الطعنان رقما 1770 و 1919 لسنة 48 ق عليا. – جلسة 01 /07 /2009
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والخمسين – من أول أكتوبر 2008 إلى آخر سبتمبر 2009 – صـ 674
جلسة 1 من يوليو سنة 2009
(الدائرة السادسة)
السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل نائب رئيس
مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ سامي أحمد محمد الصباغ نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ محمد البهنساوي محمد الرمام نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ حسن عبد الحميد البرعي نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ حسن سلامة أحمد محمود نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ على محمد الششتاوي نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ د. حمدي حسن الحلفاوى نائب رئيس مجلس الدولة
الطعنان رقما 1770 و 1919 لسنة 48 القضائية عليا.
اختصاص – ما يخرج عن الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة – طلب
التعويض من الجهة الإدارية باعتبارها متبوعة ومسئولة عن أعمال تابعيها وفقًا لأحكام
القانون الخاص.
– المادة من دستور 1971.
– المادة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
– المادة من القانون المدني.
لا تعبر المنازعة إدارية لمجرد كون الإدارة طرفًا فيها – إذا ما تصرفت الجهة الإدارية
باعتبارها سلطة عامة في ضوء الاختصاصات المخولة لها بوصفها ذلك في القوانين واللوائح
المنظمة لها، كانت طرفًا في منازعة إدارية، مما تختص بنظرها محاكم مجلس الدولة باعتبارها
صاحبة الولاية العامة على سائر المنازعات الإدارية – إذا كانت التصرفات التي تجريها
الجهة الإدارية متجردة من السلطة العامة، ولا تتعلق بقرار إداري نهائي أو التعويض عنه،
تسري أحكام القانون الخاص، كما يختص القضاء العادي بنظر المنازعات الناشئة عن تلك التصرفات
– تطبيق.
الإجراءات
أقيم الطعنان الماثلان طعنًا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء
الإداري بالإسكندرية (دائرة البحيرة) في الدعويين رقمي 3101 لسنة 55 ق و3106 لسنة 55
ق بجلسة 19/ 10/ 2001 الذي قضى منطوقه بالآتي: حكمت المحكمة بإلزام محافظ البحيرة بصفته
أن يؤدي للمدعي مبلغًا مقداره خمسة آلاف جنيه تعويضًا عن الأضرار التي لحقت به جراء
الإجراءات غير المشروعة التي قام بها الموظفون التابعون له ضد المدعي والمبينة بالأسباب،
وما يترتب على ذلك من آثار وألزمته المصروفات.
وطلب الطعن في الطعن الأول رقم 1770 لسنة 48 ق. عليا للأسباب الواردة بتقرير هذا الطعن
الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع القضاء بتعديل الحكم بتعديل قيمة التعويض وزيادته
بما يتناسب مع الخطأ المرفقي الجسيم ومع الأضرار المادية والأدبية والنفسية التي لحقت
بالطاعن من تحديد عناصر التعويض في كل من الدعويين 3101 و3106 لسنة 55 ق على حده، مع
شمول الحكم بالنفاذ وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وطلب الطاعنون في الطعن الثاني رقم 1919 لسنة 48 ق. عليا للأسباب الواردة في تقرير
هذا الطعن بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا أصليًا بعدم اختصاص مجلس الدولة بنظر الدعوى
واختصاص القضاء العادي بنظرها، واحتياطيًا برفض الدعوى وفي الحالتين بإلزام المطعون
ضده المصروفات.
وقد أعلن تقريرًا بالطعن وفقًا للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعنين انتهت فيه للأسباب الواردة
به إلى أنها ترى بقبول الطعنين شكلاً وبرفضهما موضوعًا وإلزام كل من الطاعن والمطعون
ضده المصروفات مناصفة.
نظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعين بعدة جلسات على النحو
الثابت بمحاضرها ثم قررت إحالتهما للدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا
لنظرهما، ونفاذًا لذلك ورد الطعنان إلى هذه المحكمة ونظرتهما بالجلسات على النحو الثابت
بمحاضرها، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة
على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 27/ 3/ 1996 أودع الطاعن في الطعن الأول
صحيفة الدعوى رقم 3106 لسنة 55 ق. وبتاريخ 20/ 5/ 1997 أودع صحيفة الدعوى رقم 3101
لسنة 55 ق قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (دائرة البحيرة)، وطلب في ختام
الصحيفتين الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلزام المدعي عليهم متضامنين بالتعويض
المناسب لجبر الأضرار المادية والأدبية والنفسية والمعنوية التي لحقت به، مع شمول الحكم
بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكر شرحًا لكلاً الدعويين أنه منتفع بقطعة أرض بور رملية بمشروع خريجي كليات الزراعة
بمنطقة الكفاح بقطاع التحدي بمديرية التحرير الجنوبي التابعة لمركز كوم حمادة محافظة
البحيرة، وهي معفاة من أية ضرائب أو رسوم بمقتضى القانون 143 لسنة 1981، ولخلافات شخصية
أبلغ موظفو الضرائب العقارية بكوم حمادة النيابة العامة عام 1981 عن قيامه بتبديد المنقولات
المحجوز عليها قبله لمصلحة الضرائب العقارية بموجب محضر الحجز الإداري رقم لسنة
81 وقيدت الواقعة بالمحضر رقم 10112 لسنة 89 جنح كوم حمادة، وقضى فيها غيابيًا بالحبس
شهرًا مع الشغل وكفالة عشرين جنيهًا، وأنه طعن على هذا الحكم بالمعارضة، حيث قضى فيها
بإلغاء الحكم المعارض فيه وببراءته مما نسب إليه، وفي عام 1993 قام الموظفون المذكورون
بإبلاغ النيابة العامة بقيامه بتبديد المنقولات المحجوز عليها لمصلحة الضرائب العقارية،
وقيدت الواقعة بالمحضر رقم 15448 لسنة 1993 جنح كوم حمادة، وقضى فيها بجلسة 6/ 2/ 1994
غيابيًا بالحبس شهرًا مع الشغل وكفالة عشرين جنيهًا، فطعن على ه ذا الحكم بالمعارضة،
وبجلسة 27/ 4/ 1995 قضي بإلغاء الحكم المعارض فيه ببراءته، وقد أقام الدعوى رقم 382
لسنة 1991 مدني كوم حمادة قضي فيها بجلسة 11/ 4/ 1993 ببطلان محضر الحجز الإداري رقم
لسنة 1989 وعدم الاعتداد به وببراءة ذمته من الدين المحجوز من أجله، تأسيسًا على
إن إجراءات الحجز الإداري باطلة ومصطنعة وانطوت على الغش والتدليس بحضر الحجز الإداري
والشهادة الزور، كما أن الأرض معفاة من أية ضرائب أو رسوم، وثبت من تحقيقات النيابة
العامة تزوير المستندات.
وأضاف المدعي أن الموظفين الذين اتخذوا تلك الإجراءات تابعون للمدعي عليهم وطلب إلزامهم
بالتعويض المناسب جبرًا للأضرار التي لحقته على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الدعويين ارتأت فيه الحكم بأحقية
المدعي في التعويض الذي تقدره المحكمة.
وبجلسة 29/ 10/ 2001 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه لثبوت مسئولية الجهة الإدارية
عن الأضرار التي أصابت المدعي على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه.
ولم يلقَ هذا القضاء قبولاً لدى طرفي الخصومة فأقاما طعنيهما، ونعى الطاعن في الطعن
الأول على الحكم الخطأ في القانون وفي تقدير قيمة التعويض، حيث إن مبلغ التعويض المقضي
به لا يجبر جميع الأضرار التي أصابته باعتباره أستاذًا جامعيًا، فضلاً عن أن الدعويين
الصادر فيهما الحكم المطعون فيه عن واقعتين مختلفتين ومستقلتين، حيث إن كلاً منهما
بخصوص جنحة مختلفة عن الأخرى صدر فيها حكم بالبراءة، كما أن الدعوى رقم 3106 لسنة 55
ق أقامها تأسيسًا على الحكم الصادر في الجنحة المباشرة رقم 5363 لسنة 1992 التي أقامها
ضد موظفي الضرائب العقارية والتي حكمت المحكمة فيها بتغريم كل منهم مئة جنيه وبالتعويض
المؤقت له بمبلغ جنيه، لذلك يتعين القضاء بالتعويض في كل من الدعويين المضمومتين
على حده.
ومبنى الطعن الثاني رقم 1919 لسنة 48 ق. عليا الذي أقامته الجهة الإدارية مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه، حيث لا تختص محاكم مجلس الدولة بنظر النزاع وإنما تختص به جهة القضاء
العادي، فضلاً عن عدم مسئولية الجهة الإدارية لعدم توافر أركان تلك المسئولية في جانبها
حتى يقضي بالتعويض، لا سيما وأنه لا يوجد قرار إداري ثبت عدم مشروعيته حتى يتوافر ركن
الخطأ في جانبها.
ومن حيث إن البحث في الاختصاص يسبق الفصل في الشكل أو الموضوع، وأنه يجوز الدفع بعدم
الاختصاص الولائي في أية حالة تكون عليها الدعوى كما يمكن للمحكمة أن تتعرض له من تلقاء
ذاتها باعتباره متعلقًا بالنظام العام.
ومن حيث إن المادة من الدستور تنص على أن: "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص
بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى
".
ومن حيث إن المادة من قانون مجلس الدولة رقم لسنة 1972 حددت اختصاصات محاكم
مجلس الدولة بنظر سائر المنازعات الإدارية وطلبات التعويض عن القرارات الإدارية النهائية
الإيجابية أو السلبية، بالإضافة على منازعات العقود الإدارية والدعاوى التأديبية والطعون
التأديبية.
ومن حيث إن من المستقر عليه أن الجهة الإدارية إذا ما تصرفت باعتبارها سلطة عامة وذات
سيادة كانت طرفًا في المنازعة الإدارية، وليس بالضرورة إذا تم اختصام الجهة الإدارية
أن تكون المنازعة إدارية، حيث إنها قد تجري بعض التصرفات متجردة من السلطة العامة وفي
إطار أحكام القانون الخاص، أو تكون المنازعة معها لا تتعلق بقرار إداري نهائي أو التعويض
عنه، ففي هذه الحالة تسري أحكام القانون الخاص، كما يختص القضاء العادي بنظر المنازعات
الناشئة عن تلك التصرفات، لأنها لا تعتب رمن قبيل المنازعات الإدارية التي تختص بها
محاكم مجلس الدولة، حيث إنه لا تعتبر المنازعة إدارية لمجرد أن أحد أطرافها جهة إدارية،
بل يتعين أن تكون طبيعة المنازعة ذاتها إدارية، في ضوء السلطات والاختصاصات المخولة
للجهة الإدارية بوصفها كذلك في القوانين واللوائح المنظمة لها، وتختص بنظرها في هذه
الحالة محاكم مجلس الدولة باعتبارها صاحبة الولاية العامة على سائر المنازعات الإدارية،
أما إذا كان التصرف أو سند المنازعة مما يدور في فلك وإطار القوانين العادية التي تخضع
لها أشخاص القانون الخاص فلا يجوز أن توصف المنازعة الناشئة عن هذا التصرف بأنها منازعة
إدارية، وإنما تعتبر هذه المنازعة منازعة مدنية ولو كان أحد طرفيها جهة إدارية.
ومن حيث إنه هديًا بما تقدم ولما كانت طلبات المدعي في الدعويين المنضمتين المطعون
في حكمهما تنحصر في طلب تعويض من الجهة الإدارية باعتبارها متبوعة ومسئولة عن أعمال
تابعيها عملاً بنص المادة من القانون المدني، وذلك عن الأضرار الأدبية والنفسية
والمادية التي أصابته من جراء جنحتي التبديد التي قضى فيهما ببراءته، وكذلك الجنحة
المباشرة التي أقامها ضد بعض الأشخاص بتهمة البلاغ الكاذب في الجنحتين المشار إليهما
واللتين قضى فيها بتغريم كل من المتهمين مبلغ مئة جنيه وتعويض مدني مؤقت جنيه
للمدعي بالحقوق المدنية في تلك الدعوى المدنية المرتبطة بالدعوى الجنائية، وكذلك استنادًا
إلى الحكم الصادر في الدعوى المدنية رقم 382 لسنة 1991 مدني كوم حمادة ببطلان إجراءات
الحجز الإداري الذي وقع على المدعي وعدم الاعتداد به وببراءة ذمته من مبلغ الدين المحجوز
من أجله تأسيسًا على وقوع تزوير وشهادة زور.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم وكانت المطالبة بالتعويض على النحو سالف البيان تأسيسًا
على الأحكام القضائية التي حصل عليها المدعي في الدعويين المطعون في حكمها، ولم يكن
هناك قرار إداري نهائي مطعون فيه إيجابي أو سلبي ثبتت عدم مشروعيته حتى يكتمل ركن الخطأ
في جانب الجهة الإدارية اللازم لانعقاد مسئوليتها عن التعويض، وإنما تم اختصامها باعتبارها
متبوعة مسئولة عن أعمال تابعيها طبقًا لأحكام القانون المدني، مما ينحسر معه اختصاص
محاكم مجلس الدولة عن نظرها باعتبارها ليست من قبيل المنازعات الإدارية، وإنما هي دعوى
تعويض طبقًا لأحكام القانون الخاص مما يختص بنظرها القضاء العادي باعتبار أن قاضي الأصل
هو قاضي الفرع.
لذلك كان يتعين على المحكمة المطعون في حكمها أن تقضي بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر النزاع
وإحالته بحالته إلى المحكمة المدنية المختصة بنظره مع إبقاء الفصل في المصروفات، وإذ
هي لم تفعل ذلك فإنها تكون قد أخطأت في تطيق القانون ويكون حكمها جديرًا بالإلغاء.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعويين وبإحالتهما بحالتيهما إلى محكمة دمنهور الابتدائية للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.
