الطعنان رقما 13194 و16040 لسنة 53 ق عليا. – جلسة 25 /02 /2009
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والخمسين – من أول أكتوبر 2008 إلى آخر سبتمبر 2009 – صـ 321
جلسة 25 من فبراير سنة 2009
(الدائرة السادسة)
السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل نائب رئيس
مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ سامي أحمد محمد الصباغ نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ محمد البهنساوي محمد الرمام نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ حسن عبد الحميد البرعي نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ حسن سلامة أحمد محمود نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ على محمد الششتاوي نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ د. حمدي حسن الحلفاوى نائب رئيس مجلس الدولة
الطعنان رقما 13194 و16040 لسنة 53 القضائية عليا.
دعوى – لجان التوفيق في بعض المنازعات – تشكيلها – إجراءاتها –
الطبيعة القانونية لتوصيتها المذيلة بالصيغة التنفيذية – التفرقة بينها وبين القرار
الإداري.
– المواد ووومن القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض
المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها.
– المادة من قرار وزير العدل رقم 4213 لسنة 2000 بتنظيم العمل في لجان التوفيق
في المنازعات وأمانتها الفنية.
قرر المشرع إنشاء لجان سميت بلجان التوفيق في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة أو شخص
اعتباري عام؛ وذلك للتوفيق في بعض المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ
بين هذه الجهات والعاملين بها، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة –
تصدر اللجنة توصية في النزاع المعروض عليها يتم عرضها على طرفي النزاع، فإذا تم قبولها
أثبتت اللجنة ما تم الاتفاق عليه في محضر يوقعه الطرفان ويلحق بمحضر الجلسة، ويسلم
ذوو الشأن صورة رسمية منه مذيلة بالصيغة التنفيذية، وتكون له قوة السند التنفيذي، وتخطر
السلطة المختصة لتنفيذه، وتأخذ التوصية في هذه الحالة حكم الأحكام القضائية واجبة النفاذ،
ولا تعد بهذه المثابة قرارًا إداريًا مما يجوز الطعن عليه الإلغاء – ترتيبًا على ذلك:
إذا تم الطعن بالإلغاء على توصية لجنة التوفيق المذيلة بالصيغة التنفيذية يتعين القضاء
بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري (1) – تطبيق.
الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 15/ 5/ 2007 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها
نائبة عن الطاعنين في الطعن الأول قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر
عن محكمة القضاء الإداري المشار إليه الذي قضى في منطوقه بالآتي: حكمت المحكمة بعدم
قبول الدعوى وألزمت المدعين المصروفات ومئة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
وفي يوم السبت 16/ 6/ 2007 أودع وكيل الطاعن في الطعن الثاني قلم كتاب المحكمة تقريرًا
بالطعن على ذات الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري المشار إليه.
وطلب الطاعنون في الطعنين للأسباب الواردة بتقريري الطعنين بصفة مستعجلة الحكم بوقف
تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون
فيه والقضاء مجددًا أصليًا بقبول الدعوى، وإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري للنظر
في موضوعها، واحتياطيا: بعدم الاعتداد بالتوصية واعتبارها كأن لم تكن وإلزام المطعون
ضدهم المصروفات.
وقد أعلن تقريرا الطعنين وفقًا للثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي
القانوني في الطعنين انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعنين
شكلاً ورفضهما موضوعًا وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعنين بعدة جلسات ثم قررت
إحالتهما إلى الدائرة السادسة موضوع لنظرهما.
ونفاذًا لذلك ورد الطعنان إلى هذه المحكمة ونظرتهما بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها
وقررت إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه
عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 2/ 4/ 2002 أودع الطاعنون في الطعن الأول
ابتداء قلم كتاب محكمة الفيوم الابتدائية صحيفة الدعوى رقم 111 لسنة 2002 طالبين في
ختامها الحكم بعدم الاعتداد بالتوصية الصادرة عن لجنة التوفيق في بعض المنازعات بالفيوم
في الطلب رقم 3106 لسنة 2001، واعتبارها كأن لم تكن مع إلزام المدعي عليهم المصروفات.
