المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 8172 لسنة 44 ق عليا – جلسة 14/ 12/ 2002
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا في يوم السبت الموافق 14/ 12/ 2002
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح ويحيى خضرى نوبى محمد وأحمد
حلمى محمد أحمد حلمى ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو – نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض
الدولة
وبحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 8172 لسنة 44 القضائية عليا
المقام من
الدكتور/ محمد عبد العال حسن بصفته رئيس حزب العدالة الاجتماعية
ضد
1- الدكتور/ رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية ورئيس مجلس الشورى
2- عبد الرشيد أحمد سيد
عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى " الدائرة الأولى " فى الدعوى رقم 5549 لسنة
52 ق بجلسة 30/ 8/ 1998
الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق 2/ 9/ 1998 أودع الأستاذ/ عبد الحي أحمد
على خلاف المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن
قيد بجدولها تحت رقم 8172 لسنة 44 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى
بالقاهرة " الدائرة الأولى " فى الدعوى رقم 5549 لسنة 52 ق بجلسة 30/ 8/ 1998 الذى
قضى فى منطوقه:
أولاً: بقبول طلب تدخل السيد/ عبد الرشيد أحمد سيد فى الدعوى وألزمته مصروفاته.
ثانيًا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى وألزمت المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة
بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار
الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية فى 26/ 4/ 1998 فيما تضمنه من سحب الاعتداد بالطاعن
كرئيس لحزب العدالة الاجتماعية وما ترتب على ذلك من آثار على أن ينفذ الحكم بمسودته
الأصلية وبدون إعلان وبإلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مع إلزام المطعون
ضده والخصم المتدخل بالمصروفات والأتعاب.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 16/ 10/ 2000.
وبجلسة 3/ 12/ 2001 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة
الأولى – موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 19/ 1/ 2002. وبعد تداوله بالجلسات على النحو
الثابت بمحاضرها قررت المحكمة بجلسة 19/ 10/ 2002 إصدار الحكم بجلسة 14/ 12/ 2002 مع
التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق
– فى أنه بتاريخ 2/ 5/ 1998 أقام الطاعن الدعوى رقم 5549 لسنة 52 أمام محكمة القضاء
الإدارى بالقاهرة – الدائرة الأولى – بطلب الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف
تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من لجنة شئون الأحزاب بتاريخ 26/ 4/ 1998 وذلك فيما
تضمنه من عدم الاعتداد بالطاعن رئيسًا لحزب العدالة الاجتماعية، وما يترتب عليه من
آثار على أن ينفذ الحكم بمسودته الأصلية دون إعلان وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون
فيه واعتباره كأن لم يكن، مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات والأتعاب على سند من القول
أنه مؤسس حزب العدالة الاجتماعية، وأنه بتاريخ 2/ 7/ 1993 عقد المؤتمر الأول للحزب
حيث انتخبه رئيسا، كما تم انتخاب الهيئة العليا للحزب واعتمدت اللائحة الداخلية للحزب
وبتاريخ 18/ 10/ 1996 عقد المؤتمر الثانى للحزب حيث جدد انتخابه رئيسا وانتخبت الهيئة
العليا وأصدر لائحة جديدة تتلاءم مع انطلاقة الحزب إلا أنه فوجئ هو وأعضاء الهيئة العليا
للحزب وجميع أعضاء الحزب بأن المدعو/ عبد الرشيد أحمد سيد – العضو المفصول والمستقيل
من الحزب بسبب قيامه بتأسيس حزب آخر هو حزب الخلاص الديمقراطى وقد أعلن عن عقد مؤتمر
عام للحزب بفندق كيميت بالعباسية – عزل فيه رئيس الحزب وأعضاء الهيئة العليا، ونصب
نفسه رئيسا وأنتخب هيئة عليا للحزب من غير أعضائه وأرسل هذه الأوراق المزورة الى لجنة
شئون الأحزاب لاعتماده رئيسا للحزب وذلك بالمخالفة للائحة الحزب المعتمدة من المؤتمر
الثانى للحزب بتاريخ 18/ 10/ 1996 وبتاريخ 26/ 4/ 1998 فوجئ المدعى بصدور قرار لجنة
شئون الأحزاب المطعون فيه بعدم الاعتداد بأى من المتنازعين حول رئاسة الحزب حتى يتم
حسم هذا النزاع رضاءً أو قضاءً ناعيا على هذا القرار مخالفته للقانون فى الجزئية الثانية
من القرار الخاصة بعدم الاعتداد به وهو الرئيس الحالى للحزب بسبب إخطار أحد الأعضاء
المفصولين لتلك اللجنة لاعتماده رئيسا للحزب من قبل مؤتمر سرى ووهمى لم يعلم به أحد،
ثم كيف يصبح حزب سياسى فجأة بلا رئيس مما أدى الى توقف صحيفته وتجميد حساباته.
وبجلسة 30/ 8/ 1998 أصدرت محكمة القضاء الإدارى الدائرة الأولى حكمها المطعون فيه وشيدت
المحكمة قضاءها – بعد استعراض نصوص المواد 16،9،5 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص
بنظام الأحزاب السياسية المعدل بالقانون رقم 144 لسنة 1980 على أساس أن الثابت من الأوراق
أن المدعى كان رئيسا لحزب العدالة الاجتماعية إلا أنه بتاريخ 18/ 4/ 1998 تلقى رئيس
لجنة شئون الأحزاب السياسية مذكرة موقعة من السادة/ عبد الرشيد أحمد سيد (رئيس الحزب)
، محمد إبراهيم محمد على (نائب رئيس الحزب)، أحمد محمد السعيد (أمين الصندوق) تفيد
انعقاد المؤتمر العام الثالث للحزب يوم الأربعاء الموافق 15/ 4/ 1998 وإصداره لعدة
قرارات من بينها عزل الدكتور/ محمد عبد العال حسن من موقعه كرئيس للحزب وإسقاط العضوية
عنه وطلبوا من اللجنة اعتماد قرارات المؤتمر العام الثالث للحزب والاعتداد بشرعية رئيس
الحزب والهيئة العليا الجديدة المنتخبة وإخطار الجهات المعنية بوقف أى تعامل من الدكتور/
محمد عبد العال بصفته الحزبية. وبذات التاريخ تلقى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية
مذكرة من الدكتور/ محمد عبد العال (المدعى) بصفته رئيسا للحزب يشير الى أن السيد/ عبد
الرشيد أحمد سيد سبق وأن تقدم باستقالة مكتوبة من الحزب وأشار الى أن ما عقد بتاريخ
15/ 4/ 1998 من مؤتمر لم يحضره أحد مطلقا من حزب العدالة الاجتماعية بل لم يعلم به
أحد، وانه تقدم ببلاغ الى النائب العام صباح يوم 18/ 4/ 1998 متهما السيد/ عبد الرشيد
أحمد سيد بالغش والتزوير وانتحال صفته.
وبتاريخ 26/ 4/ 1998 اجتمعت لجنة شئون الأحزاب واستعرضت الأوراق الواردة من المذكورين
وبعد دراسة الموضوع من جوانبه – انتهت الى عدم الاعتداد بأى من المتنازعين حول رئاسة
الحزب حتى يتم حسم النزاع حول هذه الرئاسة رضاءً أو قضاءً وذكرت المحكمة المذكورة أن
ما انتهت اليه اللجنة المذكورة فى حقيقة الأمر لم يتضمن ترجيح أحد المتنافسين لرئاسة
الحزب على الآخر والتزمت بالحياد التام فى هذا الشأن – بحسبان الأمر فى هذا الصدد يخرج
عن اختصاصها وولايتها – وتركت الأمر لاتفاق الطرفين أو لما ينتهى إليه القضاء المختص
بحكم فاصل فى هذا النزاع وعلى ذلك فإن ما انتهت إليه تلك اللجنة من عدم الاعتداد بالمدعى
أو بمنافسته كرئيس للحزب لا يعد قرارا إداريا أنشأ مركزا قانونيا لأى من أطراف النزاع.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون لأسباب حاصلها أن قرار
لجنة شئون الأحزاب المطعون فيه فى مقام التكييف القانونى السليم يعد قرارا إداريا تختص
