السيد/ رئيس جامعة طنطا
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم 58/ 1/ 158
جلسة الأول من نوفمبر 2006
السيد/ رئيس جامعة طنطا
تحية طيبة وبعد،،،،،،
فبالإشارة إلى كتابكم رقم 285 المؤرخ 28/ 1/ 2004 ـ الموجه إلى إدارة الفتوى لوزارات التعليم والتعليم العالى والبحث العلمى والجامعات ـ فى شأن مدى جواز تطبيق أحكام المادة من اللائحة التنفيذية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة على الطبيبة/ نرمين عبد المعز عبد العزيز فايد، المعيدة بقسم التخدير بكلية الطب جامعة طنطا، والطبيبة/ دعاء محمد صلاح الدين المعيدة بقسم طب الأطفال بالكلية المشار إليها.وحاصل الوقائع _ حسبما يبين من الأوراق _ أنه بناءً على ما عرضته الإدارة العامة للشئون القانونية بكلية الطب جامعة طنطا، وافق السيد الأستاذ رئيس الجامعة على تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بطنطا بجلسة 3/ 7/ 2002، فى الدعوى رقم 8352 لسنة 28 قضائية لصالح الطبيبة/ نرمين عبد المعز عبد العزيز فايد، بإلغاء القرار الصادر بتخطيها فى التعيين بوظيفة معيد بقسم التخدير بكلية الطب، وكذلك الحكم الصادر من ذات المحكمة بجلسة 16/ 4/ 2003، فى الدعوى رقم 5614 لسنة 27 قضائية، لصالح الطبيبة/ دعاء محمد صلاح الدين، بإلغاء القرار الصادر بتخطيها فى التعيين بوظيفة معيدة بقسم طب الأطفال بالكلية المشار إليها. وإزاء عدم تقدم الأخيرة بأصل الصورة التنفيذية للحكم الصادر لصالحها، فقد تم استطلاع رأى الإدارة العامة للشئون القانونية بالكلية، والتى خلصت بمذكرتها فى 3/ 9/ 2003 إلى الموافقة على إصدار قرار بتعيين المذكورة، دون التقيد بضرورة تقـديم أصـل الصورة التنفيذيـة للحكـم. وبنـاء عليـه صدر قرارا رئيـس الجامعـة
رقمى 1096 و 1148 لسنة 2003، على الترتيب، بتعيين كل من الطبيبتين المذكورتين فى وظيفة معيد بكلية الطب، والتى سبق تخطيها فى التعيين فيها.
وتطبيقاً لأحكام المادة (24/ 2) من اللائحة التنفيذية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، تم إخطار الطبيبتين المذكورتين بالقرارين المشار إليهما، بموجب خطابات موصى عليها بعلم الوصول على عنوانيهما الثابتين بسجلات شئون الطلاب بالكلية وسجلات شئون الأطباء بمستشفيات الجامعة، على سند من سابقة عملهما بوظيفة طبيب مقيم بالمستشفيات الجامعية لمدة ثلاث سنوات، إلا أن أياً منهما لم تحضر لاستلام العمل واستكمال مسوغات التعيين، فتم إحالة الموضوع إلى الإدارة العامة للشئون القانونية، التى خلصت بمذكرتها فى 10/ 1/ 2004 إلى مخاطبة إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة، لذلك طلبتم الرأى من إدارة الفتوى لوزارات التعليم والتعليم العالى والبحث العلمى والجامعات، التى قامت بعرض الموضوع على اللجنة الثانية لقسم الفتوى، فانتهت اللجنة إلى إحالته إلى الجمعية العمومية لما آنسته فيه من أهمية وعمومية.
ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 1 من نوفمبر سنة 2006، الموافق 9 من شوال سنة 1427هـ، فاستبان لها أن اللائحة التنفيذية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، الصادرة بقرار لجنة شئون الخدمة المدنية رقم 2 لسنة 1978 المعدل بقرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 407 لسنة 1999، تنص فى المادةعلى أن " تعلن جميع القرارات التى تصدر فى شئون العاملين بطريق النشر فى لوحة إعلانات واحدة على الأقل توضع فى أماكن ثابتة وبارزة ومؤمنة فى كل من المركز الرئيسى للوحدة وفروعه، وذلك لمدة لا تقل عن عشرة أيام. ويثبت النشر والرفع بمحضرين رسميين عن طريق إدارة شئـون العاملين المختصة مع تسجيل ذلك فى سجل يعد لهذا الغرض…………".
وتنص فى المادة منها على أن " يعلن القرار الصادر بالتعيين بلوحة الإعلانات لمدةعشرة أيام وفقاً للضوابط والإجراءات المنصوص عليها فى المادة من هذه اللائحة. وعلى مدير شئون العاملين أو من يقوم مقامه تحت طائلة المسئولية التأديبية إخطار المرشح للتعيين فور صدور قرار التعيين للتقدم لاستلام العمل بخطاب مسجل على محل إقامته الثابت بطلب تعيينه، فإذا لم يتقدم لاستلام العمل خلال شهر من تاريخ إخطاره اعتبر قرار تعيينه كأن لم يكن دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار ما لم يقدم عذراً تقبله السلطة المختصة خلال 90 يوماً من تاريخ صدور قرار التعيين".
