السيد الأستاذ الدكتور/ وزير الكهرباء والطاقة
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم 86/ 4/ 1572
جلسة 24 من يناير 2007
السيد الأستاذ الدكتور/ وزير الكهرباء والطاقة
تحية طيبة وبعد،،،،،،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم 698 المؤرخ 29/ 8/ 2006 فى شأن كيفية حساب العلاوات الخاصة للمدير التنفيذى لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، المقررة اعتباراً من 1/ 7/ 2001 بعد تعيينه بالجهاز حتى 1/ 7/ 2005، وما إذا كان هذا الحساب يتم على أساس أجره الأساسى بالجامعة أم على أساس أجره الشامل بالجهاز، وفى الحالة الأولى مدى جواز استرداد ما صرف له بغير وجه حق نتيجة حساب هذه العلاوات على أساس الأجر الشامل بالجهاز وليس الأجر الأساسى.وحاصل الواقعات _ حسبما يبين من الأوراق _ أنه بتاريخ 12/ 5/ 2001 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 605 لسنة 2001، بتعيين السيد/ محمد صلاح السبكى ـ مديراً تنفيذياً لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، لمدة خمس سنوات، بمرتب سنوى مقداره 000ر60 جنيه (ستون ألف جنيه) شاملاً الضريبة المستحقة، معاراً من كلية الهندسة جامعة القاهرة. وتم منحه العلاوات الخاصة المقررة بالقانون رقم 18 لسنة 2001 والقوانين التالية له ، بعد تعيينه بالجهاز وحتى 1/ 7/ 2005 ، على أساس أجره الشامل بالجهاز ، استنادا لفتوى إدارة الفتوى لوزارات الصناعة والبترول والكهرباء رقم 379 فى 5/ 8/ 2004 ـ ملف رقم 4/ 1/ 2406 ـ المنتهية إلى أحقيته فى الحصول على العلاوة الخاصة المقررة بالقانون رقم 89 لسنة 2003 0 وبجلسة 19/ 4/ 2006 انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى عدم احقيته فى إعادة حساب العلاوات الخاصة السابق منحها له أثناء عمله بالجامعة ، استنادا إلى
أنه كان يشغل وظيفة أستاذ مساعد بكلية الهندسة جامعة القاهرة، ويتقاضى مرتبه عن هذه الوظيفة ، وحصل على جميع العلاوات الخاصة المقررة للعاملين بالدولة بمقتضى القانون رقم 101 لسنة 1987 وما تلاه من قوانين مقررة للعلاوات الخاصة، بحسبانه من المخاطبين بأحكامها وقت تقريرها، وقد تمت الموافقة على إعارته من الجامعة لشغل وظيفة المدير التنفيذى لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، على أن تتحمل الجهة المعار إليها كافة الأعباء المالية المترتبة على ذلك، وبالتالى صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 605 آنف الذكر ، لذلك ثار التساؤل المشار إليه ، وبناء عليه طلبتم عرض الموضوع على الجمعية العمومية 0
ونفيد أن الموضوع عـرض على الجمعية العمومية لقسمى الفـتوى والتـشريع بجلستها المعقودة فى 24 من يناير سنة 2007، الموافق 5 من المحرم سنة 1428هـ، فاستعرضت ما استقر عليه إفتاؤها ، من أنه فى مجال علاقة الدولة بالعاملين بمرافقها العامة المتعددة، بات الرأى مستقراً على أنها علاقة تنظيمية من روابط القانون العام تدور فى فلكه وتخضع لأحكامه، وثار بشأن هذه العلاقة أمر الموازنة بين الشرعية والاستقرار0 فالشرعية تتطلب تصحيح كل ما هو معيب بغض النظر عما مضى عليه من الزمن، بينما من دواعى الاستقرار الاعتداد بما صدر معيباً متى مضت عليه مدة معينة، حفظاً لاستقرار المراكز القانونية من الزعزعة والخلخلة، وقد ثقلت موازين ودواعى الاستقرار، فنشأت قاعدة التحصن، والتى يغدو بموجبها القرار المعيب بمنأى عن السحب والتعديل بمرور ستين يوماً0
واستعرضت الجمعية العمومية أيضا ، ما استقر عليه إفتاؤها ، من أن العامل وهو ينخرط فى خدمة أحد مرافق الدولة نظير أجر، يعتمد _ بحسب الغالب الأعم _ على هذا الأجر، فإذا ما قامت جهة الإدارة بتسوية حالته على نحو زاد فى أجره بما ليس من حقه، ولم تقترن هذه التسوية بسعى غير مشروع منه أو بما يدخل به الغش على الجهة الإدارية، فإن دواعى الاستقرار التى ثقلت موازينها فى القانون الإدارى، وقواعد العدالة التى تمثل شأواً عظيماً فى فروع القانون عامة والقانون الإدارى خاصة، والمبادئ العامة التى تمليها ضرورات سير المرافق العامة ، وما تقتضيه من رعاية عمال المرافـق العامـة وتأمينهم ضد المفاجآت التى تضطرب بها حياتهم ، حتى ينخرطوا فى
خدمة المرفـق آمنين مطمئنين يعطون أفضل ما عندهم، فكل أولئك يقتضى القول بألا يسترد من العامل ما سبق صرفه إليه بغير وجه حق ، إثـر تسوية تبين خطؤها كلها أو فى جزء منها على نحو ما سلف بيانه0حتى لا تضطرب حياة هذا العامل ويختل أمر معيشته وأسرته اختلالاً شديداً، دون أن يكون له شأن بالخطأ الذى وقعت فيه جهة الإدارة. ولا جرم أن ذلك كله منوط بتوافر حسن النية لدى العامل والقائمين على أمره بالجهة الإدارية، سداً لكل ذريعة نحو التحايل أو المجاملة0 فإذا أفصحت الأوراق عن غش أو تواطؤ أو مجاملة، ينهض حق الجهة الإدارية فى الاسترداد من العامل لرد قصده عليه وتفويتاً لباطل مسعاه، فضلاً عن المساءلة التأديبية له ولمن شاركوه هذا الإثم ، قطعاً للسبيل أمام كل من تسول له نفسه أن يعطى أو يأخذ غير المستحق من أموال المرفق الذى يعمل به غشاً أو مجاملة ، ومرد الأمر فى ذلك إنما يكون فى كل حالة واقعية وفقاً لظروفها وملابساتها.
ولا يحاج فى ذلك بأن أحكام القانون المدنى تقضى بالتزام من أخذ مبالغ بغير حق بردها، ذلك أن علاقة الدولة بالعاملين بها _ كما سبق القول _ علاقة تنظيمية تدور فى فلك القانون العام وتخضع لأحكامه، ولا يسرى عليها بالضرورة كل ما يسرى على روابط القانون الخاص.
وفى ضوء ما تقدم، ولما كان حساب العلاوات الخاصة الممنوحة للمعروضة حالته ـ إبان عمله مديراً تنفيذياً لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك ـ على أساس أجره الشامل بالجهاز، تم استنادا إلى الرأى الذى خلصت إليه إدارة الفتوى لوزارات الصناعة والبترول والكهرباء ، بفتواها رقم 379 بتاريخ 5/ 8/ 2004 سالفة الذكر، والذى بات متعارضاً مع ما كشفت عنه الجمعية العمومية بجلستها المعقودة بتاريخ 19/ 4/ 2006 ، من عدم أحقية المعروضة حالته فى إعادة حساب العلاوات الخاصة السابق منحها له أثناء عمله فى الجامعة 0 وكانت الأوراق المعروضة جاءت خلوا مما يفيد أن هذا الرأى صدر بناء على غش أو تدليس أو تواطـؤ أومجاملة من جانب المعروضة حالته أو غيره من العاملين بالجهاز الذى يتولى إدارته 0
ومن ثم فإن ما جرى صرفه له بالزيادة من مبالغ نتيجة لحساب العلاوات الخاصة التى يستحقها على أساس أجره الشامل بالجهاز ، لا يجوز استرداده ، إعمالاً لمبدأ عدم جواز الاسترداد السابق بيانه الذى استقر عليه إفتاء الجمعية العمومية ، والذى توافرت شروط تطبيقه حسبما سلف ذكـره 0
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى عدم جواز الاسترداد فى الحالة المعروضة ، وذلك على النحو المبين بالأسباب 0وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ،،،
رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشــار / نبيل مرهم
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة
