الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 87 لسنة 50 ق. عليا: – جلسة 25 /02 /2006 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون – الجزء الأول – من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 – صـ 457


جلسة 25 من فبراير سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق، وحسن كمال أبو زيد، ود./ عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر، وأحمد إبراهيم زكي الدسوقي – نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ معتز أحمد شعير – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ يحيى سيد علي – أمين السر

الطعن رقم 87 لسنة 50 قضائية. عليا:

موظف – تأديب – ركن السبب في قرار الجزاء التأديبي.
المسئولية التأديبية شأنها شأن المسئولية الجنائية مسئولية شخصية، فيتعين لإدانة الموظف أو العامل ومجازاته إداريًا، أن يثبت أنه وقع منه فعل إيجابي أو سلبي محدد يعد مساهمة منه في وقوع المخالفة الإدارية، فإذا انعدم المأخذ على السلوك الإداري للعامل، ولم يقع منه أي إخلال بواجبات وظيفته أو الخروج على مقتضياتها فلا يكون ثمة ذنب إداري، وبالتالي لا محل لتوقيع جزاء تأديبي، وإلا كان قرار الجزاء في هذه الحالة فاقدًا لركن من أركانه هو ركن السبب – تطبيق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 4/ 10/ 2003 أودع الوكيل عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم المشار إليه، القاضي بمجازاة الطاعن باللوم.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بعريضة الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا ببراءته مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعين فيما قضى به من مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم وبراءته مما هو منسوب إليه.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الخامسة جلسة 2/ 7/ 2005 وبجلسة 22/ 10/ 2005 أحيل الطعن إلى هذه الدائرة "الرابعة عليا" للاختصاص، ونظرت المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/ 6/ 2006 قررت المحكمة الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد القانوني واستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 38 لسنة 45 ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا متضمنة تقريرًا باتهام ضد:
1-…….. – مدير التعليم الابتدائي بإدارة أبنوب التعليمية محافظة أسيوط – بدرجة مدير عام.
2-…….. – وكيل الإدارة التعليمية بأبنوب محافظة أسيوط – بدرجة مدير عام.
3-……… – مدير إدارة أبنوب التعليمية محافظة أسيوط بدرجة مدير عام "الطاعن" لأنهم خلال الفترة من 14/ 5/ 2002 حتى 27/ 5/ 2002 بوصفهم السابق وبدائرة مديرية التربية والتعليم بأسيوط لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأمانة وسلكوا في تصرفاتهم مسلكًا لا يتفق والاحترام الواجب، وخرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي وخالفوا الأحكام المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها بأن:
أهملوا الإشراف كل حسب اختصاصه على عملية وضع وطبع امتحان مادة اللغة الإنجليزية للصف الرابع الابتدائي على مستوى الإدارة التعليمية بأبنوب للعام الدراسي 2001/ 2002، مما أدى إلى تسربه قبل موعد الامتحان على النحو الموضح بالأوراق.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم تأديبيًا طبقًا للمواد الواردة بتقرير الاتهام.
ونظرت المحكمة التأديبية الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/ 8/ 2003 أصدرت حكمها المطعون فيه بمجازاة المحالين باللوم.
وأقامت المحكمة قضاءها على ما هو ثابت من التحقيقات وأقوال الشهود، وهو أن المحالة الأولى كلفت…….. الموجه بإدارة أبنوب التعليمية بوضع امتحان اللغة الإنجليزية للصف الرابع الابتدائي بالإدارة للعام الدراسي 2001/ 2002، وذلك تحت إشراف المحالين كل حسب موقعه، ثم أهملوا بعد ذلك إهمالاً جسيمًا في متابعة المذكورة، حيث قامت الموجهة المذكورة بطبع الامتحان في مطبعة خاصة خارج الإدارة التعليمية، ولم يعترض أحد المحالين على ذلك، بل إن المحالة الأولى قامت باعتماد الفاتورة الخاصة بتكاليف طباعة الامتحان في إحدى مطابع القطاع الخاص خارج الإدارة التعليمية، رغم وجود مطبعة خاصة بالإدارة يتم فيها طبع جميع الامتحانات، ولم يعترض المحال الثاني على ذلك، بل إنه ذهب برفقة الموجهة المذكورة أي المحالة الأولى لاعتماد الفاتورة، رغم علمه بمخالفة ذلك لقرار وزير التربية والتعليم رقم 192 لسنة 1990، ولم يقف الإهمال والتسبيب من المحالين الثلاثة من هذا الحد، بل تجاوزه إلى السماح بحضور بعض الأشخاص في المطبعة السرية أثناء طبع الامتحانات ووضها في مظاريف مغلقة، حال عدم وجود أسمائهم ضمن لجنة المطبعة السرية، مما نتج عنه تسرب امتحان المادة المشار إليها، وخلصت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه، قد شابه القصور في التسبيب، حيث أسند إلى المحالين الثلاثة المخالفة، دون أن يتعرض لاختصاصات ومسئوليات كل منهم.
كما أخطأ الحكم في تطبيق القانون والقواعد التي استقرت عليها المحكمة الإدارية العليا ومنها أن مسئوليته الرئيس الإداري عن متابعة أعمال تابعيه، وإن كانت تقتضي مراقبة ما يقوم به كل منهم، خاصة إذا كان له إشراف عام على أعمالهم، وأن يترك العمل الإداري والمالي للمسئولين عنه، يمارسونه في حدود القواعد التنظيمية المقررة، وتحت مسئولية كل منهم في الإطار العام لرقابته العامة، وفي حدود ما هو ممكن لما هو في مثل موقعه الوظيفي.
كما أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الطاعن في الدفاع، عندما التفت عن المذكرة والمستندات المقدمة منه وأخيرًا ساوى الحكم الطعين في العقوبة بين المحالين الأول والثاني والمحال الثالث "الطاعن" رغم ما قام به من اتخاذ كافة الضمانات المتعلقة بسرية الامتحانات، مما يشوب الحكم بعدم التناسب.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 27/ 5/ 2002 ورد إلى وكيل وزارة التربية والتعليم بأسيوط مذكرة من…….. – مدير التعليم الابتدائي بإدارة أبنوب التعليمية، ذكرت فيها أنه وردت إليها خطابات مرق بها نموذج أسئلة مادة اللغة الإنجليزية للصف الرابع الابتدائي بإدارة أبنوب التعليمية والمقرر إجراؤه يوم 1/ 6/ 2002 وقد وردت تلك الخطابات من مجهول وتبين فعلاً أنه ذات الامتحان المقرر توزيعه على التلاميذ يوم 1/ 6/ 2002، وبعرض الأمر على محافظ أسيوط قرر بتاريخ 28/ 5/ 2002 إحالة الموضوع للتحقيق، وأجرت إدارة الشئون القانونية بمديرية التربية والتعليم بأسيوط تحقيقًا في الموضوع أسفر عن صدور القرار رقم 1498 لسنة 2002 بمجازاة موجهة اللغة الإنجليزية بالإدارة ورئيس وأعضاء المطبعة السرية بخصم شهرين من راتب كل منهم، وإحالة كل من:…….، و………، و……….، و………..، إلى النيابة الإدارية للتحقيق معهم عن ذات المخالفة باعتبارهم شاغلي درجة مدير عام.
وأجرت النيابة الإدارية تحقيقًا في الموضوع بالقضية رقم 274/ 2002 أول أسيوط، وسئل في هذا التحقيق/ …….، رئيس قطاع النيل التعليمي بإدارة أسيوط التعليمية، والذي تم تكليفه بطبع امتحان اللغة الإنجليزية للصف الرابع الابتدائي بعد تسريب الامتحان، كما سئل/ ……….. – مدير عام الشئون القانونية بمديرية التربية والتعليم بأسيوط، والذي جاء بأقواله أن مسئولية المحالين الثلاثة تنحصر في إهمالهم في الإشراف على من قاموا بوضع وطبع الامتحان مما أدى إلى تسربه.
