الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 2261 لسنة 43 ق – جلسة 08 /07 /2001 

مجلس الدولة – المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة – مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون – الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) – صــ 2465


جلسة 8 من يوليه سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد البر نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ أحمد عبد الفتاح حسن، ومصطفى سعيد حنفى، وأحمد عبد الحميد عبود، وأحمد محمد المقاول نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2261 لسنة 43 القضائية

( أ ) جمعيات – جمعيات أهلية – الإشتراك فيها – تتقيد القوانين الصادرة فى شأنها بأحكام الدستور.
– استقر قضاء هذه المحكمة على أن منظمات المجتمع المدنى هى واسطة العقد بين الفرد والدولة وعن طريقها تتم تربية المواطنين على الممارسة الديمقراطية – والإسهام فى العمل الوطنى عن طريق الإسهام الدائم عملاً على تنمية المجتمع الذى تعيش فيه.
– قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة الصادرة بالقانون رقم 32 لسنة 1964 قد صدر قبل العمل بأحكام الدستور الحالى الصادر سنة 1971 – إلا أنه يتعين أن تنحنى جميع أحكامه خضوعاً لسيادة الدستور – كما أن يتعين تفسير أحكامه على النحو الذى يتفق مع الحكم الدستورى ما أمكن لذلك سبيلاً – والا تعين على المحكمة إحالة أمر ما اشتبه فى تصادمه مع الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا.
(ب) جمعيات – جمعيات أهلية – طبيعة العلاقة بينها وبين أعضائها.
– المادة من القانون المشار إليه – لا ينبغى تفسيرها بما يسمح باستدعاء الجهة الإدارية لتنظيم شئون الجمعية والعلاقة بينها وبين أعضائها فى غير الحالات التى تقدر هى وقف تنفيذ أى قرار يصدر من أجهزة الجمعية – وهى حالات إستثنائية تختص بالمنازعة فيها محكمة القضاء الإدارى – حيث تحجم جهة الإدارة عن إتخاذ قرار بوقف تنفيذ قرار بوقف تنفيذ قرار الجمعية لا يجوز حثها على التدخل وصولاً إلى الطعن عليه أمام محكمة القضاء الإدارى لما يمثل هذا افتئاتا على إختصاص المحاكم العادية بإعتبار أن المنازعة فى حقيقها هى بين مجلس إدارة الجمعية ورجال الأعمال المصريين وبين أحد أعضاء الجمعية – تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 3/ 3/ 1997، أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 2261 لسنة 43 القضائية عليا، وذلك فى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 5194 لسنة 50 القضائية بجلسة 5/ 1/ 1997، والقاضى فيه منطوقه: حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن، تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الادارية العليا، لتأمر وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا، لتقضى بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً أصلياً بعدم اختصاص محكمة أول درجة ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لإنتفاء القرار الإدارى، وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لمحافظ القاهرة لإختصامه بالمخالفة للقانون، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وفى يوم الخميس الموافق 6/ 3/ 1997، أودع الممثل القانونى لجمعية رجال الأعمال المصريين، تقرير طعن قيد بجدول المحكمة العام تحت رقم 2334 لسنة 43 القضائية، وذلك فى حكم محكمة القضاء الإدارى المشار إليه. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المطعون ضده المصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعلنت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى، ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن رقم 2334 لسنة 43 القضائية عليا شكلا لاقامته بعد الميعاد، وقبول الطعن رقم 2661 لسنة 43 القضائية عليا شكلاً، وفى الموضوع برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد عين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21/ 12/ 1998، وتدوول نظرهما على الوجه المبين بمحضر الجلسة. وتقرير إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع)، حيث تدوول نظرهما أمام هذه المحكمة وقد حجز الطعنان للحكم بجلسة 17/ 3/ 2001، ثم أعيدا للمرافعة لجلسة 19/ 5/ 2001 لتغير تشكيل الهيئة، وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة 23/ 6/ 2001، ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، و سماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة – حسبما يؤخذ من الأوراق والمستندات – تتحصل فى أن المطعون ضده، كان قد أقام الدعوى رقم 5194 لسنة 50 القضائية، طالباً وقف تنفيذ قرار وزيرة الشئون الاجتماعية بالإمتناع عن إتخاذ قرار بوقف تنفيذ قرار مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين الصادر فى 26/ 12/ 1995 بزوال عضويته ورفع أسمه من كشف أعضاء الجمعية، وفى الموضوع بإلغائه، وما يترتب على ذلك من آثار. وقال شرحاً للدعوى أنه بتاريخ 26/ 12/ 1995 صدر قرار من مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين، بإسقاط عضويته بزعم ارتكابه بعض المخالفات، وقد تظلم من هذا القرار للجهة الإدارية المختصة، إلا أنها رفضت وقف تنفيذ القرار.
وبجلسة 5/ 1/ 1997 قضت محكمة القضاء الإدارى – بعد أن رفضت الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى – بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن نص المادة من القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة، عقد لمحكمة القضاء الإدارى الإختصاص بنظر الطعون فى القرارات الصادرة من الجهة الإدارية المشرفة على الجمعية، بوقف تنفيذ القرارات الصادرة منها بالمخالفة للقانون أو النظام العام والآداب. وإذ كان مؤدى ظاهر النص، أن اختصاص محكمة القضاء الإدارى رهين بصدور قرار من الجهة الإدارية بوقف تنفيذ القرارات الصادرة من أجهزة الجمعية دون القرارات الصادرة منها برفض وقف التنفيذ، إلا أن هذا النظر لا يمكن الأخذ به، لأنه يؤدى إلى توزيع الاختصاص فى الموضوع الواحد بين أكثر من جهة قضائية وهو أمر غير مقبول، ذلك أن كلا من قرار الجهة الإدارية بوقف تنفيذ قرارات الجمعية أو قرارها برفض وقف التنفيذ هما وجهان لعملة واحدة، وطالما أن الأمر مردة فى النهاية مخاصمة قرار الجهة الإدارية بما لها من سلطة الإشراف والرقابة على أعمال الجمعية، فإن الاختصاص بنظره ينعقد لمحكمة القضاء الإدارى. ثم تناولت المحكمة المخالفات المنسوبة للمدعى، وقالت أنه ليس من شأنها أن تلحق بالجمعية أضراراً أدبية جسيمة، وقضت بناء على ذلك بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وإذ لم يرتض الطاعنون هذا الحكم، فقد طعنوا عليه بالطعنين الماثلين. ونعى طعن الجهة الإدارية على الحكم الطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، حين قضى برفض الدفع بعدم إختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائياً بنظر الدعوى، بإعتبار أن اختصاص محكمة القضاء الإدارى لا ينهض إلا فى حالة واحدة وهى الخاصة بتدخل جهة الإدارة بإصدار قرار إدارى بوقف تنفيذ قرار صادرة من الجمعية، وأنه بفرض صحة عدم الأخذ بالدفع بعدم اختصاص المحكمة، فإنه كان ينبغى القضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، بإعتبار أن سلطة الجهة الإدارية بالتدخل فى أعمال الجمعية وإصدار قرار بوقف تنفيذ أى قرار من قراراتها هى سلطة تقديرية لا يشكل الإمتناع عن استخدامها قراراً سلبياً بالإمتناع عن إتخاذ قرار معين مما يقبل الطعن فيه بالإلغاء. ثم أن اختصام محافظ القاهرة شابه مخالفة لقانون المرافعات باعتباره قد جرى فى مواجهة الحاضر بالجلسات وليس باتباع الإجراءات الصحيحة المنصوص عليها فى قانون المرافعات، مما كان يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لمحافظ القاهرة. ونعى الطاعنان بعد ذلك على الحكم المطعون فيه من حيث الموضوع، أنه قد خالف الثابت من الأوراق، التى يبين منها أن المخالفات المنسوبة للمدعى أضرت بالجمعية ضرراً جسيماً مما استوجب إسقاط عضويته.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة، جرى على أن منظمات المجتمع المدني، هى واسطة العقد بين الفرد والدولة، وعن طريقها ومن خلالها تتم تربية المواطنين على الممارسة الديمقراطية والتوافق مع إطارها وإدراك مناهجها واستيعاب طبيعتها، مما مفاده إدراك المواطن لضرورة إسهامه فى شئون وطنه والتحامه مع آماله والتشكى من الآمه، وإحساس المواطن بأن إسهامه فى العمل الوطنى لا يكون وحسب عن طريق التعبير باختيار ممثل له فى المجلس النيابى أو المجالس المحلية، وإنما الإسهام فى العمل الوطنى يكون أيضاً عن طريق الإسهام الدائم عملاً على تنمية المجتمع الذى يعيش فيه ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً، وأداة ذلك ووسيلة تكوين الجمعيات الأهلية التى تكتسب المكان المبرز كطريق صحيح لتطبيق حقيق الديمقراطية.
ومن حيث إنه ولئن كان قانون الجمعيات المؤسسات الخاصة الصادر بالقانون رقم 32 لسنة 1964، قد صدر قبل العمل بأحكام الدستور الحالى الصادر سنة 1971، إلا أنه وعلى نحو ما أستقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، يتعين أن تنحنى جميع التشريعات لأحكامه خضوعاً لسيادة الدستور واستوائه على القمة من مدارج النصوص التشريعية. كما أنه من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة، أنه بصدد تفسير نصوص التشريعات فيما دون الدستور، يتعين أن يكون التفسير على النحو الذى يتفق مع الحكم الدستورى ما أمكن لذلك سبيلاً، وإلا تعين على المحكمة إحالة أمر ما اشتبه فى تصادمه مع حكم من الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا، التى وسد إليها الدستور الفصل فى أمور مدى دستورية أحكام التشريعات مع أحكام الدستور، خضوعاً وامتثالاً لأوامره ونزولاً على نواهيه. وبالترتيب على ذلك، فإنه يتعين على هذه المحكمة، وهى تنزل على المنازعة الأحكام المستمدة من نصوص قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة المشار إليها، ألا تغفل – ولا ينبغى لها ذلك – أن تفسير هذا القانون إنما يكون فى إطار المبادئ الحاكمة والأصول الهادية الواردة بالدستور نصاً وروحاً، فبذلك وحدة تتحقق لسيادة الدستور صحيح مكانتها وحقيق قدرها على القمة من مدارج النصوص التشريعية.
ومن حيث إنه بالترتيب على ما تقدم، فإنه لما كانت مواد قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة ترخص للجهة الإدارية التدخل فى كثير من شئون الجمعيات والمؤسسات الخاصة، إلا أنه يتعين على القاضى، احتراماً لأحكام الدستور، أن يجرى تفسير هذه الإختصاصات بما يتفق صدقاً وحقاً مع التوجيه الدستورى بإسباغ السمو والمكانه الدستورية على الحق فى تكوين الجمعيات، بحسبان أن هذا الحق من الحقوق التى كفلها الدستور للمواطن، مما يتعين معه أن يغل من يد الإدارة ويوقف تدخلها، إذا تجاوزت فى ممارسة إختصاصها الحد الذى يمثل تدخلها معه تغولاً أو انتقاصاً جسيماً بالحق المقرر دستوراً للمواطن، المتعلق بتكوين الجمعيات وحرية إدارة شئونها.
ومن حيث إنه فى ضوء هذا النظر، يتعين فهم نص المادة من قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة الصادر بالقانون رقم 32 لسنة 1964، والتى تنص على أن "للجهة الإدارية المختصة وقف تنفيذ أى قرار يصدر من الأجهزة القائمة على شئون الجمعية يكون مخالفا للقانون أو لنظام الجمعية أو للنظام العام وللآداب، وللجمعية ولكل ذى شأن أن يطعن فى قرار وقف التنفيذ بغير رسوم أمام محكمة القضاء الإدارى، وعلى المحكمة أن تقضى فى الطعن على وجه الإستعجال". فلا ينبغى إذن تفسير هذا النص، بما يسمح بإستدعاء الجهة الإدارية لتنظيم شئون الجمعية والعلاقة بين أجهزتها وأعضائها، فى غير الحالات التى تقدر هى وقف تنفيذ أى قرار يصدر من أجهزة الجمعية، ترى فيه مخالفة للقانون أو للنظام العام أو الآداب، وهى حالات استثنائية تختص بالمنازعة فيها محكمة القضاء الإدارى، بإعتبار أن القانون قد وسد للمحكمة هذا الإختصاص. أما حين تحجم جهة الإدارة عن اتخاذ قرار بوقف تنفيذ قرار أصدرته أجهزة الجمعية، فلا يجوز استعداء جهة الإدارة على أجهزة الجمعية وحثها على التدخل فى قراراتها، فالتظلم من قرار اتخذته هذه الأجهزة، وصولاً إلى الطعن عليه أمام محكمة القضاء الإدارى إذا رفضت الجهة الإدارية الإستجابة لطلب وقف تنفيذه، ذلك أن هذا السلك فضلا عما ينطوى عليه من مخالفة لروح نص الدستور المتعلق بحق تكوين الجمعيات، الذى جعل تدخل جهة الإدارة عند إعمال سلطتها فى الرقاقة والإشراف محدداً، فإن فيه إفتئاتاً على اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات التى تقع بين الأفراد والأشخاص الخاصة فى مثل الحالة المعروضة، بإعتبار أن المنازعة فى حقيقتها هى بين مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين وبين أحد أعضاء الجمعية، مما تختص به جهة القضاء العادى، ويخرج عن إختصاص محكمة القضاء الإدارى.
ومن حيث إن الحكم الطعون فيه قد خالف هذا النظر، وقضى برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائياً بنظر الدعوى، فإنه يكون مستوجب الإلغاء، مجدداً بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الإبتدائية للإختصاص، مع إبقاء الفصل فى المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم اختصاص محاكم المجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى ولائيا بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية للاختصاص، وأبقت الفصل فى المصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات