السيد/ رئيس حي شرق شبرا الخيمة
بســـم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
ملف رقم 32/ 2/ 3871
جلسة 18 من فبراير 2009
السيد/ رئيس حي شرق شبرا الخيمة
تحية طيبة وبعد،،،،،،
بالإشارة إلى كتابكم رقم 7109 المؤرخ 23/ 12/ 2007 في شأن النزاع القائم بين حي شرق شبرا الخيمة وهيئة النقل العام بالقاهرة حول سداد مبلغ 1349460 جنيهًا مقابل الانتفاع بقطعة الأرض المقام عليها مبنى محطة محولات الترام بشارع 15 مايو بشبرا الخيمة لمدة سبعة عشر عامًا اعتبارًا من عام 1990.وحاصل الوقائع – حسبما يبين من الأوراق – أنه بمناسبة إنشاء شارع 15 مايو ببهتيم بشبرا الخيمة تخلف عن رصف الشارع مساحة قدرها 378 مترًا مربعًا بالقطعة رقم 38 بحوض مقبل رقم 25، وأنه عند مد خطوط الترام لحي شرق شبرا الخيمة قامت هيئة النقل العام بالقاهرة بإنشاء مبنى محولات للترام على القطعة المذكورة وذلك في عام 1990، وأنه نظرًا لانتهاء حاجة مدينة شبرا الخيمة لهذا المرفق صدر قرار محافظ القليوبية رقم 424 لسنة 2000 برفع خطوط الترام والأعمدة القائمة لخدمته، واستجابت الهيئة لهذا القرار وقامت بفصل تيار الضغط المتوسط عن محطة كهرباء شبرا الخيمة، إلا أن جميع أجهزة المحطة ظلت موجودة بالمبنى الذي أقامته الهيئة لعدم وجود مكان آخر مناسب لتشوينها، وهو ما أفادت به الهيئة حين طلب منها الحي تسليم الموقع وذلك بكتابها المؤرخ 29/ 11/ 2000، وردًا على تكرار المطالبة بالتسليم أفادت الهيئة بكتابها المؤرخ 5/ 1/ 2004 أنه لا مانع من التسليم للموقع في حالة سداد تكاليف إنشاء المبنى وقدرها 205310 جنيه، فقام الحي بعرض الأمر على المحافظ مطالبًا بتكليف اللجنة المختصة بتقدير سعر المتر حتى يتسنى حساب مقابل انتفاع عن المساحة المذكورة، حيث تم تقدير سعر المتر بمبلغ 3000 جنيه، وتكليف إدارة الإيرادات بالحي بتحصيل مقابل الانتفاع بواقع 7% من سعر المتر سنويًا اعتبارًا من عام 1990 وحتى تاريخ تسليم الموقع، وإذ لم تقم هيئة النقل العام بالقاهرة بسداد مقابل الانتفاع، فقد ارتأيتم طلب عرض النزاع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع لإصدار رأيها الملزم في شأنه.
وردًا على موضوع النزاع أرسلت هيئة النقل العام بالقاهرة كتابها المؤرخ 8/ 4/ 2008 إلى إدارة الفتوى المختصة والذي انتهى إلى طلب إلزام حي شرق شبرا الخيمة بسداد مبلغ 205310 جنيه قيمة إنشاء مبنى المحولات واحتياطيًا بإجراء المقاصة بين هذا المبلغ وما قد يكون مستحقًا للحي من مقابل انتفاع اعتبارًا من تاريخ إلغاء الترام في 19/ 5/ 2000 وليس من تاريخ تشغيله في عام 1990، وإحالة الموضوع إلى مكتب خبراء وزارة العدل لتحديد سعر المتر المتخذ أساسًا لتحديد مقابل الانتفاع وتحديد الوقت المعتد به في تحديد سعر المتر، وبيان الأساس القانوني لتحديد مقابل الانتفاع، وأرفق بهذا الكتاب كتاب مدير عام الشبكات والمحطات بالإدارة المركزية للترام بالهيئة والذي يفيد أنه لا يوجد مكان آخر لنقل المحولات، وأن الهيئة لا تزال تستعمل المبنى موضوع النزاع في حفظ محولات الترام.
نفيد أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 18من فبراير سنة 2009 الموافق 23 من صفر سنة 1430 هـ، فتبين لها أن القانون المدني ينص في المادة على أن "1 – تعتبر أموالاً عامة، العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، 2 – وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم"، وينص في المادة منه على أن "تفقد الأموال العامة صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، وينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل، أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة". وأن المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة تنص على أن "تسرى أحكام هذا القانون على أملاك الدولة الخاصة"، وأن الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون المذكور تنص على أن "تتولى وحدات الإدارة المحلية كل في نطاق اختصاصها إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي المعدة للبناء المملوكة لها أو للدولة،……".
كما تبين للجمعية العمومية أن المادة من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 تنص على أن "تشمل موارد المدينة ما يأتي: – …..، سابعًا: المقابل الذي يفرضه المجلس على الاستغلال أو الانتفاع بالمرافق العامة التابعة للمدينة أو التي تديرها الأجهزة التنفيذية فيها أو على استعمال واستغلال الأملاك العامة التي تديرها المدينة…."، وأن المادة من القانون المذكور تنص على أن "يتولى كل حي من أحياء المدينة في نطاقه تحصيل الموارد المنصوص عليها في المادة لحساب المدينة…………".
