الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 3850 لسنة 43 ق عليا: – جلسة 19 /06 /2005 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون – الجزء الثاني – من أول إبريل سنة 2005 إلى آخر سبتمبر سنة 2005 – صـ 1262


جلسة 19 من يونيه سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكي فرغلي – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد الشيخ على أبو زيد، وعبد المنعم أحمد عامر، ود. سمير عبد الملاك منصور، وأحمد منصور على منصور – نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ طارق رضوان – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن – سكرتير المحكمة

الطعن رقم 3850 لسنة 43 قضائية عليا:

اختصاص – ما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة – المنازعات المتعلقة بالمعاشات العسكرية لضباط القوات المسلحة.
المشرع خصص قضاءً مستقلاً قائمًا بذاته لنظر المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات المسلحة، ويعتبر هذا القضاء جهة قضائية تقوم بجانب القضاء الإداري بمجلس الدولة، وذلك نزولاً على أحكام الدستور الذي نص في المادة منه على أنه "ينظم القانون القضاء العسكري ويبين اختصاصاته في حدود المبادئ الواردة في هذا الدستور"، وأن هذه النصوص جاءت من الشمول والعموم بما يدخل جميع المنازعات الإدارية الخاصة بالمكافآت والمرتبات والمعاشات في اختصاص القضاء العسكري طالما تعلقت بضباط القوات المسلحة، سواء منهم من كان بالخدمة أو تركها، الأمر الذي تنأى معه هذه المنازعات عن اختصاص القضاء الإداري متى ثبت انتماء المدعي إلى هيئة ضباط القوات المسلحة وانخراطه فيها، وتعلقت المنازعة الإدارية بشأن من شئونهم أثناء الخدمة أو بعدها، وذلك بحسبانها جهة قضائية قائمة بذاتها تتعلق ولايتها بالاختصاص الولائي بنظر تلك المنازعات دون غيرها – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 20/ 5/ 1997 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل بطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء أصليًا: بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى. واحتياطيًا: بسقوط الحق المطالب به بالتقادم الخمسي.
وتم إعلان تقرير الطعن، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا ارتأت فيه – لأسبابه – الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وجرى نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 6/ 3/ 2005 إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 7127 لسنة 49 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 29/ 6/ 1995 طلب في ختامها الحكم بإلغاء القرار الصادر بالامتناع عن صرف مستحقاته من معاشه المستقطع بمقتضى المادة المقضي بعدم دستوريتها من تاريخ تعيينه في الوظيفة المدنية في إبريل 1976.
وقال – شرحًا لدعواه – إنه على إثر انتهاء خدمته كضابط بالقوات المسلحة استحق معاشًا عسكريًا اعتبارًا من 1/ 12/ 1975، وإذ التحق بالعمل بوزارة العدل عومل منذ تعيينه في إبريل 1976 بأحكام المادة من القانون رقم 90 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 31 لسنة 1992 بشأن المعاشات العسكرية التي تخطر الجمع بين المعاش العسكري كاملاً والمرتب المستحق من الوظيفة المدنية، وقد قضى بتاريخ 4/ 2/ 1995 بعدم دستورية هذا النص، في الدعوى رقم 3 لسنة 6ق. دستورية ونشر الحكم بالجريدة الرسمية في 6/ 3/ 1995، وإزاء ذلك تقدم إلى إدارة التأمين والمعاشات بالقوات المسلحة لصرف مستحقاته من معاشه التي تم استقطاعها منه طبقًا للمادة المذكورة منذ تاريخ تعيينه إلا أن الإدارة أخطرته بتنفيذ الحكم اعتبارًا من 7/ 3/ 1995 اليوم التالي لتاريخ نشره.
وينعى المدعي على رد الجهة الإدارية مخالفته لمقتضى الحكم بعدم الدستورية من انعدام نص المادة – المقضي بعدم دستوريته – بأثر رجعى إلى تاريخ صدور هذا النص.
وبجلسة 24/ 3/ 1997 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه قاضيًا بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المدعى في صرف مستحقاته من معاشه العسكري اعتبارًا من تاريخ تعيينه بإدارة قضايا الحكومة وحتى تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا على النحو الواضح بالأسباب وألزمت الإدارة المصاريف.
وأقامت المحكمة قضاءها – بعد استعراض نص المادة من القانون رقم 90 لسنة 1975 بإصدار قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة المعدل بالقانون رقم 31 لسنة 1992 – على أن الثابت أن المدعى (المطعون ضده) قد ربط له معاش عسكري قبل انتهاء خدمته بالقوات المسلحة، وعُيّن في 28/ 3/ 1976 مندوبًا مساعدًا بإدارة قضايا الحكومة بالقرار رقم 311 لسنة 1976، وعُيّن قاضيًا بالمحاكم الابتدائية في 27/ 1/ 1982 وتدرج حتى عُيّن مستشارًا بمحكمة النقض في 17/ 7/ 1996 وحتى الآن، ومن ثم فإنه بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بجلسة 4/ 2/ 1995 بعدم دستورية نص المادة سالفة الذكر – التي كانت تخطر الجمع بين المعاش العسكري كاملاً والمرتب المدني – يحق للمدعى صرف مستحقاته من معاشه العسكري الذي أوقف صرفه إعمالاً لحكم هذه المادة، من تاريخ تعيينه بهيئة قضايا الحكومة، وحتى تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريتها، وذلك إعمالاً للأثر الرجعى لهذا الحكم.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب الآتية:
1) تضمن الحكم اختصاص مجلس الدولة بنظر الدعوى رغم تعلقها بشأن من شئون المدعى كأحد رجال القضاء – مستشار بمحكمة النقض – بالمخالفة لأحكام المادة من قانون السلطة القضائية التي تعقد الاختصاص في هذه الحالة لإحدى دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض، ولذلك يدفع الطاعنون – بصفة أصلية – بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى.
2) خالف الحكم ما تقضي به المادة من قانون المحكمة الدستورية من سريان أحكامها من اليوم التالي لتاريخ نشرها فيما عدا النصوص الجنائية، ولذا يطالب الطاعنون بصفة احتياطية برفض الدعوى.
3) خالف الحكم المطعون فيه مقتضى المادة من القانون المدني من سقوط الحقوق الدورية المتجددة – ومنها المعاش – التي لم يطالب بها خلال خمس سنوات بالتقادم؛ ولذا يطالب الطاعنون – على سبيل الاحتياط الكلي – الحكم بسقوط حق المطعون ضده – المطالب به – بالتقادم الخمسي.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 96 لسنة 1971 في شأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة تنص على أنه: "تختص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بهيئة قضائية دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية التي تصدرها لجان الضباط بالقوات المسلحة، وتنشأ بكل فرع من أفرع القوات المسلحة لجنة قضائية تختص دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية التي تصدرها لجنة ضباط القوات المسلحة ويصدر بتنظيمها وتحديد اختصاصاتها قرار من رئيس الجمهورية". كما صدر القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة، ونص في المادة منه على أن "تنشأ بالقوات المسلحة اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة الآتية:
أ) اللجنة القضائية لضباط القوات البرية.
ب) اللجنة القضائية لضباط القوات البحرية.
ج) اللجنة القضائية لضباط القوات الجوية.
د) اللجنة القضائية لضباط قوات الدفاع الجوى.
هـ) اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة.
ونصت المادة منه على أن "تختص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة، دون غيرهما، بالفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات المسلحة ……..".
ومن حيث إنه يستفاد من هذه النصوص، على نحو ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة"، أن المشرع خصص قضاءً مستقلاً قائمًا بذاته لنظر المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات المسلحة، ويعتبر هذا القضاء جهة قضائية تقوم بجانب القضاء الإداري بمجلس الدولة، وذلك نزولاً على أحكام الدستور الذي نص في المادة منه على أن "ينظم القانون القضاء العسكري ويبين اختصاصاته في حدود المبادئ الواردة في هذا الدستور"، وأن هذه النصوص جاءت من الشمول والعموم بما يدخل جميع المنازعات الإدارية الخاصة بالمكافآت والمرتبات والمعاشات في اختصاص القضاء العسكري طالما تعلقت بضباط القوات المسلحة سواء منهم من كان بالخدمة أو تركها، الأمر الذي تنأى معه هذه المنازعات عن اختصاص القضاء الإداري متى ثبت انتماء المدعي إلى هيئة ضباط القوات المسلحة وانخراطه فيها وتعلقت المنازعة الإدارية بشأن من شئونهم أثناء الخدمة أو بعدها، وذلك بحسبانها جهة قضائية قائمة بذاتها، تتعلق ولايتها بالاختصاص الولائى بنظر تلك المنازعات دون غيرها.
ومن حيث إنه لما كانت المنازعة الماثلة تتعلق بالمعاش العسكري الذي يطالب المدعى (المطعون ضده) به بعد تقاعده من وظيفته العسكرية (رائد بالقوات المسلحة) أيًا كانت الوظيفة التي تشغلها حاليًا، فإن الاختصاص الولائي بنظر هذه المنازعة ينعقد للجنة القضائية لضباط القوات المسلحة على النحو سالف البيان، وذلك تعليقها بمعاش عسكري يتم تسويته وصرفه طبقًا للقواعد والأوضاع التي استقرت عليها أحكام اللجان القضائية المشار إليها.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهبًا مغايرًا لمقتضى أحكام القانونين رقمي 96 لسنة 1971و 71 لسنة 1975، وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة آنف الذكر، فإنه يكون والأمر كذلك قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله مما يتعين معه القضاء بإلغائه والحكم بعدم الاختصاص الولائي لمجلس الدولة بهيئة قضائية بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى اللجان القضائية بالقوات المسلحة المختصة عملاً بحكم المادة من قانون المرافعات المدنية.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعد اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى اللجنة القضائية المختصة بالقوات المسلحة لنظرها.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات