الطعن رقم 26297 لسنة 51 ق العليا – جلسة 18 /05 /2010
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين – من أول أكتوبر 2009 إلى آخر سبتمبر 2011
صـ 478
جلسة 18 من مايو سنة 2010
الطعن رقم 26297 لسنة 51 القضائية العليا
(الدائرة الثالثة)
السادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 – سعيد أحمد محمد حسين برغش.
2 – د. عبد الفتاح صبرى أبو الليل.
3 – أحمد محمد صالح الشاذلي.
4 – د. سمير عبد الملاك منصور.
5 – محمد لطفي عبد الباقي جودة.
6 – جعفر محمد قاسم.
7 – مجدي محمود بدوي العجرودي.
( أ ) أملاك الدولة الخاصة والعامة – سلطة الإدارة في إزالة التعدي عليها إداريًا منوطة
بأن يكون هناك اعتداء ظاهر عليها أو محاولة غصبها، بأن يتجرد واضع اليد من أي سند قانوني
يبرر وضع يده – إذا استند واضع اليد إلى الادعاء بحق على العقار، وكان لادعائه ما يبرره
من مستندات تؤيد في ظاهرها ما يدعيه من حق، أو كانت الحالة الظاهرة تدل على صدق ما
ينسه من مركز قانوني بالنسبة للعقار الصادر بشأنه قرار إزالة التعدي، فلا يسوغ للإدارة
في هذه الحالة أن تتدخل بسلطتها العامة لإزالة وضع اليد إداريًا.
المواد المطبقة ( أ ):
– المادتان ومن القانون المدني.
– المادتان ومن قانون نظام الإدارة المحلية، الصادر بالقانون رقم لسنة
1979.
(ب) مساكن – مساكن الإيواء – الطبيعة القانونية لها أنها منفعة شخصية للمواطنين الذين
لا يجدون مأوى بسبب ما يعِنُّ لهم من ظروف خاصة نتيجة تعرضهم لحوادث وكوارث، وعلى وفق
الظروف التي تقدرها جهة الإدارة – ينتهي الانتفاع بها بزوال السبب الذي خصصت من أجله
– الإقامة بها دون سند قانوني يعد تعديًا على ملك الدولة يجيز للإدارة إزالته إداريًا.
الإجراءات
في يوم الاثنين الموافق 26/ 9/ 2005 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها
نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن الماثل، قيد بجدولها
العام تحت رقم 26297 لسنة 51 ق عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية
بجلسة 30/ 7/ 2005 في الدعوى رقم 2642 لسنة 54ق. القاضي بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء
القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة
بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه والقضاء مجددًا برفض الدعوى مع
إلزام المطعون ضده المصاريف عن درجتي التقاضي.
وتم إعلان الطعن قانونًا على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم
بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلغاء القرار المطعون
فيه إلغاءً مجردًا على النحو المبين بالأسباب، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون لدى الدائرة السادسة عليا على النحو الثابت بمحاضر
الجلسات، وبجلسة 29/ 9/ 2009 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا
(الدائرة السادسة موضوع) لنظره بجلسة 21/ 10/ 2009، حيث قررت الدائرة السادسة بجلسة
9/ 12/ 2009 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (موضوع) للاختصاص، وتحددت لنظره أمام
هذه الدائرة جلسة 16/ 3/ 2010، وبها قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفها صدر
وأودت مسودته المشتملة على أسبابه في ذات جلسة النطق.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن المطعون ضده أقام بتاريخ
8/ 4/ 2000 الدعوى رقم 3642 لسنة 54 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة
الثالثة)، و طلب فيها الحكم بإلغاء القرار رقم 270 لسنة 1999 الصادر عن حي غرب الإسكندرية
واعتباره كأن لم يكن، وذلك على سند من القول أنه نما إلى علمه صدور القرار الإداري
رقم 270 لسنة 1999 بتاريخ 8/ 4/ 2000 بإخلائه من الشقة رقم 12 بلوك 2 مدخل 2 بمساكن
كوم الشقافة.
ونعى المدعي (المطعون ضده) على هذا القرار مخالفة القانون؛ لأن الشقة المشار إليها
سكن المرحومة والدته، وهو الوارث الوحيد لها، وكان يقم معها هو وابنته حال حياتها،
وقد تنازلت والدته لابنته عن الشقة، وكان يقوم بسداد كافة المستحقات، وانتهى المدعي
إلى طالبته آنفة الذكر.
وبعد أن تدوولت الدعوى أمام تلك المحكمة أصدرت بجلسة 30/ 7/ 2005 حكمها المطعون فيه،
وشيدت قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن الشقة رقم 12 بلوك 2 مدخل 2 بمساكن
كوم الشقافة كانت إحدى حجرتيها مخصصة للسيدة/ …، وأن المدعي هو الوارث الوحيد لوالدته
المخصص لها الشقة بعد وفاتها، كما أوصت بها لابنته/ …….، وهو ما ينفي صفة النصب
عن المدعي، فيضحى القرار المطعون فيه بالإخلاء غير قائم على سبب المبرر له قانونًا
جديرًا بالإلغاء.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين فقد بادروا بإقامة الطعن الماثل ناعين على
الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب؛ لأن
والدة المطعون ضده قد خصص لها مسكن إيواء عبارة عن حجرة بالشقة رقم 12 بلوك2 مدخل 2
بمساكن كوم الشقافة بالإسكندرية، وبعد وفاتها وانتهاء تخصيص الحجرة لها ثبت من خلال
التحريات أن المقيم بالمسكن شخص يدعى/ …، فصدر القرار المطعون فيه بإزالة التعدي
الواقع منه على أملاك الدولة.
ولا ينال من ذلك أن المطعون ضده هو الوريث الوحيد لوالدته ويحق له الإقامة في هذا المسكن،
لأن الطبيعة القانونية لتخصيص مساكن الإيواء أنها منفعة شخصية تجريها جهة الإدارة على
أملاكها الخاصة للمواطنين الذين لا يجدون مأوى، وأن حق الانتفاع بها ينتهي بوفاة المنتفع،
ولا مجال لتوريث حق الانتفاع كما ذهب الحكم الطعين، كما أن المطعون ضده مخصص له شقة
بذات البلوك وهي رقم بلوك مدخل بمساكن كوم الشقافة، وبالتالي لا يجوز
له الاستحواذ على مسكنين من تلك المساكن، بالإضافة إلى أن تحريات الشرطة أثبتت أن من
يقيم بالحجرة ليس هو ا لمطعون ضده، وإنما شخص يدعى/ …. لا علاقة له بمن خصصت لها
الوحدة السكنية، مما يدل على أن المطعون ضده يشغل أملاك الدولة على نحو غير مشروع،
الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفًا للقانون حريًا بالإلغاء.
ومن حيث إن المادة من القانون المدني تنص على أن: "تعتبر أموالاً عامة: العقارات
والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة
بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، وهذه الأموال لا يجوز التصرف
فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم".
وتنص المادةمن ذات القانون معدلة بالقانون رقم لسنة 1970 على أنه: "…
ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، وكذلك
أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع
العام غير التابعة لأيهما، والأوقاف الخيرية، أو كسب أي حق عيني على هذه الأحوال بالتقادم،
ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون
للوزير المختص حق إزالته إداريًا".
وتنص المادة رقم من قانون الإدارة المحلية رقم لسنة 1979 المعدلة بالقانون
رقم لسنة 1981 والقانون رقم لسنة 1988، على أنه : "… وللمحافظ أن يتخذ
جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من
تعديات بالطريق الإداري"
وتنص المادة رقم من ذات القانون على أن: "للمحافظ أن يفوض سلطاته واختصاصه إلى
نوابه أو إلى سكرتير عام المحافظة أو السكرتير العام المساعد أو إلى رؤساء الوحدات
المحلية الأخرى".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم – حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن المشرع أسبغ حماية
على الأموال العامة المملوكة للدولة ملكية عامة أو خاصة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية،
والمحددة بنص المادة من القانون المدني، فحظر تملكها أو كسب أي حق عيني عليها
بالتقادم، وخول المشرع الوزير المختص أو من يفوضه ممن يجوز له تفويضهم قانونًا سلطة
إزالة التعدي على هذه الأموال إداريًا، كما خول المشرع هذه السلطة إلى المحافظ المختص
أو من يفوضه ممن يجوز له تفويضهم قانونًا من السلطات المحلية، على أن سلطة إزالة التعدي
منوطة بأن يكون هناك اعتداء ظاهر على الأموال المشار إليها أو محاولة غصبها، بأن يتجرد
واضع اليد من أي سند قانوني يبرر وضع يده، فإن استند واضع اليد إلى الادعاء بحق على
العقار، وكان لادعائه ما يبرره من مستندات تؤيد في ظاهرها ما يدعيه من حق، أو كانت
الحالة الظاهرة تدل على صدق ما ينسبه إلى نفسه من مركز قانوني بالنسبة للعقار الصادر
بشأنه قرار إزالة التعدي، فلا يسوغ للإدارة في هذه الحالة أن تتدخل بسلطتها العامة
لإزالة وضع اليد، إذ لا تكون حينئذ بصدد دفع اعتداء أو إزالة غصب على أملاك الدولة
وغيرها من الجهات المحددة بالنص، وإنما تكون في معرض انتزاع ما تدعيه من حق، وهو ما
لا يجوز لها أن تلجأ فيه إلى الطريق الإداري؛ بحسبان أن الفصل في الحقوق وحسمها منوط
بالسلطة القضائية المختصة، وبينما لا يعوق سلطة الإدارة في إزالة التعدي إداريًا مجرد
منازعة واضع اليد وادعائه لنفسه حقًا، مادام أن جهة الإدارة لديها من المستندات والأدلة
الجدية ما يدل على ملكيتها.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أنه تم تخصيص وحدة من وحدات الإيواء،
وهي حجرة بالشقة رقم بلوك مدخل بمساكن كوم الشقافة بالإسكندرية للمرحومة/
…..، بعد انتهاء التخصيص تم التحري بمعرفة السلطات المختصة، وثبت من خلال التحريات
أن المقيم بالشقة شخص يدعى/ ….، وعلى إثر ذلك صدر القرار رقم 270 لسنة 1999 المطعون
فيه بإزالة التعدي الواقع من الشخص على الحجرة التي تعتبر من أملاك الدولة بعد استردادها
لانتهاء الغرض من تخصيصها، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه قد صدر مطابقًا لصحيح حكم
القانون لصدوره عن المختص بإصداره ولقيامه على سببه المبرر له قانونًا.
ولا يغير من ذلك ما ذكره المطعون ضد ه من أنه الوريث الوحيد لوالدته وأنها أوصت بالمسكن
لابنته بعد وفاتها، ذلك أن الثابت أن المطعون ضده مخصص له شقة بذات البلوك وهي الشقة
رقم بلوك مدخل بمساكن كوم الشقافة، ولا يجوز له الاستحواذ على مسكنين
من تلك المساكن، لأن الطبيعة القانونية لمساكن الإيواء أنها منفعة شخصية للمواطنين
الذين لا يجدون مأوى بسبب ما يعن لهم من ظروف خاصة نتيجة تعرضهم لحوادث وكوارث، ووفقًا
للظروف التي تقدرها جهة الإدارة، وينتهي الانتفاع بها بزوال السبب الذي خصصت من أجله،
ولما كانت السيدة المخصص لها الوحدة قد توفيت ولم تثبت إقامة أحد معها بالوحدة، ومن
ثم فإنه يحق لجهة الإدارة استرداد الوحدة، ولا يجوز للمطعون ضده الادعاء بأحقيته فيها
باعتباره وريثًا لوالدته؛ لأنه فضلاً عن أنه مخصص له وحدة سكنية بذات البلوك، فإنه
ثبت أن المقيم بالحجرة شخص آخر لا علاقة له بالسيدة المخصص لها الوحدة، مما يكون معه
القرار المطعون فيه قد جاء مطابقًا لصحيح حكم القانون ولا تثريب عليه، ويضحى طلب إلغائه
مفتقدًا لسنده القانوني السليم جديرًا بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب مذهبًا مخالفًا لهذا المذهب فإنه يكون قد جانب
الصواب مما يتعين القضاء بإلغائه والقضاء مجددًا برفض الدعوى.
ومن حيث إنه من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184/ 1 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.