وطالعت الجمعية العمومية المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 2716 لسنة 1966 بإنشاء هيئة النقل العام في القاهرة والتي تنص على أن "……………. تتولى هيئة النقل العام لمدينة القاهرة دون غيرها إدارة واستغلال كافة مرافق النقل العام للركاب بالقاهرة الكبرى ويكون لها في سبيل تحقيق أغراضها إقامة واستغلال المنشآت الملحقة أو المرتبطة أو المتممة لمرفق النقل العام للركاب لمدينة القاهرة".
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم – وعلى ما جرى عليه إفتاؤها – أن الأموال العامة هي تلك العقارات المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، وأن الأصل في ملكية الدولة ملكية عامة أنها تستهدف إدارة المرافق العامة التي تضطلع بأعبائها، وأن نقل الانتفاع بالمال العام بين أشخاص القانون العام يكون بنقل التخصيص والإشراف الإداري على هذه الأموال وهو ما تترخص فيه الجهة التي لها الإشراف الإداري على هذه الأموال باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل في ذلك، وهو ما تملكه أيضًا الجهة الإدارية المسند إليها إدارة واستغلال والتصرف في المال المملوك للدولة ملكية خاصة، وذلك إذا ما ارتأت تخصيصه لمنفعة عامة تشرف عليها جهة إدارية أخرى، وأن الانتفاع بالمال العام يكون بدون مقابل بحسب الأصل وكذلك نقل الانتفاع به بين أشخاص القانون العام لأنه لا يعد تصرفًا في المال العام، فالمال العام يخرج عن دائرة المعاملات، واستثناء من ذلك يكون للجهة العامة أن تقرر أن يكون الانتفاع بالمال العام في الغرض الذي أعد له بمقابل شريطة أن يكون هذا المقابل رهينًا بموافقة الجهة المستفيدة، وأن مصدر الالتزام بأداء المقابل في هذه الأحوال لا يتأتى من مجرد نقل التخصيص من وجه من وجوه المنفعة العامة التابع لإحدى الجهات العامة إلى وجه آخر تابع لجهة أخرى من الجهات العامة، وإنما يتأتى مصدر التزام الجهة المنقول إليها الإشراف على المال العام من موافقتها على أداء هذا الالتزام الذي انصرفت إليه إرادتها خالصة صريحة، وذلك تطبيقًا للقواعد العامة في العقود والتي تقضي بضرورة الالتزام بما انعقدت عليه إرادة الطرفين.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن قطعة الأرض محل النزاع والبالغ مساحتها 378 مترًا مربعًا والكائنة بالقطعة رقم 38 بحوض مقبل رقم 25 بحي شرق شبرا الخيمة تم تخصيصها للمنفعة العامة ضمن مشروع مد خطوط الترام بشارع 15 مايو عام 1990 وقامت هيئة النقل العام بالقاهرة المسند إليها القيام بالمشروع وإدارته بإقامة محطة محولات عليها لخدمة الترام، ولم يكن هناك اتفاق بين الحي والهيئة على أن يكون الانتفاع بالقطعة المذكورة بمقابل، وأن الهيئة استمرت في استعمال المبنى المقام على الأرض في حفظ المحولات بعد أن تم إلغاء خطوط الترام ورفعها لعدم وجود مكان آخر لتشوينها وذلك للمحافظة عليها من التلف، وحيث إن المحافظة على المال العام في الحالة المعروضة تعد من أغراض النفع العام وذلك بالرغم من إلغاء مشروع الترام حسبما سلف البيان، ومن ثم فإن استمرار الأرض تحت يد الهيئة واستعمالها في هذا الغرض يكون بدون مقابل استصحابًا لما كان عليه الحال عند تخصيص قطعة الأرض لإقامة محطة المحولات عليها ضمن مكونات المشروع حيث أنه لم يثبت أن هناك اتفاق على تحديد مقابل للانتفاع بها بين الطرفين، وهو ما ينبني عليه عدم أحقية حي شرق شبرا الخيمة في استئداء مقابل الانتفاع بقطعة الأرض المذكورة من الهيئة طالما أنها ما فتئت مستغلة في غرض حفظ المحولات التي تم جلبها من أجل الترام الذي تم إلغاء العمل به بعد تشغيله لفترة من الزمن بالفعل.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى رفض مطالبة حي شرق شبرا الخيمة لهيئة النقل العام بالقاهرة أداء مبلغ 1349460 جنيهًا قيمة مقابل الانتفاع بقطعة الأرض المحفوظ بها محولات الترام بشارع 15 مايو بشبرا الخيمة وحتى تمام إخلائها وإعادتها إلى الحي بعد تدبير مكان آخر لهذا الغرض.| رئيس المكتب الفني المستشار/ محمد عبد العليم أبو الروس نائب رئيس مجلس الدولة |
رئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع المستشار/ محمد أحمد الحسيني النائب الأول لرئيس مجلس الدولة |
