الرئيسية الاقسام القوائم البحث

المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 1224 لسنة 40 ق عليا – جلسة 30/ 3/ 2002

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى

بالجلسة المنعقدة علنًا في يوم السبت الموافق30/ 3/ 2002
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز – رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح ويحيى خضرى نوبى محمد وأحمد محمد أحمد حلمى ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ عماد عبد المنعم عطية – مفوض الدولة
وبحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتى

فى الطعن رقم 1224 لسنة 40 ق. عليا

المقام من

محافظ الإسكندرية

ضد

محمد فخرى الكلاف فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية فى الدعويين رقمى 1096 لسنة 37 ق، 662 لسنة 41 ق بجلسة 23/ 12/ 1993


الإجراءات

فى يوم الاثنين الموافق 21 من فبراير سنة 1994 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظ الإسكندرية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن – قيد برقم 1224 لسنة 40 قضائية عليا – فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية فى الدعويين رقمى 1096 لسنة 37 ق، 662 لسنة 41 ق، والقاضى فى منطوقة " حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت المدعى وجهة الإدارة المصروفات مناصفة بينهما ".
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببا برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 1/ 2/ 1999 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 15/ 11/ 1999 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى/ موضوع) لنظره بجلسة 16/ 1/ 2000، ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، حيث حضر وكيل المطعون ضده وقدم مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وبجلسة 22/ 12/ 2001 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 16/ 3/ 2002 مع التصريح بتقديم مذكرات فى شهر، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 4/ 5/ 1983، أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1096 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، طالبا فى ختامها الحكم بإلغاء قرار محافظ الإسكندرية رقم 77 لسنة 1983 بفتح شارع كامل الشجاع من ناحية الجلاء بفيكتوريا بطول 20مترا وعرض 10 مترا للمرور العام، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقال شرحا لدعواه: أنه يمتلك قطعة أرض كائنة بشارع فيكتوريا رقم 44، 46 قسم الرمل بطريق الميراث عن والده الذى كان يمتلكها بموجب العقد المسجل برقم 5568 فى 26/ 12/ 1951 بمكتب الشهر العقارى بالإسكندرية، وظل يضع يده عليها خلفا لوالده ويحوزها حيازة هادئة ومستقرة، وفى عام 1978 أراد بناء سور على تلك القطعة فمنعه بعض الجيران بدعوى أنهم يمرون على شريط وسطها وعرض الأمر على القضاء الذى أصدر حكما فى 30/ 11/ 1981 بمنع تعرض الملاك له فى الأرض موضوع النزاع وتأيد هذا الحكم استئنافيا، وتنفيذا للحكم قام بعمل سور حول الأرض، إلا أنه فى 16/ 4/ 1983 أصدر محافظ الإسكندرية القرار رقم 77 لسنة 1983 بفتح شارع أبو كامل الشجاع من ناحية شارع الجلاء بطول 20 مترا وعرض 10 مترا للمرور العام من هذه القطعة.
ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون وصدوره مشوبا بإساءة استعمال السلطة، لأنه يتضمن الاستيلاء على الأرض دون اتباع طريق نزع الملكية مقابل التعويض العادل، إلى جانب عدم الاعتداد بالحكم القضائى الصادر بمنع التعرض له فى ملكيته.
وبجلسة 19/ 1/ 1984 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى مصروفاته، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
وبتاريخ 20/ 5/ 1985 أقام الطاعن أيضا الدعوى رقم 3053 لسنة 1985 أمام المحكمة الابتدائية بالإسكندرية، طالبا الحكم بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع له مبلغ 5000 جنيه مقابل ما فاته من أنتفاع بسبب منعه من البناء واستعمال الأرض المملوكة له مع ما يستجد. وذكر المدعى بيانا لدعواه ذات الوقائع الواردة بالدعوى رقم 1096 لسنة 37 ق، وبجلسة 19/ 4/ 1986 قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، حيث وردت الدعوى إلى هذه المحكمة لأخيرة وقيدت بجدولها برقم 662 لسنة 41 ق.
ونظرت محكمة القضاء الإدرى بالإسكندرية الدعويين رقمى 1096 لسنة 37 ق، 622 لسنة 41 ق، وقررت ضمها معا ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 7/ 5/ 1992 قضت المحكمة تمهيديا – وقبل الفصل فى موضوع الدعويين – بندب خبير لمباشرة المأمورية المحددة له بالحكم، إلا أن المدعى لم يقم بدفع أمانة الخبير فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بحالتها.
وبجلسة 23/ 12/ 1993 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار الطعين ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة. وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن المجلس الشعبى المحلى لمحافظة الإسكندرية وافق بتاريخ 23/ 3/ 1983 على اعتماد حدى شارع أبو كامل الشجاع القائمين فى الأرض محل النزاع كخطى تنظيم وطلب المجلس استصدار قرار بذلك، كما أوصى باستصدار قرار بنزع الملكية اللازمة لفتح الشارع، إلا أن محافظ الإسكندرية أصدر قراره رقم 77 لسنة 1983 بفتح الشارع استنادا إلى أن الجزء المتنازع على استمرار فتحه مستطرق للمرور وان مساحته ضائعة من سعة شارع الجلاء، وهو ما يتعارض وحجية الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بالإسكندرية بجلسة 30/ 11/ 1980 فى الدعويين رقمى 1901، 2277 لسنة 1979 والذى تأيد استئنافيا، حيث ورد به أن هذه الأرض ملك للمدعى ميراثا عن والده الذى تمكلها بموجب العقد المسجل برقم 5568 فى 26/ 12/ 1991، فضلا عن أن إدارة التخطيط العمرانى قد أخطرت حى شرق الإسكندرية بكتابها رقم 262 بتاريخ 4/ 4/ 1983 بأنه لا يوجد خط تنظيم سابق يشمل هذه الأرض، وأفاد الحى أيضا بأنه لا يوجد على الخرائط المساحية أن هذا الجزء من الشارع مفتوح للمرور العام، ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر مفتقدا لركن السبب ويحمل معنى الاستيلاء على الأرض التى يمتلكها المدعى جبرا عنه دون اتباع الإجراءات المقرر قانونا لنزع الملكية مما يتعين معه إلغاء هذا القرار.
بيد أن هذا القضاء لم يلق قبولا لدى الجهة الإدارية المدعى عليها فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بان الأرض التى تخص الشارع الذى تم فتحه للمارة بالقرار المطعون فيه مستطرقة منذ زمن طويل وتوجد بها مرافق عامة من توصيلات مياه وصرف وأعمدة إنارة، ومن شأن ذلك أن يقيم وضعا للتزاحم بين الملكية الخاصة للمطعون ضده والمصلحة العامة، وكان يتعين على الحكم المطعون فيه تكييف الدعوى على أنها طعن فى القرار السلبى بعدم استصدار قرار بنزع ملكية هذه الأرض، وهو القرار الذى سوف يجبر الأضرار التى لحقت بالمدعى فى الدعوى وزوال مصلحته تبعا لذلك فى طلب إلغاء قرار فتح الشارع المستطرق للمرور فعلا وتمر بباطنه مرافق عامة يستحيل على جهة الإدارة عملا إزالتها، إلا أن الحكم المطعون فيه غاب عنه استظهار هذه الحقيقة وإجراء المعالجة اللازمة لها مما يكون معه قد خالف القانون.
ومن حيث إنه قد استبان للمحكمة من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد أحاط بوقائع الدعوى إحاطة تامة، وأن الأسباب التى استند إليها فى قضائه قد جاءت سائغة ومقبولة، وأن ما ساقه الطاعن من أسباب للنعى على هذا الحكم لم تتضمن ما ينال من سلامة ما قام عليه من أسانيد تتعلق بملكية المطعون ضده للأرض محل النزاع وأنه لا يشملها خط تنظيم سابق، بل كان الثابت من عريضة الطعن أن الجهة الطاعنة قد سلمت للمطعون ضده بملكية الأرض التى شملها القرار المطعون فيه، إذ عابت على الحكم المطعون فيه إنه لم يقم توازنا بين الملكية الخاصة والمصلحة العامة المتمثلة فى عدم الأضرار بالمواطنين الذين يستخدمون الطريق والمرافق التى تمر به، بينما هذا القول من جانب الجهة الإدارية لا يصلح سندا أو مبررا قانونيا لإصدار قرارها المطعون فيه، ذلك أنه ولئن كن المسلم أن المصلحة العامة جديرة بالاعتبار والترجيح على المصالح الخاصة عند التعارض، فإن ذلك لا يعنى إهدار المصلحة الخاصة أو التضحية بها دوما فى سبيل مصلحة الجماعة، فما دام التوازن والتوفيق بين المصلحتين ممكنا وجائزا قانونا فلا يسوغ لجهة الإدارة أن تئنكب هذا السبيل وتتغول على الحقوق والمصالح الفردية، وإلا اعتبر تصرفها غصبا وعدوانا يجب دفعه، وواقع الحال فى المنازعة الماثلة أن جهة الإدارة كان بمكنتها اللجوء إلى إجراءات نزع ملكية الأرض المار بها الشارع محل النزاع حتى تتيح للمالك الحصول على التعويض المناسب من جراء حرمانه من الانتفاع بملكه الثابت له والمعزز بمقتضى الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بالإسكندرية فى الدعويين رقمى 1901، 2277 لسنة 1979 بجلسة 30/ 11/ 1980 بمنع التعرض له، وهذا ما أوصى به المجلس الشعبى المحلى لمحافظة الإسكندرية فى اجتماعه المؤرخ 23/ 3/ 1983 من ضرورة قيام الجهات المعينة بنزع ملكية الجزء المتنازع عليه بين المطعون ضده وسكان شارع أبو كامل الشجاع بميدان فيكتوريا واعتبار الجزء المتداخل فى الشارع من أعمال المنفعة العامة، غير أن مصدر القرار المطعون فيه وهو محافظ الإسكندرية لم يلتفت إلى هذه التوصية ولجأ مباشرة فى قراره المذكور إلى فتح الشارع للمرور العام دون إتباع إجراءات نزع ملكية الأرض، مهدرا بذلك حق المطعون ضده فى الحصول على تعويض عادل طبقا للقانون، وهو التعويض الذى عبر المطعون ضده من خلال دعواه عن رضائه به وقبوله إياه.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، فإن قرار محافظ الإسكندرية المطعون فيه يكون قد جاء مخالفا لما نصت عليه المادة من الدستور من أن الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائى ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقا للقانون، وكذلك مناهضا لما تواتر عليه قضاء هذه المحكمة من أن صيانة الملكية الخاصة وعدم التعرض لها إلا فى أضيق نطاق بهدف تحقيق نفع عام هو من المقومات الأساسية للمجتمع التى حرص عليها الدستور وأن المساس بالملكية الخاصة فى غير الأحوال المقررة قانونا ينطوى على تنكب للغاية التى قامت عليها فكرة التضحية بالمصالح الشخصية لحساب الصالح العام، وفيه اجتراء على أحكام الدستور يجعل القرار المنطوى على هذه المخالفة عديم الأثر قانونا وغير قابل للتحصن أو الاستقرار مهما مضى عليه من زمن، بحسبان أن إعلاء الشرعية وسيادة القانون كأساس للحكم فى الدولة تسمو على دواعى المصلحة العامة الأقل أهمية، ومن ثم وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فتح شارع أبو كامل الشجاع من ناحية شارع الجلاء بميدان فيكتوريا للمرور العام رغم مروره بأرض مملوكة ملكية خاصة للمطعون ضده ودون إتباع إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة طبقا لأحكام قانون نزع الملكية، فأنه بذلك يكون قد أصاب وجه الحق والقانون فيما قضى به، مما يضحى معه طلب إلغائه على غير سند من القانون جديرا بالرفض.
ومن حيث إنه لا ينال من ذلك ما أوردته الجهة الإدارية الطاعنة بمذكرة دفاعها، من أن الجزء المتنازع على استمرار فتحه للمرور مستطرق للمرور منذ فترة طويلة من سكان المنطقة والمناطق المجاورة ويعد من أملاك الدولة العامة، وأن تأخر اعتماد خط التنظيم الخاص به لا يخل بحق جهة الإدارة فى إزالة التعدى عليه، فهذا القول ليس إلا ترديدًا لما سبق أن أبدته تلك الجهة أمام محكمة أول درجة، وقد تناول الحكم المطعون فيه الرد عليه من واقع المستندات المقدمة من الجهة الإدارية ذاتها والتى تفيد بأنه لا يوجد بالخرائط المساحية ما يدل على أن هذا الجزء من الشارع مفتوح للمرور العام كما لا يوجد خط تنظيم سابق يشمل هذه الأرض، كذلك لا ينال مما سبق ما ورد بمذكرة دفاع الجهة الطاعنة من أن الحكم المدنى الصادر لصالح المطعون ضده بمنع تعرض الجيران له فى الأرض موضوع النزاع لم يحدد القدر المتنازع عليه تحديدا قاطعا على وجه الدقة، وأنه صدر فيما يخص ملك المطعون ضده فقط ولا يدخل فيه الجزء الصادر له القرار المطعون فيه، وذلك للتناقص الواضح بين القول بأن الحكم لم يحدد القدر المتنازع عليه والقول بأنه صدر فيما يخص ملك المطعون ضده فقط، فضلا عن أن التفرقة بين الجزء الذى يخص المطعون ضده والجزء الذى شمله القرار المطعون فيه لا تجد لها صدى فى الحكم المنوه عنه ولم يقم عليها دليل من الأوراق، وبالتالى فهى لا تعدو أن تكون مجرد إدعاء وقول مرسل لا يعول عليه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 مرافعات.

" فلهذه الأسباب "

حكمت المحكمة:
بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات