الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 13283 لسنة 51 ق. عليا: – جلسة 25 /03 /2006 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون – الجزء الأول – من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس سنة 2006 – صـ 638


جلسة 25 من مارس سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق، حسن كمال أبو زيد، وعبد الفتاح عبد الحليم عبد البر، د/ محمد ماهر أبو العينين – نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد حسنين عبد الواحد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ يحيى سيد علي – سكرتير المحكمة

الطعن رقم 13283 لسنة 51 قضائية. عليا:

موظف – طوائف خاصة – عاملون بمجلس الدولة – تأديبهم – سريان أحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة عليهم.
قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم لسنة 1972 لم يفرد نظامًا خاصًا لمحاسبة الكتبة والإداريين على النحو المقرر في قانون السلطة القضائية، الأمر الذي يستوجب معه تطبيق قانون العاملين المدنيين بالدولة على تأديبهم رجوعًا إلى الأصل العام في هذا الخصوص – مقتضى ذلك: اختصاص النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية بمحاكمتهم – تطبيق.


الإجراءات

في 17/ 5/ 2005 أقام وكيل الطاعن الطعن الماثل بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم سالف البيان الذي تضمن مجازاة الطاعن بخصم أجر شهر من راتبه.
وطلب الطاعن – في ختام تقرير الطعن – الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا ببراءته مما هو منسوب إليه.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وقد انتهت هيئة مفوضي الدولة في تقريرها إلى أنها تري تخفيض الجزاء الموقع على الطاعن بتوقيع جزاء خصم خمسة أيام من راتبه.
وقد ورد الطعن أمام دائرة فحص الطعون وأمام هذه المحكمة وعلى الثابت بمحاضر الجلسات، حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن واقعات الحكم المطعون فيه تخلص – حسبما يظهر من الأوراق – في أنه بتاريخ 9/ 2/ 2004 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 88 لسنة 46 ق، وذلك بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها متضمنة ملف قضيتها رقم 460 لسنة 2003 جيزة خامس وتقرير اتهام ضد:
……، سكرتير الدائرة السابعة تسويات بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة سابقًا وحاليًا بالدائرة العاشرة، وبالدرجة الثالثة سابقًا وحاليًا على المعاش.
لأنه في 1/ 10/ 2002 بمقر عمله السابق وبوصفه السابق خرج على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤدِ العمل المنوط به بدقة وخالف أحكام القانون والتعليمات المالية بما من شأنه المساس بمالية الدولة بأن:
أهمل في الحفاظ على الملفات عهدته بالدائرة السابعة تسويات بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة مما ترتب عليه فقده مستندات من عدد 22 ملف دعوى على نحو ما ورد بالتقرير المعد من اللجنة المشكلة لفحص عهدته المؤرخ 17/ 11/ 2003 على النحو الموضح تفصيلاً بالأوراق.
وطلبت النيابة محاكمته تأديبيًا وفقًا لمواد القانون المشار إليها بتقرير الاتهام فنحيل إليه منعًا للتكرار.
وتدوول نظر الدعوى على النحو الوارد بمحاضرها، وبجلسة 1/ 1/ 2005 قدم الحاضر عن المتهم مذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم ببراءته مما نُسب إليه، وبجلسة 26/ 3/ 2005 أصدرت المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها حكمها القاضي بمجازاة المحال بخصم أجر شهر من راتبه.
وشيدت المحكمة قضاءها على ثبوت المخالفة المسندة للمحال ثبوتًا يقينيًا من الوراق والتحقيقات واعتراف المحال بما نُسب إليه، ولما لم يلقَ هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن، فقد أقام طعنه الماثل بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 17/ 5/ 2005، ملتمسًا قبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
