الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعنان رقما 405، 670 لسنة 51 ق. عليا: – جلسة 14 /01 /2006 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون – الجزء الأول – من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 – صـ 274


جلسة 14 من يناير سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني عبد المجيد – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك، وعلى محمد الششتاوي، وعادل سيد عبد الرحيم بريك، وسراج الدين عبد الحافظ عثمان – نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد عبد المجيد إسماعيل – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد – سكرتير المحكمة

الطعنان رقما 405، 670 لسنة 51 قضائية. عليا:

أ) موظف – تأديب – إجراء تحقيق جنائي مع العامل يغني عن إجراء التحقيق الإداري متى كانت الوقائع التي تم تحقيقها جنائيًا تمثل في ذاتها قوام الجريمة التأديبية.
إذا كان ثمة تحقيق جنائي قد أجري مع الموظف بشأن ما نُسب إليه، وانتهت النيابة العامة إلى مسئولية العامل بعد أن سمعت أقواله وحققت دفاعه بشأنه، فليس ثمة ما يدعو إلى تكرار التحقيق معه/ بمعرفة الجهة الإدارية، ما دام أن الوقائع التي تم تحقيقها جنائيًا تمثل في ذاتها قوام الجريمة التأديبية وهي مخالفة الواجب الوظيفي، وبحسبان أنه لا يتصور قانونًا أو عقلاً أن يهدر أمام القاضي ما يتحقق وجوده بمقتضى التحقيق الجنائي من وقائع وما تم على يد القاضي الجنائي من إثبات لما قام الدليل القانوني على حدوثه من وقائع في الزمان والمكان على النحو الذي انتهى إليه الحكم الجنائي وما أثبته من إدانة المتهم بشأنها بالتحديد الذي أورده – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 21/ 10/ 2004 أودع الأستاذ/ سمير عبد المنعم محمد (المحامي) نائبًا عن الأستاذ/ محمد نجيب عبد الجواد (المحامي) بصفته، وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الأول المقيد برقم 405 لسنة 51 ق. عليا في القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة قناة السويس في الدعوى التأديبية رقم 8 لسنة 2003/ 2004 بجلسة 15/ 9/ 2004، القاضي في منطوقه بمجازاة الدكتور…. – المدرس بقسم اللغة العربية بكلية التربية بالعريش – بالعزل من الوظيفة بالجامعة، مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة حسب الأحوال.
وطلب الطاعن – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ثم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء مجددًا ببراءة الطاعن من الاتهام المنسوب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
في يوم السبت الموافق 30/ 10/ 2004 أودع الأستاذ/ محمد رضوان الحفناوي (المحامي) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الثاني المقيد برقم 670 لسنة 51 ق عليا في القرار المشار إليه.
وطلب الطاعن – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ثم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبطلان قرار مجلس التأديب، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها براءته مما أسند إليه. وقد جرى إعلان تقريري الطعنين إلى الجامعة المطعن ضدها على النحو الثابت بالأوراق، كما قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرها في الطعنين، ارتأت فيهما الحكم بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعًا.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعنين الماثلين بجلسة 27/ 12/ 2004 وفيها قدم الحاضر عن الطاعن حافظة مستندات طويت على المستندات المبينة بوجهها ومذكرة بالدفاع صمم فيها على طلباته ثم توالى نظر الطعنين بالجلسات وخلالها قدم الطاعن مذكرة ثانية بدفاعه تضمنت ذات الطلبات بينما قدمت الجامعة المطعون ضدها مذكرة خلصت فيها إلى طلب رفض الطعنين بشقيهما العاجل والموضوعي، وبجلسة 9/ 5/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة – موضوع) لنظرهما بجلسة 11/ 6/ 2005، حيث نظرتهما المحكمة بالجلسة المذكورة وما تلاها من جلسات وفيها قررت المحكمة ضم الطاعن الثاني رقم 670 لسنة 51 ق. عليا إلى الطعن الأول رقم 405 لسنة 51 ق. عليا كما قدم الطاعن ثلاث حوافظ مستندات طويت على بعض الشهادات والقرارات ومذكرتين بالدفاع، بينهما قدمت الجامعة المطعون ضدها مذكرتين بدفاعها، وبجلسة 17/ 12/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطاعنين أقيما في الميعاد المقرر قانونًا، واستوفيا سائر أوضاعهما الشكلية فيهما مقبولان شكلاً.
ومن حيث إن الفصل في الموضوع يغني عن الفصل في الشق العاجل من الطاعنين.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 29/ 6/ 2003 أصدر السيد الأستاذ الدكتور/ رئيس جامعة قناة السويس قراره رقم 764 لسنة 2003 بإحالة الدكتور/ ……… – المدرس بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية التربية بالعريش – إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة بعد الإفراج عنه لمساءلته تأديبيًا عما نسب إليه من اتهامه في الجناية رقم 12 لسنة 2002 أمن دولة عليا العريش والمقيدة برقم 525 لسنة 2002 كلى شمال سيناء والمقضى فيها بسجنه لمدة ثلاث سنوات والغرامة، وذلك بجلسة 25/ 1/ 2002 مما يشكل إخلالاً بمقتضيات وواجبات وظيفته.
وإذ أحيلت الأوراق إلى مجلس التأديب المذكور قيدت دعوى تأديبية برقم 8 لسنة 2003/ 2004، وتولي المجلس نظرها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات. وبجلسة 15/ 4/ 2004 قضى المجلس بغزل المحال من وظيفته مع احتفاظه بالمعاش أو المكافأة حسب الأحوال، وشيد المجلس قراره على ثبوت المخالفة في حق المحال ثبوتًا كافيًا وقائمًا على القطع واليقين مما ورد بأسباب الحكم في الجناية المشار إليها بما يمتنع معه على المجلس مناقشة ثبوتها من عدمه، وأن عمل المجلس ينحصر في تقدير أثر المخالفات على مجال عمل المحال؛ حيث ارتأى المجلس تعارض المخالفة مع التقاليد والقيم الجامعية الواجب على عضو هيئة التدريس أن يتحلى بها مما يوجب معه إعمال حكم المادة من قانون تنظيم الجامعات بعزل المحال من وظيفته.
ومن حيث إن مبنى الطاعنين المقامين من الطاعن على ذات القرار المطعون فيه هو مخالفة القرار المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والإخلال بحق الدفاع وإساءة استعمال السلطة لأسباب تتمثل في: أولاً: إنه لم يجر تحقيق مع الطاعن إعمالاً للمادة من قانون تنظيم الجامعات التي توجب إجراء تحقيق بمعرفة احد أعضاء هيئة التدريس من كلية الحقوق أو من إحدى كليات الحقوق بالجامعات التي لا يوجد بها كلية حقوق وبمراعاة الضمانات والضوابط التي تضمنتها المادة المذكورة مما يبطل الإجراءات التي تمت بصدد محاكمته ومنها القرار المطعون فيه.
ثانيًا: إنه لم يتم إعلان الطاعن بقرار الإحالة والمخالفة المنسوبة إليه على النحو الوارد بالمادة من قانون تنظيم الجامعات مما يشكل إخلالاً بحق الدفاع.
ثالثًا: إن مجلس التأديب أهدر الحكمة من نص المادة من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم لسنة 1978 والتي لم تجز إنهاء خدمة الموظف أو العامل في حالة الحكم عليه بعقوبة جناية… لأول مرة إلا إذا قدرت لجنة شئون العاملين بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن بقاء العامل بتعارض مع مقتضيات وظيفته، ذلك أن الثابت أن الطاعن قد أعيد إلى عمله في 16/ 6/ 2004 وظل في عمله وتسلم جدول محاضراته استعدادًا للعام الجديد.
رابعًا: إن مجلس التأديب استند في قراره إلى حكم جنائي غير بات ولم يحز قوة الأمر المقضي ذلك أنه تم الطاعن على الحكم الصادر في الجناية المذكورة بالطعن المقيد برقم 169 لسنة 73 ق. جنائي وتغلب عليه أوجه الإلغاء وبراءة الطاعن، فضلاً عن أن الحكم المذكور منبت الصلة بالوظيفة العامة ولا تأثير له عليها، خاصة وأن واجبات وظيفة الطاعن لا تتخطى تدريس مادته العلمية لطلبته بالكلية.
خامسًا: إن القرار المطعون فيه جاء مشوبًا بالغلو وعدم مناسبة الجزاء في ضوء ماضي الطاعن الوظيفي الذي يربو على سبعة عشر عامًا لم ينل خلالها أي جزاء أو لوم أو توجيه مما كان يقضي مراعاة ذلك لدى توقيع العقوبة، خاصة وأن الكلية ما زالت متمسكة بالطاعن لحاجة قسمه إلى تخصصه طالبة عودته إلى عمله.
وبذلك خلص الطاعن إلى طلباته آنفة البيان.
ومن حيث إن السببين الأول والثاني من أسباب الطعن المتعلقين بعدم إجراء تحقيق مع الطاعن وفقًا لحكم المادة 105) من قانون تنظيم الجامعات وعدم إعلان الطاعن بقرار الإحالة فيهما مردود عليهما بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أنه إذا كان ثمة تحقيق جنائي قد أجرى مع الموظف بشأن ما نسب إليه وانتهت النيابة العامة إلى مسئولية العامل بعد أن سمعت أقواله وحققت دفاعه بشأنه فليس ثمة ما يدعو إلى تكرار التحقيق معه بمرافعة الجهة الإدارية طالما أن الوقائع التي تم تحقيقها جنائيًا تمثل في ذاتها قوام الجريمة التأديبية وهى مخالفة الواجب الوظيفي، وبحسبان أنه لا يتصور قانونًا أو عقلاً أن يهدر أمام القاضي ما يتحقق وجوده بمقتضى التحقيق الجنائي نم وقائع وما تم على يد القاضي الجنائي من إثبات لما قام الدليل القانوني على حدوثه من وقائع في الزمان والمكان على النحو الذي انتهى إليه الحكم الجنائي وما أثبته من إدانة المتهم بشأنها بالتحديد الذي أورده (الطاعن رقم 250 لسنة 38 ق. عليا جلسة 30/ 1/ 1995، والطعن 3585 لسنة 41 ق. ع جلسة 21/ 6/ 1997 وكذلك ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن تخلف الإجراء المنصوص عليه في المادة من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 والمتعلقة بعدم إعلان عضو هيئة التدريس المحال إلى مجلس التأديب بقرار الإحالة والتهم الموجهة إليه، تخلف هذا الإجراء لا يترتب عليه بطلان المحاكمة لأنه لا بطلان إلا بنص أو إذا لم تتحقق الغاية من الإجراء الذي حدده القانون ما دام أتاح مجلس التأديب للعضو المحال فرصة الاطلاع على هذه الأوراق والإحاطة بمحتواها والإلمام بمضمونها وتقديم دفاعه بشأن ما هو منسوب إليه ، فإن الغاية من الإجراء تكون قد تحققت ولا يترتب على تخلف الإجراء البطلان (الطاعن رقم 1378 لسنة 37 ق. ع جلسة 27/ 11/ 1993م) ومتى كان ذلك وكان الثابت من مطالعة ملف مجلس التأديب المطعون فيه أن الجامعة المطعون ضدها أقامت ببحث الموضوع في ضوء حبس الطاعن احتياطيًا على ذمة اتهامه في الجناية رقم 12 لسنة 2002 العريش وصدور حكم جنائي فيها بحبس المذكور ثلاث سنوات وتغريمه 1000 جنيه ومصادرة المبلغ المضبوط وقيام الطاعن فعلاً بتنفيذ الحكم المطعون فيه اعتبارًا من 10/ 3/ 2002؛ حيث عرض الموضوع على مجلس الجامعة المطعون ضدها بجلسة 29/ 4/ 2003 والذي انتهى إلى حرمان المذكور من نصف أجره عن مدة الحبس الاحتياطي مع حرمانه من كامل أجره عن فترة الحبس وإحالته إلى مجلس التأديب المختص بأعضاء هيئة التدريس بالجامعة بعد الإفراج عنه، لمساءلته تأديبيًا عن ذلك، الأمر الذي يكون معه الإجراء الذي اتخذه مجلس الجامعة بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب قد صدر صحيحًا استنادًا لصدور حكم جنائي نهائي بحبس الطاعن سبقه تحقيقات جنائية بمعرفة النيابة العامة المختصة خاصة وأن المخالفة التأديبية محل المساءلة هي ذات الجريمة الجنائية الصادر بشأنها الحكم الجنائي المذكور، فضلاً عن أن الثابت من محضر جلسة 2/ 9/ 2004 أن المحال قد مثل أمام مجلس التأديب بهذه الجلسة وتلى عليه قرار الإحالة وتمت مواجهته بالمخالفة المنسوبة إليه فقدم حافظة مستندات ومذكرة بدفاعه، ومن ثم يكون قد تم إعلانه بالمخالفة ومحتواها، وقدم دفاعه بشأنها وبالتالي لا مجال للتمسك بأي وجه للبطلان في هذا الخصوص متعينًا الالتفات عما أثير في هذا الشأن.
ومن حيث إنه عن السبب الثالث من أسباب الطعن والخاص بإهدار الحكمة من نص المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة التي لم تجز إنهاء خدمة العامل حال الحكم عليه بعقوبة الجناية أو الجنحة المخلة بالشرف والأمانة لأول مرة إلا إذا قدرت لجنة شئون العاملين بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن بقاء العامل في وظيفته يتعارض مع مقتضياتها فذلك مردود عليه بأن ما أشار إليه دفاع الطاعن غير صحيح ذلك أن الثابت من الأوراق أن الموضوع قد عرض على مجلس الجامعة بجلسة 29/ 4/ 2003 الذي قرر حسبما سلف بيانه حرمان الطاعن من كامل أجزه عن فترة حبسه وإحالته إلى مجلس التأديب المختص بأعضاء هيئة التدريس بالجامعة بعد الإفراج عنه لمساءلته تأديبيًا عن ذلك، الأمر الذي يظهر معه جليًا أن مجلس الجامعة قد أعمل الاستثناء الوارد في المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة بعدم إنهاء خدمة الطاعن نتيجة الحكم الجنائي الصادر ضده وارتأى إعمالاً للاستثناء المشار إليه مساءلة العامل تأديبيًا عما نسب إليه على نحو ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن الحكم بالعقوبة الجنائية لا يحول دون محاسبة الموظف تأديبيًا عن المخالفات الإدارية التي ينطوي عليها الفعل الجنائي، وأن محاكمة الموظف تأديبيًا عما اقترفه من أفعال ثبت إدانته عنها جنائيًا لا تعنى محاكمته مرة ثانية عن ذات الأفعال (الطعن رقم 2253 لسنة 29 ق. عليا جلسة 31/ 1/ 1987)، حيث إن الذي يحاكم عليه تأديبيًا في هذه الحالة إنما هو ما إذا كان في ذلك الجرم الجنائي ما يمثل مخالفة مسلكية لا تتفق والمسلك الوظيفي المتطلب في قانون العاملين بالدولة خاصة وأن قضاء هذه المحكمة قد استقر أيضًا على أن اختيار الإدارة أحد السبيلين هو عمل من صميم اختصاصها ولا معقب عليه من جهات القضاء.
(الطعن رقم 1711 لسنة 40 ق. ع جلسة 19/ 12/ 1995)
وغنى عن البيان أنه متى أجريت المساءلة التأديبية فإنه يكون من حق السلطات التأديبية توقيع الجزاء المناسب على المحال بما في ذلك عقوبتا الإحالة إلى المعاش أو العزل من الخدمة جزاء لما ثبت في حقه في ضوء جسامة الفعل المنسوب إليه والظروف التي أحاطت بالواقعة محل المخالفة، وبالتالي فإنه لا يوجد قيد على السلطات التأديبية في إنزال أي من العقوبتين المشار إليهما على الموظف الذي حكم عليه جنائيًا متى ارتأت السلطة التأديبية مناسبة هذا الجزاء الأمر الذي يكون معه متعينًا الالتفات عما أثير في هذا الشأن.
ومن حيث إنه عن السبب الرابع من أسباب الطعن والمتمثل في الاستناد إلى حكم جنائي غير بات مطعون عليه فعلاً بطريق النقض برقم 169 لسنة 73 ق. جنائي، وأن الحكم المذكور منبت الصلة بالوظيفة العامة ولا تأثير له عليها فذلك مردود عليه في شقه الأول بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن القضاء الجنائي هو المختص بإثبات أو نفى المسئولية الجنائية عن الأفعال التي تكون جريمة جنائية وأنه متى قضى في هذه الأفعال بحكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضي فلا يجوز للمحكمة التأديبية وهو بصدد التعرض للجانب التأديبي من هذه الأفعال أن تعاود البحث في ثبوتها من عدمه باعتبار وجوب تقيدها بما ورد بشأن هذه الأفعال في الحكم الجنائي (الطعن رقم 4030 لسنة 40 ق. ع جلسة 22/ 3/ 1997) الأمر الذي يكون معه اعتداد مجلس التأديب بالحكم الجنائي الصادر من محكمة أمن الدولة في الجناية المشار إليها قد صادف صحيح القانون دونما إلزام على مجلس التأديب المطعون على قراره بانتظار الفصل في الطعن المقام بطريق النقض على الحكم الجنائي سالف الذكر، حيث إن المتطلب قانونًا هو الاعتداد بالحكم الجنائي النهائي الصادر في هذا الخصوص دون تطلب أن يكون باتًا بقضاء محكمة النقض بشأنه. أما عن الشق الثاني فهو مردود – أيضًا – بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن المخالفات التأديبية ليست محددة حصرًا ونوعًا فلا يشترط لمؤاخذة الموظف تأديبيًا عما يقع منه خارج نطاق الوظيفة أن يكون ذلك منطويًا على انحراف في طبعه وخلقه على وجه يؤثر تأثيرًا مباشرًا في كيان وظيفته واعتبارها، بل يكفي أن يصدر منه ما يمكن أن يعتبر مناقضًا ومتعارضًا مع الثقة الواجبة فيه والاحترام المطلوب له لما ينطوي عليه ذلك من خروج على مقتضيات الوظيفة وما تتطلبه من بُعد عن مواطن الريب وعن كل ما يمس الأمانة والنزاهة (الطعن رقم 636 لسنة 9 ق. ع جلسة 9/ 12/ 1967) كما استقر قضاء هذه المحكمة – أيضًا – على أن الحياة الخاصة للموظف العام ليست ملكًا خاصًا له بل يتعين عليه مراعاة ألا يأتي في سلوكه خارج عمله ما يؤثر على عمله ذاته أو على نظرة الأفراد إليه.
(الطعن رقم 3394 لسنة 33 1جلسة 11/ 1/ 1992)
لا مراء في أن الثابت من الأوراق أن اتهام المخالف (الطاعن) في الجناية المشار إليها وصدور حكم جنائي نهائي بحبسه ثلاث سنوات في جريمة رشوة واستغلال نفوذ مزعوم لدى أحد القضاة إنما يشكل خروجًا على مقتضى السلوك الوظيفي اللائق – لاسيما لعضو هيئة التدريس بالجامعة – الواجب التحلي به، ويشكل انحرافًا عن جادة الصواب للموظف الذي يحترم وظيفته ويعلم قدرها باعتباره قدوة لطلابه ومن صفوة المجتمع، وبالتالي يتعين أخذه بالشدة الواجبة حال ارتكابه مخالفات خارج وظيفته تشين سلوكه وتدمغه بالانحراف الذي يصل إلى حد سجنه مع المجرمين والخارجين على القانون، وبالتالي يلتفت عن هذا السبب لعدم صحته.
ومن حيث إنه عن السبب الخامس والأخير والخاص بالنعي على الجزاء المقضي به بعدم التناسب مع المخالفة المنسوبة للطاعن، فإن ذلك مردود عليه أن من المستقر عليه أن تقدير الجزاء إنما يدخل في السلطة التقديرية للسلطات التأديبية ولا تتدخل هذه المحكمة إلا إذا كان هناك عدم تناسب واضح بين الجزاء المقضي به والمخالفة التي أدين المحال بها، والثابت من مطالعة قرار مجلس التأديب المطعون فيه أن المجلس قدر أن ارتكاب الطاعن لجناية الرشوة على النحو الذي أشار إليه الحكم الجنائي في أسبابه ينعكس انعكاسًا سلبيًا على وظيفة الطاعن ويزري بشرفه بصفته من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة مما يوجب إعمالاً للمادة من قانون الجامعات عزله من وظيفته، وهذه المحكمة ترى أن ما خلص إليه مجلس التأديب المطعون على قراره إنما يعد قرارًا تأديبيًا صحيحًا وقائمًا على سببه في الواقع والقانون بما لا مجال معه لمعاودة النظر فيه متعينًا رفض الطعنين الماثلين لانهيار أركانهما.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعًا.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات