الطعن رقم 2983 لسنة 82 ق – جلسة 01 /10 /2013
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الثلاثاء ( أ )
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ فتحي جودة عبد المقصود "نائب رئيس
المحكمة" وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد سعيد وعثمان متولي حسن ومحمد متولي عامر
وأحمد أحمد محمد خليل "نواب رئيس المحكمة"
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ ………..
وأمين السر السيد/ ………..
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الثلاثاء 25 من ذو القعدة سنة 1434هـ الموافق 1 من أكتوبر سنة 2013م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 2983 لسنة 82 القضائية.
المرفوع من:
ضـد
النيابة العامة
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم…. لسنة 2011
قسم…… (والمقيدة بالجدول الكلي برقم….. لسنة 2011) بوصف أنه في يوم.. من….
لسنة 2010 بدائرة قسم…….. – محافظة……….:-
1 – قتل عمدًا المجني عليه/ …… مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتله
وأعد لذلك سلاحًا ناريًا "فرد خرطوش" محلي الصنع وما أن ظفر به حتى هيا سلاحه للإطلاق
وأطلق عليه عيارًا ناريًا قاصدًا من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير
الطب الشرعي والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات.
2 – أحرز بغير ترخيص سلاحًا ناريًا غير مششخن (فرد خرطوش) على النحو المبين بالتحقيقات.
3 – أحرز ذخائر(عدد واحد طلقة) مما تستعمل في السلاح الناري موضوع الوصف السابق دون
أن يكون مرخصًا له على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات….. لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى الحاضر عن المدعين بالحق المدني والد وشقيق المجني عليه مدنيًا بمبلغ 10001 عشرة
آلاف وواحد جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت بجلسة…… من….. لسنة 2012 بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة
مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة 28 من فبراير لسنة 2012 للنطق
بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضوريًا وبإجماع الآراء وعملاً بالمادتين 230، 231 من
قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1، 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين
رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والجدول رقم المرفق بالقانون الأول. بمعاقبته
بالإعدام شنقًا عما أسند إليه وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في… من… لسنة 2012.
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في… من… لسنة 2012 موقعًا عليها من الأستاذ/ …………المحامي.
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة في…
من….. لسنة 2012 وموقعًا عليها من رئيس بها طلب فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم
عليه.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المستشار المقرر وبعد المداولة قانونًا.
أولاً: بالنسبة لعرض النيابة العامة للقضية:
حيث أن النيابة العامة وإن عرضت الدعوى الماثلة على هذه المحكمة – محكمة النقض – إعمالاً
لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم
57 لسنة 1959 المعدل، مشفوعة بمذكرة بالرأي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى
به من إعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه أنه روعي عرضها القضية
في ميعاد الستين يومًا المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما تجاوز هذا الميعاد
– وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل
أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها بالفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها
– دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنته مذكرة النيابة العامة – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم
من عيوب، ويستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في موعده الميعاد المحدد قانونًا
أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للدعوى.
ثانيًا: بالنسبة لطعن المحكوم عليه:
حيث إن طعن المحكوم عليه قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم (القتل العمد مع سبق
الإصرار وإحراز سلاح ناري وذخيرة دون ترخيص، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب، وران
عليه الفساد في الاستدلال، وعابه الإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه دفع بانعدام مسئوليته
لآفة عقلية لحقت به طالبًا عرضه على مستشفى الأمراض العقلية وأطرح الحكم دفعه بما لا
يسوغ، كما دلل على توافر القتل في حقه بما لا يكفي مستدلاً على ذلك باستخدام سلاح قاتل
وإصابة المجني عليه في مقتل، ودلل على توافر سبق الإصرار لخلافات سابقة بينه وبين المجني
عليه الأمر الذي خلت منه تحريات الشرطة وأقوال شقيق المجني عليه بما لا يسوغ سندًا
لقيامه، وأطرح بما لا يصلح دفاعه بأنه كان فاقد للشعور ولإدراك وتحت تأثير مخدر دسه
عليه المجني عليه، كما لم يستظهر توافر رابطة السببية بين فعل وما حاق بالمجني عليه،
وتساند إلى تحريات الشرطة رغم دفعه بعدم جديتها وتناقضها مع أقوال شاهدي الإثبات وشقيق
المجني عليه، وجهالة مصدرها، كما عول على تقرر الصفة التشريحية في اسناد الاتهام رغم
كفاية ذلك، كما لم تجب المحكمة لطلب سماع الشهود الذين سماهم، كل ذلك مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية
للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال……..،
……..، الضابطين…………، …………..، ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية
والاسطوانة المدمجة الخاصة بحفل الزفاف الذي حدثت فيه الواقعة، وهي أدلة سائغة من شأنها
أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم. وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في شأن ما زعمه من آفة
من آفة عقلية لحقت به وأطرحه في قوله……. " لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لهذه
المحكمة أن تستبين وقائع الدعوى وظروفها أن المتهم سليم العقل ومسئول عما وقع منه،
فهى ليست ملزمة بإجابة الدفاع إلى ما يطلبه من ندب خبير لتقرير حالة المتهم العقلية
ما دامت قد استبانت سلامة عقله ومن صالحه بإجاباته على ما وجهته إليه من الأسئلة وكان
المرض العقلى الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانونًا على مقتضى
المادة 62 من قانون العقوبات هو المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك، أما سائر
الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سببًا لانعدام المسئولية،
وكان البين من مسكت المتهم من مصاحبته للمجنى عليه التوجه سويًا إلى حفل الزفاف وتقدم
المتهم إلى عريس الحفل لمصافحته وتهنئته بالزواج ثم قيامه بتهيئة سلاحه الناري وتصويبه
إياه إلى جسد المجني عليه بالكيفية التي بانت بالأوراق تدل على أن المتهم كان بحالة
إدراك ووعى لحظة اقدامه على فعله وساندته تحريات المباحث في عدم إصابته بأية عاهة عقلية
كما أن المحكمة قد ناقشت المتهم بجلسة المحكمة ووجهت له العديد من الأسئلة وقام المتهم
بالإجابة عنها والتي استبانت منها بجلاء أن المتهم لا يعانى من أى عاهة عقلية وأنه
كان في حالة إدراك تام وعى كامل وبالتالى تكون مسئوليته كاملة عما وقع منه أفعال القتل
ومن ثم ترى المحكمة طرح طلب الدفاع. "لما كان ذلك، وكان البين من أسباب الطعن أن ما
أثاره الطاعن حاصله انعدام مسئوليته لآفة عقلية لحقت به، فإن ما انتهى إليه الحكم –
على السياق المتقدم – يكون صحيحًا في القانون، وحسبه أنه من المقرر أن تقدير حالة المتهم
العقلية والنفسية هى من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما
دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة وهو ما لم تخطئ في تقديره، ويكون ما أثاره الطاعن
مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض، ولا يغير من ذلك
صدور القانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن قانون رعاية المريض النفسي الصادر بتاريخ 13 من
مايو سنة 2009 – والذي نص في مادته الثانية على تعديل المادة 62 من قانون العقوبات
وأضاف في ذلك بصر المحكمة قبل صدور الحكم المطعون فيه، التعديل حالة الاضطراب العقلي
ضمن الحالات التي تنعدم بها المسئولية الجناية عن الشخص الذي يعاني منها وقت ارتكاب
الجريمة وهو ما لم ندفع به الطاعن، بل أثار أنه لحقت به آفة عقلية، وكانت المحكمة قد
تناولت الرد على هذا الدفاع على السياق المتقدم وخلصت في أسباب لدى تقديرها لأدلة الدعوى
إلى تحقق مسئولية الطاعن الجنائية عن الجريمة المسندة إليه ومن ثم إدانته عنها باعتبار
أن ذلك من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها. لما كان ذلك، وكان
الحكم قد عرض للتدليل على توافر نية القتل في حق الطاعن في قوله…… "لما كان قصد
القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأحداث
والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ومن فإن استخلاص هذه
النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكانت المحكمة
تستخلص توافر هذه النية في حق المتهم من وجود خلاف بين المتهم والمجني عليه لم تكشف
الأوراق عن ماهيته واستعمال المتهم لسلاح بطبيعته (فرد خرطوش) وفي تصويبه هذا الفرد
إلى المجني عليه في مقتل (جانبه الأيمن) ومن مسافة قريبة لم تجاوز مدى تجمع الرش والذي
قدره الطبيب الشرعي في تقريره بحوالي من مثلي إلى ثلاثة أمثال طول ماسورة السلاح الناري
المذكور وما أدت إليه من تهتك بالرئة اليمنى والكبد ونزيف دموي غزير ومن كل ما سبق
فإنه يدل على أن المتهم قد أراد من اطلاق العيار الناري على المجني عليه إزهاق روحه…."
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك
بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يانها الجاني وتنم عما يضمره
في نفسه، فإنه استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته
التقديرية، وكان ما أورده الحكم على النحو كافيًا وسائغًا في التدليل على توافر نية
القتل لدى الطاعن. لما كان ذلك، وكان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا
يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها منها القاضي
استخلاصًا، وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من
ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك
الإستنتاج، ولما كان ما أورده الحكم في تدليله على توفر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن
كافيًا وسائغًا في تحقيق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، فإن ما أثير في هذا
الشأن لا يكون سديدًا، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بامتناع مسئوليته
إذ كان تحت تأثير مخدر تم دسه عليه وقت الحادث وأطرحه لأسباب سائغة ولأنه كان أهلاً
لمسائلته جنائيًا إذ توفر له الإدراك والاختيار وقت مقارفته للفعل المجرم الذي ثبت
في حقه، وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية بموجب المادة 62 من قانون العقوبات
المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009 هي تلك الناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني
قهرًا عنه أو على غير علم منه بحقيقتها بحيث تفقده الشعور والاختيار فيما يفعل وقت
ارتكاب الفعل، وكان الفصل في امتناع مسئولة المتهم تأسيسًا على أنه كان في غيبوبة ناتجة
عن مخدر دس عليه وقت الواقعة أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب
عليه. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر قيام علاقة
السببية بين إصابات المجني عليه التي أودت بحياته والتي أوردها تفصيلاً تقرير الصفة
التشريحية وبين وفاته، إذ أثبت أن الطاعن أطلق على المجني عليه عيارًا ناريًا صوب الجانب
الأيمن منه قاصدًا قتله فأصابه بتهتك بالرئة اليمنى والكبد وذلك من واقع تقدير الصفة
التشريحية، وإذ كان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ
بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط معنويًا بما يجب أن يتوقعه من نتائج مألوفة
لفعله إذا ما أتاه عمدًا، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد
بها قاضي الموضوع بتقديرها فمتى فصل في شأنها إثباتًا أو نفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض
ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي لما انتهى إليه، ومن ثم يكون الحكم قد
أثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعله وما ترتب عليه،
هذا فضلاً عن أنه لا يبين من مطالعة محضر جلسة الحكم أن المدافع عن الطاعن قد تمسك
أمام محكمة الموضوع بما يثيره في طعنه من انقطاع رابطة السببية بين اعتدائه على المجني
عليه ووفاته، فإن المحكمة غير ملزمة بالرد على دفاع لم يطرح أمامها ولا يقبل منه إثارته
لأول مرة أمام هذه المحكمة لأنه يقتضي تحقيقًا موضوعيًا تنحسر عنه وظيفتها. لما كان
ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود، وسائر العناصر
المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إلى اقتناعها
وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة
في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، كما أن لها التعويل على أقوال الشاهد في أي
مرحلة من مراحل التحقيق ولو تخالفت، كما أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو
تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما
دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه ولم يورد تلك
التفصيلات على نحو يركن به إليها في تكوين عقيدتها، هذا إلى أن لمحكمة الموضوع أن تعول
على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت – كالحال الدعوى
الماثلة – قد اطمأنت إلى جديتها ولا ينال من ذلك ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدر
تلك التحريات، وإذ كان الطاعن لا يماري في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات
له معينه الصحيح في الأوراق، وقد اطمأنت المحكمة إلى صورة الواقعة كما وردت في أقوالهم
معززة بتحريات الشرطة، فضلاً عن أن الحكم لم يعلو على أقوال شقيق المجني عليه إثارة
ثمة تعارض بين أقواله وتحريات الشرطة، ومن ثم ينحل ما يثيره الطاعن من منازعة في التصوير
الذي أخذت به المحكمة إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير
معقب عليها ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا
يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات
الدعوى، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة
في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة
يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة التي لها كامل الحرية في أن تستمد
اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا التدليل له مأخذه الصحيح
من الأوراق وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره، ومن ثم يكون ما يثار في شأن تعويل الحكم
على تقرير الصفة التشريحية في معرض تدليه على ثبوت الواقعة لا محل له، لما كان ذلك،
وكان الطاعن لا يدعى في أسباب طعنه أنه اتبع الطريق الذي رسمته المادة 214 مكرر المضافة
بالقانون رقم 170 لسنة 1980 إلى قانون الإجراءات الجنائية لإعلان الشهود الذي يطلب
سماعهم أمام محكمة الجنايات، فلا تثريب على المحكمة أن هي أعرضت عن طلب الطاعن بسماع
شهود النفي، فضلاً عن أن سماعهم يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع
الدعوى أي أن يكون لازمًا للفصل في الموضوع ذاته، وإلا فالمحكمة تكون في حل من الاستجابة
لطلب سماعهم أو الرد على ذلك صراحة، ومن ثم تكون ما أثاره الطاعن غير مقبول. لما كان
ذلك، وكان البين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى
بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام،
وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معناها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي
إلى ما رتبه الحكم عليها على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من الطاعن،
كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقًا للقانون من حضور مدافعين توافرت فيهم الشروط
المقررة وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية
المعدل بالقانون 107 لسنة 1969 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام،
وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيوب مخالفة القانون أو الخطأ
في تطبيقه أو تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقًا للقانون، ولها ولاية الفصل في الدعوى،
ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة يصح أنه يستفيد من المحكوم عليه على نحو ما نصت
عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فيتعين لذلك، قبول عرض النيابة العامة وإقرار
الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه………….