ثانيًا: أسباب الطعن:
مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وذلك على النحو التالي:
1 – عدم اختصاص المحكمة:
حيث تنص المادة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على ألا توقع عقوبة إلا بحكم من مجلس التأديب، وأن هذا النص عين به المشرع السلطة المختصة بتوقيع الجزاء التأديبي على العاملين بالمحاكم، وأن العاملين بمحاكم مجلس الدولة هم موظفون مدنيون بالدولة مثلهم مثل العاملين بالمحاكم العادية، وأنه بناءً عليه فإن هذا النص ينطبق على العاملين بمجلس الدولة باعتبار أنهم يعملون بالمحاكم إلا أن الحكم الطعين استند إلى عدم وجود نص بقانون مجلس الدولة يختص بتأديب العاملين المدنيين به، ومن ثم فقد رجع إلى الأصل العام وهو قانون العاملين المدنيين بالدولة، بينهما كان يتعين أن يرجع إلى قانون السلطة القضائية باعتبار أنه قانون خاص، ومن ثم فهو يقيد العام، وهو نظام العاملين المدنيين بالدولة.
2 – موضوع الدولة:
فقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن سوء تنظيم المرفق يعتبر من الظروف المخففة، وأنه يجب تقدير خطورة ما يثبت قبل العامل من مخالفات أو جرائم تأديبية في الظروف والملابسات الموضوعية التي حدثت فيها وأن طبيعة العمل الذي كان يقوم به الطاعن كسكرتير للدائرة السابعة كان العمل يُقسم بين اثنين من السكرتارية، الأول سكرتير داخل الجلسة وهو الذي يتولى العمل مع هيئة المحكمة، والثاني سكرتير خارج الجلسة وهو الذي يتولى تسلم ملفات الدعاوى الواردة للدائرة من هيئة مفوضي الدولة وعمل كشوف بها لعرضها على السيد الأستاذ المستشار رئيس الدائرة حتى يتم تحديد جلسة لهذه الدعاوى، فإذا تحدد لهذه الطلبات جلسات يتم تسليم هذه الطلبات إلى سكرتير خارج الجلسة ليقوم بعمل شميز لكل دعوى ثم يقوم بتسليم هذا الشميز إلى سكرتير داخل الجلسة (الطاعن) ويتم تداول هذا الشميز من قِبل الدائرة الموقرة، ويودع بهذا الشميز أية مستندات أو مذكرات يتم تقديمها أثناء تداول الدعوى بالجلسات حتى يتم حجز الدعوى للحكم، وعندما يطلب من سكرتير خارج الجلسة ملف الدعوى الأصلي ليودع به الشميز، ثم يتم تسليمه إلى السيد الأستاذ المستشار المقرر. وبتطبيق ذلك على موضوع الطعن فقد كان الطاعن يشغل وظيفة سكرتير داخل الجلسة وكان يشغل إحدى الغرف الصغيرة الضيقة بالمحكمة في الوقت الذي كان……. سكرتير خارج الجلسة يشغل غرفة أخرى يودع بها ملفات كافة دوائر محكمة القضاء الإدارة وذلك يثبت عدم وجود حفظ بالمحكمة، فضلاً عن أن الدعاوى التي رغم أن هناك بعض المستندات أو المذكرات ناقصة منها كانت بحيازة سكرتير خارج الجلسة ولم تكن في حيازة الطاعن، بالإضافة إلى أنه صدرت أحكام في العديد منها، بالإضافة إلى العثور على عدد 163 ملفًا آخر مفقودًا.
3 – الغلو في الجزاء:
إذ شاب الجزاء الموقَّع على الطاعن عيب الغلو مما يخرجه عن المشروعية.
هذا وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرها بشأن الطعن الماثل والمعد خلال شهر يونيو 2005، انتهت فيه إلى طلب قبول الطاعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بمجازاة الطاعن بخصم أجر خمسة أيام من راتبه تأسيسًا على ثبوت المخالفات المنسوبة إلى الطاعن في حقه ثبوتًا يقينيًا إلا أن تقدير الحكم للجزاء المقضي به على الطاعن شابه الغلو بمقولة إن المخالفة المنسوبة إلى الطاعن قائمة على الإهمال في الحفاظ على الملفات عهدته، وأن أغلب الدعاوى المفقودة قد صدرت أحكام في العديد منها.
وانتهى الطاعن إلى طلباته سالفة البيان.
ومن حيث إنه بادئ ذي بدء فإن المحكمة تشير إلى عدم صحة ما ورد بتقرير الاتهام عن حالة الطاعن الوظيفية من أنه محال إلى المعاش، حيث إن الثابت أنه لم يزل بالخدمة وأنه نقل فقط للعمل بدائرة أخرى غير تلك التي كان بها وكان واجبًا تحري الدقة في هذا الخصوص نظرًا لاختلاف الجزاءات التي يمكن توقيعها عليه في حالة إحالته للمعاش.
ومن حيث إنه وعن دفع الطاعن بعدم اختصاص النيابة الإدارية أو المحكمة التأديبية بمحاكمته فهو لا يقوم على سند من الواقع أو القانون، حيث لم يفرد قانون مجلس الدولة نظامًا خاصًا لمحاسبة الكتبة والإداريين على النحو المقرر في قانون السلطة القضائية فيستوجب الأمر تطبيق قانون العاملين المدنيين على تأديبهم رجوعًا إلى الأصل العام في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه وعن موضوع الطعن فإن الثابت من الأوراق أن البلاغ الأول المقدم من مجلس الدولة ضد الطاعن تضمن عدم وجود عدد 126 ملف دعوى وطعن استئنافي وشميز من عهدته، وعندما قامت النيابة الإدارية بالتحقيق تبين أن اللجنة الأولى التي حصرت الملفات بمناسبة نقل الطاعن من دائرة إلى أخرى قد باشرت العمل في غيبته ولم توقع اللجنة على محاضر أعمالها وكان التقرير الخاص بها موقعًا عليه من رئيسها فقط دون باقي الأعضاء. كما تبين العثور على عدد كبير من الملفات المفقودة أرشد عنها الطاعن بوجودها في أماكن أخرى فتم تكليف مدير التفتيش الإداري من قبل النيابة الإدارية لإعادة حصر الملفات ومعرفة المفقود منها وقدمت اللجنة تقريرها بوجود 50 ملفًا ضائعًا، وعند إعادة سؤال أعضاء اللجنة في النيابة الإدارية تبين أنه ليست هناك ملفات مفقودة وإنما توجد نواقص في مستندات وحوافظ بعض هذه الملفات ويبلغ عددها 22 ملفًا هناك نقص في مستنداتها وحوافظها وهو ما أقام الاتهام ضد الطاعن.
ومن حيث إنه تبين من الأوراق أن الطاعن لم يكن سكرتير الدائرة الوحيد، بل كانت الملفات تدور بينه وبين سكرتير آخر وبالتالي لم تكن له السيطرة الكاملة على عهدته.
ومن حيث إنه تبين – أيضًا – من الأوراق أن الفترة المدعي بفقد الملفات فيها كانت هناك حالة تنقلات بين السكرتارية الخاصة بالجلسات من الحجرات التي يشغلونها إلى حجرات أخرى في طوابق أخرى وترتب على ذلك عدم إمكان سيطرة هؤلاء الموظفين على عهدتهم من الملفات على نحو كامل، حيث تبين عدم وجود بعض الملفات في حجرات الحفظ والبعض الآخر في الحجرات القديمة للسكرتارية، وأن الطاعن قرر في التحقيق أن بعض المستندات المفقودة هي نتيجة تداول الملفات في المحكمة بين الأعضاء قبل صدور الحكم فيها؛ حيث إن هذه الملفات المدعى بفقد بعض المستندات منها قد صدرت فيها أحكام، وهو ما يعني أن هذه المستندات كانت تحت نظر المحكمة قبل إصدار حكمها، فضلاً عن ذلك فإنه حتى يتسنى نسبة الاتهام للطاعن كان متعينًا معرفة الدورة الإدارية للملف أو للشميز الخاص بها بدءًا بتسلم الطاعن للملف والشميز الخاص به وانتهاءً بصدور الحكم في الدعوى، فالمجرى العادي للأمور يجعل الدعوى والشميز الخاص بها متداولاً بين أعضاء المحكمة حتى صدور الحكم فيها والأصل أنه ما لم يدَّعِ أحد الخصوم فقد أي مستند خاص به في الدعوى أن ملف الدعوى كان مستكملاً لأوراقه حتى صدور الحكم فيها وتسلم الطاعن للملف من عضو المحكمة المقرر لهذا الملف وعليه فإن تداول الدعوى بين أكثر من يد بعيدًا عن يد الطاعن يجل نسبة الإهمال إليه في فقد بعض المستندات غير قائم على يقين وإنما على اعتقاد ظني بتسلمه ملف الدعوى من العضو المقرر على نحو كامل وهو ما يقتضي وجوب عمل مراجعة شاملة من الطاعن لكل ملف يتلقاه من العضو المقرر بعد صدور الحكم في الدعوى وهو ما لا يحدث إلا عندما يتم الطعن في الحكم الصادر في الدعوى، فتتم تعلية المستندات على الملف، ويظهر من هنا المقارنة بين المستندات المعلاة والمستندات المستلمة من الطاعن، وهو ما لم يحدث في خصوص الدعاوى محل الاتهام؛ وعليه فالاتهام لا يثبت يقينًا في حق الطاعن عن مسئوليته عن ضياع بعض هذه المستندات، لأنه لم يكن الشخص الوحيد الذي تداول هذه الملفات، بل تداولتها أيادٍ أخرى، ويكون اتهامه غير قائم على أساس سليم، ويكون الحكم بمجازاته من ثم واجب الإلغاء.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات