الطعن رقم 3151 لسنة 46 ق. عليا: – جلسة 14 /12 /2004
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخمسون – الجزء الأول – من أول أكتوبر سنة 2004 إلى آخر مارس سنة 2005 – صـ
241
جلسة 14 من ديسمبر سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود عطا الله, ويحيى خضري نوبي
محمد, وعبد المجيد أحمد حسن المقنن, وعمر ضاحي عمر ضاحي
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر
مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3151 لسنة 46 قضائية. عليا:
عقد إداري – صور من العقود الإدارية – إشغال عامة – سلطة الإدارة
في تعديل العقد.
جهة الإدارة المتعاقدة تتمتع بسلطات واسعة على مقاولي الأشغال العامة وباعتبارها مالكة
المشروع وصاحبة الاختصاص الأول والأصيل فيما يتعلق بهذه الأشغال، كما أنها صاحبة الاختصاص
في تنظيم المرفق وتحديد قواعد تسييره فهي تستمد هذه السلطة لا من نصوص العقد فحسب بل
من طبيعة المرفق واتصال العقد به ووجوب الحرص على انتظام سيره واستدامة تعهد الإدارة
له وإشرافها عليه بما يحقق المصلحة العامة – تطبيق.
الإجراءات
في يوم الأحد الموافق 20/ 12/ 2000 أودع الأستاذ/ عبد الله محمد
شنن المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة بصفته نائبًا عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب
(المحكمة الإدارية العليا) تقرير طعن قيد بجدولها العمومي تحت رقم 3151 لسنة 46 ق.
عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بقنا في الدعويين رقمي 875 لسنة 1 ق.
و1200 لسنة 1. ق إدارية بجلسة 22/ 2/ 1999 والقاضي منطوقه:
أولاً: ببراءة ذمة المدعي من مبلغ 14000 جنيه (أربعة عشر ألف جنيه) قيمة فروق تعديل
نظام التأسيس بعملية إنشاء المدرسة الثانوية التجارية بأبو تشت.
ثانياً: إلزام الوحدة المحلية لمركز ومدينة أبو تشت بأن تدفع للمدعي مبلغ 13886.640
جنيهًا والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية ورفض ما عدا ذلك من
طلبات وإلزام الجهة الإدارية والمدعى المصروفات مناصفة بينهما.
وطلب الطاعنان بصفتيهما – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً
وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه فيما قضى به من براءة
ذمة المطعون ضده من مبلغ جنيه، وفيما قضي به كذلك من إلزام الوحدة المحلية
بأن تؤدي إليه مبلغ 13886.640 جنيه، والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعنين
بصفتيهما مبلغ 14000 جنيهًا مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم/
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 5/ 12/ 2001 وتدوول بالجلسات
على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 4/ 6/ 2003 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة
الإدارية العليا (الدائرة الثالثة – موضوع) وحددت لنظره جلسة 2/ 12/ 2003 ونظرت المحكمة
الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 9/ 11/ 2004 قررت المحكمة إصدار الحكم
بجلسة 14/ 12/ 2004 وفيها صدر الحكم.
وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع سبق وأحاط بها الحكم المطعون فيه وهو ما تحيل معه المحكمة
في شأن هذه الوقائع إلى الحكم المذكور وتعتبره مكملاً لقضائها تفاديًا للتكرار فيما
عدا ما يقتضيه حكمها من بيان موجز حاصله أن المطعون ضده أقام دعواه الأولى ابتداءً
أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بموجب عريضة مودعة بقلم كتابها بتاريخ 20/ 9/ 1988
وقيدت بجدولها برقم 6610 لسنة 42 ق. بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ وإلغاء القرار
رقم 257 لسنة 1987 المبلغ له بالكتاب رقم 1651 في 5/ 5/ 1988 فيما تضمنه من مطالبته
بمبلغ 17149.100 جنيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بدفع ما هو مستحق
له والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تاريخ السداد والتعويض المناسب
عما لحقه من أضرار مادية وأدبية وإلزامهما كذلك المصروفات والأتعاب على سند من القول
إنه بتاريخ 11/ 11/ 1985 تعاقد مع الوحدة المحلية لمركز أبو تشت على تنفيذ عملية إنشاء
الدور الأرضي والعلوي ودورة مياه لمبنى مدرسة التجارة الثانوية ومركز أبو تشت نموذج
2/ 63 بمبلغ 129147.153 جنيهًا على أن تكون مدة التنفيذ عشرة شهور من تاريخ تحديد عمق
التأسيس وتم تحديد هذا العمق في 5/ 1/ 1986.
وبذلك أصبح ميعاد نهو العملية هو 15/ 11/ 1986 وتضمنت كراسة الشروط أن أعمال البناء
تنفذ بالطوب الأسمنتي المصمت وقام بتشوين الكميات اللازمة عن هذا النوع من الطوب بموقع
العملية إلا أنه بتاريخ 5/ 4/ 1986 قررت لجنة من الجهة الإدارية استبدال هذا الطوب
بطوب أسمنتي مفرغ كما كلفتها الجهة الإدارية بتاريخ 2/ 7/ 1986 تنفيذ إنشاء الدور الثاني
العلوي للمدرسة بذات الأسعار الواردة بالعطاء خلال مدة خمس شهور تضاف إلى مدة العملية
وعندما اعترض على ذلك امتنعت الجهة الإدارية المذكورة عن صرف مستحقاته مما اضطره إلى
الموافقة على التنفيذ ونفذ الأعمال المطلوبة منه وسلم العملية؛ حيث بلغت قيمتها 18741.180
أي بزيادة قدرها 58269.027 جنيهًا عن قيمة العقد الأصلي، وعلى الرغم من ذلك فوجئ عند
صرف مستحقاته المتأخرة بخصم مبلغ 8399.100 جنيه على سند أن الأعمال الإضافية التي أسندت
إليه أثرت على أولوية عطائه، وأن هذا المبلغ يمثل الفرق بين أسعار العطاء المقدم منه
وأسعار العطاء التالي له، ولم تكتف جهة الإدارة بذلك بل طالبته بموجب الكتاب رقم 1651
في 5/ 5/ 1988 بسداد مبلغ 8043 جنيهًا قيمة فروق استبدال الطوب الأسمنتي المصمت بطوب
أسمنتي مفرغ، كما تعاقد – أيضًا بتاريخ 4/ 8/ 1986 مع ذات الوحدة المحلية على تنفيذ
المرحلة الأولى لمبنى المعهد الديني الأزهري نظام ستة فصول بقرية أبو شوشة وذلك بمبلغ
إجمالي قدره 19250 جنيهًا ومدة التنفيذ ثلاثة شهور من تاريخ تحديد عمق التأسيس الحاصل
في 14/ 9/ 1986 وتم تنفيذ الأعمال قبل الموعد المحدد لنهوها إلا أن الجهة الإدارية
لم تصرف له مبلغ 8750 جنيهًا لعدم كفاية الاعتمادات المالية رغم أن البند كان يسمح
بالصرف ومطالبته بموجب الكتاب رقم 1651 في 5/ 5/ 1988 بسداد مبلغ 5136.640 جنيهًا قيمة
غرامة تأخير في تسليم العملية دون إيضاح مدة التأخير فتظلم من هذه القرارات دون جدوى
مما حدا به إلى إقامة هذه الدعوى للحكم بما تقدم.
وبجلسة 15/ 2/ 1991 قررت المحكمة المذكورة إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط
وقيدت بجدولها برقم 444 لسنة 3 ق. ثم قررت تلك المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء
الإداري بقنا للاختصاص نفاذًا لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 772 لسنة 1993 بإنشاء دائرة
محكمة القضاء الإداري بقنا؛ حيث أحيلت إليها الدعوى وقيدت بجدولها برقم 875 لسنة 1
ق. وحيث إن المدعى أقام دعواه الثانية ابتداءً أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط بعريضة
أودعها قلم كتابها بتاريخ 27/ 10/ 1992.
وقيدت بجدولها برقم 152 لسنة 4 ق. طالبًا في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع
بإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع له المبالغ التي خصمت من مستحقاته لديها بدون وجه حق
وبراءة ذمته من المبالغ التي تطالبه الجهة الإدارية بسدادها بموجب كتابها المؤرخ في
30/ 5/ 1991 وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب مؤسسًا طلباته على ذات الأسانيد
الواردة بعريضة دعواه الأولى، وأضاف إليها أنه بتاريخ 30/ 5/ 1991 ورد إليه كتاب الوحدة
المحلية المدعي عليها يطالبه بسداد مبلغ 14000 جنيه نظير فرق التأسيس بعملية إنشاء
مبنى مدرسة التجارة الثانوية بأبو تشت؛ حيث تم تعديل نظام التأسيس من قواعد منفصلة
إلى نظام اللبشة دون الرجوع إلى أحد المكاتب الاستشارية؛ حيث قامت بخصم مبلغ 5136.640
جنيهاً من مستحقاته عن عملية تنفيذ مبنى المعهد الأزهري بأبو شوشة وتطالبه بسداد مبلغ
8863.360 جنيهًا وأنه يطعن على مطالبته بهذا المبلغ لأن تعديل نظام التأسيس تم بناء
على رأي اللجنة الفنية المشكلة بمعرفة الوحدة المحلية لمعاينة الاختبارات والجسات التي
قام بتنفيذها والتي أوصت بصب الخرسانة العادية بنظام اللبشة نظرًا لظهور مياه الرشح
على عمق 1.5 متر بدلاً من نظام القواعد الخرسانية المنفصلة، مختتمًا عريضة دعواه بأنه
يحق له أن يتقاضى المبالغ الآتية من الجهة الإدارية:
8399.100 جنيه خصمت من مستحقاته عن ختامي المدرسة التجارية لفروق أولوية العطاء
.
8043 جنيهًا قيمة فروق واستبدال الطوب الأسمنتي المصمت بطوب أسمنتي مفرغ والذي
خصم من مستحقاته عن عملية إنشاء العمارات السكنية بمدينة أبو تشت.
5136.640 جنيهًا فروق تعديل نظام التأسيس.
8750 جنيهًا مبالغ مستحقة عن ختامي عملية مبنى المعهد الأزهري بقرية أبو شوشة.
وأضاف أن ذمته بريئة من مبلغ 8863.360 جنيهًا باقي فروق تعديل لنظام التأسيس؛ حيث سبق
أن خصمت منه مبلغ 5136.640 جنيهًا من مستحقاته عن عملية إنشاء المرحلة الأولى للمعهد
الأزهري بأبو شوشة وخلص المدعي في دعواه إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة الذكر.
وأحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بقنا للاختصاص، وقيدت بجدولها برقم 1200 لسنة
1 ق وتدوول نظرها بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضرها. وبجلسة 24/10/1996 أصدرت
المحكمة المذكورة حكمًا تمهيديًا وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل
بقنا ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين لمباشرة المأمورية المبينة تفصيلاً بأسباب حكمها.
وقد باشر الخبير المهمة المكلف بها وأودع تقريره ملف الدعوى.
وبجلسة 22/ 12/ 1999 أصدرت محكمة القضاء الإداري بقنا حكمها المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها برفض طلب المدعي براءة ذمته من مبلغ 8043 جنيهًا فروق أسعار استبدال
الطوب الأسمنتي المصمت بطوب أسمنتي مفرغ بعملية إنشاء مبنى المدرسة الثانوية التجارية
بأبو تشت على أساس أن الثابت أن مقايسة هذه العملية قد تضمنت أن تنفيذ المباني يكون
بالطوب الأسمنتي المضغوط سمك 12 سم، وبتاريخ 5/ 4/ 1986 شكلت جهة الإدارة لجنة لدراسة
استبدال هذا الطوب بطوب أسمنتي مفرغ وانتهت اللجنة إلى أن الهيكل الخرساني للمبنى مصمم
للبناء عليه بالطوب الأحمر التي تزن الواحدة 1.75 كجم وأن الطوب الأسمنتي المصمت تزن
الواحدة 3 كجم مما يستوجب تعديل الرسومات الهندسية بزيادة قطاعات الأعمدة والكمرات
والقواعد والسملات مما يزيد من تكلفة المبنى، وعليه ارتأت اللجنة تكليف المقاول بالبناء
بالطوب الأسمنتي المفرغ سمك 25.20 سم والمسطح سمك 12 سم، ووفقًا لذلك قامت الجهة الإدارية
بخصم مبلغ 8043 جنيهًا من مستحقات المدعي عن هذه العملية قيمة الفروق بين أسعار الطوب
الأسمنتي المصمت والطوب الأسمنتي المفرغ الذي نفذت به العملية – الأقل تكلفة وذلك لاعتبارات
فنية وفقاً لما للإدارة من سلطة في تعديل شروط العقد بما يحقق المصلحة العامة ومن ثم
فلا تثريب على الجهة الإدارية أن قامت بخصم الفروق الناتجة عن تغيير نوعية الطوب المستخدم
في التنفيذ وعليه يكون مسلك الجهة الإدارية بخصم مبلغ 8043 جنيهًا قيمة هذه الفروق
من مستحقات المدعي متفقًا وصحيح حكم القانون. كما أقامت المحكمة قضاءها ببراءة ذمة
المدعي من مبلغ 14000 جنيه قيمة فروق تعديل نظام التأسيس بعملية إنشاء المدرسة الثانوية
التجارية بأبو تشت على أن جهة الإدارة قد عدلت بموجب محضر تحديد عمق التأسيس المؤرخ
15/ 1/ 1986 نظام الأساسات من نظام القواعد المنفصلة إلى نظام اللبشة واعتمد هذا التعديل
من رئيس الوحدة المحلية لمركز أبو تشت.
ومن ثم فإن محاسبة المدعي تكون على أساس الكميات المنفذة فعلاً إعمالاً لأحكام العقد
المبرم معه وشروطه، ووفقًا لذلك يتعين الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 14000 جنيه الناتج
عن تغيير نظام التأسيس.
وأضاف الحكم أن الثابت من تقرير الخبير أن الجهة الإدارية خصمت من مستحقات المدعي عن
عملية المعهد الديني بأبو شوشة مبلغ 5136.640 جنيهًا استيفاء لمبلغ 14000 جنيه السالف
ذكره فإنه وقد ثبت مما تقدم براءة ذمة المدعي في جملة المبلغ المذكور لذا فإنه يتعين
إلزام الجهة المذكورة بأن تدفع للمدعي مبلغ 5136.640 جنيهًا التي خصمتها من مستحقاته
عن عملية إنشاء المعهد الديني بأبوشوشة.
وأسست المحكمة قضاءها بإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع للمدعي مبلغ 8399.100 جنيه قيمة
أولوية العطاء الذي خصم منه عن عملية إنشاء المدرسة سالفة الذكر – بعد استعراض نص المادة
من قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 والمادة مكررًا عن اللائحة التنفيذية – على أن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية كلفت المدعي
لدى تنفيذ عملية بناء المدرسة الثانوية التجارية بأبو تشت بأعمال إضافية تزيد على الأعمال
الأصلية المسندة إليه بموجب العقد عبارة عن تنفيذ دور ثانٍ علوي بالمدرسة بلغت تكلفته
60259 جنيهًا بنسبة 47% من قيمة الأعمال الأصلية نفذها المدعي بعد أن قبل تنفيذها مما
ترتب عليه أن فقد عطاء المدعي أولويته بمبلغ 8399.100 جنيه خصمتها الجهة الإدارية من
مستحقاته لديها، ولما كان شروط أولوية العطاء يجب أن يستمر منذ بداية العقد حتى تمام
تنفيذه بأن يكون العطاء الذي رست عليه المناقصة هو الأقل سعرًا من بين جميع العطاءات
ولا يمكن تبين ذلك إلا عند حساب ختامي العملية ومن ثم فإن مسلك جهة الإدارة بخصم المبلغ
السالف ذكره في هذه المناقصة يكون متفقًا وحكم القانون واستندت المحكمة في قضائها بالنسبة
لطلب المدعي إلزام الجهة الإدارية بأن تدفع له مبلغ 8750 جنيهًا قيمة المستحق له عن
ختامي عملية إنشاء المعهد الديني، على أن المدعي تعاقد مع الوحدة المحلية لمركز أبو
تشت على إنشاء المعهد الأزهري بقرية أبوشوشة، وقد نفذ العملية في موعدها المحدد وسلمها
مؤقتًا ومن ثم فإن هذه الجهة تلتزم قبله بالوفاء بقيمة الأعمال التي نفذها وقيمتها
8750 جنيهًا.
وارتكنت المحكمة في قضائها بالنسبة لطلب المدعي إلزام الجهة الإدارية بالفوائد القانونية
عن المبالغ المستحقة له لدى الوحدة المحلية المدعى عليها على أن مستحقات المدعى على
ما سلف بيانه مبلغ 5136.640 + مبلغ 8750 = 13886.640 جنيهًا عن عملية المعهد الأزهري
بأبوشوشة وكانت هذه المبالغ معلومة المقدار وقت رفع المدعي للدعويين وتأخرت الجهة المذكورة
في الوفاء بها إليه فإنه يستوجب سريان الفوائد القانونية على هذه المبالغ بواقع 4%
اعتبارًا من تاريخ المطالبة القضائية وفقًا لنص المادة مدني، وبالنسبة لطلب المدعي
إلزام الجهة الإدارية بتعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء عدم
صرف مستحقاته عن العمليتين السالف ذكرهما قالت المحكمة إن تحميل الجهة الإدارية بالفوائد
القانونية عن المبالغ المستحقة للمدعي طبقًا لما تقدم فإن المدعي بذلك يكون قد حصل
على التعويض العيني الجابر للضرر الذي يكون قد لحق به من جراء عدم صرف هذه المبالغ
له بما لا محل معه للقضاء له بالتعويض المطالب به، وإذ لم يلق الحكم المشار إليه قبولاً
لدى الجهة الإدارية الطاعنة فقد أقامت الطعن الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك على النحو الوارد تفصيليًا بأسباب الطعن وتوجز
في الآتي.
1 – إن الثابت بالأوراق أن جهة الإدارة قد قامت بتعديل نظام الأساسات من نظام القواعد
المنفصلة إلى نظام اللبشة وعليه يكون من حق الجهة الإدارية أن تطالب بالفرق بين ما
تقاضاه المقاول على أساس أن التنفيذ تم في الأساسات طبقًا للقواعد المنفصلة وبين ما
تمت عليه الأساسات بالفعل بعد التعديل إلى نظام اللبشة وهو مبلغ 14000 جنيه حتى لا
يثري المقاول على حساب الجهة الإدارية نتيجة تعديلها لشروط تنفيذ العقد بإرادتها وقد
طبق الحكم ذلك بالنسبة لما قامت به الجهة الإدارية بتغيير الطوب المتعاقد عليه إلى
نوع الطوب الأسمنتي المفرغ وقد نتج عن ذلك فرق للجهة الإدارية بمبلغ 8043 جنيهًا قامت
بخصم ذلك المبلغ من مستحقاته، وقضى الحكم المطعون فيه بأحقية الجهة الإدارية في ذلك
ومن ثم يكون الحكم أخطأ في تطبيق القانون حينما قضى ببراءة ذمة المدعي (المطعون ضده)
من مبلغ 14000 جنيه.
2 – قامت الجهة الإدارية بخصم مبلغ 5136.640 جنيهًا من مستحقات المدعي كغرامة تأخير
كما هو موضح بالحساب الختامي لعملية معهد أبوشوشة الأزهري وليس كما هو موضح بالحكم
من أن هذا المبلغ تم خصمه من المبالغ المستحقة للجهة الإدارية كفرق في تغيير نظام التأسيس
عن عملية المدرسة الثانوية التجارية بأبو تشت والتي نفذها المطعون ضده. إنه بالنسبة
لمبلغ 8750 جنيهًا فهو خاص بعملية المعهد الأزهري الابتدائي بأبو شوشة وهو مقام بالجهود
الذاتية وله حساب خاص ببنك قرية أبوشوشة برقم 55 ويتم الصرف منه للمقاول بمعرفة الأهالي
المفوضين من المجلس الشعبي المحلي لقرية أبوشوشة، وأن دور الوحدة المحلية هو إشراف
فني – ولا ينال من ذلك سبق الوحدة المحلية صرف مبلغ 6000 جنيه للمدعي؛ حيث إن هذا المبلغ
ورد للوحدة المحلية من المنطقة الأزهرية كإعانة في بناء المعهد الأزهري في حين ألزم
الحكم الطعين الجهة الإدارية بسداد المبلغ المذكور للمدعي وخلصت جهة الإدارة إلى أن
الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفًا للقانون فيما قضى به من إلزام الوحدة المحلية بأن
تدفع للمطعون ضده مبلغ 13886.640 جنيهًا للأسباب المتقدمة ومن حيث إنه عن السبب الأول
من أسباب الطعن المتعلق بخطأ الحكم الطعين في تطبيق القانون بقضائه ببراءة ذمة المطعون
ضده من مبلغ 14000 جنيه فروق أسعار ناتجة عن تغيير نظام التأسيس فإنه لما كان الثابت
من مطالعة أوراق الطعن أن الوحدة المحلية لمركز أبو تشت أعلنت عن مناقصتها لتنفيذ عملية
إنشاء مدرسة أبو تشت الثانوية التجارية وأوصت لجنة البت بجلستها المنعقدة في 21/ 10/
1985 إسناد العملية إلى المطعون ضده بمبلغ إجمالي مقداره 129296.153 جنيهًا وأخطرت
بكتاب الجهة الإدارية رقم 2420 في 4/ 11/ 1985 بقبول عطائه، وبتاريخ 11/ 11/ 1985 حرر
أمر التشغيل للمقاول. وبتاريخ 11/ 11/ 1985 تحرر عقد تنفيذ العملية بين الطرفين على
أن تكون مدة التنفيذ عشرة شهور تبدأ من تاريخ تحديد عمق التأسيس، وتحدد يوم 16/ 11/
1985 موعد تسلم الموقع، كما تضمن العقدان أن الطرف الثاني غير مقبول تنفيذ العملية
طبقًا لكافة الاشتراطات المرفقة وأن هذا العقد يخضع للائحة المناقصات والمزايدات وقد
تضمنت الشروط العامة لهذه العملية الآتي: الحساب على أساس ما يتم تنفيذه من أعمال وطبقًا
للحصر الفعلي للأعمال المنفذة على المقاول قبل البدء في العمل أن يتحرى بنفسه طبيعة
الأرض موضوع تنفيذ العملية، وفي حالة طلب الوحدة المحلية عمل حساب للتأكد من صلاحية
التربة للتأسيس تكون تكاليفها على حساب المقاول.
وقد ورد بالمقايسة الابتدائية التثمينية عن العملية المذكورة في بيان الأعمال بشأن
البنود التأسيسية الآتي:- مقدمة: جميع الأعمال التي تمت طبقًا للرسومات الهندسية لنموذج
المدرسة التجارية 3 لسنة 1963 الباب الأول: "أعمال الحفر والردم" 1- حفر أتربة لزوم
الأساسات لأي عمق …. الباب الثاني: "أعمال الخرسانة العادية" 1- خرسانة عادية للأساسات
وأسفل السملات…. الباب الثالث: "أعمال الخرسانة المسلحة" 1- خرسانة مسلحة لزوم قواعد
الأعمدة ورقابتها والسملات…. والأبعاد والتسليح حسب الرسومات الهندسية.
….. وبتاريخ 15/ 1/ 1986 قامت اللجنة المشكلة لتحديد عمق التأسيس بتعديل نظام الأساسات
من نظام القواعد المنفصلة إلى نظام اللبشة وذلك بعد قيامها بمعاينة عمق التأسيس فوجدت
أن التأسيس المناسب هو متران بعد أن ظهرت مياه الترشح على عمق متر ونصف المتر ورأت
أن يقوم المقاول بعمل الآتي:
1 – يتم حفر موقع مبنى الفصول ومبنى الإدارة بالكامل لبشة على عمق مترين على أن يتم
حفر دورة المياه قواعد منفصلة.
2 – يتم صب خرسانة عادية بسمك 60 سم للبشة كاملة لمبنى الفصول والإدارة على أن يتم
صب قواعد دورات المياه طبقًا للرسومات الهندسية.
3 – يتم عمل شدات تربط جميع القواعد المسلحة طولية وعرضية ومائلة للفصول والإدارة فيما
عدا دورات المياه …. على أن يتم تنفيذ جميع الأعمال بعد ذلك طبقًا للرسومات الهندسية
وذلك على النحو الوارد تفصيلاً بمحضر اللجنة المذكورة المؤرخ 15/ 1/ 1986 والمعتمد
من رئيس الوحدة المحلية لمركز أبو تشت بتاريخ 19/ 1/ 1986 وقد استلم المطعون ضده. وبدأ
في التنفيذ اعتبارًا من تاريخ تحديد عمق التأسيس الحاصل في 15/ 1/ 1986، وبتاريخ 5/
4/ 1986 اجتمعت اللجنة الفنية المشكلة برئاسة مدير الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية
المذكورة لدراسة موضوع استبدال الطوب الأسمنتي المصمت بطوب أسمنتي مفرغ من الناحية
الفنية؛ حيث إن الهيكل الخرساني مصمم بالبناء عليه بالطوب الأحمر…. وحيث إن الطوب
الأسمنتي المصمت تزن الواحدة حوالي ثلاثة كيلو جرامات بينما الطوب الأحمر تزن الواحدة
حوالي 1.750 كيلو جرام، وعليه فإنه في حالة البناء بالطوب الأسمنتي المصمت فالأمر يحتاج
إلى تعديل الرسومات الهندسية بزيادة قطاعات الأعمدة والكمرات والقواعد والسملات مما
يزيد من تكلفة المبنى وعليه رأت اللجنة أن يقوم – المقاول بالبناء بالطوب الأسمنتي
المفرغ سمك 20، 25 سم والمسطح سمك 12 سم وذلك على النحو الثابت بمحضرها المؤرخ في 5/
4/ 1986.
وبتاريخ 2/ 7/ 1986 أخطرت جهة الإدارة المطعون ضده بإسناد أعمال إضافية إليه متمثلة
في تنفيذ إنشاء دور ثانٍ علوي بالمدرسة المذكورة على أن يتم ذلك بالأسعار نفسها التي
رست عليها عملية إنشاء المدرسة مع إعطاء المقاول مدة قدرها خمسة شهور تُضاف إلى المدة
السابقة التي تنتهي في 14/ 11/ 1986، وقد قبل المطعون ضده تنفيذ تلك الأعمال. وبتاريخ
31/ 12/ 1986 تم استلام الأعمال ابتدائيًا، وبتاريخ 5/ 1/ 1988 تم استلام العملية نهائيًا،
كما تم تحرير الكشوف الختامية للأعمال التي نفذها المقاول (أعمال اعتيادية وصحية وأعمال
الكهرباء/ وبلغ إجمالي ختامي هذه العملية مبلغ 187416.180 جنيهًا.
ومن حيث إنه من المقرر أن جهة الإدارة المتعاقدة تتمتع بسلطات واسعة على مقاول الأشغال
العامة وباعتبارها مالكة المشروع وصاحبة الاختصاص الأول والأصيل فيما يتعلق بهذه الأشغال
كما أنها صاحبة الاختصاص في تنظيم المرفق وتحديد قواعد تسييره، وعلى ذلك فهي تستمد
هذه السلطات لا من نصوص العقد فحسب بل من طبيعة المرفق واتصال العقد به ووجوب الحرص
على انتظام سيره واستدامة تعهد الإدارة له وإشرافها عليه بما يحقق المصلحة العامة،
ومن هنا يثبت حق جهة الإدارة في ممارسة تلك السلطات دون حاجة إلى النص عليها في العقد
وموافقة الطرف الآخر، في حين أن المتعاقد معها يقتصر دوره على التعاون معها في تنفيذ
العقد. لذا فإنه يخضع في تنفيذ التزاماته التعاقدية لرقابة وتوجيه الإدارة والتي تعد
من أهم سلطات وحقوق الإدارة في مواجهة المتعاقد معها في مجال تنفيذ العقد الإداري،
ولا تقتصر تلك السلطات على الرقابة بمعناها الضيق والتي تنحصر في الإشراف على المقاول
للتأكد من سلامة تنفيذ العقد طبقًا لشروطه المتفق عليها وإنما تمتد لتشمل الرقابة بمعناها
الواسع متمثلة في سلطتها في التعديل؛ حيث يسمح للجهة الإدارية بالتدخل بدرجات تزيد
على الإشراف لتشمل توجيه المتعاقد في تنفيذ العقد؛ حيث لا يستقل بمفرده في إجرائه،
ونطاق هذه السلطة تتعدد صوره وتتباين أشكاله وتوقيتاته لتشمل مدة تنفيذ العقد، ومن
ثم تمتد تلك السلطة إلى التدخل أيضًا في أوضاع هذا التنفيذ كما تملك تغيير بعض تلك
الأوضاع فضلاً عن تعديل مدى التزامات المتعاقد معها على نحو أو بصورة لم تكن معروفة
وقت إبرام العقد فتزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الطرف الآخر أو تنقصها وذلك بتعديل
شروط العقد بالزيادة أو بالنقص وتحديد مدى هذا التعديل كما يتناول التعديل شروط التنفيذ
المتفق عليها وأيضًا مدة التنفيذ المنصوص عليها في العقد، وبإيجاز تملك جهة الإدارة
أن تغير في الالتزامات التعاقدية المنصوص عليها في العقد وتتناول الأعمال والكميات
المتعاقد عليها بالزيادة أو النقص على خلاف ما ينص عليه العقد، كما تصل سلطة التعديل
إلى أقصى مداها بتكليف المقاول بأعمال إضافية في حدود النسبة المقررة قانوناً (25%)
أو تنقص من كميات أو حجم العقد بهذه النسبة بذات الشروط والأسعار دون أن يطالب المتعاقد
بأي تعويض عن ذلك ولا يجوز تجاوز هذه النسبة إلا بقرار من السلطة المختصة وبعد موافقة
المتعاقد وبشرط توافر حالة الضرورة وألا يؤثر ذلك على أولوية عطاء المتعاقد ووجود الاعتماد
المالي اللازم وذلك على النحو المنصوص عليه في المادة مكررًا من اللائحة التنفيذية
للقانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات، ووسيلة جهة الإدارة في تلك الرقابة
هي الأوامر المصلحية التي يصدرها تابعوها الفنيون التي أناطت بهم مهمة الإشراف والرقابة
على المقاول، ويجب على المقاول الامتثال لتلك الأوامر طالما كانت في استطاعته تنفيذها،
وإن كان ذلك لا يخل بحقه في التظلم الإداري منها أو الطعن فيها أمام قاضي العقد، ومن
المسلم به أن مناط استخدام جهة الإدارة لسلطة التعديل تلك، يدور وجودًا وعدمًا مع مدى
حاجة المرفق إلى هذا التعديل، فهي ليست مجرد مظهر للسلطة الإدارية التي تتمتع بها الإدارة
وإنما ضرورة الوفاء بحاجة المرفق العام وتحقيق المصلحة العامة.
ومن ثم فإنها نتيجة ملازمة لفكرة المرفق العام التي تستمد منها معظم قواعد القانون
الإداري وعلى ذلك كلما اقتضت حاجة المرفق هذا التعديل، يثبت حق جهة الإدارة في إجرائه،
من غير أن يحتج عليها بقاعدة الحق المكتسب أو بقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين.
ومن حيث إنه من جهة أخرى فإن جهة الإدارة ملزمة حين تستخدم حقها في التعديل ألا تذهب
إلى درجة تؤدي إلى قلب اقتصاديات العقد أو تغير موضوعه، وألا تتجاوز الحدود المعقولة
والمناسبة لإمكانيات المقاول الفنية والمالية وإلا كانت ملزمة بتعويض الضرر الناجم
عن استخدامها لتلك السلطة حتى لا يتحمله المقاول وتعيد بذلك التوازن المالي للعقد الإداري
إلى الحالة التي كان عليها عند إبرامه.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع النزاع الماثل، فإنه لما كان الثابت أن العملية
مثار النزاع الماثل قد طرحت على أساس أن الكميات المبينة بالمقايسات والرسومات والفئات
تقريبية طبقًا للمقايسة الابتدائية لهذه العملية وأن الغرض منها بيان قيمة العقد في
حين أن أساس محاسبة المقاول طبقًا للشروط العامة لهذه العملية يكون طبقًا للكميات التي
تنفذ وطبقًا للحصر الفعلي للأعمال المنفذة نتيجة القياس على الطبيعة لتلك الأعمال سواء
كانت الكميات أقل أو أكثر من الواردة للمقايسة الابتدائية أو نتيجة تغيرات أدخلت على
كميات أو حجم العملية.
ومن حيث إنه متى ثبت مما تقدم أن جهة الإدارة عدلت طريقة تنفيذ الأساسات من نظام القواعد
المنفصلة إلى نظام اللبشة وزيادة عمق التأسيس طبقًا لما سلف بيانه مما أدى إلى زيادة
كميات الحفر والخرسانة العادية والخرسانة المسلحة طبقًا لما أسفر عنه التنفيذ الفعلي
بزيادة كميات بعض بنود الأعمال المستخدمة في التأسيس عن الكميات الواردة بالمقايسة
الابتدائية ومن ثم فإن محاسبة المطعون ضده في هذه الحالة تتم وفقًا للبند الختامي من
الاشتراطات العامة التي هي بمثابة جزء لا يتجزأ من عقد تنفيذ العملية موضوع النزاع
حسبما ورد النص على ذلك بالبند الأول عن العقد المذكور وذلك على أساس الكميات المنفذة
فعلاً التي تظهر من القياس ووفقًا لفئات الأسعار الواردة بعطاء المطعون ضده وتتم التصفية
الحسابية على أساس ختامي العملية المنفذ فعلاً وذلك وفقًا لما ارتضاه طرفا التعاقد.
فضلاً عن أن الثابت أن المقاول لم يتجاوز حجم وكميات أعمال التأسيس المنوه عنها سلفًا
بإرادته المنفردة وإنما ألزمته بذلك اللجنة الفنية التي شكلتها السلطة المختصة طبقًا
لما سلف بيانه.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم يكون الحكم الطعين قد أصاب صحيح حكم القانون بقضائه
ببراءة ذمة المطعون ضده من مبلغ 14000 جنيه الناتج عن تغيير نظام التأسيس والتي تطالب
جهة الإدارة بإلزامه بسدادها، ويكون هذا النعي على هذا الشق من قضاء الحكم في غير محله
جديرًا بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة لما أثارته الجهة الإدارية بشأن إلزام المطعون ضده بسداد قيمة
غرامة التأخير الموقعة عليه كجزاء عن تأخره في تسليم عملية إنشاء معهد أبوشوشة الأزهري
المسندة إليه ومقدارها 5136.640 جنيهًا وليس كما ذهب الحكم الطعين بخصم هذا المبلغ
المستحق للمطعون ضده استيفاءً لمستحقات جهة الإدارة قبله كفرق ناتج عن تغير نظام التأسيس
فإنه لما كان الثابت من مطالعة الأوراق أن جهة الإدارة أسندت إلى المطعون ضده عملية
تنفيذ إنشاء المعهد الديني الأزهري بقرية أبو شوشة بموجب عقد محرر بين الطرفين في 4/
8/ 1986 بمبلغ إجمالي قدره 19185 جنيهًا وصدر أمر التشغيل متضمنًا تنفيذ الأعمال المبينة
بالعقد في مدة قدرها ثلاثة شهور تبدأ من 14/ 9/ 1986 تحديد عمق التأسيس المناسب على
أن يكون ميعاد النهو المقرر 13/ 12/ 1986.
وإذ ثبت أن المطعون ضده قام بتسليم الأعمال المسندة إليه حسب المقايسة الابتدائية الموضوعة
لهذه العملية بموجب محضر استلام ابتدائي مؤرخ 13/ 12/ 1986 وأثبتت لجنة الاستلام أن
الأعمال جميعها حسب الرسومات الهندسية لنموذج المعهد الديني الأزهري بأبو شوشة تمت
بحالة مُرضية وهو ما لم تنكره جهة الإدارة الطاعنة، ومن حيث إنه من المقرر أنه إذا
تسلمت الجهة الإدارية الأعمال المسندة للمقاول تسليمًا ابتدائيًا وبحالة مرضية فلا
يجوز لها بعد ذلك توقيع غرامة التأخير، وإذ ثبت مما تقدم قيام المطعون ضده بتسليم الأعمال
المتعاقد عليها لجهة الإدارة في الميعاد؛ حيث حرر محضر استلام ابتدائي في هذا الشأن
وبالتاريخ المشار إليه، فلا يكون المطعون ضده قد أخل بإلزامه بتنفيذ الأعمال المتعاقد
عليها، خلال المواعيد المتفق عليها وبالتالي فلا يكون هناك موجب لتوقيع غرامة التأخير
وخاصة أن الأوراق قد خلت مما يفيد إثبات أن التسليم الابتدائي للأعمال لم يشمل جميع
الأعمال المتعاقد عليها كما وافقت جهة الإدارة على استلام الأعمال ابتدائيًا في الميعاد
المقرر دون تحفظ، وبالتالي فلا يكون هناك ما يوجب توقيع غرامة التأخير المنصوص عليها
في المادة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات
التي تطبق على أحكام العقد سالف الذكر، الأمر الذي يغدو معه هذا الوجه من أوجه الطعن
غير قائم على أساس من القانون جديرًا بالالتفات عنه ومن حيث إنه عن السبب الأخير من
أسباب الطعن ومؤداه أن جهة الإدارة غير ملزمة بسداد مبلغ 8750 جنيهًا قيمة المستحق
للمطعون ضده عن عملية إنشاء المعهد الديني الأزهري بقرية أبوشوشة بدعوى أن هذا المعهد
مقام بالجهود الذاتية وأن الصرف يتم من حساب خاص ببنك قرية أبوشوشة فإنه لما كان قضاء
هذه المحكمة جرى على أن العقد شريعة المتعاقدين بحيث تقوم قواعده مقام نصوص القانون
بالنسبة لطرفيه وأن العقود الإدارية شأنها شأن العقود المدنية يجب تنفيذها بما اشتملت
عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية في تفسير هذه العقود.
ومقتضى ذلك أن حقوق المتعاقد مع الإدارة والتزاماته تتحدد طبقًا لشروط العقد الذي يربطه
بجهة الإدارة، ولعل أهم حق للمتعاقد مع الإدارة هو المقابل المالي وهو دافعه إلى التعاقد،
ويختلف المقابل النقدي باختلاف العقود الإدارية وتتنوع صوره حسب طبيعة العقد، ففي عقود
الأشغال العامة والتوريد يكون المقابل هو الثمن المتفق عليه في العقد، أما في عقود
الالتزام فيتمثل في الرسوم التي يحصل عليها الملتزم من المنتفعين بخدمات المرفق العام
على أساس قائمة الأسعار التي يحددها عقد الالتزام.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت أنه لا خلاف بين أطراف الخصوم أن المطعون
ضده أسندت إليه عملية إنشاء المرحلة الأولى للمعهد الديني الأزهري بقرية أبوشوشة بموجب
العقد المبرم بين الطرفين بتاريخ 4/ 8/ 1986 بقيمة إجمالية مقدارها 19250 جنيهًا ومدة
تنفيذها ثلاثة شهور بدأت من تاريخ تحديد عمق التأسيس الحاصل في 14/ 9/ 1986 وأن جهة
الإدارة قد استلمت الأعمال ابتدائيًا بحالة مرضية في 13/ 12/ 1986 في الميعاد المقرر
للنهو وحررت الكشوف الختامية للأعمال المنفذة وبلغت قيمة ختامي العملية 34244.285 جنيهًا.
ومن حيث إن نصوص العقد مثار النزاع الماثل جاءت صريحة وواضحة مبينة لنية المتعاقدين
في بيان أحكام ثمن العقد؛ حيث نص البند الثاني من العقد على أن يقر الطرف الثاني بقبول
تنفيذ العملية طبقًا لكافة الاشتراطات المرفقة كما نص البند السادس من ذات العقد على
أنه: (هذا العقد يخضع للائحة المناقصات والمزايدات وإذ ثبت أن الشروط العامة للعملية
المذكورة والتي تعتبر جزءاً من أحكام العقد المشار إليه) ونصت في البند الخامس منها
على أن (الحساب على أساس ما يتم تنفيذه من أعمال وطبقًا للحصر للأعمال المنفذة)، كما
تضمنت المادة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات
والمزايدات الصادرة بقرار وزارة المالية رقم 157 لسنة 1983 – والتي تطبق على النزاع
الماثل – الأحكام المتعلقة بكيفية تسديد الثمن للمقاول بمراعاة القاعدة التي تحكم حسابات
الدولة وهي أن الدفع لا يكون إلا بعد أداء الخدمة وذلك بتنظيم كيفية صرف الدفعات على
الحساب للمقاول على النحو المنصوص عليه فيها، كما ألزمت جهة الإدارة بعد تسلمها الأعمال
مؤقتًا بحالة مرضية بتحرير كشوف بقيمة الأعمال التي تمت فعلاً على أن تصرف عقب ذلك
مباشرة مستحقات المقاول بعد خصم المبالغ التي سبق صرفها على الحساب أو أية مبالغ أخرى
مستحقة عليه كما ألزمتها أيضاً بعد تسلم الأعمال نهائيًا بعد مدة الضمان إجراء التصفية
الحسابية النهائية لمستحقات طرفي العقد على أن ترد للمقاول باقي حسابه بما في ذلك التأمين
النهائي أو ما تبقى منه.
ومن حيث إنه متى ثبت ما تقدم وكان الثابت أن نصوص العقد المشار إليه وكذا الشروط العامة
للعملية ومحضر لجنة البت قد خلت تماماً من ثمة نص يفيد اتفاق الطرفين على أن الحساب
الخاص المفتوح ببنك القرية برقم 55 المشار إليه بتقرير الطعن هو المصرف المالي لمستحقات
المقاول، كما أنه لا توجد ثمة مكاتبات بين الطرفين بهذا الخصوص ومن ثم تكون الجهة الإدارية
التي تعاقدت مع المطعون ضده هي الملزمة بصرف باقي مستحقات المطعون ضده عن عملية المعهد
الديني الأزهري بقرية أبوشوشة مقدارها 8750 جنيهًا.
وإذ انتهت المحكمة المطعون في حكمها إلى هذه النتيجة، يكون حكمها في هذا الشق قد صدر
صحيحاً ومطابقًا للقانون ويغدو ما تتمسك به الجهة الإدارية الطاعنة في هذا الشأن غير
قائم على أساس صحيح من القانون بما يجعله مستوجبًا الرفض.
ولما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد جاء صحيحًا فيما قضى به على أسباب كافية
لحمله وقد التزم صحيح حكم القانون وكانت المطاعن الموجهة إليه لا تنال من سلامته ومن
ثم يغدو الطعن عليه في غير محله متعينًا رفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة
المصروفات.
