الطعن رقم 28 لسنة 68 ق – جلسة 28 /04 /2005
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
السنة 56 – صـ 434
جلسة 28 من أبريل سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد طيطة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم عبد الغفار، محمد الجابري، نبيل أحمد صادق نواب رئيس المحكمة وأمين محمد طموم.
الطعن رقم 28 لسنة 68 القضائية
محكمة الموضوع "مسائل الواقع" "سلطتها فى تقدير الأدلة". نقض "رقابة محكمة النقض".
مسئولية.
تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها والأخذ بما تطمئن
إليه منها واستخلاص الخطأ الموجب للمسئولية والضرر وعلاقة السببية بينهما. من سلطة
محكمة الموضوع. عدم خضوعها لرقابة محكمة النقض فى ذلك . شرطه .
تعويض "تقدير التعويض". محكمة الموضوع.
تقدير التعويض مسألة موضوعية . استقلال القاضى بها عند عدم وجود نص يلزمه باتباع معايير
معينة .
(3 ، 4) المسئولية " المسئولية المدنية: العمل غير المشروع". أعمال تجارية "صفة التاجر".
فوائد "بدء سريان الفوائد". حكم "عيوب التدليل: الخطأ فى تطبيق القانون".
المسئولية المدنية عن العمل غير المشروع. الأصل اعتبارها مسؤولية مدنية تخضع للقانون
المدني. الاستثناء. امتداد صفة العمل التجارى بطريق التبعية لأعمال التاجر. صفة التاجر
لا تثبت للدولة وأشخاص القانون العام. م 20 ق 17 لسنة 1999. أثره . التزامها بالتعويض
عن التأخير بالوفاء بنسبة 4% باعتباره التزاماً مدنى وليس تجارياً.
الفوائد على التعويض عن العمل غير المشروع . استحقاقها من تاريخ صيرورة الحكم نهائى
وليس من تاريخ المطالبة القضائية . علة ذلك . الأعمال التحضيرية للمادة 226 مدنى.
1- المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع
فى الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن
إليه منها واطراح ما عداه واستخلاص الخطأ الموجب للمسئولية والضرر وعلاقة السببية بينهما
ولا رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض طالما جاء استخلاصها سائغاً فحسبها أن تبين
الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب تكفى لحمله .
2 – تقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة فى تقدير التعويض مسألة موضوعية يستقل بها
قاضى الموضوع ما دام لا يوجد نص فى القانون يلزم باتباع معايير معينة فى خصوصه .
3 – الأصل أن المسئولية عن العمل غير المشروع هى مسئولية مدنية تخضع لأحكام القانون
المدنى فى المواد 163 وما بعدها ولا يمتد إليها صفة العمل التجارى إلا بطريق التبعية
لأعمال التاجر، وكان الأصل أن الدولة وغيرها من أشخاص القانون العام لا تثبت لها صفة
التاجر و يسرى قانون التجارة على الأعمال التجارية التى تباشرها إلا ما استثنى بنص
خاص وهو ما قننه المشرع فى المادة 20 من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة
1999 فإن ما تلتزم به الدولة وغيرها من أشخاص القانون العام من فوائد قانونية كتعويض
عن التأخر فى الوفاء به يكون بنسبة 4% باعتبار أن التزامها هو التزام مدنى وليس تجارياً.
4- النص فى المادة 226 من القانون المدنى على أنه "إذا كان محل الالتزام مبلغاً من
النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين فى الوفاء به ، كان ملزماً بأن يدفع
للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة فى المائة فى المسائل المدنية
وخمسة فى المائة فى المسائل التجارية . وتسرى هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية
بها" يدل وعلى ما يبين من الأعمال التحضيرية لهذا النص أن المشرع قصد من عبارة "وقت
الطلب" والتى استبدلت بعبارة " قت نشوء الالتزام" الواردة بالمشروع التمهيدى للقانون
منع سريان الفوائد المنصوص عليها فى هذه المادة على التعويض عن العمل غير المشروع من
تاريخ المطالبة القضائية ، وأن الفوائد تحتسب عن الفعل غير المشروع من تاريخ صيرورة
الحكم نهائى .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة
وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم …… بورسعيد الابتدائية ضد الطاعنة "مصلحة
الجمارك" وشركة …. "الناقل" بطلب إلزامهما متضامنين بأداء مبلغ 10,000 جنيه تعويضاً
مؤقتاً على سند من أنها استوردت رسالة أقلام طراز "……" مختلفة الأنواع وصول ميناء
بورسعيد إلا أن الرسالة وصلت ميناء الإسكندرية حيث تم تفريغ الرسالة والكشف عليها فى
جمرك المحمودية ثم ختمت بالرصاص وشحنت إلى جمرك بورسعيد حيث تم إعادة الجرد الذى أسفر
عن وجود فارق بين الجردين ، قامت إدارة التفتيش بإعادة الجرد حيث ثبت خطأ الجردين السابقين
. طالبت مصلحة الجمارك الشركة المطعون ضدها برسوم جمركية على أساس ارتكاب جريمة التهريب
الجمركى إلا أن الأخيرة كانت قد أقامت الدعوى رقم ….. مستعجل بورسعيد الابتدائية
لإثبات الحالة حيث أوضح الخبير فيها نسبة العجز ورغم ذلك لم تأخذ به المصلحة الطاعنة
وتحفظت على البضاعة ضماناً لسداد الرسوم الجمركية عليها حيث سددت ولم يفرج عن البضاعة
. صدر القرار رقم 695 فى27/ 7/ 1983 بإخضاع الأقلام المستوردة للرسوم الجمركية برسم
الوارد وما أدى إليه من ارتفاع سعر الرسالة وعدم قابليتها للتداول فتم إعادة تصديرها
مما عرض المطعون ضدها لخسائر مادية ، ندبت المحكمة خبيراً فى الدعوى وبعد أن أودع تقريره
عدلت المطعون ضدها طلباتها إلى إلزام الشركة الناقلة ومصلحة الجمارك بالمبلغ الذى انتهى
إليه الخبير والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية .
بتاريخ 30/ 12/ 1989 حكمت المحكمة بإجابة الشركة المطعون ضدها إلى طلباتها . استأنفت
الشركة الناقلة هذا الحكم بالاستئناف رقم ….. لسنة …. ق الإسماعيلية مأمورية بورسعيد
، كما استأنفته مصلحة الجمارك الطاعنة بالاستئناف رقم …..لسنة ….. ق الإسماعيلية
مأمورية بورسعيد ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بجلسة 19/ 11/ 1997 برفضهما
وتأييد الحكم المستأنف . طعنت مصلحة الجمارك فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة
مذكرة أبدت فيها الرى برفضه ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت
جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى المصلحة الطاعنة بالسبب الأول على الحكم المطعون
فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه
لم يرد على أسباب استئنافها والمتمثلة فى تسبب الشركة المطعون ضدها فى إطالة أمد الإجراءات
وعدم تقدمها بطلب للإفراج عن الرسالة المخزنة منذ وصولها حتى إعادة تصديرها ، فضلاً
عن الاستناد إلى صور ضوئية جحدتها الطاعنة كما أن المحكمة قدرت التعويض جزافى وأن
الخطأ ينتفى عن الطاعنة لعدم طلب الإفراج عن الرسالة وعدم امتناع الجمارك عن الإفراج
وبالنسبة للضرر فلم يثبت بالأوراق ما يؤكد وقوعه بما يكشف عن خطأ المحكمة فى تكييف
الوقائع مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع
السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها
والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه واستخلاص الخطأ الموجب
للمسئولية والضرر وعلاقة السببية بينهما ولا رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض طالما
جاء استخلاصها سائغاً فحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على
أسباب تكفى لحمله ، وأن تقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة فى تقدير التعويض مسألة
موضوعية يستقل بها قاضى الموضوع ما دام لا يوجد نص فى القانون يلزم باتباع معايير معينة
فى خصوصه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن – فى حدود سلطته التقديرية
– إلى تقارير الخبراء فيها وعَّول عليها منتهى إلى القضاء بالتعويض بعنصريه وهما
ما لحق الشركة المطعون ضدها من خسارة وما فاتها من كسب ، تأسيساً على ثبوت خطأ الطاعنة
فى تأخيرها الإفراج عن الرسالة حتى صدور قرار وزير المالية رقم695 لسنة 1983 بإخضاع
الأقلام المستوردة للرسوم الجمركية وما ترتب عليه من إعادة تصدير الرسالة ، نتيجة الضرر
الذى حاق بالشركة المطعون ضدها من جراء ارتفاع سعر الرسالة – بصدور القرار سالف البيان
– وعدم قابلية الرسالة بالتالى للتداول بطريقة تجارية ، وكان ما خلص إليه الحكم المطعون
فيه سائغاً وله أصل بالأوراق وكافى لحمل قضائه ومؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها
، فإن ما تثيره الطاعنة بسبب النعى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعى مما تنحسر عنه رقابة
محكمة النقض ويكون النعى غير مقبول .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى
تطبيقه وبياناً لذلك تقول إن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائى فى قضائه بالفوائد
من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد ، واحتسابه للفائدة وبواقع 5% حال أن التزامها
بالفوائد هو التزام مدنى باعتباره تعويضاً عن خطأ تقصيرى وتسرى الفوائد عنه بواقع 4%
من تاريخ صيرورة الحكم نهائى ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك أنه ولما كان الأصل أن المسئولية عن العمل غير المشروع
هى مسئولية مدنية تخضع لأحكام القانون المدنى فى المواد 163 وما بعدها ولا يمتد إليها
صفة العمل التجارى إلا بطريق التبعية لأعمال التاجر ، وكان الأصل أن الدولة وغيرها
من أشخاص القانون العام لا تثبت لها صفة التاجر و يسرى قانون التجارة على الأعمال التجارية
التى تباشرها إلا ما استثنى بنص خاص وهو ما قننه المشرع فى المادة 20 من قانون التجارة
الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 فإن ما تلتزم به الدولة وغيرها من أشخاص القانون
العام من فوائد قانونية كتعويض عن التأخر فى الوفاء به يكون بنسبة 4% باعتبار أن التزامها
هو التزام مدنى وليس تجارى ، كما أن النص فى المادة 226 من القانون المدنى على أنه
"إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين
فى الوفاء به كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها
أربعة فى المائة فى المسائل المدنية وخمسة فى المائة فى المسائل التجارية وتسرى هذه
الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها" يدل وعلى ما يبين من الأعمال التحضيرية لهذا
النص أن المشرع قصد من عبارة "وقت الطلب" والتى استبدلت بعبارة "وقت نشوء الالتزام"
الواردة بالمشروع التمهيدى للقانون منع سريان الفوائد المنصوص عليها فى هذه المادة
على التعويض عن العمل غير المشروع من تاريخ المطالبة القضائية ، وأن الفوائد تحتسب
عن الفعل غير المشروع من تاريخ صيرورة الحكم نهائى ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه
هذا النظر وجرى فى قضائه على التزام الطاعنة – مصلحة الجمارك – بالفوائد القانونية
بنسبة 5% باعتبار أن التزامها بالتعويض عن العمل غير المشروع هو دين تجارى فضلاً عن
سريان تلك الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب
نقضه فى هذا الخصوص.
