الطعن رقم 7214 لسنة 48 ق. عليا: – جلسة 04 /03 /2006
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون – الجزء الأول – من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006
– صـ 484
جلسة 4 من مارس سنة 2006م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد –
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك، وعلى محمد الششتاوي، وأحمد
محمد حامد، وسراج الدين عبد الحافظ عثمان – نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد عبد المجيد إسماعيل – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد – أمين السر
الطعن رقم 7214 لسنة 48 قضائية. عليا:
موظف – طوائف خاصة – عاملون بهيئة قناة السويس – الأحكام الخاصة
بلائحة العاملين بالهيئة هي الواجبة التطبيق على العاملين بها.
الأحكام الخاصة بلائحة العاملين بهيئة قناة السويس هي الواجبة التطبيق على العاملين
بالهيئة دون الأحكام الواردة بقانون العاملين المدنيين بالدولة – أساس ذلك: – أن القانون
رقم لسنة 1975 الذي ينظم شئون الهيئة قد تضمن ما يفيد تخويل مجلس إدارة الهيئة
سلطة إصدار لائحة تنظيم شئون العاملين بها دون خضوعهم لنظام العاملين المدنيين بالدولة
– وأنه يجوز لهذه اللائحة وهى بصدد تنظيم الإطار التأديبي للعاملين بالهيئة المذكورة
أن تخرج عن المفاهيم والأسس العامة التأديبية التي يقوم عليها كل من قانوني العاملين
المدنيين بالدولة والعاملين بالقطاع العام – أساس ذلك – تطبيق.
الإجراءات
في يوم الأحد الموافق 21/ 4/ 2002 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة
الإدارية العليا تقرير الطعن المقيد برقم 7214 لسنة 48 . ق في الحكم الصادر من المحكمة
التأديبية لمستوى الإدارة العليا في الطعن رقم 73 لسنة 35. ق بجلسة 20/ 2/ 2002، القاضي
في منطوقه بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا.
وطلب الطاعن – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم
المطعون فيه ثم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء
مجددًا بإلغاء قرار مجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من راتبه وببراءته مما هو منسوب إليه.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى الهيئة المطعون ضدها على النحو الثابت بالأوراق، كما
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرها بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلاً ورفضه موضوعًا.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن الماثل بجلسة 17/ 12/ 2003 وما تلاها من جلسات،
وخلالها قدم الطاعن مذكرتين بدفاعه صمم فيهما على طلباته، بينهما قدمت الهيئة المطعون
ضدها مذكرة بدفاعها خلصت فيها إلى طلب رفض الطعن، وبجلسة 11/ 7/ 2005 قررت الدائرة
إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة/ موضوع) لنظره بجلسة 22/
10/ 2005، حيث نظرته المحكمة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية لها، وبجلسة 28/ 1/
2006 قدم كل من الطاعن والهيئة مذكرة بدفاعه تمسك فيها بطلباته، وفيها تقرر إصدار الحكم
في الطعن بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق
به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد المقرر قانونًا، واستوفى سائر أوضاعه فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الفصل في الموضوع يغني عن الفصل في الشق العاجل من الطعن.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في إقامة الطاعن للطعن التأديبي
رقم 73 لسنة 35 ق بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا
في 5/ 7/ 2001 طالبًا في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار
مجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه على سند من القول إنه يعمل بوظيفة مرشد رئيس بالهيئة
وهى من وظائف الإدارة العليا طبقًا لنظام الهيئة، وأخطر بتاريخ 17/ 3/ 2001 بمجازاته
بخصم عشرة أيام من راتبه لما نُسب إليه من امتناعه عن أداء العمل المكلف به بإرشاد
السفينة القبرصية، ورفض تنفيذ التعليمات الصادرة إليه من مكتب الحركة بتاريخ 23/ 6/
2000، وأنه تظلم من هذا القرار في ذات تاريخ إخطاره إلا أن الهيئة لم ترد على تظلمه،
مما حدا به إلى إقامة طعنه لأسباب حاصلها عدم صحة الواقعة والسبب الذي استند إليه القرار
المطعون فيه على النحو الوارد تفصيلاً بصحيفة الطعن.
