الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 10489 لسنة 47 ق عليا – جلسة 02 /04 /2008 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
في السنة الثالثة والخمسون – الجزء الثاني – من أول أبريل سنة 2008 إلى آخر سبتمبر سنة 2008 صـ 939


جلسة 2 من أبريل سنة 2008
الطعن رقم 10489 لسنة 47 القضائية عليا
(الدائرة السادسة)

السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ سامي أحمد محمد الصباغ ومحمد محمود فرج حسام الدين ومحمد البهنساوى محمد الرمام وحسن عبد الحميد البرعي وحسن سلامة أحمد محمود ود/ حمدي حسن محمد الحلفاوي نواب رئيس مجلس الدولة.
( أ ) تراخيص – ترخيص بشغل مسكن مؤقت في حالات الطوارئ – التهجير من مدن القناة وقت الحرب – مناط وحدود شغل المسكن المؤقت.
المادة من القانون رقم لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر – المادتان ومن اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادر بقرار وزير الإسكان والتعمير رقم لسنة 1978.
تصريح الإشغال المؤقت الذي تصدره إحدى الجهات الإدارية لأحد المواطنين بشغل أي من وحدات الإشغال المؤقت بسبب الحروب أو الظروف الطارئة لا يعد من عقود إيجار القانون الخاص التي تخضع لأحكام القانون رقم لسنة 1977 المشار إليه – يخضع هذا التصريح لنظام قانوني خاص به – يراعى في إصدار هذا التصريح حجم الأسرة وقدرتها المالية مع تحديد مقابل الانتفاع المؤقت بما لا يزيد عن الأجرة القانونية للسكن الذي يصرح بإشغاله – تخلي المساكن التي يتم شغلها بمجرد زوال السبب الذي صدر التصريح بناءً عليه – يصدر بالإخلاء قرار من السلطة التي أصدرت قرار الإشغال المؤقت – مؤدى ذلك: يتم الإخلاء بأسلوب القانون العام والسلطة العامة – تطبيق.
(ب) قانون – جواز الاسترشاد بأحكام قانون صدر بعد تحقق واقعة النزاع ابتغاء الوقوف على نية المشرع وقصده.
يمكن الاسترشاد بأحكام قانون صدر بعد تحقق واقعة النزاع ابتغاء الوقوف على نية المشرع وقصده وكيفية معالجته للمسألة محل النزاع – تطبيق


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 11/ 8/ 2001 أودع الأستاذ/ …….. المحامي نائبًا عن الأستاذ/ ……. المحامي المقبول للمرافعة أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 10489 لسنة 47ق. ع في الحكم الصادر بجلسة 17/ 6/ 2001 عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعويين رقمي 2351 لسنة 18ق و448 لسنة 19ق الذي قضى في منطوقه ولما ورد به من أسباب بعدم قبول الدعوى رقم 2351 لسنة 18ق لرفعها بعد الميعاد, وبقبول الدعوى رقم 448 لسنة 19 شكلاً, وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه إخلاء الشقة التي يقطنها بمدينة دمياط على النحو الوارد بأسبابه وإلزامه مصروفات الدعويين.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن ولما أورده من أسباب تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن, وبإحالته إلى دائرة الموضوع بذات المحكمة لتقضي فيه بقبوله شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء في الدعوى رقم 2351 لسنة 18ق بقبولها شكلاً وبإلغاء القرار الصادر عن رئيس مجلس مدينة دمياط رقم 54 لسنة 1993 فيما تضمنه من إلزام المدعي إخلاء الشقة رقم 11 عمارة رقم 5 المنتزه دمياط, مع ما يترتب على ذلك من آثار, والقضاء في الدعوى رقم 448 لسنة 19ق برفضها موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها وذلك على النحو الثابت بمحاضر الإعلان.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات, حيث قررت إحالته إلى الدائرة السادسة (موضوع) بذات المحكمة, التي نظرته أمامها بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حتى قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم, حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
حيث إن الطاعن يطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى رقم 2351 لسنة 18ق شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وبقبولها وإلغاء القرار رقم 54 لسنة 1993 فيما تضمنه من إلزام المدعي (الطاعن) إخلاء الشقة رقم 11 عمارة رقم 5 المنتزه مدينة دمياط، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفيما قضى به الحكم المطعون فيه في الدعوى رقم 448 لسنة 19ق من إلزام المدعي عليه (الطاعن) إخلاء الشقة سالفة الذكر، والقضاء برفض هذه الدعوى، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذا المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن الطاعن كان قد أقام ضد المطعون ضدهما الدعوى رقم 528 لسنة 54ق أمام محكمة القضاء الإداري ببور سعيد بإيداع عريضتها قلم كتابها بتاريخ 6/ 2/ 1995، وطلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مجلس مدينة دمياط رقم 54 لسنة 1993 فيما تضمنه من إخلائه من الشقة رقم 11 عمارة رقم 5 بالمنتزه بدمياط، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المدعي عليها المصروفات.