محكمة القضاء الإدارى بنظر الطعن عليه كما أن القرار الطعين شابه عيب إساءة استعمال
السلطة نظرا لتجاهل لجنة شئون الأحزاب اللائحة الداخلية للحزب التى أقرها المؤتمر الثانى
للحزب بتاريخ 18/ 10/ 1996 والتى حوت كافة الضوابط التى تمنع عقد مؤتمرات بدون علم
رئيس الحزب وأعضاء الهيئة العليا للحزب ورغم أن تلك اللائحة سلمت إلى اللجنة المذكورة
بتاريخ 20/ 10/ 1996 وذلك قبل إصدار قرارها الطعين وبالرغم من ذلك تجاهلت أحكام هذه
اللائحة وبالرغم أيضا أن هذه اللجنة رفضت الاعتداد بالمؤتمر الذى دعا إليه الأستاذ/
مصطفى بكرى وكيل حزب الأحرار والذى عزل فيه الأستاذ/ مصطفى كامل مراد رئيس الحزب كما
رفضت المؤتمر الذى نظمه الأستاذ/ محمد فريد زكريا نائب رئيس حزب الأحرار والذى عزل
فيه الأستاذ/ مصطفى كامل مراد أيضا ورفضت كذلك المؤتمر الذى نظمه أعضاء الهيئة العليا
لحزب مصر العربى الاشتراكي وعزلوا فيه الأستاذ/ جمال ربيع رئيس الحزب إلا أن اللجنة
المذكورة تجاهلت كل ذلك وأصدرت قرارها الطعين الذى يعتبر نموذجا صارخا لإساءة استعمال
السلطة وعلى ذلك فإن هذه اللجنة تجمد أى حزب سياسى فى حالة الإرسال إليها من أحد أعضائه
بما يفيد عزل الرئيس الحالى وتعيين رئيس جديد ويتم بذلك تجميد كافة الأحزاب السياسية
فى مصر، واستطرد الطاعن أن صحيفة دعواه وحوافظ مستنداته ومذكرة دفاعه المقدمة أمام
محكمة القضاء الادارى قد أوضحت أن قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الذى قضى بسحب الاعتداد
به رئيسا لحزب العدالة الاجتماعية قد أدى الى تجميد نشاط الحزب ووقف إصدار جريدته وتجميد
أرصدته فى البنوك وتشريد العاملين بالحزب وجريدته – ورغم ذلك اعتبرت المحكمة أن هذا
القرار مجرد إخطار رغم التغيير الذى أحدثه على المركز القانونى للمدعى وما أدى اليه
من نتائج سالفة الذكر.
ومن حيث إن مقطع النزاع الماثل ينحصر فى بيان ما إذا كان القرار الصادر من لجنة شئون
الأحزاب بتاريخ 26/ 4/ 1998 – المطعون فيه قد صدر فى شأن من شئون حزب العدالة الاجتماعية
(رئاسة الحزب) وبذلك تكون هذه اللجنة متجاوزة لحدود ولايتها لتصديها لأمر خارج عن نطاق
اختصاصها المنوط بها لكون هذه المسألة شأن داخلي للحزب، يتولاها الحزب ذاته وفقا للائحة
نظامه الداخلى ويكون ما قامت به تلك اللجنة يشكل قرارا إداريا أحدث مركزا قانونيا أم
مجرد عمل مادى اقتصر على مجرد تنفيذ قرارات المؤتمر العام الثالث للحزب المذكور المنعقد
يوم الأربعاء الموافق 15/ 4/ 1998.
ومن حيث إن المادة 5 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية المعدل
بالقوانين أرقام 36 لسنة 1979، 144 لسنة 1980، 156 لسنة 1981، 114 لسنة 1983، 108 لسنة
1992، 221 لسنة 1994 تنص على أنه: " يجب أن يشمل النظام الداخلى للحزب القواعد التى
تنظم كل شئونه السياسية والتنظيمية والمالية والإدارية بما يتفق وأحكام هذا القانون،
ويجب أن يتضمن هذا النظام بصفة خاصة ما يأتى: (أولاً)……. (ثانيًا)…….. (رابعًا)
شروط العضوية فى الحزب وقواعد وإجراءات الانضمام اليه والفصل من عضويته والانسحاب منه
(خامسا) طريقة وإجراءات تكوين تشكيلات الحزب واختيار قياداته وأجهزته القيادية ومباشرته
لنشاطه وتنظيم علاقته بأعضائه على أساس ديمقراطى…….. " وتنص المادة 8 من ذات القانون
على أنه: " تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالى:………. وتختص اللجنة
بالنظر فى المسائل المنصوص عليها فى هذا القانون وبفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب
السياسية طبقا لأحكامه…………………….. " وتنص المادة 10 من القانون المشار
إليه: " رئيس الحزب هو الذى يمثله فى كل ما يتعلق بشئونه أمام القضاء أو أمام أية جهة
أخرى أو فى مواجهة الغير ". وتنص المادة 16 من القانون سالف الذكر على أنه " يخطر رئيس
لجنة شئون الأحزاب السياسية بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بأى قرار يصدره الحزب بتغيير
رئيسه أو بحل الحزب أو اندماجه أو بأى تعديل فى نظامه الداخلى وذلك خلال عشرة أيام
من تاريخ صدور القرار ".
ومن حيث إن الدستور كفل حرية تكوين الأحزاب السياسية وأباح تعددها طالما إلتزمت الإطار
الذى رسمه لها فى المادتين 5 و62 منه، بحسبان أن هذا الأصل الدستورى يتلاءم مع النظام
الديمقراطى لاعتبارين أولهما: أن هذه الحرية تتفق ومبدأ حرية الرأى التى كفلها الدستور،
وثانيهما: أن وجود الأحزاب السياسية وتعددها يتصل أوثق الصلة بسير المؤسسات الدستورية
فى المجتمع وطريقة اضطلاعها بالاختصاصات المقررة لها بالدستور والقوانين وترك المشرع
الدستورى للقانون أمر تنظيم هذه الأحزاب فى ضوء المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع،
ونفاذا لذلك صدر القانون رقم 40 لسنة 1977 سالف الذكر متضمنا الأحكام المنظمة للأحزاب
السياسية منذ تاريخ ميلادها حيث رسم الإجراءات والضوابط اللازمة لنشأة الأحزاب السياسية
والمراحل التى يمر بها تكوينها والشروط الواجب توافرها عند تأسيسها، وكذلك عند قيامها
بعد اجتيازها مرحلة الميلاد والتكوين وممارستها الفعلية لنشاطها الحزبى فى ميدان السياسة
كشروط صلاحية لازمة لبقاء الحزب واستمراره فى الحياة السياسية فى المرحلة التالية لقيامه
ومختتمة ببيان شروط وطريقة حل الأحزاب السياسية.
وقد أنشأ المشرع لجنة شئون الأحزاب السياسية بالتشكيل الخاص المنصوص عليه فى المادة
الثامنة منه وأناط بها مهمة تنفيذ أحكام هذا القانون فى المسائل المنصوص عليها فيه
من خلال الإجراءات وفى المواعيد التى حددها المشرع حيث أسند اختصاصات محددة لهذه اللجنة
بكامل تشكيلها الصحيح المكتمل النصاب واختصاصات أخرى أسندها الى رئيس تلك اللجنة منفردا
ومنها تسجيل الإخطار الوارد إليه من الحزب بشأن تغيير رئيسه أى تسجيل اسم الممثل القانونى
للحزب.
وحيث إن السلطة المخولة لتلك اللجنة أو الممنوحة لرئيسها فى هذا الشأن سلطة محددة على
سبيل الحصر لا يجوز التوسع فيها أو الخروج عن إطارها ذلك أن تلك اللجنة وهى بصدد ممارسة
اختصاصها تتصرف فى إطار سلطة مقيدة بنص الدستور والقانون فى مجال حرية من الحريات العامة
وحق من الحقوق العامة للمصريين كما سلف البيان، وكذلك الشأن بالنسبة لرئيسها عند ممارسة
الاختصاصات المنوطة به.
