الطعن رقم 5308 لسنة 45 ق. عليا: – جلسة 25 /03 /2006
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون – الجزء الأول – من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس سنة 2006
– صـ 624
جلسة 25 من مارس سنة 2006م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد
عزوز – رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم
أبو العزم، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ومحمد أحمد محمود محمد – نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / ثروت محمد عبد العاطي – مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
الطعن رقم 5308 لسنة 45 قضائية. عليا:
صناديق خاصة – الصندوق الاجتماعي للتنمية – منح قروض للمشروعات
الصغيرة لا يمثل بحسب الأصل التزامًا قانونيًا.
– إذا اتجه الصندوق الاجتماعي للتنمية إلى منح قروض للمشروعات الصغيرة التي يزمع محدودو
الدخل إقامتها، فإن ذلك يُعد من قبيل الأعمال أو التصرفات التي تخضع في إتمامها للسلطة
التقديرية للصندوق، و لا تمثل – بحسب الأصل – التزامًا قانونيًا عليه يحق معه لصاحب
الشأن أن يقاضي الصندوق بشأن الإخلال به، ما لم يكن الصندوق قد وافق بصفة نهائية على
منح القروض، ثم أخل بهذه الموافقة دون سبب أو مبرر قانوني، ففي هذه الحالة ينشأ التزام
على الصندوق يتعين عليه الوفاء به – تطبيق.
الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق 19 من مايو سنة 1999 أودع الأستاذ/ شفيق
محمد شاهين – المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا
تقرير طعن – قيد برقم 5308 لسنة 45 قضائية عليا – في الحكم المشار إليه بعاليه، والقاضي
في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون
ضدهم بدفع مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضًا له عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به
مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان المطعون ضدهم بتقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بإلغاء قرار مجلس إدارة
الصندوق الاجتماعي للتنمية بالامتناع عن منح الطاعن القرض المشار إليه مع ما يترتب
على ذلك من آثار وأحقيته في التعويض الذي تقدره المحكمة وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وعُين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/ 10/ 2004 وتدوول بجلسات المرافعة
على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/ 5/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى
المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الأولى – موضوع لنظره بجلسة 18/ 6/ 2005.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/ 2/ 2006 قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة 11/ 3/ 2006، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 25/ 3/ 2006
لاستمرار المداولة.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، بعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 2/ 8/ 1993
أقام الطاعن الدعوى المطعون على حكمها ابتداءً أمام محكمة دمنهور الابتدائية طالبًا
الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه تعويضًا
له عن الأضرار التي أصابته من جراء امتناع الصندوق المدعى عليه عن منحه قرضًا لإنشاء
ورشة رخام، مع إلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وذلك للأسباب المبينة بصحيفة
الدعوى.
وبجلسة 26/ 3/ 1993 حكمت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وأحالتها
بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للاختصاص أبقت الفصل في المصروفات.
ونفاذًا للحكم المشار إليه وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية وقيدت
بجدولها العام برقم 2903 لسنة 48ق.
وبجلسة 22/ 3/ 1999 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها المطعون فيه برفض الدعوى وشيدت المحكمة
قضاءها على أن صرف القروض كقاعدة عامة هو إجراء جوازي للسلطة المانحة حتى مع توافر
شروط المنح، وإذ لم يقدم المدعي ما يفيد استحقاقه للقرض الذي يطالب بمنحه – بمراعاة
أن قروض الصندوق الاجتماعي للتنمية موجهة أساسًا لشباب الخريجين حديثي التخرج وفقًا
للقواعد المنصوص عليها في القرار الجمهوري رقم 40 لسنة 1991 المشار إليه – وأن المدعي
قرر في صحيفة دعواه أنه ضابط متقاعد بالقوات المسلحة، ومن ثم فلا تتوافر في شأنه شروط
منح القروض المشار إليها، وبالتالي يضحى القرار المطعون فيه متفقًا وصحيح حكم القانون،
وينتفي تبعًا لذلك قيام الخطأ في جانب الجهة الإدارية، مما يغدو معه طلب التعويض غير
قائم على أساس من القانون خليقًا بالرفض.
بيد أن الحكم المذكور لم يصادف قبولاً من المدعي (الطاعن) فأقام طعنه الماثل ينعى فيه
على الحكم الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، إذ أورد تفسيرًا لقرار إنشاء الصندوق الاجتماعي
بأنه يستهدف محدودي الدخل من الشباب حديثي التخرج، وهذا التفسير في غير محله، حيث إن
القرار المذكور لم يحدد فئة بعينها من محدودي الدخل وإنما شمل جميع محدودي الدخل من
عامة الشعب أيًا كانت أعمارهم، كما أن المشروع الخاص بالطاعن وهو إنشاء ورشة رخام هو
من المشروعات التي يدعمها الصندوق وفقًا لما جاء بكتابه المرسل إلى بنك التنمية والائتمان
الزراعي بالبحيرة في 15/ 1/ 1996، مما يعنى أنه يستحق القرض الذي يطالب بمنحه لتنفيذ
هذا المشروع، وأضاف الطاعن أنه ينعى أيضًا على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال
والإخلال بحق الدفاع، إذ استند الحكم في القول بانعدام الخطأ في جانب الجهة الإدارية
إلى عدم توافر شروط منحه القرض، لأن قرار إنشاء الصندوق يخص محدودي الدخل من الشباب
حديثي التخرج، وهو ما يتعارض مع كتاب الصندوق المشار إليه والمتضمن أنه يمول جميع المشروعات
زراعية كانت أو صناعية، وقد تأكد حق الطاعن في صرف القرض مما جاء بكتاب الصندوق المرسل
إليه بتاريخ 5/ 9/ 1991 بالموافقة الضمنية على الصرف، وكذلك ما أفاد به المطعون ضده
الثاني (وزير الحكم المحلي) في 21/ 2/ 1992 من إحالة شكواه إلى المطعون ضده الخامس
(رئيس الوحدة المحلية بدمنهور) لاستيفاء الاستمارات والأوراق المطلوبة، وقيام هذا الأخير
في 5/ 8/ 1992 بإحالة موضوعه إلى المطعون ضده الرابع (رئيس جهاز التعاون الإنتاجي بدمنهور)
وجميع هذه المكاتبات تضمنت أحقيته في صرف القرض، إلا أن المطعون ضدهم امتنعوا عن الصرف،
وهو ما يشكل قرارًا سلبيًا يحق له الطعن عليه وطلب التعويض عن الخسارة التي لحقت به
من جراء هذا القرار، والمتمثلة في الأموال التي أنفقها من ماله الخاص لاستئجار مكان
المشروع وتجهيزه بالمعدات وذلك دون طائل، فضلاً عما أصابه من أضرار نفسية وأدبية.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على قرار رئيس الجهورية رقم 40 لسنة 1991 بإنشاء الصندوق
الاجتماعي للتنمية، يبين أنه قد خلا من نص صريح على التزام الصندوق بمنح قروض لمحدودي
الدخل لتنفيذ مشروعاتهم الصغيرة، إذ انحصر اختصاص الصندوق وفقًا لما جاء بالمادتين
(2، 7) من القرار على دعم برنامج للإصلاح الاقتصادي، وعلى تعبئة الموارد المالية والفنية
العالمية والمحلية للمعاونة في تنمية الموارد البشرية ورفع المعاناة عن محدودي الدخل
بإعداد وتنفيذ مشروعات محددة لزيادة فرص العمل وتحسين المستوى المعيشي لهم، وذلك من
خلال الوزارات والأجهزة والمؤسسات والشركات سواء من القطاع العام أو الخاص.
ومن حيث إن مؤدي ذلك أنه إذا ما اتجه الصندوق إلى منح قروض للمشروعات الصغيرة التي
يزمع محدودو الدخل إقامتها، فإن ذلك يعد من قبيل الأعمال أو التصرفات التي تخضع في
إتمامها للسلطة التقديرية للصندوق، ولا تمثل – بحسب الأصل – التزامًا قانونيًا عليه
يحق معه لصاحب الشأن أن يقاضي الصندوق بشأن الإخلال به، ما لم يكن الصندوق قد وافق
بصفة نهائية على منح القرض، ثم أخل بهذه الموافقة دون سبب أو مبرر قانوني، ففي هذه
الحالة ينشأ التزام على الصندوق يتعين عليه الوفاء به.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن – وهو ضابط متقاعد
من القوات المسلحة – تقدم بطلب إلى رئيس مجلس الوزراء إبان عام 1991 للحصول على قرض
من الصندوق الاجتماعي للتنمية لتمويل إنشاء ورشة رخام، وبتاريخ 5/ 9/ 1991 تلقى ردًا
من الصندوق المذكور يفيد بأنه سيتم الإعلان في المستقبل القريب عن الجهات التي يمكن
له التقدم إليها للحصول على القرض المطلوب، وقد خلت الأوراق مما يفيد صدور أية موافقات
– سواء مبدئية أو نهائية – من الصندوق على الطلب المقدم منه، وأن ما صدر من مكاتبات
في هذا الصدد عن بعض الجهات المعنية – والتي أشار إليها الطاعن في صحيفة طعنه – لا
تعدو أن تكون من قبيل الإجراءات أو التوصيات التي لا ترقى إلى الموافقات المطلوبة لإمكان
صرف القرض، ومن ثم فإن امتناع الصندوق الاجتماعي عن منح الطاعن القرض المطلوب لا يشكل
والحالة هذه قرارًا سلبيًا مخالفًا لأحكام القانون حسبما ذهب إليه الطاعن.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن ركن الخطأ وهو أحد الأركان الواجب توافرها إلى جانب ركني
الضرر وعلاقة السببية، لقيام مسئولية الإدارة عن التعويض عن قراراتها غير المشروعة،
يضحى غير متوافر في الدعوى، مما يغدو معه طلب التعويض غير قائم على أساس من القانون
خليقًا بالرفض.
وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد وافق صحيح حكم القانون ولا
مطعن عليه، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الطعن الماثل.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.
