السيد الدكتور/ رئيس هيئة المواد النووية
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم 32/ 2/ 3899
جلسة 14 من يناير 2009
السيد الدكتور/ رئيس هيئة المواد النووية
تحية طيبة وبعد،،،،،،
بالإشارة إلى كتابكم رقم 327 المؤرخ 20/ 5/ 2007، فى شأن النزاع القائم بين هيئة المواد النووية والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات حول مدى تمتع الهيئة بالإعفاء من سداد مقابل الترخيص المنصوص عليه فى المادة من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 ، وإلزام الجهاز برد ما سبق للهيئة أن أدته من هذا المقابل عن السنوات السابقة .و حاصل الواقعات – حسبما يبين من الأوراق – أن هيئة المواد النووية تمتلك أجهزة لاسلكية يتم ترخيصها لدى الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات وتقوم الهيئة بسداد رسوم مقابل الترخيص لها باستخدام هذه الأجهزة ، وأن الهيئة استطلعت الرأى من إدارة الفتوى لوزارات التجارة والصناعة والبترول والكهرباء بشأن أحقيتها فى الإعفاء من رسوم الترخيص المشار إليه ، وفى استرداد ما سبق أن أدته منها للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات عن السنوات السابقة ، حيث انتهت إدارة الفتوى بفتواها رقم 4/ 7/ 674 إلى استفادة الهيئة من الإعفاء من سداد مقابل الترخيص المنصوص عليه بالمادتين (53، 87) من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 وأحقيتها فى استرداد ما دفعته من مقابل ترخيص الأجهزة اللاسلكية عن السنوات السابقة ، وأنه تم مخاطبة الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات بما ورد بالفتوى لتنفيذها ، حيث رد الجهاز على الهيئة برفض إعفاءها من مقابل الترخيص، الأمر الذى حدا بالهيئة إلى طلب عرض النزاع على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع لإصدار رأيها الملزم فى شأنه .
وفى معرض استيفاء الموضوع قامت إدارة الفتوى لوزارات التجارة والصناعة والبترول والكهرباء بمخاطبة الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات للرد على ما جاء بكتاب الهيئة، حيث ورد إلى إدارة الفتوى كتاب الجهاز رقم 24/ 4 المؤرخ 16/ 7/ 2008، والذى أفاد فيه أن هيئة المواد النووية يتخلف فى شأنها مناط الإعفاء الوارد بالمادة من قانون تنظيم الاتصالات لأنها لا تؤدى أياً من خدمات الإغاثة والطوارىء، كما أنها واردة ضمن الهيئات العامة الاقتصادية فى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1039 لسنة 1979 بشأن الهيئات العامة الاقتصادية وصناديق التمويل ذات الطابع الاقتصادى.
نفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة فى 14 من يناير سنة 2009م الموافق 17 من محرم سنة 1430 هـ، فتبين لها أن القانون رقم لسنة2003 بإصدار قانون تنظيم الاتصالات ينص فى المادة الأولى منه على أن " يعمل بأحكام القانون المرافق لتنظيم جميع أنواع الاتصالات إلا ما استثنى بنص خاص فيه أو فى أى قانون آخر أو اقتضاه حكم القانون مراعاة للأمن القومى ، ويلغى كل حكم يخالف أحكام القانون المرافق "، و فى المادة من قانون تنظيم الاتصالات على أن " تنشأ هيئة قومية لإدارة مرفق الاتصالات تسمى " الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات " ويكون للجهاز الشخصية الاعتبارية العامة ويتبع الوزير المختص ويكون مقره الرئيسى محافظة القاهرة أو الجيزة " ،. وفى المادة منه على أن " يهدف الجهاز إلى تنظيم مرفق الاتصالات وتطوير ونشر جميع خدماته على نحو يواكب أحداث ووسائل التكنولوجيا… وعلى الأخص ما يأتى: ـ 1 ـ….. 2ـ…. 3ـ ضمان الاستخدام الأمثل للطيف الترددى وتنظيم العائد منه طبقاً لأحكام هذا القانون…..". و فى المادة منه على أنه " لا يجوز استخدام تردد أو حيز ترددات إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهاز ، ويضع الجهاز الشروط والقواعد اللازمة لمنح هذا الترخيص ، ولا تسرى أحكام هذه المادة على حيز الترددات المخصصة دولياً من الاتحاد الدولى للاتصالات لخدمات يقدمها اتحاد الإذاعة والتليفزيون وحدها دون غيرها من الخدمات الأخرى. كما لا تسرى على الشبكات القائمة التى يستخدمها اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى نقل وتوزيع البرامج الإذاعية والتليفزيونية الخاصة به." وفى المادة منه على أن " يحدد الجهاز مقابل الترخيص باستخدام تردد أو حيز ترددات لخدمات الاتصالات اللاسلكية المختلفة و يعلن
عن هذا المقابل ، ويلتزم بأدائه جميع مستخدمى الطيف الترددى. ولا يسرى حكم الفقرة السابقة على حيزات الترددات المخصصة دولياً من الاتحاد الدولى للاتصالات لخدمات الإذاعة والتليفزيون دون غيرها من الخدمات الأخرى ، كما لا يسرى على الشبكات القائمة بنقل وتوزيع برامج الإذاعة والتليفزيون الخاصة باتحاد الإذاعة والتليفزيون. " وفى المادة منه على أنه "… كما لا تسرى أحكام المادة 59 من هذا القانون على اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمادتين (51، 53) من هذا القانون على خدمات الإغاثة والطوارىء وغيرها من الخدمات التى تقدمها الهيئات الخدمية بالدولة. "
كما تبين للجمعية العمومية أن قرار رئيس الجمهورية رقم 196 لسنة 1977 بإنشاء هيئة المواد النووية ينص فى المادة على أن " تنشأ هيئة عامة تسمى هيئة المواد النووية تكون لها الشخصية الاعتبارية… وتعتبر من المؤسسات العلمية فى تطبيق أحكام القانون رقم 69 لسنة 1973 المشار إليها." وفى المادة منه على أن " تهدف الهيئة فى نطاق السياسة العامة للدولة إلى البحث والكشف والتنقيب عن المواد الخام النووية واستغلالها وتصنيعها وتنظيم تداولها ، ولها فى سبيل تحقيق أهدافها ـ دون غيرها ـ أن تباشر الاختصاصات الآتية:
1ـ اقتراح السياسة العامة ووضع الخطط فى مجال المواد النووية ومتابعة التطور العالمى فى مجال اختصاصها.
2ـ اجراء عمليات المسح الشامل لتحديد المناطق ذات الإمكانيات فى الخامات الذرية.
3ـ إجراء البحوث والدراسات والتجارب للكشف والتنقيب عن الخامات ذات الأهمية فى الطاقة النووية.
4ـ استخراج الخامات الذرية وتصنيعها وإعدادها للتصدير ، وتنظيم تداولها واستيرادها وتصديرها واستخداماتها.
5ـ اقتراح الاتفاقيات وابرام العقود مع الهيئات والشركات المصرية أو العربية أو الأجنبية أو الدولية فى مجالات اختصاصاتها والاتفاق مع الجهات الأخرى فى العمليات المشتركة.
6ـ تدريب وإعداد المتخصصين والأفراد اللازمين وإسناد المنح والبعثات فى حدود القانون. "، و فى المادة منه على أن " تتكون موارد الهيئة من: 1ـ المبالغ المخصصة لها فى موازنة الدولة. 2ـ الإعانات والتبرعات والهبات التى يقبلها مجلس الإدارة. 3ـ ما توفره الدولة للهيئة من قروض.
4ـ أى حصيلة أخرى نتيجة لنشاطها أو نظير الأعمال أو الخدمات التى تؤديها للغير فى الداخل والخارج. "
وتبين للجمعية العمومية أن قانون الموازنة العامة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1973 ينص فى المادة 3 منه والمعدلة بالقانون رقم 11 لسنة 1979على أن " تشمل الموازنة العامة للدولة جميع الاستخدامات والموارد لأوجه نشاط الدولة التى يقوم بها كل من الجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة وصناديق التمويل. ولا تشمل الموازنة العامة للدولة موازنة الهيئات العامة الاقتصادية وصناديق التمويل ذات الطابع الاقتصادى التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويعد بشأنها موازنات مستقلة تقدم من وزير المالية إلى مجلس الوزراء لإحالتها إلى مجلس الشعب لاعتمادها ، وتقتصر العلاقة بين هذه الموازنات المستقلة والموازنة العامة للدولة على الفائض الذى يؤول للدولة وما يتقرر لهذه الموازنات من قروض ومساهمات…" ، وأن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1039 لسنة 1979 بشأن الهيئات العامة الاقتصادية وصناديق التمويل ذات الطابع الاقتصادى ينص فى المادة الأولى منه على أن " تعتبر هيئات اقتصادية فى تطبيق المادة 3 من القانون رقم 53 لسنة 1973المشار إليه الهيئات العامة وصناديق التمويل الآتى بيانها: ـ
1ـ الهيئة الزراعية المصرية…..10 ـ هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء."
