الطعن رقم 62 لسنة 34 ق – جلسة 29 /06 /1967
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثالث – السنة 18 – صـ 1397
جلسة 29 من يونيه سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقى البشبيشى.
الطعن رقم 62 لسنة 34 القضائية
( أ ) اجارة. "اجارة الأماكن". حكم. "ما لا يجوز الطعن فيه". قانون.
"تفسير النص".
تحديد الأجرة من المسائل التى يحكمها القانون 121 لسنة 1947 والقوانين المعدلة له.
قضاء المحكمة الابتدائية بتخفيض الأجرة إستنادا إلى أحكام هذا القانون. منازعة ناشئة
عن تطبيق القانون المذكور بالمعنى المقصود فى المادة 15 منه. عدم جواز الطعن فى الحكم.
لا يغير من ذلك إسترشاد المحكمة فى قضائها بمحكمة التشريع. حكمة التشريع ليست نصا يمكن
تطبيقه وإنما هى مجرد وسيلة يهتدى بها فى تفسير النص عند غموضه.
(ب) إختصاص. "المنازعة فى انطباق القانون على الواقع". قانون. إستئناف.
منازعة الخصم فى انطباق القانون الذى يطلب المدعى تطبيقه ليست إنكارا منه لاختصاص المحكمة.
فصل المحكمة فى هذه المنازعة لا يعتبر قضاء منها فى مسألة اختصاص مما يجوز إستئنافه
دائما. بحث انطباق القانون يجب على المحكمة أن تجريه فى كل دعوى مطروحة تمهيدا لإنزال
حكم القانون الصحيح على الواقع الذى ثبت لديها.
1 – متى كانت المحكمة الابتدائية لم تستند فى قضائها بتخفيض الأجرة إلى قواعد العدالة
وإنما إلى أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 والقانون رقم 168 لسنة 1961 المعدل له فكان
تحديد الأجرة من المسائل التى يحكمها القانون المذكور فإن حكمها يكون صادرا فى منازعة
ناشئة عن تطبيق رقم 121 لسنة 1947 بالمعنى المقصود فى المادة 15 منه وبالتالى غير قابل
لأى طعن طبقا للفقرة الرابعة من هذه المادة [(1)]، ولا يغير من ذلك
أن تكون المحكمة قد استرشدت فى تطبيقها لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 والقانون
المعدل له بحكمة التشريع التى اقتضت سن القوانين الاستثنائية المتلاحقة الخاصة بتخفيض
الأجرة، إذ أن ذلك لا يعنى أنها أعملت قواعد العدالة أو أنها طبقت حكمة التشريع دون
النص لأن هذه الحكمة لا يمكن تطبيقها فهى ليست نصا يطبق وإنما هى مجرد وسيلة يهتدى
بها فى تفسير النص فى حالة غموضه.
2 – بحث انطباق القانون الذى طلب المدعى تطبيقه أو عدم انطباقه هو بحث يجب على المحكمة
أن تجريه ولو من تلقاء نفسها فى كل دعوى تطرح عليها تمهيدا لإنزال حكم القانون الصحيح
على الواقع الذى ثبت لها. ومنازعة الخصم فى انطباق القانون الذى يطلب المدعى تطبيقه
لا تتضمن إنكارا منه لإختصاص المحكمة وإنما لإنطباق القانون المطلوب تطبيقه فحسب وبالتالى
فإن فصل المحكمة فى مسألة انطباق القانون أو عدم انطباقه لا يعتبر قضاء منها فى مسألة
اختصاص مما يجوز استئنافه دائما [(2)].
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 4890 سنة 1961 كلى القاهرة على الطاعن وقال شرحا لها
إنه بمقتضى عقد إيجار مؤرخ 3 يوليه سنة 1961 استأجر من الطاعن إبتداء من أول أغسطس
سنة 1961 الشقة المبينة بالصحيفة بأجرة شهرية مقدارها 60 ج خلاف ضريبة البلدية بواقع
2% وأنه علم بعد ذلك أن هذه الشقة كانت مؤجرة من قبل بأجرة قدرها 53 ج شهريا وعملا
بالمادة الرابعة من القانون رقم 121 سنة 1947 والقوانين المعدلة له تكون الأجرة التى
يجب عليه أداؤها للطاعن مقدارها 53 ج شهريا ولهذا فقد رفع هذه الدعوى طالبا تخفيض أجرة
الشقة المذكورة إلى مبلغ 53 ج شهريا وإلزام الطاعن برد ما قبضه زائدا عن هذه القيمة
وقد سلم الطاعن بأن الشقة موضوع النزاع كانت مؤجرة من قبل بمبلغ 53 ج شهريا وتمسك بأن
المنزل الذى تقع به هذه الشقة قد أعد للسكنى بعد صدور القانون رقم 55 سنة 1958 وأن
تقدير أجرة الأماكن التى أعدت للسكنى بعد صدور هذا القانون كان متروكا أمره للعرض والطلب
وإرادة المتعاقدين وأنه وقد أبرم العقد مع المطعون ضده فى هذه الفترة فإنه يكون من
حقه أن يحدد الأجرة بأكثر من الأجرة التى كان يدفعها المستأجر السابق على المطعون ضده
وفى 13 مارس سنة 1963 قضت محكمة القاهرة (دائرة الإيجارات) بإعتبار الإيجار المستحق
أداؤه عن الشقة المبينة بصحيفة الدعوى هو مبلغ 53 ج شهريا وذلك إعتبارا من نفاذ عقد
الإيجار المؤرخ 3 يوليه سنة 1961 – إستأنف الطاعن هذا الحكم بالإستئناف رقم 810 سنة
80 ق طالبا إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وفى 3 ديسمبر سنة 1963 قضت محكمة إستئناف
القاهرة بعدم جواز الإستئناف. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير تاريخه
أول فبراير سنة 1964. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم فى خصوص
قضائه بعدم جواز الإستئناف بالنسبة للأجرة عن الفترة من أول أغسطس سنة 1961 حتى 30
نوفمبر سنة 1961 ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى الطاعن فيه على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق
القانون وفى بيان ذلك يقول إنه يشترط لاعتبار الحكم الصادر من دائرة الإيجارات انتهائيا
طبقا للمادة 15 من القانون رقم 121 سنة 1947 أن يصدر فى نزاع مما شرع التشريع الاستثنائى
من أجله وإذ كان الطاعن قد أنكر أمام المحكمة الابتدائية خضوع النزاع المطروح لأحكام
القانون رقم 121 سنة 1947 لعدم توافر شروط انطباقه عليه وقال بخضوعه لأحكام القانون
العام فإن فصل تلك المحكمة فى هذه المسألة صراحة أو ضمنا يعتبر فصلا فى مسألة اختصاص
مما يجوز الطعن فيه لخروجه عن نطاق المنع من الطعن الوارد فى المادة 15 من القانون
رقم 121 سنة 1947 ذلك أن الانطباق وهو يختلف عن التطبيق – مسألة يجب تقريرها أولا وقبل
التعرض لمرحلة التطبيق فإذا قال الحكم بالانطباق وأجرى التطبيق فإن قضاءه بالانطباق
لا تلحقه الانتهائية المنصوص عليها فى تلك المادة بل يعتبر قضاء فى مسألة اختصاص وبالتالى
يكون قابلا للطعن فيه بجميع طرق الطعن وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف
فإنه يكون مخالفا للقانون، ويضيف الطاعن أنه ليس صحيحا ما قاله ذلك الحكم من أن المحكمة
الابتدائية طبقت أحكام القانون رقم 121 سنة 1947 إذ أن الحكم الإبتدائى لم يطبق أحكام
القوانين الاستثنائية الخاصة بالإيجارات بل صرح بأنه استقرأ الحكمة التشريعية وأنه
أعملها بما يفيد أنه أعمل قواعد العدالة، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد خالف ما
استقر عليه قضاء النقض من أن النزاع على انطباق القانون الاستثنائى أو عدم انطباقه
لا يعتبر نزاعا إيجاريا وإنما هو فى حقيقته نزاع على الاختصاص ويكون الفصل فيه قابلا
للطعن بكافة الطرق.
وحيث إنه يبين من الحكم الإبتدائى أنه بعد أن بين الأساس الذى اتخذه القانون رقم 121
سنة 1947 لتحديد الأجرة بالنسبة للاماكن المنشأة قبل أول يناير سنة 1944 وبعد أن عدد
الحكم القوانين التى تلاحقت بعد ذلك بقصد تخفيض أجرة المبانى التى استجدت بعد هذا التاريخ
قرر أن هذه القوانين قد صدرت للتخفيف عن عاتق المستأجرين والحد من غلو الملاك فى رفع
الأجرة ولسد سبل التحايل التى كانوا يلجأون إليها وللوصول إلى القيمة الإيجارية العادلة
التى تمثل صالح الطرفين ثم قال الحكم "وحيث إنه إذا كان الأمر كذلك وأخذا بتلك الحكمة
التشريعية التى اقتضت سن تلك التشريعات الاستثنائية المتلاحقة ولما كانت المادة 5 مكرر
من القانون رقم 121 سنة 1947 والتى أضيفت بالقانون رقم 168 سنة 1961 قد نصت بالفقرة
الثانية منها على أن المقصود بالأجرة الحالية فى أحكام هذه المادة الأجرة التى كان
يدفعها المستأجر خلال سنة سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون أو بالأجرة الواردة فى
عقد الإيجار أيهما أقل" فهذه العبارة بعمومها واطلاقها يندرج تحتها تلك الأجرة الواردة
بعقد الإيجار المؤرخ 21/ 1/ 1960 المبرم بين سمير زلزل وبين جورجى سوانس المستأجر السابق
للشقة محل النزاع لأن قيمة الأجرة الواردة بعقد الإيجار السابق المذكور والذى لم ينكر
المالك وممثله من بعده صدوره منه مما يدخل فى مدلول عبارة النص على عمومها واطلاقها
من أنها واردة فى عقد إيجار صدر من المالك ومن ثم فيلزم المؤجر بتلك القيمة الإيجارية
الأقل الواردة بعقد الإيجار المذكور قدرها 53 جنيها شهريا ويتعين بالتالى وتأسيسا على
ما سبق ذكره تخفيض أجرة شقة النزاع إلى مبلغ 53 جنيها اعتبارا من تاريخ نفاذ عقد الإيجار
المؤرخ 3/ 7/ 1961 المبرم بين المدعى وبين سمير زلزل" – ويبين من ذلك أن المحكمة الإبتدائية
خلافا لما يقوله الطاعن لم تستند فى قضائها بتخفيض الأجرة إلى قواعد العدالة وإنما
إلى أحكام القانون رقم 121 سنة 1947 والقانون رقم 168 سنة 1961 المعدل له وإذا كانت
المحكمة قد استرشدت فى تطبيقها لهذه الأحكام بحكمة التشريع التى اقتضت سن القوانين
الإستثنائية المتلاحقة الخاصة بتخفيض الأجرة ثم طبقت بعد ذلك حكما من أحكامها فإن ذلك
لا يعنى انها أعملت قواعد العدالة أو أنها طبقت حكمة التشريع دون النص لأن هذه الحكمة
لا يمكن تطبيقها لأنها ليست نصا يطبق وإنما هى مجرد وسيلة يهتدى بها فى تفسير النص
فى حالة غموضه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المطعون ضده رفع الدعوى بطلب تخفيض أجرة
مسكنه الذى يستأجره من الطاعن وذلك على أساس أن الأجرة المتفق عليها بينهما تزيد على
الأجرة القانونية بحسب القانون رقم 121 سنة 1947 والقوانين المعدلة له وكان تحديد الأجرة
من المسائل التى يحكمها القانون المذكور لنصه عليها فى المادة الرابعة منه وقد قضت
دائرة الإيجارات بتخفيض الأجرة مطبقة أحكام ذلك القانون والقانون رقم 168 سنة 1961
المعدل له فإن حكمها يكون صادرا من منازعة ناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947
بالمعنى المقصود فى المادة 15 منه وبالتالى غير قابل لأى طعن طبقا للفقرة الرابعة من
هذه المادة. وغير صحيح ما يقوله الطاعن من أنه وقد نازع فى انطباق القوانين الإستثنائية
على النزاع فإن فصل المحكمة فى إنطباق هذه القوانين أو عدم إنطباقها على عمارته يعتبر
قضاء منها فى مسألة إختصاص مما يجوز إستئنافه دائما ذلك أن بحث انطباق القانون الذى
طلب المدعى تطبيقه أو عدم انطباقه هو بحث يجب على المحكمة أن تجريه ولو من تلقاء نفسها
فى كل دعوى تطرح عليها تمهيدا لإنزال حكم القانون الصحيح على الواقع الذى ثبت لها،
ومنازعة الخصم فى انطباق القانون الذى يطلب المدعى تطبيقه لا تتضمن إنكارا منه لإختصاص
المحكمة وإنما لإنطباق القانون المطلوب تطبيقه فحسب وبالتالى فإن فصل المحكمة فى مسألة
انطباق القانون أو عدم انطباقه لا يعتبر قضاء منها فى مسألة اختصاص مما يجوز إستئنافه
دائما ولا محل لإستشهاد الطاعن بأحكام النقض التى أشار إليها فى تقرير الطعن لأنها
جميعا صدرت فى شأن الأراضى الفضاء المستثناة صراحة بنص المادة الأولى من القانون رقم
121 سنة 1947 من سريان أحكامه عليها ولم تؤسس أحكام النقض هذه على أن الفصل فى النزاع
على انطباق القانون أو عدم انطباقه يعتبر فصلا فى مسألة اختصاص وإنما تأسست على أن
النزاع فى شأن كون الأرض فضاء فلا تخضع لأحكام القانون المذكور أو أنها ليست كذلك فتسرى
عليها أحكامه لا تعتبر من المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون المذكور فى معنى
المادة 15 منه، وإذ كان المكان الذى قضى الحكم بتخفيض أجرته هو من الأماكن المنصوص
عليها فى المادة الأولى من القانون رقم 121 سنة 1947 والتى تسرى عليها أحكامه بنص هذه
المادة فإن إستشهاد الطاعن بأحكام النقض التى استشهد بها يكون استشهادا فى غير موضعه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الإستئناف تأسيسا على أن
الحكم المستأنف سواء أخطأ أو أصاب غير قابل لأى طعن طبقا لنص المادة 15/ 4 من القانون
رقم 121 سنة 1947 فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا ولا يقدح فى سلامته ما قرره
فى تبرير تطبيق الحكم الإبتدائى لقواعد العدالة – وهو ما توهم الحكم المطعون فيه أن
المحكمة الإبتدائية قد فعلته ذلك أن الحكم الإبتدائى كما سلف لم يطبق قواعد العدالة
أو يسترشد بها وإنما استرشد بحكمة التشريع ومن ثم يكون ما أورده الحكم المطعون فيه
فى هذا الخصوص استطرادا زائدا على حاجة الدعوى يستقيم الحكم بدونه وبالتالى يكون تعييبه
فى هذا الشأن غير منتج.
[(1)] راجع نقض جلسة 14/ 5/ 1964 مجموعة المكتب
الفنى س 15 ص 663.
[(2)] راجع بالنسبة لتكييف "علاقة العمل" نقض 9/ 5/ 1962 مجموعة المكتب
الفنى س 13 ص 607 وبالنسبة لايجار الأرض الفضاء نقض 12/ 5/ 1955 فى الطعن رقم 71 لسنة
22 ق.
