الطعن رقم 18240 لسنة 50 ق عليا. – جلسة 11 /04 /2009
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والخمسين – من أول أكتوبر 2008 إلى آخر سبتمبر 2009 صـ 398
جلسة 11 من أبريل سنة 2009
(الدائرة الثانية)
السيد الأستاذ المستشار/ إدوارد غالب سيفين عبده نائب رئيس مجلس
الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ يحي راغب أحمد دكروري نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ د. سامي حامد إبراهيم عبده نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ محمد الشيح على أبو زيد نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى محمد عبد المعطي أبو عيشه نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ فارس سعد فام حنضل نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ محمد لطفي عبد الباقي جوده نائب رئيس مجلس الدولة
الطعن رقم 18240 لسنة 50 القضائية عليا.
( أ ) موظف – نقل – ملاءمة القرار الصادر بنقل العامل تعد من شروط
مشروعيته التي تخضع لرقابة القضاء.
– المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة
1978.
الأصل أن لجهة الإدارة سلطة تقديرية واسعة في نقل العامل وفق متطلبات العمل ودواعيه،
وفي إطار المصلحة العامة، دون أن يكون للعامل أصل حق في التمسك بالبقاء في مكانه أو
في وظيفة بعينها – أساس ذلك: أن مركز العامل مركز قانوني يجوز للإدارة تغييره في كل
وقت وفق مقتضيات المصلحة العامة، دون معقب عليها في ذلك، مادامت قد التزمت الضوابط
والإجراءات المقررة للنقل، وخلا قرارها من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها –
يتعين لإجراء النقل أن يصدر بقرار عن سلطة التعيين، وأن يتضمن تحديد الوظيفة المنقول
إليها ليتولى مهامها وينهض بأعبائها – حظر المشرع النقل من مجموعة نوعية إلى مجموعة
أخرى مغايرة، أو النقل على وظيفة أخرى درجتها أقل، أو إذا كان يترتب على النقل تفويت
دور العامل في الترقية بالأقدمية.
(ب) قرار إداري – رقابة مشروعيته – تخضع ملاءمة إصدار القرار لرقابة القضاء إذا كانت
شرطًا من شروط مشروعيته.
لئن كانت جهة الإدارة تملك في الأصل حرية وزن مناسبات العمل وتقدير أهمية النتائج التي
تترتب على الوقائع الثابت قيامها، والتي من أجلها تتدخل لإصدار قرارها؛ فإنه حينما
تختلط مناسبات العمل الإداري بمشروعيته؛ بأن تكون ملاءمة إصدار القرار شرطًا من شروط
مشروعيته، وجب أن يكون تدخل الإدارة لأسباب جدية تبرره، فلا يكون العمل عندئذ مشروعًا
إلا إذا كان لازمًا، وهو في ذلك يخضع لرقابة القضاء الإداري، فإذا ثبت جدية الأسباب
التي بررت هذا التدخل كان القرار بمنجاة من الطعن، أما إذا اتضح أن هذه الأسباب لم
تكن جدية أو لم تكن فيها أهمية حقيقية كان باطلاً.
الإجراءات
في يوم السبت الموافق 18/ 9/ 2004 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة
عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم
18240 لسنة 50ق.ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط (الدائرة الثانية)
بجلسة 28/ 7/ 2004 في الدعوى رقم 6307 لسنة 13 ق الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع
بإلغاء القرار المطعون به رقم 2540 لسنة 2004 فيما تضمنه من نقل المدعي من قسم جوازات
أسيوط للعمل بمديرية أمن أسيوط، مع ما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجهة الإدارية
المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا
برفض الدعوى محل طعن المطعون ضده مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضده
المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلنت عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي
القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعًا، مع إلزام الجهة الإدارية
الطاعنة بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بعد إحالته إليها من الدائرة الثانية (فحص) على النحو
الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 7/ 3/ 2009 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة
اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 7/ 8/
2002 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 6307 لسنة 13ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء
الإداري بأسيوط طالبًا بقبول دعواه شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بنقله وإعادته
إلى جهة عمله المنقول منها مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات
ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحًا لدعواه غنه حصل على ليسانس الحقوق عام 1981 وعين في 7/ 1/ 1985 بقسم جوازات
أسيوط ثم فوجئ بنقله إلى مديرية أمن أسيوط في 27/ 6/ 2002 بناء على تقرير من رئيس قسم
الجوازات حيث أسند إليه القيام بأعمال إدارية بقسم القيودات لا تتفق ومستواه العلمي
والدرجة التي يشغلها.
ونعى المدعي على القرار المطعون فيه صدوره بالمخالفة للقانون حيث لم يعرض على لجنة
شئون العاملين، وقصد به إقصاؤه عن عمله بقسم الجوازات لاضطهاد رئيسه له.
وبجلسة 28/ 7/ 2004 حكمت المحكمة القضاء الإداري بأسيوط (الدائرة الثانية) بقبول الدعوى
شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 2540 لسنة 2004 فيما تضمنه من نقل
المدعي من قسم جوازات أسيوط للعمل بمديرية أمن أسيوط مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام
الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت قضاءها بعد استعراض أحكام المواد 4، 11، 54 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام
العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 على أن الثابت أن المدعي
كان يعمل بقسم جوازات أسيوط ثم صدر القرار المطعون فيه رقم 2540 لسنة 2002 متضمنًا
نقله للعمل بمديرية أمن أسيوط دون تحديد الوظيفة المنقول إليها ومن ثم يكون قد خالف
القانون خليقًا بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن أسباب الطعن الماثل تتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ
في تطبيقه وتأويله ذلك أن مفاد حكم المادة 54 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين
المدنيين بالدولة أن المشرع خول جهة الإدارة سلطة تقديرية واسعة في النقل، وتجري جهة
الإدارة النقل لاعتبارات تقدرها باعتبارها هي المسئولية عن حسن سير المرافق العام وليس
للموظف الحق في التمسك بالبقاء في مكان معين أو وظيفة معينة لأنه في مركز قانوني عام
يجوز تغييره في أي وقتن وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن عدم تحديد الوظيفة
المنتدب إليها العامل في القرار الصادر بندبه لا يعنى أن الندب قد تم إلى غير وظيفة
مما يترتب عليه بطلانه؛ ذلك أن المستقر عليه أن القرار الإداري يفترض أن يكون محمولاً
على الصحة ما لم يقم الدليل على عكس ذلك.
ومن حيث إن مفاد حكم المادة 54 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين
بالدولة، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع قد خول جهة الإدارة سلطة تقديرية
واسعة في نقل العامل من وحدة على أخرى ومن وظيفة إلى وظيفة أخرى وفق متطلبات العمل
وداوعيه وفي إطار المصلحة العامة، دون أن يكون للعامل أصل حق في التمسك بالبقاء في
مكان أو وظيفة بعينها على أساس أنه يفيد منها خبرة أو أنه لم يطلب النقل منها ذلك أن
مركز العامل هو مركز قانوني يجوز تغييره في كل وقت وفق مقتضيات المصلحة العامة دون
معقب على جهة الإدارة في ذلك ما دامت قد التزمت بالضوابط والإجراءات المقررة للنقل
وخلا قراراها من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها.
ومن حيث إنه من المسلم به أنه يتعين أن يجرى النقل بقرار من السلطة المختصة بالتعيين
وأن يتضمن تحديد الوظيفة المنقول إليها العامل بالهيكل التنظيمي بالوحدة ليتولى مهامها
وينهض بأعبائها؛ إذ أن قانون العالمين المدنيين بالدولة يقوم على أساس موضوعي قوامه
تقسيم الوظائف إلى مجموعات نوعية واعتبار كل مجموعة وحدة متميزة في مجال التعيين والترقية
والنقل والندب، ومن ثم فقد حظر المشرع النقل من مجموعة نوعية لمجموعة نوعية أخرى مغايرة
أو النقل من وظيفة أخرى درجتها أقل أو أن يترتب على النقل تفويت الدور على العامل في
الترقية بالأقدمية.
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه ولئن كانت جهة الإدارة تملك في الأصل حرية وزن مناسبات
العمل وتقدير أهمية النتائج التي تترتب على الوقائع الثابت قيامها والتي من أجلها تتدخل
لإصدار قرارها، إلا أنه حينما تختلط مناسبات العمل الإداري بمشروعيته بأن تكون ملائمة
إصدار القرار شرطًا من شروط مشروعيته وجب أن يكون تدخل الإدارة لأسباب جدية تبرره,
فلا يكون العمل عندئذ مشروعًا إلا إذا كان لازمًا وهو في ذلك يخضع لرقابة القضاء الإداري،
فإذا ثبتت جدية الأسباب التي بررت هذا التدخل كان القرار بمنجاة من الطعن أما إذا اتضح
أن هذه الأسباب لم تكن جدية أو لم يكن فيها من الأهمية الحقيقة كان القرار باطلاً.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده كان يعمل بقسم جوازات
أسيوط وبتاريخ 19/ 6/ 2002 صدر قرار مساعد وزير الداخلية للأفراد رقم 12540 لسنة 2002
بنقله إلى مديرية أمن أسيوط دون تحديد الوظيفة المنقول إليها وهو ما يصم القرار المطعون
فيه بمخالفة القانون، لا سيما وأن المطعون ضده قد أورد أنه نقل للعمل بقسم القيودات
بالمديرية وباشر أعمالا إدارية لا تتفق وتأهيله العلمي وخبرته العملية، وهو ما لم تجحده
جهة الإدارة أو تقدم ما يثبت عدم صحته, الأمر الذي يكون معه القرار الطعين والحال كذلك
قد صدر مشوبًا بعيب عدم المشروعية ومن ثم يكون خليقًا بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك
من آثار.
وإذا ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويغدو
الطعن فيه غير قائم على سند صحيح من القانون خليقا بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
