فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ شيخ الأزهر
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم 86/ 4/ 1592
جلسة 5 من يوليو 2007
فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ شيخ الأزهر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
فقد اطلعنا على كتاب فضيلتكم المؤرخ 22/ 1/ 2007 فى شأن طلب الإفادة بالرأى حول تحديد تاريخ استحقاق السيد/ مسعد سعد مصيلحى الكاتب بمعهد محمد على الابتدائى بأبنهس ـ منطقة المنوفية الأزهرية ـ لمستحقاته المالية، وما إذا كان من تاريخ صدور قرار تعيينه رقم 1871 لسنة 1999، أم من تاريخ تسلمه العمل بالوظيفة الإدارية طبقاً للقرار رقم 2197 لسنة 2005.وحاصل واقعات الموضوع ـ حسبما يبين من الأوراق ـ أنه بتاريخ 18/ 1/ 1998 تم اعتقال المعروض حالته، وبتاريخ 18/ 8/ 1999 وأثناء اعتقاله صدر القرار رقم 1871 لسنة 1999 بتعيينه بوظيفة مدرس قرآن كريم بالدرجة الرابعة الفنية. ونظراً لعدم تمكنه من استلام العمل تم سحب قرار التعيين بموجب القرار رقم 1478 المؤرخ 4/ 7/ 2001. وبتاريخ23/ 7/ 2004 تم الإفراج عنه، وبتاريخ 11/ 12/ 2004 صدر بشأنه القرار رقم 3687 لسنة 2004 بسحب القرار رقم 1478 لسنة 2001 آنف الإشارة، واعتباره معيناً اعتباراً من 15/ 8/ 1999 بموجب القرار رقم 1871 لسنة 1999الصادر بتاريخ 18/ 8/ 1999. وبتاريخ 14/ 6/ 2005 صدر القرار رقم 2197 لسنة 2005 بنقله إلى وظيفة إدارية. وبتاريخ 20/ 7/ 2005 تسلم المعروض حالته العمل على الوظيفة المنقول إليها.
وباستطلاع رأى إدارة الفتوى لوزارة الصحة والأوقاف والتضامن الاجتماعى وشئون الأزهر فى هذا الموضوع، انتهت بتاريخ 9/ 10/ 2006 إلى أحقية المعروض حالته فى صرف مستحقاتـــه،
باعتباره مدرساً وذلك من تاريخ تعيينه. وإذ ارتأيتم فضيلتكم أن الموضوع ما أنفك محلاً لخلاف فى الرأى، فقد طلبتم عرض الموضوع على الجمعية العمومية.
ونفيد أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 5 من يوليو سنة 2007م، الموافق 20 من جمادى الآخر سنة 1428هـ، فاستبان لها أن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، ينص فى المادة منه على أن " يستحق العامـل عنـد التعيين بدايـة الأجر المقرر لدرجة الوظيفة……، ويستحق العامل أجره اعتباراً من تاريخ تسلمه العمل، ما لم يكن مستبقى بالقوات المسلحة، فيستحق أجره من تاريخ تعيينه".
واستظهرت الجمعية العمومية من ذلك، أنه ولئن كان من المقرر قانوناً أن العامل لا يستحق أجره إلا اعتباراً من تاريخ استلام عمله فى الوظيفة المعين عليها، ما لم يكن مستبقى بالقوات المسلحة، وذلك باعتبار أن الأجر مقابل العمل، إلا أن إعمال هذا الحكم على إطلاقه إنما يكون فى الظروف العادية، التى يكون متاحاً فيها للعامل المعين إرادة فى اختيار التاريخ الذى يستلم فيه عمله. فإذا ما تحققت هذه الإرادة بيد أنه حال بين العامل واستلام عمله مانع مرده إلى جهة الإدارة، فإن جهة الإدارة فى الحالة هذه تكون هى التى منعت العامل من أن يضع نفسه تحت تصرف الجهة المعين بها، واستلام عمله، فإن هذا العامل يأخذ حكم من استلم هذا العمل فى الظروف العادية من حيث استحقاق الأجر.
ولما كان ذلك، وكانت قرارات الاعتقال إنما تصدر من إحدى أجهزة الدولة التى تعد جزءاً من الكيان القانونى العام لها، شأنها فى ذلك شأن غيرها من الوزارات أو الجهات الإدارية أو الهيئات التى يعين فيها المعتقل. وباعتبار أن اعتقال العامل يعد ظرفاً غير عادى فى تطبيق حكم المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه، من شأنه الحيلولة بين المعتقل واستلام العمل فى الوظيفة المعين عليها، لسبب راجع إلى جهة الإدارة بالمعنى العام. وبحسبان أن قرار الاعتقال لايزعزع أصل البراءة الذى يتمتع به المعتقل، بغض النظر عن الأسباب التى يبنى عليها القرار، والتى تستقل السلطة المختصة بتقديرها تحت رقابة القضاء، بيد أنه يترتب عليه إحداث واقع مرده إلى جهة الإدارة، حسبما سبق بيانه،
يحول بين العامل وبين ممارسة الحقوق التى يرتبها له قرار التعيين، ومن ذلك حقه فى استلام العمل.
ولما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المعـروض حـالته تـم تعيينـه اعتباراً مـن 15/ 8/ 1999 أثناء اعتقاله الذى استمر حتى تاريخ 23/ 7/ 2004، وإذ لم يتمكن المذكور خلال فترة اعتقاله من التوجه لمقر عمله لاستلام العمل بسبب اعتقاله، ومن ثم فإنه يستحق الأجر المقرر للوظيفة المعين عليها خلال تلك الفترة، بحسبان أن قرار اعتقاله هو الذى حال بينه وبين وضع نفسه تحت تصرف جهة الإدارة التى عين بها.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى أحقية السيد/ مسعد سعد مصيلحى عربى فى تقاضى مرتبه اعتباراً من تاريخ تعيينه كاتباً بمعهد محمد على سعيد الابتدائى الأزهرى بأبنهس ـ التابع لمنطقة المنوفية الأزهرية ـ وذلك على النحو المبين بالأسباب.وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ،،،
رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشــار / نبيل مرهم
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة
