الطعن رقم 71 لسنة 32 ق – جلسة 30 /11 /1967
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الرابع – السنة 18 – صـ 1768
جلسة 30 من نوفمبر سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدى، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.
الطعن رقم 71 لسنة 32 القضائية
( أ ) وصية. "القانون الواجب التطبيق". قانون.
وفاة الموصى قبل العمل بالقانون 71 لسنة 1946. خضوع وصيته لأرجح الآراء فى مذهب ابى
حنيفة.
(ب) وصية. "الوصية بغير وارث". "تحديد ثلث التركة وفقا لأرجح الآراء فى الفقه الحنفى".
إجماع الحنفية على أن الوصية لغير وارث لا تنفذ من غير إجازة الورثة إلا فى حدود ثلث
التركة بعد سداد ديون التركة وعلى أن الموصى له – يتملك من وقت القبول مستندا إلى وقت
وفاة الموصى. الراجح مع ذلك عند الحنفية أن العبرة فى تقدير الثلث الذى تخرج منه الوصية
بقيمته وقت القسمة والقبض لا وقت الوفاة ولو كانت الوصية بنقود مطلقة غير مقيدة بعين
من أعيان التركة. كل نقص أو هلاك فى أعيان التركة – فى الفترة بين الوفاة والتنفيذ
– تكون على الورثة الموصى له وكل زيادة فيها تكون للجميع.
1 – متى كان الثابت أن الموصى توفى سنة 1944 فإن وصيته لا يحكمها قانون الوصية رقم
71 لسنة 1946 وإنما يحكمها أرجح الآراء فى مذهب أبى حنيفة على ما تقضى به المادتان
55 من القانون المدنى القديم و280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
2 – لئن كان الحنفية قد أجمعوا على أن الوصية لغير وارث لا تنفذ من غير إجازة الورثة
إلا فى حدود ثلث التركة بعد سداد ما تحمله من ديون وعلى أن الموصى له يتملك الموصى
به من وقت القبول مستندا إلى وقت وفاة الموصى مما يستلزم فى البادى الظاهر أن تكون
العبرة فى تحديد قيمة الثلث الذى تخرج منه الوصية هى بقيمته وقت وفاة الموصى وهو ما
ورد فى بعض كتب الحنفية دون تقييد له – إلا أن الراجح عندهم هو أن يكون تقدير الثلث
الذى تخرج منه الوصية بقيمته وقت القسمة والقبض لأنه هو وقت استقرار الملك وتنفيذ الوصية
وإعطاء كل ذى حق حقه وحتى لا يكون هناك غبن على أى واحد من الورثة أو الموصى له فيما
يعطاه ورتبوا على ذلك أن كل ما يحدث فى الفترة ما بين وفاة الموصى والقسمة من نقص فى
قيمة التركة أو هلاك فى بعض أعيانها يكون على الورثة والموصى له وكل زيادة تطرأ على
التركة فى هذه الفترة تكون للجميع. ولا يغير من هذا النظر أن تكون الوصية بنقود مرسلة
مطلقة غير مقيدة بعين من أعيان التركة ذلك أن حق الموصى له – بمثل هذه الوصية – يتعلق
بجميع التركة ويكون ثلثها على الشيوع محلا للتنفيذ والعبرة فى تقدير الثلث فى هذا النوع
من الوصايا هى أيضا بقيمة الثلث عند القسمة والتنفيذ.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أن الطاعن أقام الدعوى رقم 581 سنة 1956 كلى أسيوط على المطعون ضدها الأولى وقال شرحا
لها إن المرحوم رمزى مرقص دقيش مورثه هو والمطعون ضدها الأولى توفى فى 21 فبراير سنة
1944 وخلف تركة تشمل أطيانا زراعية وأراضى ومبان وأموال مودعة فى البنوك ولما كانت
هذه التركة محملة بديون – فقد رفع هذه الدعوى طالبا الحكم بتعيين مصف لتركة مورثهما
المذكور تكون مهمته جرد هذه التركة وتسوية ديونها وإجراء قسمتها بينه وبين المطعون
ضدها الأولى، وفى 16 ديسمبر سنة 1957 قضت المحكمة بتعيين الأستاذ كمال توفيق مصفيا
للتركة وكلفته بإيداع قائمة الجرد فى أجل حددته وبأن يودع بإجراءات التصفية وحسابات
الإدارة بيانا مؤيدا بالمستندات كل ستة شهور وفى 23 مارس سنة 1958 قضت المحكمة باستبدال
المطعون ضده الثانى بذلك المصفى لأداء ذات المهمة بعد أن اعتذر عن توليها. وبعد أن
أودع المصفى (المطعون ضده الثانى) قائمة الجرد قلم كتاب المحكمة نازع الطاعن فى هذه
القائمة وكان من بين إعتراضاته أن المصفى قدر قيمة الأطيان والمبانى بحسب متوسط أسعارها
وقت التصفية وكان الواجب أن تقدر هذه القيمة بحسب سعرها فى تاريخ وفاة المورث إذ أن
التركة محملة بوصية بمبلغ 4200 جنيه لغير وارث بمقتضى الحكم رقم 162 سنة 26 ق إستئناف
أسيوط الذى قضى بنفاذ هذه الوصية فى ثلث التركة، ذلك لأن العبرة فى تقدير قيمة الثلث
الذى تخرج منه الوصية هو بقيمته وقت وفاة الموصى – وفى 15 يناير سنة 1961 قضت المحكمة
بقبول الإعتراضات شكلا وفى الموضوع بإضافة مبلغ 70 ج المودعة بخزانة محكمة مصر الإبتدائية
إلى أصول التركة واعتبارها مبلغ 1432 ج و915 م بدلا من 1362 ج و915 م وإعتماد قائمة
الجرد المقدمة من المصفى فيما عدا ذلك – فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة إستئناف
أسيوط بالإستئناف رقم 314 سنة 36 ق وتمسك فى هذا الإستئناف بوجوب تقدير الثلث الذى
تخرج منه الوصية بحسب قيمته وقت وفاة الموصى – وفى 11 يناير سنة 1962 قضت محكمة الإستئناف
برفض هذا الإعتراض وبتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن بالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا
الرأى.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون
حين قرر أن تعيين ثلث التركة الذى تنفذ فيه الوصية لا يكون إلا بعد بيعها وتصفيتها،
ذلك أن تعيين النطاق الذى تنفذ فيه الوصية بإجماع الفقه منوط بتقدير التركة عند الوفاة
لا بما تباع به وقت التصفية فإذا كانت قيمة التركة وقت التصفية قد زادت أو نقصت عن
قيمتها وقت الوفاة فإن هذا النقص أو تلك الزيادة فى قيمة التركة لا تؤثر على القدر
الذى يجب أن تخرج منه الوصية لأن الوصية ليست دينا على التركة يخضع لما تؤول إليه بعد
التصفية وإنما هى حق ملكية يؤول إلى الموصى له أسوة بحق الوارث فى التركة ومقتضى هذا
أنه كان يتعين على المصفى أن يقدر التركة بقيمتها وقت الوفاة لأنه هو التقدير الذى
يعين النطاق الذى تخرج منه الوصية، وإذ كان المصفى قد خالف هذا النظر وقدر قيمة التركة
وقت التصفية التى تمت بعد وفاة الموصى ببضعة عشر عاما وكان الحكم المطعون فيه قد أقره
على ذلك فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه إذا كان الثابت حسبما سجله الحكم المطعون فيه أن الموصى توفى فى 21 فبراير
سنة 1944 فإن وصيته لا يحكمها قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 وإنما يحكمها أرجح الأقوال
فى مذهب أبى حنيفه على ما تقضى به المادتان 55 من القانون المدنى القديم و280 من لائحة
ترتيب المحاكم الشرعية.
وحيث إنه وإن كان الحنفية قد أجمعوا على أن الوصية لغير وارث لا تنفذ من غير إجازة
الورثة إلا فى حدود ثلث التركة بعد سداد ما تحمله من ديون وعلى أن الموصى له يتملك
الموصى به من وقت القبول مستندا إلى وقت وفاة الموصى مما يستلزم فى البادى الظاهر أن
تكون العبرة فى تحديد قيمة الثلث الذى تخرج منه الوصية هى بقيمته وقت وفاة الموصى وهو
ما ورد فى بعض كتب الحنفية دون تقييد له – إلا أن الراجح عندهم هو أن يكون تقدير الثلث
الذى تخرج منه الوصية بقيمته وقت القسمة والقبض لأنه هو وقت استقرار الملك وتنفيذ الوصية
وإعطاء كل ذى حق حقه وحتى لا يكون هناك غبن على أى واحد من الورثة أو الموصى له فيما
يعطاه – ورتبوا على ذلك أن كل ما يحدث فى الفترة ما بين وفاة الموصى والقسمة من نقص
فى قيمة التركة أو هلاك فى بعض أعيانها يكون على الورثة والموصى له وكل زيادة تطرأ
على التركة فى هذه الفترة تكون للجميع – ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر
ورفض اعتراض الطاعن المؤسس على أن تقدير الثلث الذى تخرج منه الوصية يكون بقيمته وقت
وفاة الموصى فإنه يكون قد إنتهى إلى نتيجة صحيحة فى القانون ولا يغير من هذا النظر
كون الوصية موضوع النزاع بنقود مرسلة مطلقة غير مقيدة بعين من أعيان التركة ذلك أن
حق الموصى له – بمثل هذه الوصية يتعلق بجميع التركة ويكون ثلثها على الشيوع محلا للتنفيذ
والعبرة فى تقدير الثلث فى هذا النوع من الوصايا هى أيضا بقيمة الثلث عند القسمة والتنفيذ
– لما كان ما تقدم، فإن النعى على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه خالف القانون حين قرر أن المادة
890 من القانون المدنى تبيح المنازعة فى صحة الجرد ولا تبيح المنازعة فى تقويم المصفى
لعنصر من عناصر التركة، ذلك أن المستفاد من هذه المادة والمادتين 888 و891 من القانون
المدنى أنها تلزم المصفى بتقدير قيمة عناصر التركة حتى يكون الجرد صحيحا وإلا جازت
المنازعة فيه. وحاصل السبب الثالث أن الحكم خالف القانون حين قرر أن الوصية تعتبر دينا
على التركة وأن الورثة يتحملون نتائج إنخفاض قيمة عناصرها أو هلاك بعضها من تاريخ الوفاة،
ذلك أن المقرر أن الموصى له شريك للوارث وليس شريكا للدائنين فلو هلك شئ من التركة
قبل القسمة فإنه يهلك على الموصى له والورثة جميعا.
وحيث إن النعى بهذين السببين عديم الجدوى ذلك أن الحكم المطعون فيه وقد إنتهى على ما
سبق بيانه فى الرد على السبب الأول إلى نتيجة صحيحة فإنه لا يؤثر فى سلامته بعد ذلك
ما ورد بأسبابه من تقريرات قانونية غير صحيحة وبالتالى يكون غير منتج النعى على الحكم
بهذين السببين وهو وارد على أسباب زائدة يقوم الحكم بدونها ولما تقدم يكون الطعن برمته
غير سديد ويتعين رفضه.
