الطعن رقم 91 لسنة 34 ق – جلسة 25 /07 /1967
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثالث – السنة 18 – صـ 1477
جلسة 25 من يوليه سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وابراهيم علام، وعثمان زكريا.
الطعن رقم 91 لسنة 34 القضائية
بيع. "إلتزامات البائع". "الإلتزام بنقل الملكية". إلتزام. "تنفيذ
الإلتزام". "الدفع بعدم التنفيذ".
جواز إمتناع البائع عن القيام بما هو ضرورى لنقل الحق المبيع إلى المشترى إذا كان هذا
الإلتزام يقابله إلتزام من جانب المشترى – هو أداء الرسم المطلوب لمصلحة الشهر العقارى
– ولم يقم بتنفيذه. م 161 مدنى.
إنه إذا كانت المادة 428 من القانون المدنى تلزم البائع بأن يقوم بما هو ضرورى لنقل
الحق المبيع إلى المشترى ومن ذلك تقديم الشهادات اللازمة للتسجيل إليه كمستندات الملكية
وبيان حدود العقار، إلا أنه متى كان هذا الإلتزام يقابله إلتزام من جانب المشترى ولم
يقم بتنفيذه جاز للبائع – وعلى ما تقضى به المادة 161 من القانون المدنى – أن يمتنع
من جانبه عن القيام بالإجراءات اللازمة للتسجيل. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد
ما يستفاد منه أن البائعة لم تكن ملزمة طبقا لشروط عقد البيع أن تقدم الأوراق اللازمة
لتسجيله والتوقيع عليه من المشترين إلا بعد أن تحصل منهم على الرسم المطلوب سداده إلى
مصلحة الشهر العقارى وأن هؤلاء هم الملزمون بالمبادرة إلى دفعه، وانتهى الحكم إلى أن
تقصير مورث الطاعنين وهم من بعده فى ذلك قد سوغ للبائعة أن تعتصم قبلهم بالدفع بعدم
التنفيذ فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون [(1)].
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعنين
أقاموا الدعوى رقم 3641 سنة 60 مدنى كلى القاهرة ضد وزارة الإسكان والمرافق العامة
المطعون ضدها، وطلبوا الحكم بإلزامها بأن تدفع لهم مبلغ 659 ج و230 م وقالوا بيانا
لدعواهم إنه فى يونيه سنة 1948 اشترى مورثهم من مصلحة الأملاك الأميرية التابعة للوزارة
المذكورة منزلا فى الزمالك بالقاهرة بمبلغ 16717 ج و150 م بما فيه رسم التسجيل المقرر
وقتئذ وعجل لها جزءا من الثمن وتعهد بسداد الباقى على عشرة أقساط. وبعد أن سددوا آخر
قسط منها فى 16 ديسمبر سنة 1957 قاموا بالتنبيه على المصلحة البائعة فى 28 ديسمبر سنة
1957 ثم فى 2 من أبريل سنة 1959 بأن تعد عقد البيع للتسجيل، غير أن المصلحة تراخت فى
القيام بالتزامها إلى أن مضت مدة طويلة زادت خلالها الرسوم المقررة للتسجيل من 3.5%
إلى 5% ثم إلى 7% بفرق قدره 578 ج و480 م وقد طالبتهم المصلحة فى 2 فبراير سنة 1960
بأن يدفعوا لها هذا المبلغ وقاموا فعلا بسداده وتم تسجيل العقد فى 18 مارس سنة 1961.
وإذ تحملوا هذا المبلغ بسبب تقصير المصلحة فى القيام بالتزامها بإعداد العقد للتسجيل
فقد رفعوا دعواهم للمطالبة برده بالإضافة إلى مبلغ 80 ج و750 م قيمة رسم حفظ حق امتياز
البائع الذى أصبح لا مبرر له بعد أن أدوا للمصلحة البائعة كامل ثمن المنزل المبيع –
وبتاريخ 21 ديسمبر سنة 1962 قضت محكمة أول درجة بإلزام الوزارة المطعون ضدها بأن تدفع
للطاعنين مبلغ 578 ج و480 م، استأنفت الوزارة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة
وقيد استئنافها برقم 434 سنة 80 ق وبتاريخ 12 يناير سنة 1964 قضت محكمة الإستئناف بإلغاء
الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة
مذكرتين أبدت فيهما الرأى برفض الطعن وفى الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا
الرأى.
وحيث إن الطعن بنى على سببين ينعى الطاعنون فى السبب الأول منهما على الحكم المطعون
فيه الخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت فى الأوراق والقصور فى التسبيب، وفى بيان
ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيسا على أن مورثهم هو الذى
قصر فى إلتزامه بأن تخلف عن أداء فرق رسوم التسجيل المستحقة عليه بعد أن دعته مصلحة
الأملاك بخطابها المؤرخ 27 من أبريل سنة 1950 لدفع هذا الفرق والتوقيع على العقد وأن
المصلحة المشار إليها لم تستطع بسبب هذا التقصير إعداد العقد للتوقيع، فى حين أن الثابت
أن الطاعنين أنكروا أمام محكمة الموضوع استلام الخطاب السابق الإشارة إليه وتمسكوا
أمامها بعدم علمهم به، غير أن الحكم المطعون فيه عول على هذا الخطاب ولم يرد على دفاع
الطاعنين بشأنه. هذا بالإضافة إلى أن الثابت من مذكرة المطعون ضدها المقدمة لمحكمة
الموضوع أن مورث الطاعنين قد سدد لها رسم تجديد التأشير على مشروع العقد فى 10 من أبريل
سنة 1951، وأن كشف التحديد الذى ورد لها بعدئذ قد تضمن زيادة فى مساحة المنزل المبيع
اقنضت مطالبة المشترى بثمنها والعمل على تصحيح الأوراق، وأنه قد صدر القانون رقم 134
سنة 1951 بزيادة رسوم التسجيل من 3.5 إلى 5% فى غضون هذه المدة، الأمر الذى يفيد إنقطاع
الصلة بين تخلف المشترى عن التوجه لمصلحة الأملاك استجابة لخطاب 27 من أبريل سنة 1950
الذى ادعت – على غير الحقيقة – إرساله له وبين الضرر المطلوب التعويض عنه. واستطرد
الطاعنون إلى القول بأن الحكم المطعون فيه لم يورد أسبابا لنفى مسئولية مصلحة الأملاك
عن الزيادة فى رسوم التسجيل مرة أخرى من 5% إلى 7% وهى الزيادة التى فرضت فى سنة 1957
ولم يكن إلتزام المشترى بدفع رسوم التسجيل ليغنى مصلحة الأملاك بوصفها بائعة عن القيام
بالتزامها نحو إعداد عقد البيع للتوقيع وتحضير مستندات ملكيتها وتقديم البيانات المساحية
الصحيحة التى تجعله صالحا للتسجيل.
وحيث إن هذا النعى مردود. ذلك أنه وإن كانت المادة 428 من القانون المدنى تلزم البائع
بأن يقوم بما هو ضرورى لنقل الحق المبيع إلى المشترى ومن ذلك تقديم الشهادات اللازمة
للتسجيل إليه كمستندات الملكية وبيان حدود العقار، إلا أنه متى كان هذا الإلتزام يقابله
إلتزام من جانب المشترى ولم يقم بتنفيذه جاز للبائع وعلى ما تقضى به المادة 161 من
القانون المشار إليه – أن يمتنع من جانبه عن القيام بالإجراءات اللازمة للتسجيل. ولما
كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين على ما قرره من أنه "لا دليل
فى الدعوى على أن المورث أو الورثة من بعده قاموا بسداد المبلغ المطلوب لتكملة الرسم
المستحق للشهر العقارى وبذلك لم تتمكن المصلحة من إعداد العقد للتوقيع إذ أن إعداد
العقد لا يكون إلا بعد أداء هذا الرسم.. الأمر الذى يستفاد منه أن عدم التوقيع على
عقد البيع فى الوقت المناسب وقبل زيادة الرسوم لم يكن راجعا إلى خطأ المصلحة وإهمالها
بل إلى تخلف المورث عن أداء باقى الرسم المطلوب منه… وأن المستأنف عليهم – الطاعنين
– قد أهملوا فى دفع باقى الرسم المطلوب وانبنى على ذلك عدم إعداد العقد طيلة هذه المدة".
وكان مفاد هذا الذى أورده الحكم أن المصلحة البائعة لم تكن ملزمة طبقا لشروط عقد البيع
أن تقدم الأوراق اللازمة لتسجيله والتوقيع عليه من المشترين إلا بعد أن تحصل منهم على
الرسم المطلوب سداده إلى مصلحة الشهر العقارى وأن هؤلاء هم الملزمون بالمبادرة إلى
دفعه، لما كان ذلك، وإذ إنتهى الحكم إلى أن تقصير مورث الطاعنين وهم من بعده قد سوغ
للمصلحة البائعة أن تعتصم قبلهم بالدفع بعدم التنفيذ فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون
وتضمن الرد على دفاع الطاعنين سواء فيما يتعلق بزيادة الرسوم عام 1951 من 3.5 إلى 5%
أو بزيادتها عام 1957 إلى 7% ومن ثم يكون النعى عليه بهذا السبب على غير أساس. ولا
عبرة بما قال به الطاعنون من أن محكمة الإستئناف لم تلتفت إلى أنهم أنكروا على مصلحة
الأملاك الأميرية ما ادعته من أنها أرسلت لهم خطابا فى 27 من أبريل سنة 1950 تدعوهم
فيه للتوقيع على العقد ذلك أنه وإن أشار الحكم إلى الخطاب المذكور إلا أن ما قرره بشأنه
كان تزيدا لا حاجة به إليه بعد أن استقام قضاؤه – وفق ما سلف بيانه – على ما أورده
من أن المصلحة لم تكن ملزمة بإخطار مورث الطاعنين وهم من بعده بسداد الرسوم وأن تأخرهم
فى سدادها قد نجم عنه أن لحقتهم الزيادة المقررة فى هذه الرسوم مرتين.
وحيث إن حاصل السبب الثانى هو خطأ الحكم المطعون فيه فى تطبيق القانون، ذلك أن المطعون
ضدها إذ استأنفت الحكم الإبتدائى قد اقتصرت على إيراد سببين للإستئناف أولهما أنه لا
يصح أن تسأل عن زيادة رسوم التسجيل بإعتبار أن هذه الزيادة مقررة بتشريع لدواع من المصلحة
العامة، والثانى هو أن الطاعنين طلبوا بعد وفاة مورثهم إلغاء عقد البيع ووافقتهم الوزارة
على ذلك ثم عادوا فطلبوا تحرير عقد جديد بإعتبارهم المشترين مباشرة للعين المبيعة ولم
تضف المطعون ضدها إلى هذين السببين سببا آخر أمام محكمة الإستئناف كما لم تتمسك بما
كان لها من دفاع مؤداه أن الطاعنين هم الذين قصروا فى أداء إلتزامهم بدفع فرق الرسم،
وهو الدفاع الذى قضى الحكم الإبتدائى برفضه، بما يعد تسليما منها بصحته، غير أن محكمة
الإستئناف وقد عولت على هذا الدفاع فإنها تكون قد أقامت قضاءها على أساس غير مطروح
عليها وهو ما يعيب حكمها بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه لما كان الثابت أن المطعون ضدها دفعت الدعوى أمام
محكمة أول درجة بأن التأخير فى التسجيل إنما يرجع إلى تقصير الطاعنين فى الوفاء بفرق
رسوم التسجيل بعد زيادتها، وكانت قد ضمنت صحيفة الإستئناف هذا الدفاع فإن النعى على
الحكم بهذا السبب يكون غير صحيح.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
[(1)] راجع نقض جلسة 11/ 11/ 1965 الطعن 250 السنة 30 ق مجموعة المكتب الفنى س 16 ص 1018.