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم – وحسبما استقر عليه إفتاؤها – أن المشرع بموجب قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003، أنشأ هيئة عامة لإدارة مرفق الاتصالات، أطلق عليها اسم (الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات) وجعل من بين اختصاصاتها تنظيم وإدارة جميع الشئون المتعلقة باستخدام الطيف الترددي، بغية تحقيق أفضل استخدام لهذا المورد الطبيعي ، وتعظيم العائد منه، وإدخال خدمات الاتصالات اللاسلكية الحديثة، وحظر المشرع استخدام تردد أو حيز ترددات إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهاز المذكور، ووفقًا لما يضعه من قواعد وشروط وما يرسمه من إجراءات، نظير مقابل يحدده، واستثنى المشرع من شرط الحصول على هذا الترخيص، ومن أداء المقابل المحدد له خدمات الإغاثة والطوارئ، كالإسعاف والنجدة والدفاع المدني، وغيرها من الخدمات التى تقدمها الهيئات الخدمية بالدولة.
وتبين للجمعية العمومية أن محاولة الوقوف على الهيئات الخدمية محل الاستثناء الوارد بالمادة المشار إليها من خلال استظهار الطبيعة الخدمية لهذه الهيئات يقتصر أثره على بيان الهيئات
المقصودة فى مفهوم هذه المادة ولا يتعدى ذلك إلى وضع وصف منضبط واحد أو تحديد لطبيعة الهيئات العامة الخدمية بصفة قاطعة خارج حدود ما يستلزمه تطبيق حكم المادة المذكورة، ذلك أن مناط الإعفاء الوارد بالمادة سالفة الذكر لا يغير من وصف الهيئة الثابت لها وفقاً لنصوص أخرى وما إذا كانت هيئة خدمية أم اقتصادية بحيث يلازمها هذا الوصف في كل أنشطتها، وإنما غاية هذا المناط أن تعتبر الهيئة هيئة خدمية تستحق الإعفاء وفقاً لحكم المادة من قانون تنظيم الاتصالات المشار إليها.
كما استظهرت الجمعية العمومية حقيقة قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1039 لسنة 1979 بشأن الهيئات الاقتصادية وصناديق التمويل ذات الطابع الاقتصادي حيث تبين لها أن هذا القرار لا يملك بأى حال من الأحوال إضفاء صفة " اقتصادية " على أي من الهيئات العامة القائمة وذلك لأن الهيئات العامة تنشأ بحسب الأصل وفقًا لقانون الهيئات العامة رقم 61 لسنة 1963 بقرار جمهوري يتضمن اسم الهيئة والغرض الذي أنشئت من أجله، ولا يجوز لقرار رئيس مجلس الوزراء أن يعدل فى هذا القرار أو يضيف إليه فلا يمنح صفة لإحدى الهيئات ولا ينزع من إحداها صفة، وأنه لا يغير من ذلك القول أن المشرع بالمادة من القانون رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة فوض رئيس مجلس الوزراء في تحديد الهيئات الاقتصادية، إذ أن هذا التفويض مقصور على تحديد الهيئات الاقتصادية في مجال تطبيق نص المادة من القانون سالفة البيان والتي أفصحت عن عدم شمول الموازنة العامة للدولة موازنات الهيئات العامة الاقتصادية وصناديق التمويل ذات الطابع الاقتصادى التى يتم تحديدها بقرار من رئيس مجلس الوزراء، ومما يؤكد هذا النظر أن قرار رئيس مجلس الوزراء نص فى مادته الأولى على أن: "تعتبر هيئات اقتصادية فى تطبيق نص المادة من القانون رقم 53 لسنة 1973" وهو ما يفصح عن أن القرار المذكور التزم حدود التفويض فعدد الهيئات الواردة به كهيئات اقتصادية في مجال تطبيق نص المادة من القانون سالف البيان.
ولما كان ذلك ، وكان الثابت من استعراض أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 196 لسنة 1977 بإنشاء هيئة المواد النووية ، أن الهيئة تهدف إلى البحث والكشف والتنقيب عن المواد الخام النووية وتصنيعها واستغلالها وتنظيم تداولها وذلك فى نطاق السياسة العامة للدولة ، وذلك عن طريق قيامها باقتراح السياسات ووضع الخطط، والقيام بعمليات المسح الشامل للبحث عن الخامات الذرية وإجراء البحوث والدراسات اللازمة للكشف والتنقيب، وذلك كله محض خدمات عامة تضطلع بها الهيئة المذكورة، دون أن تهدف فى الأصل من وراء ذلك إلى تحقيق الربح، ومن ثم فإن هيئة المواد النووية
تعتبر من الهيئات الخدمية فيما يتعلق بالإعفاء المنصوص عليه فى المادة من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 إعمالاً لما تواتر عليه إفتاء الجمعية العمومية فى خصوص الهيئات الخدمية.
ولا يغير مما تقدم كون موارد الهيئة تشتمل على الإيرادات الناتجة عن مباشرة نشاطها والأتعاب المستحقة نظير الأعمال التى تؤديها للغير ، لأن ذلك ليس من شأنه أن يغير من الطبيعة القانونية للهيئة ، هذا فضلاً عن أنه ليس من المحظور على الهيئات العامة بالدولة أن تحقق بعض الموارد التى تعينها أو تعين الدولة على الوفاء بالتزاماتها طالما كان هناك مسوغ قانونى صحيح يرخص لها بذلك، وكان هدفها الأساسى إدارة المرفق العام والاضطلاع بالخدمة العامة المنوطة بها، وليس تحقيق الربح.
كما استعرضت الجمعية العمومية طلب هيئة المواد النووية استرداد ما سبق أن أدته من مقابل للترخيص باستخدام الطيف الترددى عن السنوات السابقة، حيث تبين لها أن القانون المدنى ينص فى المادة على أن " كل من تسلـم على سبيل الوفـاء ما ليـس مستحقاً لـه وجـب عليـه رده…" وفى المادة على أن " يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لالتزام لم يتحقق سببه أو لالتزام زال سببه بعد أن تحقق ".
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن المشرع ألزم كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقاً له رد ما أخذه بدون حق إلى الموفى، وهذا تطبيق خاص للقاعدة العامة فى الإثراء بلا سبب لأن التزام من حصل له الوفاء بالرد لا يقوم على فعل صادر منه، ولأنه باستيفائه ما لا حق له فيه يكون قد أثرى على حساب الموفى بدون سبب، فالأمر يتعلق بوفاء تخلف أحد أركانه وهو ركن السبب، فتخلف السبب هو الذى جعل الوفاء دفعاً لدين غير مستحق يستوى فى ذلك أن يكون هذا السبب لم يتحقق أو يكون قد زال بعد أن تحقق.
ولما كان الثابت من الأوراق أن الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات قد حصل رسوم مقابل الترخيص باستعمال الطيف الترددى من هيئة المواد النووية، وهى رسوم غير واجبة على الخدمــات
التى تؤديها هيئة المواد النووية ، فإن الجهاز يكون قد قام بتحصيل ما ليس مستحقاً له ويتعين عليه رده.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى تمتع هيئة المواد النووية بالإعفاء من مقابل الترخيص المنصوص عليه بالمادة من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 باعتبارها من الهيئات الخدمية فى حكم المادة المذكورة، وإلزام الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات برد ما سبق أن حصله من رسوم مقابل الترخيص لها باستخدام الطيف الترددى عن الأعوام السابقة.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
| رئيس المكتب الفني المستشار/ محمد عبد العليم أبو الروس نائب رئيس مجلس الدولة |
رئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع المستشار/ محمد أحمد الحسيني النائب الأول لرئيس مجلس الدولة |