وقال المدعي شرحًا لدعواه: أنه يقطن وأسرته بالشقة سالفة الذكر بعد أن قام بشرائها من مالكها المدعو/ …….. منذ عام 1973، وبعد موافقة مجلس مدينة دمياط على ذلك بموجب كتابه رقم 716 لسنة 1975، إلا أنه نما إلى علمه أن رئيس مجلس مدينة دمياط أصدر القرار رقم 54 لسنة 1993 بإخلائه وأسرته من هذه الشقة، وذلك بزعم أن مجلس مدينة دمياط قد رخص له بالإقامة فيها بصفة مؤقتة باعتباره من مهجري مدينة بورسعيد أثناء حرب أكتوبر سنة 1973، وقد زال سبب الترخيص له بها وعاد المهجرون إلى بورسعيد.
وينعي المدعي على هذا القرار مخالفته للقانون؛ لأنه اشترى هذه الشقة وأصبح مالكًا لها بعد موافقة مجلس مدينة دمياط، الأمر الذي حداه على إقامة هذه الدعوى للحكم له بطلباته التي أوردها في ختام عريضتها.
هذا وقد أقام المطعون ضده الثاني (رئيس مجلس مدينة دمياط) بصفته الدعوى رقم 448 لسنة 19ق ابتداء أمام محكمة دمياط الابتدائية بعريضة أودعها قلم كتابها بتاريخ 24/ 8/ 1994، قيدت بجدولها برقم 569 لسنة 1994، وطلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه إخلاء الشقة سالفة الذكر التي رخص له بالإقامة فيها بموجب ترخيص إشغال مؤقت؛ وذلك لزوال سبب الترخيص، وإلزامه المصروفات.
وقال المدعي – بصفته – شرحًا لدعواه رقم 448 لسنة 19ق: إنه بموجب تصريح بالإشغال المؤقت رخص للمدعى عليه (الطاعن) بشغل الشقة سالفة الذكر، وذلك إبان الحرب بين مصر وإسرائيل، وما ترتب عليها من تهجير بعض المواطنين بمدن القناة، وقد شغل المدعى عليه المذكور هذه الشقة باعتباره أحد مهجري الحرب، ونظرًا إلى انتهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل عاد المهجرون إلى بلادهم بمدن القناة، وبالتالي زال سبب إشغال المدعى عليه لهذه الشقة، الأمر الذي كان يتعين عليه إخلاؤها، إلا أنه رفض ذلك، الأمر الذي حدا الجهة الإدارية على إصدار قرارها رقم 54 لسنة 1993 بإلزام المدعى عليه إخلاء هذه الشقة، وكذلك إقامة تلك الدعوى لإصدار حكم قضائي بإخلائها. واختتم المدعي بصفته عريضة دعواه بطلباته سالفة البيان.
وتدوول نظر الدعوى الأولى أمام محكمة القضاء الإداري ببورسعيد، حتى قررت إحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للاختصاص، وقيدت بجدولها برقم 2351 لسنة 18ق.
وتدوول نظر الدعوى الثانية أمام محكمة دمياط الابتدائية حتى قررت إحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة للاختصاص، وقيدت بجدولها برقم 448 لسنة 19ق.
وتدوول نظر الدعويين أمام هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري بالمنصورة التي أعدت تقريرًا بالرأي القانون في الدعوى رقم 2351 لسنة 18ق ارتأت فيه الحكم بعدم قبول تلك الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد. كما أعدت تقريرًا بالرأي القانوني في الدعوى رقم 448 لسنة 19ق ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه إخلاء الشقة سالفة الذكر مع إلزامه بالمصروفات.
وتدوول نظر الدعويين أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت المحكمة بجلسة 21/ 2/ 2001 ضم الدعوى رقم 448 لسنة 19ق إلى الدعوى رقم 2351 لسنة 18ق ليصدر فيهما حكم واحد.
وبجلسة 17/ 6/ 2001 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة حكمها في الدعويين الذي قضى بعدم قبول الدعوى رقم 2351 لسنة 18ق شكلاً لرفعها بعد الميعاد؛ على أساس أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 54 لسنة 1993 الصادر عن رئيس مجلس مدينة دمياط صدر بتاريخ 12/ 12/ 1993 وسلم المدعي هذه الشقة إلى مجلس المدينة بذات التاريخ، وإذ أقام المدعي هذه الدعوى بتاريخ 6/ 2/ 1995 أي بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فإن هذه الدعوى تكون مقامة بعد الميعاد، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبولها شكلاً.
كما قضى هذا الحكم في الدعوى رقم 448 لسنة 19ق بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه إخلاء الشقة سالفة الذكر؛ وذلك على أساس أن الثابت أن جهة الإدارة المدعية قامت بتسكين المدعى عليه بشقة النزاع بموجب ترخيص إشغال مؤقت باعتباره من مهجري مدينة بورسعيد بسبب الحرب بين مصر وإسرائيل عام 1973، وقد انتهت الحرب وزال سبب إشغاله لها، الأمر الذي كان يتعين عليه إخلاؤها، ونظرًا إلى أنه امتنع عن ذلك لذا أصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 54 لسنة 1993 بإلزامه بإخلائها، الأمر الذي يكون معه هذا القرار قد صدر مطابقًا للقانون، ويتعين على المدعي إخلاء تلك الشقة.
ونظرًا إلى أن هذا الحكم لم يلق قبولاً لدى الطاعن فقد أقام الطعن الماثل ناعيًا على قضائه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره بالنسبة لقضائه في الدعوى رقم 2351 لسنة 18ق، حيث ذكر الطاعن أنه لم يسلم الوحدة سالفة الذكر للجهة الإدارية المطعون ضدها، بل إنها ما زالت في حيازته ينتفع بها، وقد سافر إلى ليبيا أثناء صدور القرار المطعون فيه ولم يعلم بصدوره إلا بتاريخ إقامته لتلك الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري ببورسعيد بتاريخ 6/ 2/ 1995، ولم تجحد تلك الإدارة ذلك ولم تقدم ما يفيد علمه بهذا القرار في تاريخ سابق على 6/ 2/ 1995، ومن ثم فإنها تكون قد أقيمت في الميعاد المنصوص عليه في المادة 24 من قانون مجلس الدولة، ومن ثم تكون مقبولة شكلاً، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول تلك الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد قد صدر مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء والقضاء بقبول تلك الدعوى شكلاً، والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
كما عاب الطاعن على هذا الحكم قضاءه في الدعوى رقم 448 لسنة 19ق بإلزامه إخلاء الوحدة سالفة الذكر؛ وذلك لأنه لم يشغلها بسبب الحرب كما تزعم الجهة الإدارية، ولكنه اشتراها من المواطن/ …..منذ عام 1973، وبالتالي لا يجوز إخلاؤه من هذه الوحدة. وعلى فرض أنه لم يشترها فإنه يشغلها بناء على تعاقد خاص مع مجلس مدينة دمياط، ويسدد إيجارها الشهري ومقابل استهلاك المياه الكهرباء، وبالتالي لا يجوز لمجلس مدينة دمياط إخلاؤه منها، ويكون القرار رقم 54 لسنة 1993 بإلزامه إخلاءها قد صدر مخالفًا للقانون؛ لأنه استخدم أسلوب السلطة العامة لفسخ علاقة تعاقدية بينه وبين مجلس المدينة بشأن هذه الشقة في الوقت الذي كان يتعين عليه اللجوء إلى القاضي المدني للفصل في هذا النزاع، الأمر الذي يكون معه القرار سالف الذكر قد صدر مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء.
ومن حيث إنه عن مدى قبول الدعوى رقم 2351 لسنة 18ق شكلاً فإنه ولئن كان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 54 لسنة 1993 بإخلاء الطاعن من الوحدة السكنية سالفة الذكر صدر بتاريخ 12/ 12/ 1993، إلا أن الجهة الإدارية لم تقدم ما يفيد علم الطاعن بهذا القرار في تاريخ سابق على تاريخ إقامته هذه الدعوى ابتداء أمام محكمة القضاء الإداري ببورسعيد بتاريخ 6/ 2/ 1995، خصوصًا أن الثابت كذلك أن الطاعن كان موجودًا بالجماهيرية الليبية وذلك قبل صدور هذا القرار وبعد صدوره، وذلك حسبما هو ثابت بوثيقة سفره التي قدمها بحافظة مستنداته التي أرفقها تقرير طعنه، الأمر الذي تكون معه دعواه قد أقيمت في الميعاد المنصوص عليه في المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبولها شكلاً، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإنه يكون قد صدر مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء والقضاء بقبول تلك الدعوى شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع؛ فإن المادة رقم من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأخير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر تنص على أنه "لا تسري أحكام هذا الباب على أ – ……. ب – المساكن التي تشغل بتصاريح إشغال مؤقتة لمواجهة حالات الطوارئ والضرورة. ويصدر بتحديد تلك الحالات وشروط الانتفاع بهذه المساكن قرار من وزير الإسكان والتعمير".
وتنص المادة من قرار وزير الإسكان والتعمير رقم 99 لسنة 1978 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر على أن: "حالات الطوارئ والضرورة المنصوص عليها في البند (ب) من المادة من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه هي: الكوارث الطبيعية الحروب…".
وتنص المادة من ذات القرار على أن "تصدر تصاريح الإشغال في الحالات المنصوص عليها في المادة السابقة، إما بذات المدينة أو القرية التي يقيم السكان فيها…. ويراعي في إصدار تاريخ الإشغال المؤقت حجم الأسرة المنقولة وقدرتها المالية، مع تحديد مقابل الانتفاع المؤقت بما لا يزيد عن الأجرة القانونية للسكن الذي يصرح بإشغاله…. وتخلي المساكن التي يتم شغلها بمجرد زوال السبب الذي صدر بناء عليه التصريح بالإشغال المؤقت، ويصدر بالإخلاء قرار من السلطة التي أصدرت قرار الإشغال المؤقت، ويجب أن يتضمن هذا القرار الميعاد المحدد الذي ينفذ فيه الإخلاء".
ومن حيث إنه ولئن كان قانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر ولائحته التنفيذية سالفة الذكر صدرا بعد صدور التصريح المؤقت للطاعن بشغل الوحدة سالفة الذكر، إلا أنه يمكن الاسترشاد بهما لاستيضاح نية المشرع وقصده وكيفية معالجته للوحدات التي تشغل إشغالاً مؤقتًا بسبب الحرب بين مصر وإحدى الدولة الأجنبية، حيث استثنى المشرع المساكن التي تشغل بتصاريح إشغالات مؤقتة، وذلك لمواجهة حالات الضرورة من الخضوع لأحكامه. وقد أصدر وزير الإسكان والتعمير القرار رقم 99 لسنة 1978 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون إيجار الأماكن سالف الذكر ببيان حالات الطوارئ والضرورة ومنها حالة الحرب، ونص على أن تكون هذه التصاريح في ذات المدينة أو القرية، ويراعي في إصدارها حكم الأسرة المصرح لها وقدرتها المالية وتحديد مقابل الانتفاع المؤقت، وأن يكون شغل هذه الأماكن مرتبطًا بالسبب الذي تم شغلها من أجله، فإذا زال سبب الإشغال تعين على شاغلي هذه الأماكن إخلاؤها، ويصدر بالإخلاء قرار من السلطة المختصة التي أصدرت قرار الإشغال، مع تحديد الميعاد الذي يجب على شاغلي هذه الوحدات أن تقوم بالإخلاء خلاله.
ومن حيث إنه يستفاد من النصوص المتقدمة أن المشرع لم يعتبر تصاريح الإشغال المؤقتة التي تصدرها الجهات الإدارية لأحد المواطنين يشغل أي من وحدات الإشغال المؤقت بسبب الحروب أو الظروف الطارئة والتي لم يعتبرها المشرع عقدًا من عقود إيجار القانون الخاص التي تخضع لأحكام القانون سالف الذكر ولائحته التنفيذية، وإنما أخضعها لنظام قانوني خاص بها، بحيث يتعين على شاغلي تلك الوحدات إخلاؤها بعد انتهاء حالة الحرب، وأن يكون الإنهاء والإخلاء بقرار من الجهة الإدارية التي أصدرت قرار التصريح، أي باستخدام أسلوب القانون العام والسلطة العامة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن يشغل الشقة رقم 11 بالبلوك رقم 5 بالمنتزه بمدينة دمياط، وذلك بموجب ترخيص الإشغال المؤقت ابتداء من 1/ 4/ 1975 ولمدة عام، وذلك من مجلس مدينة دمياط عقب الحرب بين مصر وإسرائيل في 6 أكتوبر عام 1973 وما ترتب عليها من تهجير المواطنين من محافظات القناة، ولأن الطاعن كان من مواطني محافظة بورسعيد ويعمل بها؛ فإنه شغل المسكن (محل التداعي) بسبب التهجير. ولما كان البند الثاني من ترخيص الإشغال المؤقت الخاص بالطاعن ينص على أن مدة الترخيص سنة واحدة تبدأ من تاريخ توقيعه قابلة للتجديد لمدة أخرى ما لم يعلن المرخص له رغبته في عدم التجديد قبل انتهاء مدته بخمسة عشر يومًا. ونص البند الرابع من هذا التصريح على: "هذا الترخيص شخصي، ولا يجوز للمرخص له التنازل عنه للغير تنازلاً كليًا أو جزئيًا، كما لا يجوز له التأجير من الباطن". ونص البند من هذا التصريح على أنه "في حالة انتهاء الترخيص سواء لانتهاء مدته وعدم تجديدها أو لسحبه من جانب المرخص في الأحوال المبينة بالبند السابق أو عند انتهاء سبب التصريح يجب على المرخص له أن يسلم العين للمرخص بالحالة التي كانت عليها وقت الترخيص…. فإذا تأخر المرخص له في تسليم العين في الموعد يلتزم بدفع مبلغ خمسة مئة مليم يوميًا عن كل يوم من أيام التأخير، وللمرخص اتخاذ إجراءات الحجز الإداري للحصول على مستحقاته، فضلاً عن حقه في إخلاء العين بالطريق الإداري بدون مسئولية المرخص".
وبناء على ما تقدم؛ فإنه لما كان الطاعن قد انتفع بالعين (محل التداعي) بموجب تصريح إشغال مؤقت بسبب ظروف تهجيره من مدينة بورسعيد إلى دمياط بسبب حرب أكتوبر سنة 1973، وقد زالت هذه الظروف وعاد المهجرون إلى بلادهم، فمن ثم يكون سبب شغل الطاعن لهذه العين قد زال. فضلاً عن أن مدة الترخيص بالانتفاع منها قد انقضت في جميع الأحوال لعدم تجديدها بانتهاء أكثر من عام بعد بدء الانتفاع بها في عام 1975، ومن ثم فإن الطاعن كان يتعين عليه أن يسلمها بالحالة التي تسلمها بها عند بدء الانتفاع بها إلى المرخص، ونظرًا إلى عدم قيامه بالتسليم بإرادته فإنه يحق لرئيس مجلس مدينة دمياط الذي أصدر قرار التصريح بالإشغال أن يخلي هذه العين بالطريق الإداري، دون أدنى مسئولية على الجهة الإدارية، وبناء عليه فإنه إذا أصدر رئيس مجلس مدينة دمياط قراره رقم 54 لسنة 1993، بإخلاء الطاعن من هذه العين بالطريق الإداري، فإن هذا القرار يكون قد صدر مطابقًا للقانون، ويضحى طلب إلغائه بالدعوى التي أقامها الطاعن برقم 3251 لسنة 18ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة خليقًا بالرفض، وعلى الجانب الآخر تكون دعوى الجهة الإدارية التي أقامتها ضد الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة برقم 448 لسنة 19ق لإلزامه إخلاء هذه العين في محلها، قائمة ومتفقة مع أحكام القانون؛ ويضحى طلب الطاعن إلغاء هذا القضاء بالطعن الماثل غير قائم على سند من الواقع والقانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول الدعوى رقم 2351 لسنة 18ق شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وقضى في الدعوى رقم 448 لسنة 19ق بقبولها شكلاً وإلزام المدعى عليه (الطاعن) إخلاء العين (محل التداعي) وتسليمها إلى مجلس مدينة دمياط وإلزام المدعى عليه المصروفات، فإن هذا الحكم المطعون فيه يكون قد صدر مخالفًا للقانون بالنسبة لما قضى به في الدعوى الأولى، ويتعين الحكم بإلغائه والقضاء بقبول هذه الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا وإلزام المدعي (الطاعن) المصروفات. ومن جانب آخر يكون هذا الحكم قد صدر مطابقًا للقانون فيما قضى به بالدعوى الثانية ويضحى طعن الطاعن عليه غير قائم على سند من القانون خليقًا بالرفض، مع إلزام الطاعن المصروفات وذلك عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى رقم 2351 لسنة 18ق من عدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وبقبولها شكلاً ورفضها موضوعًا، وبرفض الطعن على هذا الحكم فيما قضى به في الدعوى رقم 448 لسنة 19ق على نحو ما هو موضح بالأسباب، وألزمت الطاعن مصروفات الطعن

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات