الطعن رقم 2797 لسنة 45 ق – جلسة 20 /09 /2001
مجلس الدولة – المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة
– مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون – الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) – صــ
2897
جلسة 20 سبتمبر سنة 2001
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق على عبد القادر نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ سعيد أحمد حسين برغش، ومحمود إسماعيل رسلان، وعطية عماد الدين نجم، ومحمد عبد الحميد أبو الفتوح نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 2797 لسنة 45 القضائية
مجلس الدولة – أعضاؤه – المقابل النقدى لرصيد الأجازات
المواد 55، 56، 57 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة – عدم حصول عضو مجلس
الدولة على أجازته السنوية أو حصوله علهيا يرتبط دائماً بالتنظيم الذى استنته الجهات
القائمة على أداء هذا المرفق الحيوى والهام وبتنظيم العمل القضائى ذاته لماله من طبيعة
خاصة وذاتية بما يشى دائماً بأن عدم حصول عضو مجلس الدولة على أجازته المقررة قانوناً
إنما يرجع حتما إلى أسباب تتعلق بمصلحة العمل ومقتضياته وحسن أدائه – تطبيق.
إجراءات الطعن
فى يوم الاثنين الموافق 22/ 2/ 1999 أودع الأستاذ ………. المحامى
بصفته وكيلا عن السيد الأستاذ المستشار …………. تقريرا بالطعن قيد برقم 2797
لسنة 45 ق. عليا طالبا فى ختامه الحكم بأحقيته فى المقابل النقدى لرصيد أجازاته التى
حرم منها بسبب ظروف العمل ومقتضياته طوال مدة خدمته دون تقيد بمدة الأربعة أشهر وأن
يشمل الحكم حساب هذا المقابل على أساس الأجر الشامل ولايقتصر على الأجر الأساسى أو
إحالة الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا لتقضى بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من
المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المضافة بالقانون رقم 115 لسنة
1983 فيما قررته من وجوب التقيد بهذه المدة عند استحقاق المقابل النقدى المشار إليه
وفيما قررته من استحقاق الأجر الأساسى فقط أو الإذن برفع الدعوى الدستورية فى هذا الشأن.
ونظرا لوفاة الطاعن إلى رحمة الله فقد قام ورثته بتصحيح شكل الطعن بعريضة معلنة بتاريخ
3/ 3/ 1999.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلا وفى الموضوع بوقف نظر الطعن الماثل لحين الفصل فى دستورية الفقرة الأخيرة من المادة
65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1987 مستبدلة بالقانون رقم
219 لسنة 1991 فيما تضمنته من تحديد المقابل النقدى لرصيد أجازات العامل الاعتيادية
بما لا يجاوز أجر أربعة أشهر على أن يقوم الطاعن برفع الدعوى بعدم دستورية هذه الفقرة
أمام المحكمة الدستورية العليا وفقا لنص المادة 29/ ب من قانون المحكمة الدستورية العليا
رقم 48 لسنة 1979.
ونظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر حجز الطعن للحكم
بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم واودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن مورث الطاعنين أقام الطعن الماثل وقال شرحا لطعنه أنه عمل رئيسا لمجلس الدولة
وبلغ السن القانونية للإحالة إلى المعاش فى 11 ديسمبر 1997 وطبق فى شأنه الفقرة الأخيرة
من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة
1983 وذلك استنادا لما نصت عليه المادة 1 من القانون ذاته باعتبار أن قانون مجلس الدولة
لم يتضمن نصا ينتظم مدى استحقاق عضو مجلس الدولة عند انتهاء خدمته قبل استنفاذ رصيده
من الأجازات الاعتيادية لأجره الأساسى الذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته عن هذا الرصيد
بما لا يجاوز اربعة أشهر رغم أن للطاعن رصيدا عن هذه الأجازات يجاوز أربعة اشهر عن
مدة خدمته.
وأضاف مورث الطاعنين أن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 17/ 5/ 1997 فى القضية
رقم 47 لسنة 18 ق. دستورية بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة 45 من
قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 من ألا تزيد عن ثلاثة أشهر مدة الأجازة
السنوية التى يجوز للعامل أن يضمها ولو كان الحرمان فيما جاوز من رصيدها هذا الحد –
عائدا إلى رب العمل – واستطرد مورث الطاعنين أنه بناء على المبادئ التى قررتها المحكمة
الدستورية العليا فى حكمها سالف الذكر فإن نص الفقرة الأخيرة من المادة من قانون
نظام العاملين المدنيين بالدولة فيما قضى به من استحقاق العامل عن رصيد أجازاته الأجر
الأساسى الذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز أربعة أشهر يكون متعارضا
مع أحكام الدستور.
وقال مورث الطاعنين أنه يطلب حساب المقابل النقدى لرصيد أجازاته التى حرم منها بسبب
ظروف العمل ومقتضياته طوال مدة خدمته على أساس الأجر الشامل وليس على أساس الأجر الأساسى
ذلك أن قصر حساب المقابل النقدى على الأجر الأساسى هو حرمان للعامل من حق مالى مقرر
له طبقا للقانون حيث أنه من المسلم به أن أجر العامل يشمل مرتبه أو أجره الأساسى وكذلك
سائر العناصر الأخرى التى يتكون منها الأجر الشامل.
وردا على الطعن أودعت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات حوت بيانا برصيد أجازات مورث
الطاعنين حتى بلوغ سيادته السن القانونية للإحالة إلى المعاش كما حوت رد الأمانة العامة
بمجلس الدولة على الطعن وأوضحت فيه أنه بمطالبة ملف خدمة مورث الطاعنين فلم يتبين منه
أن مورث الطاعنين قد طلب ثمة أجازة ولم يجب إليها.
كما أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع جهة الإدارة طلبت فى ختامها الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 219 لسنة 1991 بتعديل نص الفقرة الأخيرة من
المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة
1978 تنص على أن "يستبدل بنص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين
بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 النص الآتى: –
فإذا انتهت خدمة العامل قبل استفاذ رصيده من الأجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد
أجره الأساسى مضافا إليه العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وذلك
بما لا يجاوز أربعة أشهر ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم" ونصت المادة الثانية
من القانون رقم 219 لسنة 1991 على أن "تسرى أحكام هذا القانون على العاملين بكادرات
خاصة ويلغى كل حكم ورد على خلاف ذلك فى القواعد المنظمة لشئونهم".
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد انتهت فى القضية رقم 2 لسنة 21 قضائية "دستورية"
بجلسة 6/ 5/ 2000 إلى الحكم "بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون
نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان
العامل من البدل النقدى لرصيد أجازاته الاعتيادية فما جاوز أربعة أشهر متى كان عدم
الحصول على هذا الرصيد راجعا إلى اسباب اقتضتها مصلحة العمل" وقد أسست حكمها على أنه
كلما كان فوات الأجازة راجعا إلى جهة العمل أو لأسباب إقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون
لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولية عن تعويضه عنها فيجوز للعامل عندئذ
– كأصل عام – أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة إذا كان اقتضاء ما تجمع من
أجازاته السنوية على هذا النحو ممكنا عينا وإلا كان التعويض النقدى عنها واجبا تقديرا
بأن المدة التى امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الأجازة مردها إلى جهة العمل فكان
لزاما أن تتحمل وحدها تبعة ذلك، ولما كان الحق فى التعويض لا يعد وأن يكون من عناصر
الذمة المالية للعامل مما يندرج فى إطار الحقوق التى يكفلها المادتان 32، 34 من الدستور
اللتان صان بهما الملكية الخاصة والتى تتسع للأموال بوجه عام فإن حرمان العامل من التعويض
المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفا للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية طبقا للمادة من
قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ملزما لجميع سلطات
الدولة وللكافة.
ومن حيث إن مورث الطاعنين عين بمجلس الدولة فى 1/ 2/ 1954 وظل به إلى أن وصل إلى رئاسته
وبلغ سن الإحالة للمعاش فى 1/ 7/ 1998.
ومن حيث إن المواد 55، 56، 57 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972
قد أناطت بالجمعيات العمومية للمحاكم النظر فى المسائل المتصلة بنظامها، وأمورها الداخلية
وتوزيع الأعمال بين أعضائها أو بين دوائرها، ونصت المادة من القانون المذكور
على أن تبدأ العطلة القضائية للمحاكم كل عام من أول يوليه وتنتهى فى آخر سبتمبر" وتنص
المادة على أن "تستمر المحاكم أثناء العطلة القضائية فى نظر الدعاوى التأديبية
والمستعجل من القضايا…….. وتنظم الجمعية العمومية لكل محكمة العمل أثناء العطلة
القضائية فتعين عدد الجلسات وأيام انعقادها ومن يقوم من الأعضاء بالعمل فيها ويصدر
بذلك قرار من رئيس المجلس"، وتنص المادة على أن "لا يرخص لأعضاء المحاكم فى
إجازات
فى غير العطلة القضائية إلا لمن قام منهم بالعمل خلالها وكانت حالة العمل تسمح بذلك………"
وتنص المادة على أن "تكون مدة الإجازات ………. وتحدد مواعيد الأجازة السنوية
حسب مقتضيات العمل وظروفه ولا يجوز تقصيرها أو تأجيلها أو قطعها أو إلغاؤها إلا لأسباب
قوية تقتضيها مصلحة العمل".
وإذا كان المشرع قد نص على أن تبدأ العطلة القضائية كل عام من أول يوليه وتنتهى فى
آخر سبتمبر ولم يجز لأعضاء المحاكم الحصول على أجازة فى غير العطلة القضائية وبشرط
أن تسمح حالة العمل بذلك فإن المشرع من ناحية أخرى أوجب صراحة على المحكمة الاستمرار
فى نظر بعض الدعاوى كالدعاوى التأديبية والمستعجل من القضايا كما أوكل إلى الجمعيات
العمومية للمحاكم تنظيم العمل سواء خلال العطلة القضائية أو خلال فترات العمل من ناحية
تحديد عدد الجلسات وأيام انعقادها ومن يقوم من الأعضاء بالعمل فيها بما يجعل رغبة العضو
فى استئداء أجازته السنوية – وباعتبار أن العمل القضائى عمل جماعى بطبيعته – أمرا مرهونا
دائما بالنظام الذى قررته الجمعية العمومية للمحكمة فى شأن انعقاد جلسات الدوائر المختلفة
وإلا ترتب على ذلك الإخلال بحسن سير العمل القضائى. وارتباك أدائه فى تحقيق العدالة
الناجزة وتأخر الفصل فى المنازعات، وعلى ذلك فإن عدم حصول عضو مجلس الدولة على أجازته
السنوية أو حصوله عليها يرتبط دائما بالتنظيم الذى استنته الجهات القائمة على أداء
هذا المرفق الحيوى والهام وبتنظيم العمل القضائى ذاته لماله من طبيعة خاصة وذاتية وبما
يشى دائما بأن عدم حصول عضو مجلس الدولة على أجازته المقررة قانونا إنما يرجع حتما
إلى أسباب تتعلق بمصلحة العمل ومقتضياته وحسن أدائه.
وترتيبا على ما تقدم فإنه لاوجه لما ذهبت إليه هيئة قضايا الدولة من أن ملف خدمة مورث
الطاعنين قد خلال مما يفيد تقدم سيادته بطلب أجازة وعدم إجابة مجلس الدولة لطلبه إثباتها
لأن عدم حصول سيادته على أجازاته السنوية لم يكن مرجعه ظروف العمل.
ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم فإنه يتعين للحكم بأحقية مورث الطاعنين فى رصيد أجازاته
الاعتيادية التى لم يحصل عليها بسبب ظروف عمله مع مراعاة خصم مقابل مدد الأجازات التى
صرفت له وكذلك مدد الإجازات عن فترات الإعارة والأجازات الخاصة بدون مرتب وما يماثلها
من فترات لم يؤد عمل خلالها بمجلس الدولة فضلا عن الأجازات الدورية التى لم يحصل عليها
مورث الطاعنين وحصل عن أدائه العمل خلاله على مقابل نقدى (جلسات الصيف).
ومن حيث إنه عن طلب الطاعنين حساب المقابل النقدى على الأجر الشامل الذى كان يتقاضاه
مورثهم وليس على الأجر الأساسى، أو إحالة الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا أو الاذن
له برفع الدعوى بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة السالف الإشارة إليها
فيما تضمنته من تحديد الأساسى الذى يصرف استنادا إلى رصيد الأجازات الاعتيادية بأنه
الأجر الأساسى مضافا إليه العلاوات الخاصة، فإنه طبقا للمادة 29 من قانون المحكمة الدستورية
العليا وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة فإن المحكمة المختصة بالفصل فى المنازعة موضوعا
هى التى تختص بتقدير مدى جدية الدفع بعدم دستورية أى نص سواء من تلقاء نفسها أو بناء
على دفع من الخصوم ولا يكون الدفع جديا إلا إذا كان له سند من الدستور يجعله مرجح الكسب
عندما تقام الدعوى بعدم دستوريته أمام المحكمة الدستورية العليا.
ومن حيث إن المشرع قد حدد الأساس الذى يحسب بناء عليه التعويض أو المقابل عن رصيد الأجازات
الدورية التى لم يحصل عليها العامل بسبب راجع إلى ظروف العمل بأنه الأجر الأساسى مضافا
إليه العلاوات الخاصة عند انتهاء خدمة العامل وهو ما يعنى أن المشرع قد أخذ بأقصى أجر
أساسى تقاضاه العامل رغم تباين الأجر الذى كان يتقاضاه العامل خلال فترات الأجازات
الدورية التى حرم منها، فإن ما قرره النص لا يكون مجافيا للعدالة ولا مصادراً الحق
أو قاصرا عن جبر الضرر الذى حاق بالعامل نتيجة لعدم حصوله على أجازاته بسبب ظروف العمل
بل مستهدفا توحيدا لقاعدة حساب مقابل رصيد الأجازات بتنظيم تشريعى لايكون محلا لخلاف
أو تباين للرأى دون أن يصادر الحق فى التعويض أو كونه جابر ومكافئ للضرر الذى أصاب
العامل ومن ثم فإن الدفع بعدم دستورية نص المادة فيما تضمنه من تحديد المقابل
النقدى بالأجر الأساسى مضافا إليه العلاوات الخاصة لا يكون قائما على أساس جدى.
ومن حيث إن المادة السالف الإشارة إليها قد حددت أن رصيد الأجازات الاعتيادية
يستحق عنها العامل من أجره الأساسى مضافا إليه العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند
انتهاء خدمته وهو تحديد لا يحتمل تأويلا أو تفسيرا.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بأحقية ورثة الطاعن فى تقاضى المقابل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية التى لم يحصل عليها بسبب مقتضيات العمل على النحو المبين بالأسباب محسوبا على أجره الأساسى عند انتهاء خدمته مضافا إليه العلاوات الخاصة مع مراعاة خصم ما سبق صرفه ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