وذكر المدعون شرحًا لدعواهم أنه بتاريخ 22/ 8/ 1999 تم تسليم ….. وآخرين مساحة قيراطًا 2100م2 من أرض أملاك الدولة خارج الزمام بناحية قصر الباسل مركز إطسا لإقامة
محكمة خدمة وتموين سيارات على طريق أسيوط باعتباره من شباب الخريجين، وتقدم المدعى
عليه الأول (المطعون ضده الأول في الطعن الأول والمطعون ضده الثالث في الطعن الثاني)
بعدة شكاوى يدعي فيها أحقيته في هذه المساحة، وببحث الشكاوي بمعرفة الشئون القانونية
ثبت وجود تعديات عليها بالفعل، فأصدر رئيس الوحدة المحلية القرار رقم 79 لسنة 2001
بإزالة تلك التعديلات الواقعة من …. وآخرين، فتقدم … بشكوى يتضرر فيها من قرار
الإزالة لأنه سبق تسليمه تلك المساحة بمحضر تسليم في 22/ 8/ 1999 مع منحه مهلة سنة
لتنفيذ المشروع، فصدر القرار رقم 175 لسنة 2001 بإلغاء قرار الإزالة رقم 79 لسنة 2001،
فتقدم المدعى عليه الأول بطلب إلى لجنة توفيق الأوضاع بالفيوم قيد برقم 2106 لإلغاء
القرار رقم 175 لسنة 2001 وتنفيذ قرار الإزالة رقم 79 لسنة 2001 فأوصت اللجنة بتنفيذ
قرار الإزالة رقم 79 لسنة 2001، وبتاريخ 14/ 1/ 2002 تقدم المدعى عليه الأول بمحضر
جلسة لجنة التوفيق مشمولاً بالصيغة التنفيذية طالبًا تنفيذ قرار الإزالة المشار إليه.
ونعى المدعون على توصيه اللجنة المشار إليها مخالفة القانون لعدم مراعاة لجنة التوفيق
لإجراءات وضمانات التقاضي، كما أن المدعى عليه الأول أدخل الغش على هذه اللجنة وقدم
ما يفيد موافقة المحافظ على قطعة أرض له، وأنه لم يوافق على قرار الإزالة رقم 79 لسنة
2001 ولم يخطر الخصوم للحضور أمام اللجنة.
وبجلسة 28/ 11/ 2002 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وإلزام المدعين
المصروفات، وتم الطعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 58 و103 لسنة 39 ق استئناف بني
سويف حيث حكمت المحكمة بجلسة 4/ 7/ 2004 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة ولائيًا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها
إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة وأبقت الفصل في المصروفات.
ونفاذًا لذلك أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري ببني سويف والفيوم وقيدت بجدولها
برقم 898 لسنة 5 ق وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني فيها ارتأت فيه
الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري وإلزام المدعين المصروفات.
وبجلسة 17/ 4/ 2007 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه استنادًا إلى أن توصية اللجنة
المشار إليها مذيلة بالصيغة التنفيذية ومدون بها أن الطرفين اتفقا على تنفيذ ما جاء
بها وتم ختمها بختم محكمة الفيوم الابتدائية، فهي بذلك بمثابة حكم واجب النفاذ، وتخرج
عن مفهوم القرار الإداري.
وانتهت المحكمة إلى قضائها المتقدم بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري.
ولم يلقَ هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين في كل من الطعنين الأول والثاني الذين نعوا
عليه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال؛ حيث إنه تم إدخال التدليس
على لجنة التوفيق مما أدى لإصدار التوصية بالمخالفة للحقيقة، كما أن اللجنة لم تخطر
الممثل القانوني للجهة الإدارية للمثول أمامها، وأن الحكم المطعون فيه صدر دون تسبيب،
وهذه التوصية قائمة على أساس منعدم ولم ينظم القانون طريقة الطعن عليها مما يفوت درجة
تقاضي
واختتم الطاعنون في الطعنين تقريري طعنيهما بطلب الحكم بطلباتهم.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض
المنازعات تنص على أن: " تنشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص
الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية
التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينهما وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية
الخاصة ".
وتنص المادة الثانية منه على أن: " تشكل اللجنة بقرار من وزير العدل برئاسة أحد رجال
القضاء أو أعضاء الهيئات القضائية السابقين من درجة مستشار على الأقل … ومن ممثل
للجهة الإدارية بدرجة مدير عام على الأقل أو ما يعادلها تختاره السلطة المختصة …
والطرف الآخر في النزاع …. ".
وتنص المادة التاسعة منه على أن: " تصدر اللجنة توصيتها في المنازعة … وتعرض التوصية
– خلال سبعة أيام من تاريخ صدورها – على السلطة المختصة والطرف الآخر في النزاع، فإذا
اعتمدتها السلطة المختصة وقبلها الطرف الآخر كتابة خلال الخمسة عشر يومًا التالية لحصول
العرض قررت اللجنة إثبات ما تم الاتفاق عليه في محضر يوقع من الطرفين ويلحق بمحضرها
وتكون له قوة السند التنفيذي، ويبلغ للسلطة المختصة لتنفيذه ".
وتنص المادة العاشرة من ذات القانون على أنه: " إذا لم يقبل أحد طرفي النزاع توصيه
اللجنة خلال المدة المشار إليها في المادة التاسعة من هذا القانون أو انقضت هذه المدة
دون أن يبدي الطرفان أو أحدهما رأيه بالقبول أو الرفض، أو لم تصدر اللجنة توصيتها خلال
ميعاد الستين يومًا يكون لكل من طرفي النزاع اللجوء للمحكمة المختصة …..
ويتولى قلم كتاب المحكمة التي ترفع إليها الدعوى عن ذات النزاع ضم ملف التوفيق إلى
أوراق الدعوى ".
ومن حيث إن قرار وزير العدل رقم 4213 لسنة 2000 بتنظيم العمل في لجان التوفيق في المنازعات
وأمانتها الفنية ينص في المادة الحادية عشرة على أنه: " إذ اعتمدت السلطة المختصة التوصية
وقبلها الطرف الآخر كتابة خلال الخمسة عشر يومًا التالية لحصول العرض أو بعد فوات هذا
الميعاد وقبل حفظ الطلب، تولت الأمانة الفنية عرض ما يفيد ذلك على رئيس اللجنة لتحديد
أقرب جلسة يتم إخطار الخصوم بها، وتقوم اللجنة فيها بإثبات ما تم الاتفاق عليه في محضر
يوقع عليه الطرفان ويلحق بمحضر الجلسة، وتسلم منه لذي الشأن صورة رسمية توضع عليها
الصيغة التنفيذية، وتخطر الأمانة الفنية للجنة السلطة المختصة قانونًا لتنفيذ ما ألتزمت
بتنفيذه طبقًا للاتفاق المثبت في المحضر المشار إليه ".
ومن حيث إن المستفاد من النصوص المذكورة أنه تم إنشاء لجان سميت لجان التوفيق في كل
وزارة أو محافظة أو هيئة عامة أو شخص اعتباري عام وذلك للتوفيق في بعض المنازعات المدنية
والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات والعاملين بها أو بينها وبين الأفراد
والأشخاص الاعتبارية الخاصة، على أن تشكل هذه اللجان برئاسة أحد رجال القضاء الحاليين
أو السابقين من درجة مستشار على الأقل وممثل الجهة الإدارية بدرجة مدير عام على الأقل
والطرف الآخر في النزاع، وتصدر اللجنة توصية في النزاع المعروض عليها يتم عرضها على
طرفي النزاع، فإذا تم قبولها أثبتت اللجنة ما تم الاتفاق عليه في محضر يوقعه الطرفان
ويلحق بمحضر الجلسة، يتسلم ذوو الشأن صورة رسمية منه مذيلة بالصيغة التنفيذية وتكون
له قوة السند التنفيذي، وتخطر السلطة المختصة لتنفيذه أما إذا لم يقبل أحد طرفي النزاع
توصية اللجنة يكون لهما اللجوء إلى المحكمة المختصة التي يتولى قلم كتابها في هذه الحالة
ضم ملف التوفيق.
ومن حيث إنه هديًا بما تقدم فإن توصية لجنة التوفيق المطلوب عدم الاعتداد بها وقد وافق
عليها طرفا النزاع وذيلت بالصيغة التنفيذية وأوضحت لها قوة السند التنفيذي وجب على
الجهة الإدارية المختصة تنفيذها بحسبانها منهية لهذا النزاع، تأخذ في هذه الحالة حكم
الأحكام القضائية واجبة النفاذ، ولا تعد بهذه المثابة قرارًا إداريًا مما يجوز الطعن
عليه بالإلغاء، حيث إن القرار الإداري هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما
لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح وذك بقصد إحداث مركز قانوني معين يكون جائزا
أو ممكنًا ابتغاء تحقيق مصلحة عامة، وهذه التوصية الصادرة عن لجنة التوفيق والمطعون
عليها ليست كذلك حسبما سلف، وإذ انتفت صفة القرار الإداري عنها فإنه يتعين القضاء بعدم
قبول الدعوى لانتفائه وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون صحيحًا ويكون
الطعن عليه مفتقرًا سنده من الواقع أو القانون جديرًا بالرفض وإلزام الطاعنين كلا مصاريف
طعنه عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعًا، وألزمت الطاعنين في كلا الطعنين مصروفاتهما.
(1) راجع كذلك المبدأ رقم (57/ جـ) في هذه المجموعة، حيث أكدت المحكمة أن التوصيات التي تصدر عن لجان فض المنازعات لا تحوز حجية الأمر المقضي، ولا تعتبر عنوانًا للحقيقة كالأحكام القضائية، وإنما تحوز قوة السند التنفيذي فقط بعد استيفائها للشروط المتطلبة لذلك.