ونظرت المحكمة المذكورة الطعن المشار إليه على النحو الوارد بمحاضر جلساتها وبجلسة
20/ 2/ 2002 قضت بحكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها على ثبوت ما نُسب للطاعن من المخالفتين
الأولى والثانية (الامتناع عن أداء العمل المكلف به بإرشاد السفينة القبرصية ضمن قافلة
الشمال من منطقة البلاح إلى السويس، ورفض تنفيذ التعليمات الصادرة إليه من جهة رئاسته
بضرورة التحرك بالسفينة حرصًا على حسن سير وانتظام الملاحة بالقناة) وذلك من واقع المستندات
المتمثلة في الإشارة المتبادلة ومحضر تفريغ شريط التسجيل لهذه الإشارات والمحادثات
وما شهد به مراقب الملاحة ورئيس وردية الحركة مما يقيم القرار المطعون فيه على سببه
ودون أن ينال من سلامته انتفاء المخالفة الثالثة في حق الطاعن (التي قامت على شكوى
ربان السفينة) باعتبار المخالفتين الأولى والثانية تكفيان لحمل القرار المطعون فيه
على سببه الصحيح المبرر لصدوره.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله ذلك أن الطاعن
من شاغلي الوظائف العليا ومن ثم لا يوقع عليه عقوبة الخصم من الأجر طبقًا لأحكام قانون
العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 المادة ، فضلاً عن بطلان الحكم الطعين
لعدم قيام الجزاء على جميع أشطاره، ذلك أن القرار المطعون فيه قد قام على ما نُسب إلى
الطاعن من مخالفات ثلاث، وإذ خلصت المحكمة إلى انتفاء المخالفة الثالثة فإنه كان يتعين
على المحكمة تخفيض الجزاء الموقع على الطاعن بقدر المخالفة التي تم تبرئته منها، ولعدم
صحة المخالفتين المنسوبتين للطاعن والغلو في الجزاء وبذلك خلص الطاعن إلى طلباته آنفة
البيان.
ومن حيث إنه ع الموضوع فإنه في مجال ثبوت المخالفتين الأولى والثانية من القرار المطعون
فيه وهما السبب الثالث من أسباب الطعن باعتبار أن نطاق البحث يقتصر عليهما دون المخالفة
الثالثة التي قضى الحكم المطعون فيه بانتفائها، وإعمالاً لمبدأ ألا يضار الطاعن من
طعنه، فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المسئولية التأديبية شأنها شأن المسئولية
الجنائية يجب أن تقوم على القطع واليقين، ومن ثم يتعين أن يقوم القرار التأديبي على
سببه الصحيح الذي يبرره قانونًا ألا وهو ثبوت المخالفة المنسوبة للعامل ثبوتًا يقينيًا
لا فتراضيًا ولا ظنيًا وإلا كان القرار التأديبي فاقدًا لركن السبب.
(الطعن رقم 3229 لسنة 39 ق. عليا – جلسة 28/ 6/ 1998).
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في مجال ثبوت المخالفتين
الأولى والثانية في حق الطاعن مما ورد من الإشارات المتبادلة بين الطاعن وقسم الحركة
على النحو الوارد بتفريغ شريط تسجيل هذه الإشارات والمحادثات وهى وقائع مادية لم ينكرها
الطاعن أو يدعي أن التفريغ لهذه التسجيل قد شابه خطأ أو غلط، خاصة وأن العبارات والألفاظ
الوارد بها قاطعة في الدلالة على امتناعه عن السير بالسفينة وإرشادها وذلك لعدم اقتناعه
بالإجراء الذي اتخذه قسم الحركة نتيجة موقف الربان وأنه لم يبادر إلى التحرك بالسفينة
والاستجابة لتعليمات مراقب الحركة إلا بعد إخطاره بأنه سيتم إنزاله وزميله من على السفينة
وصعود مرشد آخر، وقد تأكد ذلك بما شهد به مراقب الحركة ورئيس وردية الحركة، وبالتالي
يكون الحكم المطعون فيه قد استخلص ثبوت المخالفتين الأولى والثانية على نحو سائغ من
الأوراق بما لا مطعن عليه.
ومن حيث إنه عن باقي أسباب الطعن والمتعلقة بالجزاء الواجب توقيعه على الطاعن باعتباره
من شاغلي وظائف الإدارة العليا ومقدار هذا الجزاء ومناسبته للمخالفتين الثابتتين في
حق الطاعن، فإنه عن الشق الأول المتعلق بالجزاء الواجب توقيعه، فإن البين من مطالعة
ملف الطعن التأديبي أمام محكمة أول درجة أن الطاعن لم يتمسك بالدفع المبدى بعدم جواز
معاقبته بالخصم من الأجر باعتباره من شاغلي وظائف الإدارة العليا، وأنه قام بإبدائه
أمام هذه المحكمة لأول مرة، وأيًا كان الرأي في ذلك فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى إعمالاً
لأحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس، والمادة (1/ 2) من قانون
العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 التي تقضي بعدم سريان
أحكامه على العاملين بالهيئات العامة التي تنظم شئونهم قوانين ولوائح خاصة إلا فيما
خلت منه وبالقدر الذي لا يتعارض مع أحكام هذه القوانين واللوائح، على أن الأحكام الخاصة
بلائحة العاملين بهيئة قناة السويس هي الوجبة التطبيق على العاملين بالهيئة دون الأحكام
الواردة بقانون العاملين المدنيين بالدولة، وأساس ذلك أن القانون رقم 30 لسنة 1975
الذي ينظم شئون الهيئة قد تضمن ما يفيد تخويل مجلس إدارة الهيئة سلطة لائحة تنظيم شئون
العاملين بها ذوى خضوعهم لنظام العاملين المدنيين بالدولة (الطعن رقم 2984 لسنة 42
ق. عليا جلسة 30/ 12/ 2001)، وعليه فإنه إذا ما تضمنت لائحة العاملين بالهيئة في المادة
منها النص على توقيع جزاء الخصم من الراتب على العاملين بالهيئة دون التفرقة بين
شاغلي الوظائف بها، فإن النص المذكور يكون هو الواجب التطبيق على حالة الطاعن، ودون
أن ينال من ذلك ما خلصت إليه دائرة توحيد المبادئ بمجلس الدولة في الطعن رقم 2081 لسنة
43 ق. عليا بجلسة 4/ 3/ 2004 من أنه لا يجوز للائحة وهى بصدد تنظيم الإطار التأديبي
للعاملين بأي هيئة أن تخرج عن المفاهيم والأسس العامة التأديبية التي يقوم عليها كل
من قانوني العاملين المدنيين بالدولة والعاملين بالقطاع العام، إذ إن الثابت من مطالعة
المادة من القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس أن المشرع وإن كان
قد اعتبر هيئة قناة السويس هيئة عامة تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة إلا أنه أخرجها
من عداد الهيئات العامة الخاضعة لأحكام القانون رقم 61 لسنة 1963، وكذلك أخرجها من
عداد المؤسسات العامة الخاضعة لأحكام القانون رقم 60 لسنة 1971، وإنما أخضعها لأحكام
القانون رقم 30 لسنة 1975 وحده، مما مفاده خضوعها لقانونها الخاص وبالتالي لا يسري
عليها ما يسري في شأن الهيئات أو المؤسسات العامة؛ حيث أفصح المشرع صراحة عن الوضع
الخاص لهيئة قناة السويس، وبالتالي فإن المعول عليه فيما يتعلق بإدارة شئونها والعاملين
بها هو أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 واللوائح الصادرة وما ناطه المشرع بمجلس إدارتها
طبقًا للمادة من القانون المذكور من اختصاص في الشئون المنظمة لموظفي الهيئة.
ومن حيث إنه عن الشق الثاني المتعلق بمقدار الجزاء وعدم تناسبه فإن المقرر أن تقدير
الجزاء في المجال التأديبي متروك إلى مدى بعيد لتقدير من يملك توقيع العقاب التأديبي
غير أن السلطة التقديرية تجد حدها عند قيام عدم جواز إساءة استعمال السلطة، وهو ما
يبدو عند ظهور عدم تناسب بين المخالفة التأديبية وبين الجزاء الموقع عنها، والتناسب
بين المخالفة التأديبية وبين الجزاء الموقع عنها إنما يكون على ضوء التحديد الدقيق
لوصف المخالفة في ضوء الظروف والملابسات المشكلة لأبعادها، إذ إن مؤدى ذلك أن جسامة
العمل المادي المشكل للمخالفة التأديبية إنما يرتبط بالاعتبار المعنوي المصاحب لارتكابها
بحيث لا تتساوى المخالفة القائمة على غفلة أو استهتار وتلك القائمة على عمد والهادفة
إلى غاية غير مشروعة، إذ لا شك أن الأولى أقل جسامة من الثانية وهذا ما يجب أن يدخل
في تقدير من يقوم بتوقيع الجزاء التأديبي على ضوء ما يستخلصه استخلاصًا سائغًا من جماع
الأوراق.
(الطعن 1731 لسنة 37 ق. ع – جلسة 18/ 1/ 1997).
ومتى كان ذلك وكان الثابت مما خلص إليه الحكم المطعون فيه – وبحق – أن في ثبوت المخالفتين
الأولى والثانية في حق الطاعن ما يكفي لحمل القرار على الجزاء الوارد به وهو خصم عشرة
أيام من راتبه بالنظر إلى جسامة المخالفتين الأولى والثانية وما تمثلانه من إخلال بحسن
سير وانتظام الملاحة بمرفق قناة السويس وبالتالي يلتفت عما أثير في هذا الشأن.
ومن حيث إنه وقد استبان مما تقدم انهيار أركان الطعن الماثل فإنه يكون جديرًا بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا.
