الطعن رقم 9483 لسنة 49 ق. عليا: – جلسة 18 /03 /2006
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون – الجزء الأول – من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس سنة 2006
– صـ 581
جلسة 18 من مارس سنة 2006م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس
مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق، وحسن كمال أبو
زيد، ود. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر، وحسني درويش عبد الحميد – نواب رئيس مجلس
الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد حسنين عبد الواحد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ يحيى سيد علي – أمين السر
الطعن رقم 9483 لسنة 49 قضائية. عليا:
موظف – تأديب – واجب الموظف في تحري مطابقة أوامر رئيسه للقانون.
حكم المادة من قانون العقوبات لا مجال لتطبيقه في القضاء التأديبي، ولا يستقيم
تطبيقها وطبيعة المحاكمة التأديبية، لا سيما وأن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة
الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 أورد نص المادة منه تكاد تطابق حكم المادة من قانون العقوبات، ومفاد نص المادة سالفة البيان أن للموظف في غير حالات الضرورة
العاجلة أن يتطلب لتنفيذ أمر رئيسه أن يكون مكتوبًا، فله أن يعترض كتابة على هذا الأمر
المكتوب، إذا رأى أنه ينطوي على مخالفة لقواعد تنظيمية آمرة، فإذا ما قام الموظف بالامتثال
لأمر شفهي من رئيسه رغم اعتقاده أنه مخالف للقانون أو لقاعدة تنظيمية آمرة، فإنه يكون
قد ارتكب بذلك مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة بحيث لا يجوز أن يدفع عن نفسه تلك المسئولية
استنادًا لأمر شفهي من رئيسه غير مستند إلى صحيح حكم القانون – تطبيق.
الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق 28/ 5/ 2003 أودع الأستاذ/ …….. –
المحامي بالنقض، بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير
طعن قيد بجدولها تحت رقم 9483 لسنة 49 قضائية عليا، طعنًا في الحكم المشار إليه، فيما
قضى به من مجازاة الطاعنين الثالث والرابع والسابع بخصم شهر من أجر كل منهم، ومجازاة
الطاعنين الأول والثاني والخامس والسادس والثامن بخصم خمسة عشر يومًا من أجر كل منهم.
وطلب الطاعنون – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به بالنسبة للطاعنين وبراءتهم من التهم المسندة
إليهم بلا مصاريف.
وجرى إعلان الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني انتهت – للأسباب المبينة فيه
– إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 25/ 9/ 2004، وبالجلسة التالية على النحو
المبين بمحاضرها، وبجلسة 9/ 2/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره
بجلسة 12/ 3/ 2005، وتدول نظره بجلسات المحكمة، وبجلسة 28/ 1/ 2006 قررت المحكمة إصدار
الحكم بجلسة اليوم/ وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 23/ 5/ 2001
أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 114 لسنة 43 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية
والتعليم وملحقاتها بتقرير اتهام ضد كل من:
1 – …………. 2 – ………….
3 – …………. ، مدرس بمدرسة كفر الشرفا التجارية بنين بالدرجة الثانية.
4 – …………. ، مدرس بمدرسة كفر الشرفا التجارية بنين بالدرجة الثالثة.
5 – …………. ، سكرتير مدرسة بمدرسة كفر الشرفا التجارية بنين بالدرجة الثالثة.
6 – …………. ، مدرس بمدرسة كفر الشرفا التجارية بنين بالدرجة الأولى.
7 – ………….
8 – …………. ، وكيل مدرسة كفر الشرفا التجارية بنين بالدرجة الأولى.
9 – ………….
10 – ………… ، رئيس قسم بمدرسة كفر الشرفا التجارية بنين بالدرجة الأولى.
11 – …………. – وكيل مدرسة كفر الشرفا التجارية بنين بالدرجة الأولى.
12 – …………. ، مدرس بمدرسة كفر الشرفا التجارية بنين بالدرجة الثانية.
لأنهم خلال الفترة من يوليو حتى سبتمبر 2000 بدائرة إدارة المرج التعليمية – من الثاني
حتى الثالث عشر: لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأتوا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية
للدولة وذلك بأن:
– من الثالث حتى السابع: وقعوا على محاضر معاينة وحصر الرواكد بالمدرسة وتحديد التالف
منها رغم صورية المحضر، وعدم قيامهم بالمعاينة.
– من الخامس حتى الحادي عشر: وقعوا على محضر فتح المظاريف بما يفيد فحص العطاءات والترسية
على أنسبها رغم صورية المحضر ومخالفة ذلك للحقيقة.
– السابع والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر: وقعوا على محضر وزن أصناف الرواكد رغم
عدم قيامهم بتلك الأعمال.
وطلبت النيابة محاكمة المذكورين تأديبيًا طبقًا للمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 14/ 4/ 2003 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها على أساس أنه بشأن
ما نسب إلى كل من:……… "المحال الثالث"، و……….. "المحال الرابع"، و………..
"المحال الخامس"، و…… "المحال السادس"،.. العاملين بمدرسة كفر الشرفا التجارية
بنين من أنهم وقعوا على محاضر معاينة وحصر الرواكد بالمدرسة وتحديد التالف منها رغم
صورية المحضر، وعدم قيامهم بالمعاينة، فإن ذلك ثابت قبلهم بإقرارهم بتوقيعهم على نتيجة
الجرد أمام أسمائهم كأعضاء لجنة، إذ تضمنت الأوراق أعضاء تلك اللجنة من بنهم المذكورين،
وأعدوا تقريرًا أفادوا فيه بنتيجة الجرد على الأثاث رغم أن التحقيق كشف عن عدم قيامهم
بجرد أي أثاث بالمدرسة، الأمر الذي يرتب مسئوليتهم على ذلك، ويستوجب مجازاتهم تأديبيًا.
ومن حيث إن المحكمة أقامت قضاءها بشأن ما نُسب إلى كل من:……..، ………….،
…………، ………….، ………..، …………. المحالين من الخامس حتى الحادي
عشر، من أنهم وقعوا على محضر فتح المظاريف بما يفيد فحص العطاءات والترسية رغم صورية
المحضر ومخالفة ذلك للحقيقة، فإن ذلك ثابت قبلهم بإقرارهم بتوقيعهم على لجنة فتح المظاريف
رغم عدم وجود عطاءات قدمت في هذا الشأن، وأن هذا المحضر يعد صوريًا، ومن ثم تكون هذه
المخالفة ثابتة في حقهم ثبوتًا يقينيًا، مما سيتوجب مجازاتهم عنها تأديبيًا.
ومن حيث إن المحكمة أقامت قضاءها بشأن ما نسب إلى كل من:…….، ………، …………،
……… (المحالين السابع والحادي عشر والثاني عشر، والثالث عشر) من أنهم وقعوا على
محضر وزن أصناف الرواكد رغم عدم قيامهم بتلك الأعمال، فإن ذلك ثابت قبلهم بإقرارهم
بتوقيعهم على محضر الوزن – سالف الذكر – مما يفيد الوزن، واعترافهم بذلك، رغم إقراراهم
بعدم وزن أي راكد، الأمر الذي يرتب مسئوليتهم عن ذلك، ويستوجب مجازاتهم عنها تأديبيًا.
