الطعن رقم 2664 لسنة 45 ق عليا – جلسة 30 /04 /2008
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون – الجزء الثاني – من أول أبريل سنة 2008 إلى آخر سبتمبر
سنة 2008 صـ 1169
جلسة 30 من أبريل سنة 2008
الطعن رقم 2664 لسنة 45 القضائية عليا
(الدائرة السادسة)
السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل نائب رئيس
مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ سامي أحمد محمد الصباغ ومحمد محمود فرج حسام الدين ومحمد
البهنساوى محمد الرمام وحسن عبد الحميد البرعي وحسن سلامة أحمد محمود ود/ حمدي حسن
محمد الحلفاوي نواب رئيس مجلس الدولة.
دعوى – حجية الأحكام – القضاء الحائز لقوة الأمر المقضي – الفرق بين السبب والدليل.
المادة من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم لسنة 1968.
ثمة شروط يلزم توافرها لجواز قبول الدفع بحجية الأمر المقضي, وهي تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: يتعلق بالحكم, حيث يشترط لاعتباره حائزًا حجية الأمر المقضي أن تتوافر
فيه الشروط الآتية: أولاً – أن يكون صادرًا عن جهة قضائية. ثانيًا – أن يكون لهذه الجهة
ولاية في إصداره بموجب سلطتها أو وظيفتها القضائية, لا سلطتها أو وظيفتها الولائية.
ثالثًا – أن يكون الحكم قطعيًا, أي فصل في موضوع النزاع, سواء في جملته أو في جزء منه
أو في مسألة متفرعة عنه فصلاً حاسمًا لا رجوع فيه. رابعًا – أن يكون التمسك بالحجية
في منطوق الحكم لا في أسبابه, إلا إذا ارتبطت الأسباب بالمنطوق ارتباطًا وثيقًا بحيث
لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب.
القسم الثاني من الشروط: يتعلق بالحق المدعى به, فيشترط أولاً – أن يكون هناك اتحاد
في الخصوم, ويقصد بهذا الشرط: الخصوم بصفاتهم وليس بأشخاصهم. ثانيًا – أن يكون هناك
اتحاد في المحل, أي أن تكون المسألة المقضي فيها هي الأساس المشترك في الدعويين. ثالثًا
– أن يكون هناك اتحاد في السبب, بأن يكون سبب الدعوى الثانية هو نفسه سبب الدعوى الأولى
– يتعين التمييز بين السبب والأدلة أو وسائل الإثبات, فالسبب هو الأساس القانوني الذي
تقوم عليه الدعوى, أما الأدلة أو وسائل الإثبات فهي التي يرتكن إليها المدعي لإثبات
السبب – أثر ذلك: قد يتحد السبب بين الدعويين وتتعدد الأدلة لإثبات السبب الواحد, ولا
يحول هذا دون قيام حجية الأمر المقضي, ما دام السبب متحدًا في الدعويين – تطبيق.
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 16/ 2/ 1999 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب
المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى
رقم 7297 لسنة 48ق بجلسة 19/ 12/ 1998 الذي قضى في منطوقه بالآتي: حكمت المحكمة بإلغاء
القرار السلبي بامتناع الجامعة عن منح المدعية مرتبة الشرف, مع ما يترتب على ذلك من
آثار, ورفضت ما عدا ذلك من طلبات, وألزمت المدعية والجامعة المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق, وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي
القانوني في الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً
وفي الموضوع برفضه, وإلزام المطعون ضدها والجامعة المصروفات مناصفة.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات, ثم قررت
إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره؛ ونفاذًا لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة ونظرته
بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها, وقررت إصدار الحكم بجلسة 30/ 4/ 2008 ثم أعيد
الطعن للمرافعة لجلسة اليوم لتغير تشكيل الهيئة, ثم تقرر حجز الطعن للحكم آخر الجلسة,
وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 24/ 7/ 1994 أودعت المطعون ضدها قلم
كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة صحيفة الدعوى رقم 7297 لسنة 48ق طالبة في ختامها
الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من الامتناع عن تحسين مجموعها
ورفع تقديرها إلى (ممتاز) مع منحها مرتبة الشرف، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكرت المدعية شرحًا لدعواها أن قواعد ولوائح الجامعة تسمح بتحسين مجموعها الذي حصلت
عليه في بكالوريوس الطب عام 1993 بإضافة 1% إلى مجموعها حتى تحصل على تقدير (ممتاز)
غير أن الجامعة رفضت، فأقامت دعواها.
وبجلسة 6/ 12/ 1994 أصدرت المحكمة حكمها في الشق العاجل من الدعوى حيث قضت أولاً –
بعدم جواز نظر الشق العاجل من الدعوى الخاص بمرتبة الشرف لسابقة الفصل في. ثانيًا –
بقبول الشق العاجل من الدعوى الخاص برفع التقدير شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار
المطعون فيه وألزمت المصروفات، وأحالت هذا الشق من الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد
تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا ارتأت فيه: الحكم أولاً – برفض طلب إلغاء القرار
السلبي بالامتناع عن رفع تقدير المدعية في بكالوريوس الطب إلى مرتبة (ممتاز)، وثانيًا
– بإلغاء القرار السلبي بامتناع الجامعة المدعى عليها عن منحها مرتبة الشرف، مع إلزام
المدعية والجامعة المصروفات مناصفة.
وبجلسة 19/ 12/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار السلبي بالامتناع
عن منح المدعية مرتبة الشرف لتوافر الشروط القانونية لمنحها هذه المرتبة. وانتهت المحكمة
إلى قضائها المتقدم.
ولم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الجامعة الطاعنة التي أقامت طعنها ناعية عليه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه، حيث لم تستجب المحكمة إلى الدفع الذي أبدته الجامعة بعدم
جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، حيث سبق للمدعية أن أقامت الدعوى رقم 5879 لسنة
47ق طلبت في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون عليه فيما تضمنه من عدم
اعتبارها حاصلة على بكالوريوس الطب دور ديسمبر 1993 بتقدير عام (جيد جدا) مع مرتبة
الشرف، وبجلسة 23/ 8/ 1994 قضى لها بطلباتها، وقامت الجامعة بتنفيذ الحكم ومنحها مرتبة
الشرف. وهذه الدعوى بذات الطلبات، وهو دفاع من النظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء
نفسها.
ومن حيث إن المادة من قانون الإثبات تنص على أن "الأحكام التي حازت قوة الأمر
المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن
لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم
وتتعلق بذات الحق محلاً وسببًا، وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها".
ومن حيث إنه جرى قضاء هذه المحكمة على أن "مفاد هذا النص أن ثمة شروطًا يلزم توافرها
لجواز قبول الدفع بحجية الأمر المقضي، وهي تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: يتعلق بالحكم،
حيث اشترط لاعتباره جائزًا حجية الأمر المقضي أن تتوافر فيه الشروط الآتية: أولاً –
أن يكون صادرًا عن جهة قضائية. ثانيًا – أن يكون لهذه الجهة ولاية في إصداره بموجب
سلطتها أو وظيفتها القضائية لا سلطتها أو وظيفتها الولائية. ثالثًا – أن يكون الحكم
قطعيًا أي قد فصل في موضوع النزاع سواء في جملته أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة
عنه فصلاً حاسمًا لا رجوع فيه. رابعًا – أن يكون التمسك بالحجية في منطوق الحكم لا
في أسبابه، إلا إذا ارتبطت الأسباب ارتباطًا وثيقًا بالمنطوق بحيث لا يقوم بدون هذه
الأسباب. والقسم الثاني: يتعلق بالحق المدعى به، فيشترط أولاً – أن يكون هناك اتحاد
في الخصوم ويقصد بهذا الشرط الخصوم بصفاتهم وليس بأشخاصهم. ثانيًا – أن يكون هناك اتحاد
في المحل، أي أن تكون المسألة المقضي فيها هي الأساس المشترك في الدعويين. ثالثًا –
أن يكون هناك اتحاد في السبب بأن يكون سبب الدعوى الثانية هو نفسه سبب الدعوى الأولى.
ويتعين التمييز بين السبب والدليل أو وسيلة الإثبات، فالسبب هو الأساس القانوني الذي
تقوم عليه الدعوى، أما وسائل الإثبات فهي الأدلة التي يرتكن إليها المدعي لإثبات السبب،
وعلى ذلك فقد يتحد السبب بين الدعويين وتعدد الأدلة، ومن ثم فلا يحول تعدد الأدلة لإثبات
السبب الواحد دون قيام حجية الأمر المقضي ما دام السبب متحدًا في الدعويين وتوافرت
شرائطهما بالمفهوم السابق.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم فيما يتعلق بالدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها؛
فإن الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها سبق لها أن أقامت الدعوى رقم 5879 لسنة 48ق أمام
محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، وطلبت في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء ذات القرار
المطعون فيه الصادر عن جامعة القاهرة فيما تضمنه من عدم منحها مرتبة الشرف، وبجلسة
23/ 8/ 1994 حكمت المحكمة لها بطلباتها باعتبارها حاصلة على بكالوريوس الطب دور سبتمبر
عام 1993 بتقدير عام (جيد جدًا) مع مرتبة الشرف، وقامت الجامعة بتنفيذ هذا الحكم ومنحتها
مرتبة الشرف، فإذا أقامت المطعون ضدها الدعوى المطعون في حكمها رقم 7292 لسنة 48ق وطلبت
ذات الطلب السابق الفصل فيه؛ فإنه كان يتعين على المحكمة المطعون في حكمها أن تستجيب
للجامعة الطاعنة إذا دفعت بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، أو أن تتصدى هي
من تلقاء ذاتها لهذا الدفع باعتباره دفعًا من النظام العام وتقتضي به لمصادفته صحيح
حكم القانون، احترامًا لحجية الأمر المقضي في النزاع السابق الذي قام بين الخصوم أنفسهم
دون أن تتغير صفاتهم، ولتعلقها بذات الحق محلاً وسببًا، وهو منح الطالبة مرتبة الشرف،
وهو ما قضت به المحكمة مرة أخرى بموجب حكمها المطعون فيه، الذي يكون قد صدر والحال
كذلك مخالفًا لحكم القانون جديرًا بالإلغاء، والقضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل
فيها فيما يتعلق بطلب منح المطعون ضدها مرتبة الشرف، مع ملاحظة أن الحكم المطعون فيه
أشار في الوقائع إلى أن ذات المحكمة المطعون ضدها قضت بذلك إبان نظرها للشق العاجل
من الدعوى، حيث قضت بجلسة 6/ 12/ 1994 أولاً: بعدم جواز نظر الشق العاجل من الدعوى
الخاص بمرتبة الشرف لسابقة الفصل فيه، وهو ما كان يتعين على المحكمة عند نظرها طلب
الإلغاء أن تقضي به كذلك.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصاريفه عملاً بالمادة من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فيما يتعلق بطلب منح المطعون ضدها مرتبة الشرف – على نحو ما هو مبين بالأسباب – ، وألزمتها المصروفات.