ومن حيث إن الحزب بعد قيامه بعدم اعتراض اللجنة المذكورة على تأسيسه أو صدور حكم من
المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها الوارد فى المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977
سالف الذكر بإلغاء قرار تلك اللجنة بالاعتراض على تأسيس الحزب والموافقة على تشكيله
فإن الحزب يكتسب الشخصية الاعتبارية اعتبارا من اليوم التالى لنشر قرار لجنة شئون الأحزاب
السياسية بالموافقة على تأسيسه فى الجريدة الرسمية أو فى اليوم العاشر من تاريخ هذه
الموافقة إذا لم يتم النشر أو من تاريخ صدور حكم المحكمة الإدارية العليا سالف الذكر
ويكون له ممارسة نشاطه الحزبى فى الحياة السياسية طبقا لحكم المادة 9 من القانون رقم
40 لسنة 1977 سالف الذكر.
ومن حيث إنه من المقرر أن الأحزاب السياسية هيئات خاصة تخضع فى مزاولتها لنشاطها لأحكام
القانون الخاص باعتبارها من أشخاص القانون الخاص، دون أن يغير من طبيعتها القانونية
ما تضمنه القانون المنظم لهذه الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 من إخضاعها لرقابة الجهاز المركزي
للمحاسبات أو باعتبار أموالها فى حكم الأموال العامة فى تطبيق أحكام قانون العقوبات،
أو اعتبار القائمين على شئون الحزب أو العاملين به فى حكم الموظفين العموميين فى تطبيق
أحكام القانون المذكور وذلك نظرا لأن هذه النصوص قصد بها إحكام الرقابة على موارد الحزب
ومصروفاته وحماية أمواله دون أن يقصد بها تغيير الطبيعة القانونية للحزب بتحويله الى
شخص من أشخاص القانون العام، ومن ثم فإن ما يصدر عن الحزب السياسى بتنظيماته الداخلية
المختلفة لا يعتبر من قبيل القرارات الإدارية، كما أن المنازعة فيما يصدر عنه من قرارات
لا تعتبر من قبيل المنازعات الإدارية والتى يختص القضاء الإدارى بالفصل فى الطعون المقدمة
فى كليهما وإنما يكون القضاء العادى بمحاكمه وحسب قواعد توزيع الاختصاص هو المختص بنظر
أى من هذه الأنزعة.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المشرع فى نطاق القانون رقم 40 لسنة 1977 سالف الذكر
حصر اختصاص لجنة شئون الأحزاب السياسية فى مسائل محددة بدءًى بالطلب المقدم بتأسيس
الحزب فقصر مهمتها عند فحص أوراق الحزب على التحقق من الشروط الواردة فى الدستور والقانون
وبعد قيام الحزب فحصر اختصاصها على بعض القرارات التى تصدر عن الحزب ولم يخولها التدخل
فى كل القرارات التى تصدر عن الأحزاب السياسية طبقا للنظام الداخلى لكل حزب والذى يتضمن
شروط العضوية فيه وإسقاطها أو الانسحاب منها وطريقة وإجراءات تكوين تشكيلاته واختيار
قياداته وأجهزته، وبذلك فان الثابت أن حزب العدالة الاجتماعية أصدر اللائحة الداخلية
للحزب التى اعتمدها المؤتمر العام الثانى للحزب بتاريخ 18/ 10/ 1996 وأخطر بها رئيس
لجنة شئون الأحزاب السياسية برقم وارد 372 أ فى 20/ 10/ 1996 والتى اشتملت – من بين
ما اشتملت عليه – شئون العضوية وكيفية تشكيل هيئات الحزب وقد تضمنت المادة 90 منها
قواعد اختيار رئيس الحزب.
ومن حيث أن رئيس الحزب هو الممثل القانونى للحزب الذى يتحدث باسمة أمام لجنة شئون الأحزاب
السياسية ومع الأحزاب الأخرى وفى مواجهة الدولة وأمام القضاء وأمام أية جهة أخرى أو
فى مواجهة الغير ومن ثم أوجب القانون على الحزب إخطار رئيس اللجنة المذكورة بالبيان
الذى يتعلق برئيس الحزب أو تغييره لاستيفاء الشكل القانونى الذى يتطلبه النص وذلك لتمكين
تلك اللجنة من مباشرة الاختصاصات المنوطة بها فى شأن الأحزاب السياسية من خلال الممثل
القانونى للحزب وهو رئيسه الذى يمثله فى كل ما يتعلق بشئونه طبقا لنص المادة 10 من
القانون رقم 40 لسنة 1977، ويقتصر دور رئيس اللجنة على مجرد تلقى الإخطار والعمل بمقتضى
ما تضمنه الإخطار بإعلانه باسم من يمثل الحزب فيقتصر دوره على تسجيل اسم رئيس الحزب
ولم يخول القانون اللجنة المذكورة أو رئيسها ثمة دور في هذا الشأن بخلاف ذلك وإلا عد
تدخلا في شئون الحزب على خلاف نصوص القانون إلا في الأحوال المحددة على سبيل الحصر
في المادة 17 من القانون رقم 40 لسنة 1977 سالف البيان وليس من بينها تحديد رئيس الحزب،
وإذا كان ثمة خلاف على رئاسة الحزب فهو أمر موكول تقديره وحسمه للحزب ذاته حسب ما يتيحه
تنظيم الحزب أو نظامه الداخلي أو أية قاعدة أخرى يرتضيها أعضاؤه أو يحسم عن طريق القضاء
المختص، حيث أنه لا شأن لتلك اللجنة بأي خلاف حول رئاسة الحزب، وحتى ولو وصل إلى علمها
عن طريق المتنافسين على رئاسته. حيث لم يمنحها المشرع أية سلطة في الإشراف والرقابة
على طريقة اختيار رئيس الحزب أو تغييره.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 18/ 4/ 1998 أرسل السيد/ عبد الرشيد أحمد
سيد مذكرة تفصيلية عن المؤتمر العام الثالث لحزب العدالة الاجتماعية الذي أنعقد يوم
15/ 4/ 1998 إلى السيد الدكتور/ رئيس مجلس الشورى بصفته رئيسا للجنة شئون الأحزاب السياسية
طالبا اعتماد قرارات المؤتمر العام الثالث للحزب ومن بينها قرار عزل الدكتور/ محمد
عبد العال حسن من موقعه كرئيس للحزب وانتخاب الهيئة العليا للحزب السيد/ عبد الرشيد
حسن سيد رئيسا للحزب، وبذات التاريخ (18/ 4/ 1998) أرسل الدكتور/ محمد عبد العال بصفته
رئيسا للحزب المذكور مذكرة إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب أشار فيها إلى بطلان عقد المؤتمر
العام الثالث للحزب الذي دعا إليه السيد/ عبد الرشيد أحمد سيد للأسباب الموضحة تفصيلا
بتلك المذكرة، كما أن المذكور سبق أن تقدم باستقالة مكتوبة عن الحزب وأنه تقدم ببلاغ
ضده إلى النائب العام متهما إياه بالغش والتدليس والتزوير والاحتيال وأنه وفقا للائحة
النظام الداخلي للحزب التى اعتمدها المؤتمر العام الثاني بتاريخ 18/ 10/ 1996 والمبلغة
إلى رئيس اللجنة المذكورة في 20/ 10/ 1996 فإن رئيس الحزب يظل هو الممثل القانوني للحزب
والمعتد به من قبل لجنة شئون الأحزاب إلى أن يحصل أى عضو آخر على حكم قضائي يفيد أحقيته
برئاسة الحزب. فأحيل الموضوع إلى لجنة شئون الأحزاب فاستعرضت بجلستها المنعقدة في 26/
4/ 1998 الأوراق الواردة من المذكورين – وانتهت – بعد دراسة الموضوع من جميع جوانبه
– إلى عدم الاعتداد بأي من المتنازعين حول رئاسة هذا الحزب حتى يحسم النزاع حول رئاسة
هذا الحزب رضاءً أو قضاءً… وبناء على ذلك أخطر رئيس اللجنة بكتابه برقم 570 المؤرخ
26/ 4/ 1998، السيد/ عبد الرشيد أحمد سيد بقرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر
بجلستها المنعقدة في 26/ 4/ 1998بعدم الاعتداد بأي من المتنازعين حول رئاسة الحزب حتى
يتم حسم هذا النزاع رضاء أو قضاء، كما أخطر بكتابه رقم 571 المؤرخ 26/ 4/ 1998 الدكتور/
محمد عبد العال بقرار اللجنة المذكورة بسحب الاعتداد برئاسته للحزب حتى يتم حسم هذا
النزاع رضاء أو قضاء.
ومن حيث إنه متى ثبت مما تقدم أن اللجنة المذكورة تجاوزت حدود اختصاصها المحدد لها
وفقا لقانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وتصدت لحسم النزاع حول رئاسة الحزب
المذكور بإصدارها قرارها المطعون فيه بعدم الاعتداد برئاسة أى من المذكورين للحزب،
وهو ما يعنى استبعادها لرئيسه السابق وبعدم الاعتداد برئيسه الحالي متجاوزة بذلك ولايتها
بالفصل في رئاسة الحزب والتي يتولاها أصلا الحزب ذاته طبقا لنظامه الداخلي، وعلى ذلك
فإن قرارها المذكور يكون قد استجمع أركان القرار الإداري إذ يتمخض إفصاحًا به من قبل
تلك اللجنة عن إدارتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القانون رقم 40 لسنة 1977 سالف
الذكر، ولاشك أن هذا القرار من شأنه التأثير في المركز القانوني للطاعن ومنافسه على
رئاسة الحزب وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى غير هذه النتيجة مقررا أن ما انتهت إليه
لجنة شئون الأحزاب السياسية لا يعد قرارا إداريا ومن ثم يكون قضاؤه قد صدر مخالفا لصحيح
حكم القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغائه والقضاء مجددا بقبول الدعوى شكلا.
ومن حيث إن الطعن مهيأ للفصل فى موضوعه.
ومن حيث إن الفصل في موضوع الدعوى – محل الطعن الماثل – يغنى عن الفصل في الطلب المستعجل
في هذه الدعوى.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن لجنة شئون الأحزاب السياسية أصدرت قرارها
المطعون فيه بتاريخ 26/ 4/ 1998 بعدم الاعتداد بأي من السيدين/ عبد الرشيد أحمد سيد
ومحمد عبد العال حسن كرئيس لحزب العدالة الاجتماعية، فإن هذا القرار يكون قد صدر مخالفا
للقانون إذ شابه عيب من عيوب عدم المشروعية بصدوره من جهة غير مختصة بإصداره قانونا
الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه وان كان النزاع حول رئاسة الحزب المذكور يخرج عن اختصاص هذه المحكمة إلا
أن الثابت أن هذا النزاع كان معروضا على القضاء العادي حيث أقام الطاعن الدعوى رقم
12280 لسنة 1998م. ك. ح القاهرة أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية – دائرة 35 مدني
– مختصما السيد/ عبد الرشيد أحمد سيد بطلب الحكم ببطلان إجراءات عقد المؤتمر الذي عقد
بفندق كميت بالعباسية يوم الأربعاء الموافق 15/ 4/ 1998 وعدم الاعتداد بالقرارات التي
صدرت عنه وفى مقدمتها انتخاب المدعى عليه رئيسا للحزب – وبجلسة 26/ 10/ 1998 قضت تلك
المحكمة ببطلان إجراءات عقد المؤتمر العام لحزب العدالة الاجتماعية يوم 15/ 4/ 1998
وبطلان جميع القرارات الصادرة عن ذلك المؤتمر وعدم الاعتداد بها – وقضت محكمة استئناف
القاهرة (الدائرة 12 مدني) في الاستئناف رقم 15465 لسنة 115 ق. استئناف، المقام من
منافس الطاعن/ عبد الرشيد أحمد سيد طعنا على الحكم سالف الذكر بجلستها المنعقدة فى
11/ 5/ 1999 " بسقوط الحق في الاستئناف للتقرير به بعد الميعاد…" ولم يتم الطعن على
هذا الحكم بالنقض (وهذه الأحكام حوتها حافظة مستندات الطاعن المودعة أمام محكمة أول
درجة بجلسة 1/ 1/ 2001) ومن ثم يكون النزاع حول رئاسة الحزب المذكور قد حسم قضائيا
بمقتضى الحكم المنوه عنه سلفا لصالح الطاعن.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بقبول الدعوى
شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة
الإدارية المصروفات.
| سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
