الرئيسية الاقسام القوائم البحث

السيد الدكتور/ وزير الاستثمار

بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم 58/ 1/ 160
جلسة20 من ديسمبر 2006

السيد الدكتور/ وزير الاستثمار

تحية طيبة وبعد،،،،،،

فقد اطلعنا على كتابكم رقم [ 7589] المؤرخ 9/ 8/ 2006 فى شأن أثر إحالة رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات القابضة الخاضعة لأحكام قانون قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991، للمحاكمة الجنائية على استمرار ممارسته لاختصاصاته المقررة قانوناً، والتجديد له فى رئاسة مجلس إدارة الشركة.
و حاصل الواقعات – حسبما يبين من كتابكم المشار إليه – أنه ورد إلى وزارة الاستثمار كتاب السيد الأستاذ المستشار المحامى العام الأول لنيابات الأموال العامة رقم [466] المؤرخ 17/ 6/ 2006، متضمناً أن السيد الأستاذ المستشار النائب العام وافق بتاريخ 6/ 6/ 2006 على إحالة رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات القابضة التابعة للوزارة، وآخرين للمحاكمة الجنائية بتهمة تسهيل الاستيلاء على المال العام المرتبط بجنايتى تزوير واستعمال محررات مزورة والتربح منه والإضرار العمدى به. وذلك بوصفه السابق كرئيس لإحدى الهيئات العامة التابعة لوزارة النقل.
وإزاء ما أثير من خلف فى الرأى حول أثر هذه الإحالة على استمرار رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة المشار إليها فى مباشرة اختصاصاته، ومدى تأثير ذلك على التجديد له، لذلك طلبتم عرض الموضوع على الجمعية العمومية، والإفادة بالرأى.
ونفيد أن الموضوع عـرض على الجمعية العمومية لقسمى الفـتوى والتـشريع بجلستها المعقودة فى 20 من ديسمبر سنة 2006، الموافق 29 من ذى القعدة سنة 1427هـ، فاستبان لها أن الدستور ينص فى المادة منه على أن " المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه 00000 ". وأن المادة الأولى من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام تنص على أن " يُعمل فى شأن قطاع الأعمال العام بأحكام القانون المرافق، ويُقصد بهذا القطاع الشركات القابضة والشركات التابعة لها الخاضعة لأحكام هذا القانون، وتتخذ هذه الشركات بنوعيها شكل شركات المساهمة، ويسرى فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى هذا القانون وبما لا يتعارض مع أحكامه نصوص قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 000 "، وأن المادة من قانون قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون المشار إليه، تنص على أن " يصدر بتأسيس الشركة القابضة قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص، ويكون رأسمالها مملوكاً بالكامل للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة 00000 وتأخذ الشركة القابضة شكل شركة المساهمة، وتعتبر من أشخاص القانون الخاص 000"، وتنص المادة منه على أن " يتولى إدارة الشركة القابضة مجلس إدارة يصدر بتشكيله قرار من الجمعية العامة بناء على اقتراح رئيسها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد 000 ولا يعتبر رئيس وأعضاء مجلس الإدارة من العاملين بالشركة……". هذا فى حين تنص المادة منه على أن " لا يجوز ان يكون رئيساً أو عضواً بمجلس إدارة الشركة من حكم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو تفالس أو بعقوبة من العقوبات المنصوص عليها فى المواد (49و50 و51) من هذا القانون"، و تنص المادة منه على
أن " يجوز عزل رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة كلهم أو بعضهم أثناء مدة العضوية بقرار مسبب من الجمعية العامة وذلك طبقاً للإجراءات المنصوص عليها فى المادة من هذا القانون إذا كان من شأن استمرارهم الإضرار بمصلحة الشركة كما لا يجوز تجديد تعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة إذا لم تحقق الشركة الأهداف المحددة لها خلال مدة العضوية ". وتنص المادة من القانون ذاته على أن " تتكون الجمعية العامة للشركة على النحو التالى: 1 – الوزير المختص رئيساً. 2 – أعضاء من ذوى الخبرة فى مجال الأنشطة التى تقوم بها الشركات التابعة للشركة القابضة لا يقل عددهم عن اثنى عشر ولا يزيد على أربعة عشر من بينهم 000000 " وتنص المادة منه على أن " مع مراعاة أحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية والنظام الأساسى للشركة تختص الجمعية العامة العادية بما يأتى: [أ] 0000 [ ب ] 0000000 [ج] الموافقة على استمرار رئيس وأعضاء مجلس الإدارة لمدة تالية أو عزلهم، ويكون التصويت على ذلك بطريق الاقتراع السرى 000000"، وتنص المادة من القانون المذكور على أن " يجوز لرئيس الجمعية العامة دعوة الجمعية لاجتماع غير عادى للنظر فى عزل رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة كلهم أو بعضهم أثناء مدة عضويتهم فى المجلس. ويتعين فى هذه الحالة على رئيس الجمعية العامة أن يخطر كلا من الجمعية العامة وأعضاء مجلس الإدارة المطلوب عزلهم برأيه وما يستند إليه من أسباب000 وتتخذ الجمعية العامة قرارها بطريق الاقتراع السرى،000 ".
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم، فى ضوء مما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن أصل البراءة يمتد إلى كل فرد سواء كان مشتبهاً فيه أو متهماً، ذلك أن الإتهام الجنائى _ فى ذاته_ لا يزحزح هذا الأصل و الذى يلازم الفرد دوماً، ولا يزايله، سواء فـى
مرحلة ما قبل المحاكمة، أو أثناءها، وعلى امتداد حلقاتها، وأياً كان الزمن الذى تستغرقه إجراءاتها. ولا سبيل لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التى تبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين، بما لا يدع مجالاً معقولاً لشبهة انتفاء التهمة، وبشرط أن تكون دلالتها قد استقرت حقيقتها بحكم قضائى استنفد طرق الطعن فيه، وصار باتاً.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أيضاً، وعلى ما جرى به إفتاؤها، أن رأسمال الشركات القابضة مملوك للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، وأن هذه الشركات من أشخاص القانون الخاص. وأن لكل منها مجلس إدارة لا يعد رئيسه وأعضاؤه من العاملين بالشركة، كما أن لكل منها جمعية عامة، تشكل برئاسة الوزير المختص وعضوية عدد من ذوى الخبرة فى مجال الأنشطة التى تقوم بها الشركات التابعة للشركة القابضة؛ وبذلك فإن الجمعية العامة لا تتشكل من أصحاب الأسهم الملاك الحقيقيين للشركة القابضة، وإنما تتشكل من مجموعة من الممثلين للمالك الأصلى للشركة. وقد عقد المشرع لهذه الجمعية دون غيرها الاختصاص باختيار رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة، وعزلهم كلهم أو بعضهم قبل انتهاء مدة عضوية مجلس الإدارة المقررة قانوناً، أو تجديد هذه المدة. وحظر المشرع فى المادة من قانون قطاع الأعمال العام المشار إليه، أن يكون رئيساً أو عضواً بمجلس إدارة الشركة من حكم عليه بعقوبة جناية، أو بعقوبة مقيدة للحرية مما عددتها هذه المادة، فالحظر مرتبط بصدور حكم قضائى بالعقوبات المشار إليها، وليس مجرد الإحالة إلى المحاكمة الجنائية، إذ أن تلك الإحالة لا تشكل بذاتها مانعاً قانونياً من ممارسة اختصاصات رئاسة أو عضوية مجلس الإدارة، وذلك استصحاباً لأصل البراءة المشار إليه.
والحاصل، على ما استبان للجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع من استعراضها لأحكام كل من قانون قطاع الأعمال العام المشار إليه، وقانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، و الذى يعد الشريعة العامة الحاكمة لشئون الشركات القابضة، فيما لم يرد بشأنه نص فى القانون المذكور أولاً، أن كلا من هذين القانونين ورد خلواً من النص على منع اختيار
المحال للمحاكمة الجنائية رئيساً لمجلس إدارة الشركة القابضة لزوماً، أو منعه من الاستمرار قواماً على شئونها فيما لو وقعت هذه الإحالة اثناء رئاسته لها.
بيد أنه، ولئن كان الأمر على هذا النحو من حيث انعدام لزوم الاستبعاد من دائرة الاختيار ابتداء أو المنع من الاستمرار انتهاء، إلا أنه من المسلم به، إعمالاً لصريح نصوص قانون قطاع الأعمال العام المشار إليه، أن الجمعية العامة للشركة، خارج دائرة الأحكام الآمرة التى يقررها القانون، تتمتع بسلطة تقديرية واسعة فى اختيار رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة، كما أنها تتمتع بسلطة تقديرية مماثلة فى تقرير عزلهم، كلهم أو بعضهم أو عدم التجديد لهم، بحسب ما يتكشف لها من تقييم عملهم، ومعدل إنجازاتهم، وحسن إدارتهم للشركة والقيام على شئونها، وما عساه أن يطرأ من مستجدات على سمعة أو سيرة أى منهم، وما يحيط به من شبهات أو يوجه إليه من اتهامات، لو كانت تحت بصر الجمعية العامة عند تشكيل مجلس الإدارة لكان لها رأى مغاير. وذلك على هدى من أن الجمعية العامة للشركة القابضة، وهى تباشر هذه الولاية لا تمثل نفسها، باعتبار أن أعضاءها ليسوا أصحاب الأسهم الملاك الحقيقيين للشركة، وإنما هى تمثل الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة المساهمة فى الشركة. ومن ثم فإن الجمعية العامة، والحالة هذه، لا تملك كل ما يملكه صاحب المال فى شأن ماله عند عدم وجود النص، الأمر الذى يجعل سلطتها التقديرية فى اختيار رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة واستبقائهم أكثر ضيقاً وإحكاماً، حرصاً على الأموال المملوكة للدولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة وحسن إدارتها، والنأى عن إسناد هذه الإدارة لكل من ليس أهلاً لذلك، لشبهة لها سندها أو اتهام من سلطة مختصة، وبحسب هذا الاتهام، طبقا لما تقدره الجمعية العامة للشركة وعلى كامل مسئوليتها.
وترتيباً على ما تقدم، فإن إحالة المعروضة حالته، والذى يرأس مجلس إدارة إحدى الشركات القابضة التابعة لوزارة الاستثمار، للمحاكمة الجنائية هو وآخرين، بتهمة تسهيل الاستيلاء على المال العام المرتبط بجنايتى تزوير واستعمال محررات مزورة والتربح منه والإضرار العمدى به، وذلك بوصفه السابق إبان رئاسته لإحدى الهيئات العامة التابعة لوزارة
النقل،
لا يترتب عليها لزوماً استبعاده من رئاسة مجلس إدارة الشركة، ما لم تقرر الجمعية العامة للشركة غير ذلك، استعمالاً للسلطة التقديرية المخولة لها قانوناً، فى ضوء ما سبق بيانه،وحسبما يعَنّ لها من ظروف وملابسات الإتهام المشار إليه.

لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى أحقية المعروضة حالته فى الاستمرار فى رئاسة مجلس إدارة الشركة القابضة والتجديد له ما لم تقرر الجمعية العامة للشركة غير ذلك فى ضوء الإتهام الموجه إليه.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ،،،

رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشــار / نبيل مرهم
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات