السيد الأستاذ الدكتور/ وزير المالية
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم 54/ 1/ 439
جلسة 24 من يناير 2007
السيد الأستاذ الدكتور/ وزير المالية
تحية طيبة وبعد،،،،،،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم 2409 بتاريخ 21/ 8/ 2006 بشأن مراجعة العقد المبرم بتاريخ 17/ 12/ 2005 بين مصلحة الجمارك وبين الشركة العامة للصوامع والتخزين فى ضوء الملاحظات التى أبدتها اللجنة الثالثة لقسم الفتوى ورد مصلحة الجمارك عليها.و حاصل واقعات الموضوع _ حسبما يبين من الأوراق – أن مصلحة الجمارك كانت تستأجر من الشركة العامة للصوامع [ حالياً إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية ] مخازن السبتية بغرض تخزين البضائع المهملة والمصادرة والمتنازل عنها للجمارك لحين بيعها، ولما كانت هذه المخازن صارت متهالكة مما يشكل خطورة على البضائع والعاملين بالمصلحة، وكان قد ثار خلاف بين المصلحة والشركة حول القيمة الايجارية لهذه المخازن، ومرتبات موظفى الجمارك العاملين بمستودع عام الشركة، ومبالغ الجعالة المستحقة للمصلحة عن نشاط التخزين بالمستودع، حيث تنازع الطرفان قضائياً حول هذه الادعاءات. لذلك فقد اتفق الطرفان، حرصاً على إنهاء المنازعات القائمة بينهما ودياً، على تشكيل لجنة متخصصة لهذا الغرض أسفرت اجتماعاتها، طبقا للمحضر المؤرخ 26/ 9/ 2004، عن قيام الشركة بسداد مستحقات الجمارك ومقدارها 813968 جنيهاً، والاتفاق على نقل بضائع البيوع الجمركية من مخازن الشركة بالسبتية إلى مخزن بديل مملوك لذات الشركة بمنطقة غمرة، نظراً لسوء حالة المخازن الأولى، ورغبة الشركة فى استردادها، على أن تقوم الشركة بتجهيز المخزن الجديد، وفقاً لما قررته اللجان الهندسية المشكلة لهذا الغرض. وتم الاتفاق على أن تكون الأجرة السنوية للمخزن الجديد مبلغ 98945 جنيهاً، وأن يتم استئجاره لمدة [20] سنة، تجدد تلقائياً لمدد مماثلة دون إمكانية إنهاء العلاقة إلا بموافقة الطرفين. وبموجب هذه التسوية عرض رئيس مصلحة الجمارك الأمر على وزير المالية للموافقة على إتمــام
التعاقد مع الشركة على إيجار مخزن غمرة بالقيمة السنوية والشروط المشار إليها بطريق الاتفاق المباشر، على سند من نص المادة من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، باعتبار أن مبلغ التعاقد السنوى يندرج فى حدود صلاحيات الوزير، حيث وافق الوزير على ذلك مع تفويض رئيس المصلحة فى التوقيع على العقد.
وبتاريخ 17/ 12/ 2005 تم توقيع العقد بين الطرفين، متضمناً فى ديباجته الإشارة إلى الاتفاقات السابقة التى تم توقيعها بين الطرفين على نحو ما تقدم، ونص فى البند الأول من العقد على أن هذه الديباجة جزء لا يتجزأ منه، فى حين تضمن البند الثامن عشر منه قبول الطرفين أية تعديلات يراها مجلس الدولة، وتضمن البند التاسع عشر اتفاقهما على عرض العقد على مجلس الدولة لإقراره أو تعديله. وبناء عليه تم عرض العقد على اللجنة الثالثة من لجان الفتوى بمجلس الدولة بجلستها المعقودة فى 24/ 5/ 2006، فقامت بمراجعته، وأسفرت هذه المراجعة عن بعض الملاحظات أهمها مخالفة العقد لقانون تنظيم المناقصات المزايدات لإبرامه بالأمر المباشر، فى حين أن هذا القانون لم يجز اتباع هذا السبيل فى شراء واستئجار العقارات. وأن العقد أبرم ووقع من طرفيه قبل طلب مراجعته من مجلس الدولة. وبإبلاغ مصلحة الجمارك بما انتهت إليه اللجنة الثالثة اعترضت عليه، باعتبار أن التعاقد له ظروفه الخاصة والتى لا يمكن التعامل معها بغير الطريقة التى اتبعت فيه، إلا أن اللجنة تمسكت بما انتهت إليه، وإزاء ما تقدم فإنكم تطلبون الرأى فى الموضوع الماثل.
ونفيد أن الموضوع عـرض على الجمعية العمومية لقسمى الفـتوى والتـشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 24 من يناير سنة 2007، الموافق 5 من المحرم سنة 1428هـ، فاستبان لها من استعراض أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998، أن هذا القانون وضع فى الأصل لتنظيم عملية اختيار كل جهة من الجهات الخاضعة لأحكامه، من تتعاقد معه فيما تجريه من عمليات، تحصل بمقتضاها على ما يلزم لاحتياجاتها فى تحقيق الغرض الذى تقوم عليه، أو تتخلص بمقتضاها مما تم الاستغناء عنه أو انتفت حاجتها إليه، وذلك بهدف تحقيق أفضل صالح مرتجى للدولة فى هذا الخصوص فى إطار من المنافسة والعلانية. ويظهر هذا جلياً فى الإجراءات التى وضعها هذا القانون بشأن شراء و استئجار العقارات، حيث أوجب فى المادة منه أن يسبق عملية التعاقد بشأنهما صدور قرار من السلطة المختصة، وأن يتم الإعــلان عن رغبة الجهة فى الشراء أو الاستئجار وشروط ذلك. وأسند فى المادتين و منه، إلى اللجنة التى تشكل بقرار من السلطة المختصة المقارنة والمفاضلة بين العروض المقدمة التى تتلاءم واحتياجات الجهة طالبة التعاقد، ومفاوضة أصحاب هذه العروض للوصول إلى أفضلها شروطاً وأقلها سعراً. وهو ما يستفاد منه أن هذه الإجراءات تفترض _ منطقياً _ أن الجهة الإدارية لا تعرف مقدماً من سيفوز بالتعاقد معها، وأنه يستوى لديها فى إطار من الحيدة والنـزاهة أن تتعاقد مع أى ممن تقدم إليها طالما توافرت فيه شروط الكفاية الفنية والمالية.
واستبان للجمعية العمومية أيضا، أنه ولئن كان الأمر كذلك، إلا أنه إذا ما كان ثمة منازعة بين الجهة الإدارية وطرف آخر، وتلاقت إرادة طرفى هذه المنازعة على تسويتها ودياً، فإن هذه التسوية تسرى فى شأنها أحكام عقد الصلح المنصوص عليها فى المادة من القانون المدنى، وهو من العقود الرضائية، التى يتنازل كل من الطرفين فيه على وجه التقابل عن جزء من ادعائه، فإذا ما كان أحد عناصر هذا العقد إنشاء الجهة الإدارية لعلاقة إيجارية، فإن إبرام العقد الحاكم لهذه العلاقة لا تتبع فى شأنه الإجراءات التى رسمها قانون تنظيم المناقصات والمزايدات آنف الذكر لتحديد من يجرى التعاقد معه، لأن طبيعة عقد الصلح والعلاقة الايجارية الناتجة عنه، فى هذه الحالة، تتأبى وتطبيق تلك الإجراءات
وترتيباً على ذلك، ولما كان الثابت من الأوراق المعروضة أن استئجار مصلحة الجمارك لمخزن غمرة المملوك للشركة العامة للصوامع، والمبرم بشأنه العقد المؤرخ 17/ 12/ 2005، تم فى إطار تسوية شاملة للمنازعات التى ثارت بين الطرفين ووصل بعضها إلى القضاء، اتفق فيها الطرفان على إنهاء هذه المنازعات ودياً، طبقاً للمحضر المؤرخ 26/ 9/ 2004، فإن إبرام هذا العقد لا تسرى فى شأنه أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات سالف الذكر، مما لا مجال معه لما أبدته اللجنة الثالثة من لجان قسم الفتوى بمجلس الدولة من ملاحظة حول عدم جواز اتباع طريق الاتفاق المباشر فى إبرام هذا العقد.
بيد أنه ولئن كان ما تقدم، من حيث جواز الاتفاق مباشرة بين مصلحة الجمارك والشركة المذكورة على إجراء التسوية المشار إليها، إلا أن ذلك لا يخل بالتزام المصلحة بعرض عقد الصلـح
وعقد الايجار المشار إليهما على إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة لمراجعتهما، إعمالاً لصريح نص المادة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى عدم خضوع عملية إبرام عقد الايجار المعروض لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات المشار إليه، على النحو المبين بالأسباب.وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ،،،
رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشــار / نبيل مرهم
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة
