، على أنه إذا
اقتضت الضرورة والمصلحة العامة التحقق من شخصية المرأة نزولاً على مقتضيات الأمن العام
أو لتلقى العلم والخدمات المختلفة أو لأدائهما أو لغير ذلك من الاعتبارات التى تتطلبها
الحياة اليومية المعاصرة والتى تستوجب التحقق من شخصية المرأة متى طلب منها ذلك من
الجهات المختصة أن تسند أمر التحقق من ذلك لإحدى بنات جنسها أو لمختص معين من الرجال
وبالقدر اللازم لتحقيق ما تقدم تحت رقابة القضاء.
ومن حيث إنه متى كان ذلك ، فإن قرار منع دخول المنقبات نادى القضاة والذى جرى تطبيقه
مع المطعون ضدها لدى دخولها نادى القضاة بالإسكندرية بتاريخ 21/ 6/ 1996 يغدو مخالفًا
لأحكام الدستور والقانون متعينًا القضاء بإلغائه ، ومن ثم وإذ قضى الحكم المطعون فيه
بذلك يكون متفقًا وصحيح حكم القانون ، ويضحى الطعن عليه غير قائم على صحيح سببه خليقًا
بالرفض ، وذلك دون نظر إلى ماساقته الجهة الإدارية الطاعنة من دفع بعدم قبول الدعوى
المطعون على حكمها لانتفاء مصلحة المطعون ضدها فى إقامتها حيث لم تثبت عضويتها للنادى
وذلك لعدم قيام هذا الدفع على سبب صحيح من الواقع أو القانون ، إذ سبق للمطعون ضدها
أن قدمت بحافظة مستنداتها أمام محكمة أول درجة صورة ضوئية من بطاقة عضويتها ثابتًا
بها أنها حرم المستشار/ محمود عبد الحميد غراب ورقم عضويتها 192 ، ومن ثم يجب الالتفات
عن هذا الدفع. كما لا ينال مما تقدم أيضًا ما دفعت به الجهة الإدارية الطاعنة من عدم
قبول الدعوى المطعون على حكمها لانتفاء القرار السلبي فى خصوصية هذه الدعوى ، ذلك أنه
وقد استبان مما تقدم عدم مشروعية القرار المطعون فيه لمخالفته أحكام الدستور والقانون
فقد كان يتعين على الجهة الإدارية أن تبادر إلى إلغائه بما لها من سلطة إشرافية على
الجهات الخاضعة لها طبقًا لأحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات
الخاصة، أما وقد تقاعست فإن ذلك يعد قرارًا سلبيًا منها مخالفًا لأحكام القانون ، ويغدو
من ثم هذا الدفع هو الآخر مرفوضًا.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته ، عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعًا ، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
