الطعن رقم 1859 لسنة 69 ق – جلسة 06 /01 /2014
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة " الاثنين " (د) المدنية
برئاسة السيد القاضي/ يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ مجدي مصطفى، أحمد رشدي سلام، عصام توفيق ورفعت هيبة " نواب رئيس المحكمة "
وحضور رئيس النيابة السيد/ ……………
وأمين السر السيد/ …………………..
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الاثنين 5 من ربيع الأول سنة 1435هـ الموافق 6 من يناير سنة 2014.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 1859 لسنة 69 ق.
المرفوع من:
ضـد
الوقائع
في يوم ../ ../ 1999 طُعِن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة
الصادر بتاريخ ../ ../ 1999 في الاستئنافات أرقام ….، …، …. لسنة 115 ق وذلك
بصحيفة طلب فيها الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون
فيه.
وفي اليوم نفسه أودع الطاعنون مذكرة شارحة.
وفي ../ ../ 1999 أعلن المطعون ضدهم من الأول إلى الثالث بصحيفة الطعن بالنقض.
وفي ../ ../ 1999 أعلن المطعون ضده الرابع بصحيفة الطعن بالنقض.
وفي ../ ../ 1999 أودع المطعون ضدهم من الأول إلى الثالث مذكرة بدفاعهم طلبوا فيها
رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها رفض الطعن بالنقض.
وبجلسة ../ ../ 2013 عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت
لنظره جلسة ../ ../ 2014 وبها سمع الطعن أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة
حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها والمحكمة أصدرت حكمها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون
ضده الأول أقام على الطاعنة عن نفسها وبصفتها وصية على قصر المرحوم/ …….. رقم …..
لسنة 1996 مدني كلي ……. الابتدائية ابتغاء الحكم ببطلان عقد البيع المؤرخ ../ ../
1990 على سند من أن مورثهم باع للطاعنة العقار محل هذا العقد لقاء ثمن مقداره مائة
ألف جنيه ولما كان هذا البيع يخفى في حقيقته وصية تحايلاً على أحكام الإرث إذ ظل العقار
في حيازته وأن منفعته تؤول إليه حتى وفاته ويمنع القصر من التصرف وإن بلغوا سن الرشد
حتى مماته، فضلاً عن أنه كان يعاني مرضًا شديدًا قبيل الوفاة وأن الطاعنة لم تدفع ثمن
المبيع ومن ثم كانت دعواه، وأثناء نظر الدعوى تدخل المطعون ضدهما الثاني والثالثة انضماميًا
للمطعون ضده الأول في طلباته، وأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت لشهود
الطرفين قضت بجلسة ../ ../ 1998 بصورية عقد البيع سند الدعوى واعتباره وصية مستترة،
استأنفت الطاعنة هذا القضاء الاستئنافين رقمي ….، …. لسنة 115 ق كما استأنفه المطعون
ضدهم بالاستئناف رقم …… لسنة 115 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة قضت
في الاستئنافين برفضهما وفي الاستئناف الثالث بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من
اعتبار العقد وصية مستترة تسري عليه أحكام الوصية مؤسسة قضائها على أن مورث الطرفين
قد وكل أحد شهود العقد في بيع عقار النزاع وما عليه من مبانٍ وقبض ثمنه مما يعد هذا
التصرف دليلاً على رجوع المورث عن وصيته مما لا يسوغ معه اعتبار العقد وصية طعنت الطاعنة
في الاستئنافين رقمي …….، ……. لسنة 115 ق بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة
أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة
لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بأسباب الطعن عدا السبب الأول والوجه الأول من السبب
الثالث والأخير من السبب الخامس الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور
في التسبيب وفي بيانهم تقول إن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به
من اعتبار عقد البيع المؤرخ ../ ../ 1990 ساترًا لوصية استنادًا إلى أقوال شاهدي المطعون
ضدهم برغم أنها لا تؤدي إلى ذلك، كما استند إلى صدور إيصالات تحصيل أجرة العقار من
البائع بعد صدور تصرفه بالبيع مع أن ذلك لا يعدو أن يكون مباشرة لشئون أولاده القصر
المتصرف إليهم نيابة عنهم، كما عول على ما ورد بأقوال الطاعنة في المحضر رقم 6448 لسنة
1995 جنح الهرم باعتبارها إقرارًا بملكية المورث بعد تاريخ البيع في حين أن هذا الإقرار
حجة قاصرة ولا يصلح للاحتجاج به على المتصرف إليهم بوصفهم من الغير بالنسبة لذلك الإقرار،
واستند الحكم كذلك إلى ما تضمنته بنود عقد البيع مع منع المتصرف إليهم من التصرف في
العقار في حين أن هذا المنع لا يفيد إضافة التصرف إلى ما بعد الموت، فضلاً عن تناقض
الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف باعتبار عقد البيع المشار إليه يخفى وصية
ثم قضى بإلغائه كما لم يعرض الحكم لما قدمته من أدلة ومستندات على جدية عقد البيع موضوع
النزاع وعلى أن حيازة المورث للعقار المبيع بعد صدور البيع كان لحساب أولاده القصر
بصفته وليًا طبيعيًا عليهم وليس لحساب نفسه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 917 من القانون المدني
على أنه " إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بأية طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف
فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته اعتبر التصرف مضافًا إلى ما بعد الموت وتسري
عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك: – يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة
– على أن القرينة التي تضمنها هذا النص تقوم باجتماع شرطين أولهما احتفاظ المتصرف بحيازة
العين المتصرف فهيا وثانيهما احتفاظه بحقه في الانتفاع بها على أن يكون الاحتفاظ بالأمرين
مدى حياته وإن يستند الاحتفاظ بحق الانتفاع إلى حق ثابت لا يستطيع المتصرف إليه تجريده
منه، وذلك إما عن طريق اشتراط حق المنفعة وعدم جواز التصرف في العين أو عن طريق الإيجار
مدى الحياة أو عن طريق آخر مماثل لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون
فيه بعد أن استعرض أقوال الشهود إثباتًا ونفيًا وشروط عقد البيع المؤرخ ../ ../ 1990
وما قدمه الخصوم من مستندات وما ساقوه من قرائن تأييدًا لدفاعهم استخلص من النص في
شروط التعاقد على احتفاظ المورث المتصرف بالعقد في الانتفاع بالعقار محل التصرف ومنع
أولاده القصر المتصرف إليهم من التصرف فيه مدى حياته ومما اطمأن إليه من أقوال شاهدي
المطعون ضدهم وما ورد بأقوال الطاعنة في المحضر رقم …. لسنة 1995 جنح الهرم ومن المستندات
المقدمة من طرفي الخصومة أن المورث قد احتفظ بحيازة العقار وكان يتولى إدارته بعد صدور
التصرف لحساب نفسه حتى تاريخ وفاته ورتب الحكم على ذلك اعتبار التصرف موضوع النزاع
ليس بيعًا منجزًا وإنما تصرفًا مضافًا إلى ما بعد الموت قصد به الاحتيال على قواعد
الإرث وتسري عليه أحكام الوصية وإذ كانت هذه الأسباب التي أقام عليها الحكم قضائه في
هذا الخصوص سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى ما انتهى إليه فإن ما تثيره
الطاعنة بأسباب النعي لا يعدو أن يكون مجادلة فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع
في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم
يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بباقي أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون والفساد في الاستدلال ذلك بأنه بعد أن اعتبر العقد موضوع الدعوى ساترًا لوصيه
خلص إلى رجوع المورث الموصي عن الوصية استنادًا إلى إصداره توكيلاً لآخر يخوله بيع
العقار الموصى به في حين أن صدور هذا التوكيل بمجرده لا يصلح دليلاً على الرجوع عن
الوصية وبأن ندبه المورث كانت البيع لحساب ولمصلحة أولاده القصر الموصى لهم وليس لحساب
نفسه واستدلت على ذلك بخطاب أرسله إليها المورث يؤكد فيه على ذلك فضلاً عن إتمام البيع
خلال ثلاث سنوات من تاريخ صدور التوكيل في سنة 1992 حتى وفاة المورث سنة 1995 مما يعيب
الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأنه لما كان مؤدى نصوص المواد 2، 18، 19، 71، 72، 73
من قانون الوصية أن التعبير عن الرجوع عن الوصية كما يكون صريحًا يصح أن يكون ضمنيًا
بكل فعل أو تصرف يدل بقرينة أو عرف على العدول عن الوصية إلا أن اشترط المشرع في المادة
الثانية من القانون المذكور في الرجوع عن الوصية وجوب اتخاذ شكلاً معينًا لإثباته بأن
يحرر على ورقة رسمية أو ورقة عرفية يصدق فيها على إمضاء الموصي أو ختمه أو تحرر به
ورقة عرفية مكتوب كلها بخط الموصى وموقع عليها بإمضائه وما تضمنته المادة 19 من ذلك
القانون من أمثلة على أفعال وتصرفات لا تعد رجوعًا عن الوصيفة كإزالة بناء العين الموصى
بها أو تغيير معظم معالمها وكذلك أحكام الزيادة في الموصى به الواردة في المواد 71
وما بعدها من قانون الوصيفة كهدم الموصي العين الموصى بها وإعادة بناءها ولو مع تغيير
معالمها واعتبار العين بحالتها وصية، يدل على أنه يشترط في الرجوع الضمني عن الوصية
أن يكون بفعل وتصرف لا تدع ظروف الحال شكًا في دلالته على أن حقيقة المقصود به هو رجوع
الموصي عن الوصية مما مفاده أن الفعل أو التصرف إذا كان يحتمل احتمالات مختلفة لا يرجح
أحدهما إلا بمرجح لا يصلح بمجرده دليلاً على الرجوع في الوصية، لما كان ذلك وكان الحكم
المطعون فيه قد بنى قضاءه على رجوع مورث طرفي الخصومة عن الوصية على القرينة المستفادة
من إصداره توكيلاً لآخر ببيع عقار النزاع برغم أن إصدار هذا التوكيل ليس من شأنه بمجرده
أن يفيد الرجوع عن الوصية إذ هو كما يحتمل أن تكون إرادة المورث، قد اتجهت إلى البيع
لحساب نفسه قد يحتمل أن يكون لحساب ولمصلحة أولاده القصر الموصي وهو ما تمسكت به الطاعنة
أمام محكمة الموضوع ودللت عليه بخطاب مرسل إليها من المورث يتضمن هذا المعنى، فإذا
أضيف إلى ذلك مرور ما يقرب من ثلاث سنوات بين إصدار هذا التوكيل في ../ ../ 1992 وفاة
المورث في عام 1995 دون تنفيذ الوكالة وإتمام البيع بل إن الوكيل (……….) نفى
علمه بالتوكيل المذكور لدى سماع شهادته أمام محكمة أول درجة وإذ خلت الأوراق من دليل
على رجوع المورث عن الوصية سوى إصدار التوكيل سالف البيان الذي لا يصلح بمجرده دليلاً
عن العدول عن الوصية فإن الحكم المطعون فيه وقد اتخذه عمادًا لقضائه برجوع المورث عن
الوصية فإنه يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال بما يوجبه نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل ولما تقدم يتعين رفض الاستئنافين رقمي ……، ….. لسنة
115 ق وتأييد الحكم المستأنف.