وبسؤال/……… "المحالة الأولى" قررت أنها كلفت بالإشراف العام على وضع وطبع امتحانات آخر العام بالإدارة للصفوف الأول والثاني والرابع، وأن الامتحان موضوع التحقيق تم وضعه يوم 14/ 4/ 2002 عن طريق…….. موجهة المادة، وأن المذكورة خالفت التعليمات بطبع الامتحان على كمبيوتر خاص خارج الإدارة، وأن الموجهة المذكورة حضرت إليها ومعها………. "المحال الثاني" وأخبروها بوضع الامتحان وقدما إليها فاتورة بحساب طبع الامتحان على كمبيوتر خاص.
كما سئل كل من المحال الثاني/ ……… والمحال الثالث/ ……… "الطاعن" وجاء بأقوال الأخير، أن السبب في تسرب الامتحان هو قيام موجهة المادة بطبعه على كمبيوتر خاص خارج الإدارة بالمخالفة للتعليمات ويُسْأل عن ذلك المحالان: الأولى والثاني، ولم يعلم ولم يخطره أحد بأن الامتحان تم نسخه خارج الإدارة.
كما قرر…… رئيس وحدة الحاسب الآلي أنه تم تكليفه من جانب المحال الثالث بنسخ نماذج امتحانات الدور الثاني للعام 2001/ 2002 للمرحلة الابتدائية بالنسبة لجميع المواد، ما عدا اللغة الإنجليزية، نظرًا لقيام الموجهة التي وضعت امتحانها بنسخة على كمبيوتر خاص خارج الإدارة.
كما أقرت…… أنها قامت بوضع الامتحان على كمبيوتر خاص خارج الإدارة في مكتبة خاصة في مدينة أسيوط وقدمت الفاتورة للمحالة الأولى التي اعتمدتها دون اعتراض، بما يعنى موافقتها ضمنًا على تصرفها.
وخلصت النيابة الإدارية من تحقيقها بأن نسبت للمحالين الثلاثة المخالفة الواردة بتقرير الاتهام، وحاصلها أن المحالين الثلاثة أهملوا في الإشراف والمتابعة – كل حسب اختصاصه – على عملية وضع وطبع امتحان مادة اللغة الإنجليزية بالصف الرابع الابتدائي للعام الدراسي 2001/ 2002 مما أدى إلى تسربه قبل موعد الامتحان.
من حيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة "أن المسئولية التأديبية شأنها شأن المسئولية الجنائية – مسئولية شخصية، فيتعين لإدانة الموظف أو العامل ومجازاته إداريًا، أن يثبت أنه قد وقع منه فعل إيجابي أو سلبي محدد يعد مساهمة منه في وقوع المخالفة الإدارية، فإذا انعدم المأخذ على السلوك الإداري للعامل، ولم يقع منه أي إخلال بواجبات وظيفته أو الخروج على مقتضياتها فلا يكون ثمة ذنب إداري، وبالتالي لا محل لتوقيع جزاء تأديبي، وإلا كان قرار الجزاء في هذه الحالة فاقدًا لركن من أركانه – هو ركن السبب.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الاتهام المسند إلى الطاعن وآخرين على ما سبق بيانه أنهم: أهملوا في الإشراف والمتابعة – كل حسب اختصاصه – وعلى عملية وضع وطبع امتحان مادة اللغة الإنجليزية، مما أدى إلى تسربه قبل موعد الامتحان، فإن هذا الاتهام قد أورد مخالفة الطاعن في صورة وصف عام ونعوت مرسلة، ولم يثبت ن التحقيقات ولا من أقوال من سمعت شهادتهم فيها ولا من الأوراق ما يفيد أن الطاعن قد أتى فعلاً محددًا إيجابيًا كان أو سلبيًا يعد مساهمة منه في وقوع المخالفة، كما لم يستظهر الحكم المطعون فيه مثل هذا الفعل أو يشير إليه، ومن ثم انعدم المأخذ على السلوك، وجاءت العقوبة التي قضى بمجازاة الطاعن بها غير قائمة على سبب صحيح من الواقع والقانون، ويتعين لذلك القضاء بإلغائها، وبراءة الطاعن مما نسب إليه وما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم، وبراءته مما هو منسوب إليه وما يترتب على ذلك من آثار.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات