الطعن رقم 109 لسنة 53 ق عليا – جلسة 22 /11 /2008
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والخمسين – من أول أكتوبر 2008 إلى آخر سبتمبر 2009 صـ 110
جلسة 22 من نوفمبر سنة 2008
(الدائرة الأولى)
السيد الأستاذ المستشار/ نبيل ميرهم مرقص رئيس مجلس الدولة رئيسًا
السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق محمد راشد نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ إبراهيم الصغير إبراهيم يعقوب نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى سعيد مصطفى حنفي نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ أحمد عبد الحميد حسن عبود نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ عادل سيد عبد الرحيم نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ صلاح عبد اللطيف الجرواني نائب رئيس مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار/ هشام محمود طلعت الغزالي نائب رئيس مجلس الدولة
الطعن رقم 109 لسنة 53 القضائية عليا
تراخيص – ترخيص بناء – صدور الترخيص في ظل وضع تشريعي معين يكسب
المرخص له مركزًا قانونيًا مقتضاه أن يظل الترخيص ساريًا، دونما تأثر بالتعديلات التشريعية
التي تطرأ عليه.
– المادة من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، المعدل
بالقانون رقم لسنة 1996، والملغي بموجب القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون
البناء.
– قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3085 لسنة 1996 بشأن حدود الترخيص في تعليه المباني وقيود
الارتفاع بمدينة القاهرة الكبرى.
القواعد والضوابط التي صدر الترخيص في ظلها تعتبر جزءًا مكملا له وأساسا يقوم عليه
لا ينفصل عنه، بحيث لا يتأثر بأي تعديلات تشريعية لاحقة عليها، والقول بغير ذلك من
شأنه اختلال النظام القانوني الذي يسري عليه مشروع بنائي واحد بخضوعه لنظامين قانونيين
مختلفين – أساس ذلك: اكتساب المرخص له مركزًا قانونيًا مقتضاه أن يظل الترخيص ساريًا
دونما تأثر بالتعديلات التشريعية التي تطرأ عليه – مؤدي ذلك: صدور ترخيص البناء في
ظل وضع تشريعي خاص طبقت فيه قاعدة الحجوم كأساس لتحديد الحد الأقصى للارتفاع، يُكسب
المرخص له مركزا قانونيًا مقتضاه أن يظل الترخيص ساريًان ولو بدأ في تنفيذ البناء في
ظل قاعدة تشريعية عدَّلت الحد الأقصى للارتفاعات، ما دام الترخيص ما زال ساريا ولم
يستنفد ولم يسقط بعدم البدء في تنفيذ الأعمال – تطبيق .
الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق 4/ 10/ 2006 أودع الأستاذ/ … المحامي
بصفته وكيلا عن الشركة الطاعنة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم
عالية، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الشق العاجل من الدعوى
رقم 28011 لسنة 60ق بجلسة 3/ 9/ 2006 القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب
وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الشركة المدعية مصروفاته.
وطلبت الشركة الطاعنة – للأسباب الواردة في تقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً،
وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإيقاف القرار الصادر عن حي المعادي برقم 225
مكررًا لسنة 2006 لحين الفصل في الشق الموضوعي، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل
أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي، مع تنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني في الطعن، ارتأت في ختامه
الحكم بقبول الطعن شكلا, وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار رقم 225 مكررًا
لسنة 2006 بإيقاف الأعمال الجارية تنفيذا لترخيص البناء رقم 123 لسنة 1977 بما فيها
الرج رقم 5A على النحو الوارد بالأسباب، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وعينت جلسة 15/ 1/ 2007 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وتداولت نظره بالجلسات على
النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 2/ 6/ 2008 قررت إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة
27/ 9/ 2008 حيث نظرته على النحو المبين بمحاضر جلساتها، إلى أن تقرر النطق بالحكم
بجلسة اليوم وفيها أعيد الطعن للمرافعة لتصحيح شكل الدعوى واختصام محافظ حلوان ورئيس
مدينة المعادي وبذات الجلسة صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق
به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن الشركة الطاعنة
كانت قد أقامت الدعوى رقم 28011 لسنة 60 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بصحيفة
أودعت قلم كتاب المحكمة في 29/ 5/ 2006 بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 255
و225 مكررًا لسنة 2006 فيما تضمنه من إيقاف الأعمال الجارية بترخيص البناء رقم 123
لسنة 1977، كما طلبت إلزام جهة الإدارة بتعويض مقداره مئة وخمسون ألف جنيه يوميًا عن
الأضرار الناجمة عن تعطيل استثمارات الشركة خلال الفترة من تاريخ إيقاف تنفيذ المشروع
وحتى صدور الحكم.
وذكرت الشركة المدعية – شرحا لدعواها – أنها تمتلك مساحة 25 فدانًا على كورنيش النيل
بالمعادي، واستصدرت ترخيص البناء رقم 123 لسنة 1997 لإقامة عشرة آلاف وحدة سكنية في
ستة وثلاثين برجًا سكنيًا، ويضم المشروع ثلاثة أنواع من الإسكان: الفاخر، وفوق المتوسط،
والمتوسط، بالإضافة على المنشآت الإدارية والترفيهية والجراجات، وأضافت الشركة أنه
على إثر عدة شكاوي كيدية، أجرت إدارة الشئون القانونية بمحافظة القاهرة تحقيقا أحالته
إلى النيابة الإدارية بشأن المخالفات الآتية:
عدم وجود رسومات هندسية بملف الترخيص.
أن بعض المباني لا تطل على شوارع معتمدة، كما لا يوجد تقسيم معتمدة.
صدور الترخيص مجمعًا لكل الوحدات، فضلا عن تطبيق قاعدة الحجوم على الاستقامات.
وقد انتهت النيابة الإدارية إلى حفظ الموضوع تأسيسًا على تقرير مفصل من جهاز التفتيش
الفني على أعمال البناء لمصلحة الشركة المدعية ولدى قيام الشركة بتشييد البرج رقم 5A
المواجه للبرج رقم 7 تقدم اتحاد ملاك البرج الأخير بشكاوي يطالبون فيها بإيقاف العمل
في البرج المواجه لأنه سيحجب عنهم رؤية نهر النيل، وأقاموا دعويين مدنيتين: الأولى
لوقف الأعمال والثانية لمنع التعرض، وبتاريخ 6/ 5/ 2006 أخطرت الشركة بصدور القرار
المطعون فيه متضمنا إيقاف الأعمال الجارية بموقع أبراج عثمان محل الترخيص رقم 123 لسنة
1977، مما حداها على إقامة دعواها المطعون على الحكم الصادر فيها، وقد نعت على القرار
المطعون فيه مخالفته للقانون لأسباب تجمل في انعدام التسيب وعدم صحة الأسباب والتعسف
في استعمال الحق على التفصيل الوارد بصحيفة دعواها، والتي تحيل إليها هذه المحكمة تفاديا
للتكرار.
وبجلسة 3/ 9/ 2006 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسا على أن البادي من ظاهر الأوراق،
والقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الدعوى أن القرار المطعون فيه قام على خمسة
أسباب لم ترد في صلب القرار، وإنما كشفت عنها تحقيقات النيابة الإدارية في القضية رقم
54 لسنة 1988 وتخلص هذه الأسباب رقم عدم وجود تقسيم معتمد للمشروع. خلو ملف
الترخيص من الخرائط المعمارية والإنشائية. صدور الترخيص لمجموعة عقارات منفصلة
بعضها عن البعض. عدم إنشاء جراجات أسفل العقارات المبينة. عدم تحديد الحد الأقصى
للارتفاع والاعتماد على نظرية الحجوم التي تتعارض مع ضوابط الارتفاع المعمول بها حاليًا.
واستعرضت المحكمة في أسباب حكمها هذه الأسباب وخلصت إلى عدم قيام الأسباب الأربعة الأولى
منها على سند من الواقع أو القانون. أما السبب الخامس فقد ارتأت فيه المحكمة كفايته
لحمل القرار المطعون فيه وإسباغ المشروعية عليه؛ ذلك أن المخالفات المتعلقة بقيود الارتفاع
تعتبر من المخالفات الجسيمة التي تؤثر في مقتضيات المصلحة العامة وأمن السكان والمارة
والجيران، ويجب على جهة الإدارة اتخاذ الإجراءات والاحتياطيات اللازمة بشأنها، ولا
تثريب عليها إن هي اتخذت قرارًا بإيقاف الأعمال حتى يتم حسم الخلاف حول هذا الموضوع،
وخلص المحكمة إلى أنه بناء على هذا السبب وحده يكون القرار المطعون فيه غير مرجح الإلغاء،
وبذلك ينتفي ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، وكذلك ركن الاستعجال.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه صدر بالمخالفة للقانون وشابه قصور
في التسبيب وفساد في الاستدلال من عدة أوجه: أو لها: أن محكمة أول درجة بنت حكمها على
مخالفة العقار الموقوف العمل به لقيود الارتفاع، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه
قائما على أسبابه، في حين أن الترخيص الممنوح قد صدر متخذًا الحماية ضد قيود الارتفاع
متحصنًا بقاعدة الحجوم، إذ إن هذا الترخيص صدر طبقا للقانون رقم 106 لسنة 1976 والمادة
من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 45 لسنة 1962 السابق عليه لعدم صدور اللائحة
التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 وبالتالي لم تخالف الشركة الترخيص الصادر لها.
بالإضافة إلى أن المخالفات المنسوبة للشركة جرى تحقيقها بمعرفة النيابة الإدارية في
القضية رقم 54 لسنة 1998 وثبت عدم صحتها. وثاني هذه الأوجه أن المحكمة أغلفت أهمية
الاستعجال في إلغاء القرار بالنسبة للتعاقدات التي تمت بين الشركة والمتعاقدين على
تسليم وحداتهم في مواعيد معينة، وما ينجم عن التأخير في ذلك من تطبيق غرامات تأخير
عليها بالإضافة إلى تعطيل استثمارات الشركة مما يؤثر على استمرارها في سوق العمل. وثالثها:
أنه لم يتم تحرير أية مخالفات ضد الشركة بالنسبة للعقار المطعون على القرار الصادر
ضده.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ولاية محاكم مجلس الدولة في وقف تنفيذ القرارات
الإدارية مشتقة ن ولايتها في الإلغاء وفرع منها، ومردها على الرقابة القانونية التي
يسلطها القضاء الإداري على القرار الإداري على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه
مبدأ المشروعية، إذ يتعين على القضاء الإداري ألا يوقف قرارًا إداريًا – طبقًا للمادة
49 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 إلا إذا تبين له بحسب الظاهر
من الأوراق ون مساس بأصل الحق أن طلب وقف التنفيذ توفر فيه ركنان: أولهما: ركن الجدية
ويتمثل في قيام الطعن في القرار – بحسب الظاهر من الأوراق – على أسباب جدية من حيث
الواقع أو القانون تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع، وثانيهما: ركن الاستعجال
بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن المشرع في القانون رقم
106 لسنة 1976 في شأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء وتعديلاته حظر إنشاء مبان أو إقامة
أعمال أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها في إجراء أي تشطيبات خارجية إلا بعد الحصول
على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، وأوجب المشرع في القانون
ذاته على طالب الترخيص أن يرفق بطلبه البيانات والمستندات والموافقات والرسومات المعمارية
وغيرها مما حددته اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه، وفي المقابل أوجب على الجهة
الإدارية المختصة بشئون التنظيم القيام بفحص طلب الترخيص ومرفقاته خلال المدة التي
عينها القانون، فإذا استبان لها مطابقة الأعمال المطلوب الترخيص فيها لأحكام القانون
المشار إليه ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له قامت بإصدار الترخيص, وإلا منحت
طالب الترخيص مهلة عينها القانون لاستيفاء ما تراه لازمًا من مستندات أو بيانات أو
موافقات لإصدار الترخيص على النحو الذي رسمه القانون في هذا الشأن.
ومن حيث إنه متى صدر الترخيص طبقًا لأحكام القانون وجب على المرخص له الشروع في تنفيذ
الأعمال المرخص بها, فإذا ما قعد عن ذلك ومضت ثلاث سنوات على منحه الترخيص أوجب المشرع
عليه في المادة من القانون المشار إليه تجديد الترخيص لمرة واحدة ولمدة سنة واحدة
تبدأ من انقضاء الثلاث السنوات، بحيث لا يجوز تكراره؛ لئلا يتراخى المرخص له في تنفيذ
الأعمال المرخص بها، أما إذا كان قد شرع في التنفيذ بالفعل فإنه لا إلزام عليه لإتمام
أعمال البناء المرخص بها خلال مدة معينة، خلافًا لما كان عليه الحال قبل تعديل القانون
رقم 106 لسنة 1976 بالقانون رقم 101 لسنة 1996 الذي قد وضع حدا أقصى لذلك.
ومن حيث إنه من المستقر عليه أن القواعد والضوابط التي صدر الترخيص في ظلها تعتبر جزءًا
مكملاً له وأساسًا يقوم عليه لا ينفصل عنه، بحيث لا يتأثر بأي تعديلات تشريعية لاحقة
عليها، والقول بغير ذلك من شأنه اختلال النظام القانوني الذي يسرى عليه مشروع بنائي
واحد بخضوعه لنظامين قانونيين مختلفين، وهو الأمر الذي حرص قرار رئيس مجلس الوزراء
رقم 3085 لسنة 1996 على تجنبه لدى تنظيمه للسلطة التي أتاحها له المشرع في الإعفاء
من الحد الأقصى للارتفاع أو تقييده، حيث استوجب أن تكون تعلية المباني التي بدئ في
إنشائها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 في الحدود التي كان مسموحًا بها
قبل هذا التاريخ، كل ذلك شريطة أن يكون الترخيص الممنوح لهم يستنفد ولم يسقط بعدم البدء
في التنفيذ خلال المدة المقررة قانونًا.
(في هذا المعنى فتوى الجمعية العمومية رقم 1357 في 17/ 11/ 1997 ملف 7/ 2/ 186)
لما كان ما تقدم وكان البادي من الأوراق أن الشركة الطاعنة قد استصدرت ترخيص بناء برقم
123 لسنة 1977 لإقامة 36 برجًا سكنيًا, بيد أنه بعد قيامها بالشروع في بناء برج التداعي
فوجئت بصدور قرار بإيقاف أعمال البناء فيه إثر شكوى مقدمة من اتحاد ملاك البرج المقابل
له بدعوى مخالفته لقيود الارتفاع المقررة قانونًا.
ولما كان ترخيص البناء الذي حصلت عليه الشركة الطاعنة قد صدر في ظل وضع تشريعي خاص
طبقت فيه قاعدة الحجوم والتي تقرر ألا يتجاوز مكعب المباني في مختلف الأدوار محسوبا
من سطح الطريق واحدًا وعشرين مثلاً لسطح أرض المشروع, وبدأت الشركة في التنفيذ بالفعل
في برج التداعي وفي تاريخ سابق على تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء رقم 3085 لسنة 1996
الصادر نفاذا للقانون رقم 101 لسنة 1996 المعدل للقانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه،
ومن ثم فإن الترخيص المشار إليه كون قد اكتسب مركزًا قانونيًا مقتضاه أن يظل ساريا
دونما أدنى تأثر بالتعديلات التشريعية التي تطرأ على الحد الأقصى للارتفاعات، خاصة
وأن هذا الترخيص ما زال ساريا ولم يستنفد ولم يسقط بعدم البدء في تنفيذ برج التداعي،
وهو ما لم تجحده الجهة الإدارية المطعون ضدها، ومن ثم فإن القول لمخالفة الشركة لقيود
الارتفاع نتيجة للأخذ بنظرية الحجوم في تحديد الارتفاع يكون مجافيًا للصواب، ويغدو
من ثم القرار المطعون فيه، وقد استند إلى هذا البيان مخالفًا للقانون، مرجح الإلغاء،
ويتوفر معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم القول بأن البرج الموقوف الأعمال فيه سوف يعوق جيرانه
من رؤية نهر النيل، ذلك أن هؤلاء الجيران لا يملكون حقا استئثاريًا برؤية النيل من
شرفات منازلهم يبرر لهم الحق في الشكوى مما يعوق هذا الحق.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإنه قد توفر هو الآخر، نظرًا لما يترتب على الاستمرار
في تنفيذ القرار المطعون فيه من المساس والافتئات على المكنات التي يخولها حق الملكية
من استعمال واستغلال وتصرف، فضلاً عن الأضرار المادية المستمرة نتيجة للتوقف عن أعمال
البناء في برج التداعي سواء بالنسبة للعاملين في المشروع أو للتعاقدات العقارية لوحدات
هذا البرج، وما يترتب على ذلك من غرامات التأخير على نحو ما ساقته وبحق الشركة الطاعنة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، إذا لم يأخذ بهذه الوجهة من النظر، فمن ثم يكون قد خالف
القانون، ويغدو متعينًا القضاء بإلغائه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
قارن بحكم الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية في الطعن رقم 8459 لسنة 44 القضائية بجلسة 15/ 3/ 2003، المنشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنة مكتب فني، رقم 62 ص 531، حيث انتهت المحكمة إلى أن الترخيص تصرف إداري مؤقت يتم بالقرار الصادر بمنحه، يخول المرخص له مركزًا قانونيًا مؤقتًا يرتبط حقه في التمتع به وجودًا وعدمًا بأوضاع وظروف وشروط وقيود يترتب على تغييرها أو انقضائها أو الإخلال بها أو مخالفتها جواز تعديل أوصاف هذا الترخيص، أو سقوط الحق فيه بتخلف شرط الصلاحية للاستمرار في الانتفاع به، أو زوال سبب منحه، أو انقضاء الأجل المحدد له، أو تطلب المصلحة العامة إنهاءه، وهو بهذا يفترق عن القرار الإداري الذي يكتسب حصانة عامة – ولو كان خاطئًا – تعصمه من السحب والإلغاء متى صار نهائيًا بمضي وقت معلوم واستقر به مركز قانوني أصبح غير جائز الرجوع فيه أو المساس به.