وخلصت المحكمة إلى حكمها المشار إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف تطبيق القانون على سند
من القول بأن الحكم الطعين قد خالف المادة من قانون العقوبات نظرًا لأن المحاضر
التي وقع عليها الطاعنون والتي قدموا بسبب ذلك للمحاكمة التأديبية قد وقعوا عليها بموجب
أوامر تكليف من رئيسهم المحال الأول الذي يجب عليهم إطاعته، وأنهم حسنو النية لأن هذه
الأفعال لم تعد عليهم بأدنى فائدة ولم تدر عليهم ربحًا، وكان يتعين على المحكمة أن
تحكم ببراءتهم وتعاقب فقط رئيسهم، أما وقد عاقبت الطاعنين فإن حكمها يكون قد خالف نص
المادة من قانون القوبات، هذا فضلاً عن الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب
على سند من القول أن المحكمة أدانت الطاعنين على مجرد توقيعهم كأعضاء مكلفين من قبل
المحال الأول، لأن مجرد التوقيع لا يعد إدانة لأنه كان نفاذًا لأمر رئيسهم، كما أنهم
ليس لديهم خبرة في مجال البيع بالمزاد أو إجراءاته القانونية، كما أن المحال الأول
اتخذ قرار البيع بالمزاد وقام بالتوقيع عنهم بإيهامهم بأنها مجرد تحصيل حاصل، أضف إلى
ذلك أنه بالنسبة لمحضر فحض المظاريف لم يكن صوريًا كما استندت المحكمة في حكمها، فالثابت
أن هناك فضًا للمصاريف، وتحرر عنه محضر فض والأعضاء الذين قاموا بعملية فض المظاريف
هم مكلفين من قبل المحال الأول الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال
مما يستوجب إلغاءه. وأخيرًا نعى الطاعنون على الحكم الغلو في الجزاء لأن المخالفات
المنسوبة إليهم لا تستوجب توقيع الجزاءات التي قضى بها الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فيخلص فيما ورد بكتاب إدارة المرج التعليمية رقم 94 المؤرخ
في 23/ 11/ 2000 من أن التوجيه المالي والإداري بالإدارة قد أعد تقريرًا تضمن وجود
عجز في المقاعد والتخت بمدرسة الشرفا التجارية بنين تمثل في عدد 135 مقعدًا، وعدد 175
تحته، هذا وقد تبين من الأوراق أن مدرسة كفر الشرفا التجارية بنين تقدمت بمذكرة إلى
الإدارة التعليمية طلبت فيها استهلاك عدد 284 تخته وعدد 382 مقعدًا فتم إحالة المذكرة
إلى التوجيه المالي والإداري فقام بتشكيل لجنة لحصر الأثاث من المقاعد والتخت وأسفر
البحث عن أن المدرسة ورد إليها الأثاث من المقاعد والتخت على مراحل اعتبارًا من 21/
9/ 1994 حتى 22/ 5/ 2000 بإجمالي عدد 350 تخته و390 مقعدًا، وبمطابقة ما هو ثابت بدفاتر
العهدة مع ما هو متواجد على الطبيعة تبين وجود عجز في المقاعد والتخت وتبين أن تلك
الأصناف من الأثاث تم بيعها بمبلغ 744.30 جنيه رغم عدم مرور المدة المقررة للاستهلاك،
وانتهى التقرير إلى أن تبديد تلك المقاعد والتخت ترتب عليه ضرر مالي جملته 24896.52
جنيه بما فيها المصاريف الإدارية.
هذا وقد أحيل التقرير إلى الشئون القانونية التي أجريت تحقيقًا تضمن سؤال عامل العهدة
الذي أفاد بأن بيع المقاعد والتخت تم بمعرفة……. مدير المدرسة، وانتهى التحقيق إلى
إحالة الأوراق إلى النيابة الإدارية لانطواء الواقعة على مخالفة مالية، وقد أجرت النيابة
الإدارية تحقيقًا في الموضوع بالقضية رقم 7 لسنة 2001 تعليم ثالث، خلصت فيه إلى ثبوت
مسئولية الطاعنين عن المخالفات المنسوبة إليهم، وطالبت بمحاكمتهم تأديبيًا عما نُسب
إليهم وذلك على النحو الوارد بتقرير الاتهام في الدعوى رقم 114 لسنة 32 ق.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة استقر على أن الموظف ملتزم بأداء عمله بدقة وأمانة وبذل
الجهد المطلوب للوصول إلى النتيجة الحقيقية، ومن ثم فإنه يكون مسئولاً عن الإهمال أو
الخطأ أو التهاون أو الإخلال الذي يقع منه حال تأديته الأعمال الموكولة إليه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن الطاعنين من الأول إلى الرابع ارتكبوا
مخالفة التوقيع على محاضر معاينة وحصر الرواكد بالمدرسة وتحديد التالف فيها، رغم صورية
المحضر وعدم قيامهم بالمعاينة، وأن الطاعنين من الثالث إلى السابع اقترفوا مخالفة التوقيع
على محضر فتح المظاريف بما يفيد فحص العطاءات والترسية على أنسبها رغم صورية المحضر
ومخالفة ذلك للحقيقة، وارتكاب الطاعنين السابع والثامن مخالفة التوقيع على محضر وزن
أصناف الرواكد رغم عدم قيامهم بتلك الأعمال، وبالتالي فإنهم يكونوا قد خرجوا على واجبات
الوظيفة ومقتضياتها بما يتعين مجازاتهم تأديبيًا.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم، نعى الطاعنين على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق
القانون والفساد في الاستدلال بدعوى مخالفته نص المادة من قانون العقوبات الخاصة
بنفي الجريمة عن الفعل إذا وقع من الموظف العام تنفيذًا لأمر صادر إليه من رئيس وجبت
عليه طاعته، فهذا القول مردود عليه بأن تطبيق حكم المادة من قانون العقوبات لا
مجال لتطبيقه في القضاء التأديبي، ولا يستقيم تطبيقها مع طبيعة المخالفات المنسوبة
للطاعنين وطبيعة المحاكمة التأديبية، لا سيما وأن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة
الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 أورد نص المادة منه تكاد تطابق حكم المادة من قانون العقوبات، ومفاد نص المادة سالفة البيان أن للموظف في غير حالات الضرورة
العاجلة أن يتطلب لتنفيذ أمر رئسه أن يكون مكتوبًا، فله أن يعترض كتابة على هذا الأمر
المكتوب، إذا رأى أنه ينطوي على مخالفة لقواعد تنظيمية آمرة، فإذا ما قام الموظف بالامتثال
لأمر شفهي من رئيسه رغم اعتقاده أنه مخالف للقانون أو لقاعدة تنظيمية آمرة، فإنه يكون
قد ارتكب بذلك مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة بحيث لا يجوز أن يدفع عن نفسه تلك المسئولية
استنادًا لأمر شفهي من رئيسه غير مستند إلى صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه تطبيقًا لما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن أوامر الرئيس التي يتذرع
بها الطاعنون كسبب لإعفائهم من المسئولية لم تكن مكتوبة، فإنه كان يتعين عليهم أن يعترضوا
على هذه الأوامر المخالفة للقانون كتابة حتى ينجوا بأنفسهم من الوقوع في الخطأ خاصة
وأنهم لم يكونوا في حالة ضرورة عاجلة تستوجب ألا يطلبوا من رئيسهم كتابة أوامره، أو
ألا يعترضوا على هذه الأوامر كتابة، لاسيما وأنهم لم يثبتوا أو يتحروا عن مدى مشروعية
فعلهم المكون لمخالفتهم، كما لم يثبتوا ما يدل على أنهم كانوا يعتقدون مشروعية فعلهم،
أو أن اعتقادهم بهذه المشروعية قائم على أسباب معقولة، إنما قام كل منهم بالتوقيع على
محاضر اللجان الصورية فقط دون تحرٍّ أو تأكد أو تثبت من مدى مصداقيتها، لذلك فإن تصرفهم
يكون مؤثمًا، ولا يفيدهم – والحالة هذه – التمسك بحكم المادة من قانون نظام العاملين
بالدولة سالفة البيان، حيث إنهم امتثلوا لأمر شفهي من رئيسيهم، رغم عدم علمهم أو محاولتهم
معرفة مدى مخالفة هذا الأمر للقانون من عدمه مما يستوي معه اعتقادهم بمخالفة هذا الأمر
القانون، لذلك فإنهم يكونوا قد ارتكبوا مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة ولا يجدي نفعًا
– في إثبات خلو ساحتهم من الذنب الإداري – ما يتذرعون به من أنهم جميعًا أصحاب وظائف
تدريبية بحتة و ليس لهم خبرة بمسائل اللجان والبيع ذلك أنه يجب عليهم إذا كانوا لا
يعلمون شيئًا عما يفعلون بحكم طبيعة وظائفهم أن يتحروا الصواب فيما أسند إليهم والتدقيق
في ذلك ببحث الأمور من جميع الوجوه، أو يرفضوا ما أسند إليهم لا أن يرتكنوا إلى الخنوع
والإهمال والتوقيع مباشرة على المحاضر دون سؤال أو استفسار، كما لا يجديهم نفعًا التذرع
بأن أفعالهم لم تعد عليهم بأية فائدة تذكر، ذلك أن المخالفات المنسوبة إلى الطاعنين
هي عدم أداء العمل بدقة وأمانة لا التربح من وراء ما ارتكبوه من مخالفات، الأمر الذي
يستوجب طرح ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن وعدم الالتفات إليه.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ينعاه الطاعنون على الحكم الطعين من الفساد في الاستدلال والقصور
في التسبيب من أن محضر فتح المظاريف كان حقيقيًا لا صوريًا، وكان هناك طلبات مزايدة
ومزايدون فعلاً فهذا القول مردود عليه بأ، الطاعنين هم أنفسهم اعترفوا بصورية هذا المحضر،
كما أن الأوراق قد أجدبت مما يفيد جدية هذا المحضر، إذ لا توجد طلبات مزايدة غير طلب
واحد هو الطلب الذي رسا العطاء عليه، وباقي الأوراق الخاصة بهذا المحضر لا تنم إلا
عن صورية مفضوحة لا يغطيها أي نوع من الإجراءات الصحيحة، مما يستوجب طرح هذا النعي
وعدم الالتفات إليه.
ومن حيث إنه ليس مقنعًا ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه من القصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال وحاصله أن هذا الحكم وقد انتهى إلى ثبوت مسئولية المحال الأول،
فإنه كان يتعين – إزاء ذلك – القضاء ببراءتهم، فذلك مردود عليه بأن الطاعنين يحاكمون
عن تهم مختلفة عن تهمة المحال الأول، فإذا أثبتت مسئولية الأخير عن التهمة المسندة
إليه، فإن ذلك يخص هذا المحال بحسب، دون تأثير على موقف باقي الطاعنين، فثبوت مسئولية
المحال الأول فيما نسب إليه، إنما هو منبت الصلة بثبوت مسئولية باقي المحالين عن المخالفات
المنسوبة إليهم، فهذه المخالفات منفصلة عما نسب إلى المحال الأول، وحتى في حالة وجود
مخالفة منسوبة إلى بعض الطاعنين مشتركة بينهم وبين المحال الأول، فإن ثبوتها في حق
الأخير لا يعني خلو ساحة باقي المحالين عن هذه المخالفة، الأمر الذي يتعين معه الالتفات
عما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن.
ومن حيث إنه ومتى كان ما تقدم، ولما كان الثابت أن المخالفات الثابتة في حق الطاعنين
تمثل إخلالاً جسيمًا بواجب أداء العمل بدقة وأمانة والمحافظة على مصلحة الدولة المالية،
إنما تتناسب صدقًا وعدلاً مع العقوبات التأديبية الموقعة على كل منهم.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم جمعية وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر، فإنه يكون قد
جاء موافقًا لصحيح حكم القانون، ويغدو الطعن – والحال كذلك – غير قائم على أساس متعين
الرفض.
ومن حيث إن هذا الطعن معفي من المصروفات تطبيقًا لنص المادة من قانون نظام العاملين
المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا.