واستظهرت الجمعية العمومية من ذلك، أن اللائحة التنفيذية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، نظمت طريقة إعلام المرشح للتعيين بالقرار الصادر بتعيينه، عن طريق نشر هذا القرار بلوحة الإعلانات بالوحدة، وذلك لمدة لا تقل عن عشرة أيام، وأوجبت إثبات كل من النشر والرفع بمحضرين رسميين عن طريق إدارة شئون العاملين المختصة، مع تسجيل ما تم فى سجل يعد لهذا الغرض. كما أوجبت على مدير شئون العاملين بالوحدة أو من يقوم مقامه، تحت طائلة المسئولية التأديبية، إعلان المرشح للتعيين، فور صدور قرار التعيين، للتقدم لاستلام العمل، بخطاب مسجل على محل إقامته الثابت بطلب تعيينه. فإذا لم يتقدم لاستلام العمل خلال شهر من تاريخ إعلانه، اعتبر قرار تعيينه كأن لم يكن، دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار، ما لم يقدم عذراً تقبله السلطة المختصة خلال 90 يوماً من تاريخ صدور قرار التعيين.
والحاصل، حسبما استظهرت الجمعية العمومية، أن القواعد والإجراءات التى رسمتها المادةالمشار إليها، لإعلام المرشح للتعيين بقرار تعيينه، ليست قواعد وإجراءات مقصودة لذاتها، وإنما الهدف منها هو إخبار هذا المرشح بالقرار الصادر فى شأنه، وبجميع عناصره ومحتوياته، حتى يتسنى له التوجه إلى الجهة المعين بها لاستلام عمله، إذا قدر ذلك، وهذا هو الأصل الذى يسعى إليه طالب التعيين، أو حتى يعتبر رفضه استلام العمل أو تقاعسه عنه عزوفاً منه عن قيام العلاقة الوظيفية فى طور السريان. ومثل هذا العزوف لا يفترض، وإنما يجب أن يقوم عليه دليل يظاهره، حماية لحقوق ذوى الشأن، ولمراكزهم القانونية التى يرتبها قرار التعيين منذ صدوره صحيحاً. لذلك
تابع الفتوى رقم: 58 / 1 / 158
لم تكتفى اللائحة التنفيذية فى المادة المشار إليها بنشر قرار التعيين فى لوحة الإعلانات لمدة معينة، وهو ما قد يتحقق به علم المرشح للتعيين، الذى يقع على عاتقه السعى للوقوف على ما تم فى شأن طلب تعيينه، وإنما تطلبت لضمان جدية القيام بالنشر إثبات ذلك فى محضر، وتطلبت فى ذات الوقت إخطار المرشح للتعيين بالقرار، بخطاب مسجل على محل إقامته الثابت بطلب تعيينه، وكل ذلك ضماناً لتحقيق علمه، حتى يكون هناك مجال للحديث عن عزوفه عن استلام العمل، بما يجعل قرار التعيين كأن لم يكن.
والحاصل كذلك، حسبما استظهرت الجمعية العمومية فى الجلسة ذاتها، إن إعمال ما تقدم ولئن كان أمراً واجباً فى الظروف العادية، التى يتقدم فيها صاحب الشأن بطلب تعيين وتستجيب الجهة الإدارية لهذا الطلب بإرادتها الحرة، إلا أن إعماله والتقيد به، مع مزيد من الضمانات يكون أولى وأوجب، إذا كان قرار التعيين ليس صادراً استناداً للسلطة التقديرية للجهة الإدارية، وإنما إنصياعاً منها للحكم الصادر ضدها بإلغاء قرار أصدرته فيما تضمنه من تخطى أحد المؤهلين لشغل الوظيفة فى التعيين. إذ فى هذه الحالة تكون هذه الجهة ملزومة قانوناً بوضع هذا الحكم موضع التنفيذ، بإصدار قرار بتعيين المحكوم له، نزولاً على حجية الحكم، سواء أجرت هذا التنفيذ طواعية، دون انتظار لتقديم الصورة التنفيذية للحكم، وهذا هو الأصل الذى يتعين على جهة الإدارة الرشيدة أن تسلكه، إعلاء لمبدأ المشروعية واحتراماً للقانون، أو أجرت هذا التنفيذ صاغرة بعد تقديم الحكم مزيلاً بتلك الصيغة. وفى أى من هاتين الحالتين، يكون على هذه الجهة إخطار المحكوم له بقرار تعيينه، طبقاً للمادة المشار إليها، على نحو يتحقق به علمه اليقينى بالقرار الصادر فى هذا الخصوص، وبجميع عناصره ومحتوياته، علما يصلح أن يتخذ أساساً للقول بأن امتناعه عن التقدم لاستلام العمل يعد نزولاً، لا شبهة فيه، منه عن الحق الثابت له بموجب الحكم الصادر لصالحه، بما يحرمه بعد ذلك من الحق فى المطالبة بتنفيذه. وهو ما يتعين معه لزوماً، فضلاً عن نشر القرار الصادر بالتعيين فى لوحة الإعلانات بالوحدة، إعلان المحكوم له بالقرار بخطاب مسجل على عنوانه الذى يقيم فيه، وذلك بعد اتخاذ الجهة الإدارية جميع الإجراءات اللازمة قانوناً للتحرى عن هذا العنوان، بغيه الوصول إليه، فإن لم يتحقق كل ذلك، ثار إعمال الأثر الذى ترتبه المادة المذكورة، وهو اعتبار قرار التعيين كأن لم يكن، غير متاح قانوناً، التزاماً بصحبح حكم القانون، حتى لاتتخذ تلك المادة،
وما ترتبه من أثر على عدم استلام العمل خلال الأجل المحدد، ذريعة للنيل من الأحكام القضائية، والالتفاف على ما قضت به.
وعلى هدى ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أنه ولئن بادرت جامعة طنطا إلى تنفيذ الحكمين الصادرين من المحكمة الإدارية بطنطا لصالح الطبيبتين/ نرمين عبد المعز عبد العزيز فايد، دعاء محمد صلاح الدين ـ بإلغاء القرار الصادر بتخطيهما فى التعيين بوظيفة معيد بكلية الطب، فأصدر رئيس الجامعة القرارين رقمى 1096و 1148 لسنة 2003 بتعيين كل منهما فى الوظيفة التى سبق تخطيها فى التعيين فيها. إلا أن الجامعة قعدت عن التحرى عن آخر محل إقامة للمذكورتين، اكتفاء منها بإعلانهما بقرار التعيين على عنوانهما الثابت بسجلات شئون الطلاب وسجلات شئون الأطباء بمستشفيات الجامعة، بدعوى سابقة عملهما بوظيفة طبيب مقيم فيها، لذلك لم يثبت علم كل منهما بالقرار الصادر بتعيينها تنفيذاً للحكم الصادر لها، ومن ثم فإنه يكون على الجامعة إعمالاً لصحيح حكم المادة سالفة الذكر، وتنفيذاً للحكمين القضائيين المشار إليهما، النهوض للتحرى على محل إقامة الطبيبتين المذكورتين الصحيح، مستهدية فى ذلك بعنوانهما ومحلهما المختار الثابتين بصحيفة الدعوى المقامة من كل منهما، دون أن تستنكف فى بلوغ هذا الهدف، ولو استدعى الأمر ـ تحوطاً منها ـ إتباع الوسائل المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية فى شأن إعلان الأوراق القضائية، فتتحقق بذلك غايتها فى وصول الإعلان إلى كل منهما أو من ينوب عنها قانوناً، وتستبين حقيقة موقف الطبيبتين، من اتجاه إرادة كل منهما ـ يقيناً ـ إلى العزوف عن استلام العمل فعلاً، ومن ثم العدول عن تنفيذ الحكم الصادر لصالحها، على أن يكون هذا الإعلان شاملاً لجميع العناصر التى يمكن للمذكورتين على أساسها أن تتبينا حقيقة مركزهما القانونى بالنسبة للقرار، مع التنبيه عليهما بأنه فى حالة عدم حضورهما لاستلام العمل خلال الأجل، سيعتبر القرار الصادر بتعيين كل منهما كأن لم يكن.
وإذ لم تكشف الأوراق المعروضة عن التزام الجامعة طالبة الرأى بإعمال ما تقدم، وكانت الحالة المعروضة تتعلق بتنفيذ حكم قضائى يتمتع بالحجية التى تسمو على اعتبارات النظام العام، ويعد الامتناع عن تنفيذه جريمة يعاقب عليها القانون، الأمر الذى يتعين معه أن تتحوط له الجامعـة وتحسب له حسابه، فتبلغ السعى فى إدراك النتيجة التى رمى الحكم بقضائه إلى تحقيقها، مدركة ـ فى الوقت ذاته ـ أن ما تتخذه من إجراءات فى هذا الصدد، إنما يتم على مسئوليتها الإدارية والتأديبية، وتحت رقابة القضاء.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى أن تطبيق حكم المادةمن اللائحة التنفيذية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه على المعروضة حالتيهما، يلزم له إجراء تحريات جدية عن محل إقامة كل منهما، وإعلانهما بالقرار الصادر بتعيينهما، وذلك وفقاً للتفصيل السابق بيانه.وتفضـلوا بقبول فائـق الاحتـرام،،،
رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/ نبيل ميرهم
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة
