الطعن رقم 51 لسنة 34 ق – جلسة 25 /05 /1967
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثالث – السنة 18 – صـ 1129
جلسة 25 من مايو سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وعباس حلمى عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقى البشبيشى.
الطعن رقم 51 لسنة 34 القضائية
( أ ) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تفسير العقود". عقد. تفسير. نقض.
"سلطة محكمة النقض".
سلطة محكمة الموضوع فى تفسير العقود والشروط المختلف عليها. سلطة مطلقة. لا رقابة لمحكمة
النقض عليها متى كان تفسيرها تحتمله العبارة ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لها.
(ب) نزع الملكية للمنفعة العامة. "أثره على عقد الإيجار". إجارة. "إنتهاء الايجار".
إلتزام.
انفساخ عقد الايجار من تلقاء نفسه بنزع ملكية العين المؤجرة للمنفعة العامة. استحالة
تنفيذه لانعدام المحل لسبب أجنبى.
1 – لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة فى تفسير جميع العقود والشروط المختلف عليها بما
تراه أوفى بمقصود العاقدين مستعينة فى ذلك بجميع ظروف الدعوى وملابساتها ولا رقابة
لمحكمة النقض عليها فى ذلك متى كان تفسيرها تحتمله عبارة هذه الشروط ولا خروج فيه على
المعنى الظاهر لها.
2 – يترتب على نزع ملكية العين المؤجرة للمنفعة العامة انفساخ عقد الإيجار من تلقاء
نفسه لاستحالة تنفيذه بسبب إنعدام المحل لسبب أجنبى [(1)].
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أنه بتاريخ 8 من يوليه سنة 1925 استأجر مورث الطاعن من مورث المطعون ضدهم من الثالثة
حتى الأخير قطعة أرض مساحتها فدانا بناحية تاج الدول مركز إمبابة بقصد استعمالها ورشة
لضرب الطوب لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد والتزم المستأجر فى البند الحادى عشر من
العقد بإزالة جميع موجودات الورشة عند نهاية مدة الإيجار وإلا تصبح ملكا للمؤجر، وبتاريخ
15 يوليه سنة 1939 أبرم الطرفان عقد إيجار جديد عن نفس الأرض لمدة ثلاث سنوات تنتهى
فى آخر ديسمبر سنة 1941 واشترط فى البند السادس منه. أنه فى حالة عدم رغبة المؤجر فى
تجديد العقد عند إنتهاء مدته يكون المستأجر ملزما بإزالة كافة موجودات الورشة وألا
تصبح ملكا للمؤجر مهما كانت طبيعتها كما أقر المستأجر (مورث الطاعن) بتاريخ أول ديسمبر
سنة 1934 بأن الاستراحة التى أقامها وما عسى أن يقيمه من مبانى أخرى – بتصريح من المالك
– تصبح ملكا للمؤجر بعد إنتهاء الإيجار، وبتاريخ 4 مارس سنة 1940 توفى المستأجر وحررت
فى ذات اليوم ورقة بين الطاعن وبين المؤجر نص فيها على حلول الأولى محل مورثه فى العقد
السابق لمدة تنتهى فى آخر يوليه سنة 1934، وفى أول سبتمبر سنة 1946 أقر الطاعن كتابة
بأنه اطلع على الإقرار الصادر من والده فى أول ديسمبر سنة 1934 خاصا بالاستراحة التى
طلب إقامتها فى أرض الورشة وما يستجد بعدها من المبانى فى الأرض المذكورة وبأنه يقبل
سريان ما تعهد به والده عليه دون أن يكون له الحق فى مطالبة المالك بشئ مطلقا من نفقات
إقامة هذه المبانى وأنها تؤول فى النهاية إلى المالك وأن ملكية هذه المبانى وما يستجد
بعدها من مبانى أخرى ثابتة للمالك من الآن وأن المالك مصرح للطاعن بالانتفاع بهذه المبانى
ولا يكون للمستأجر من الباطن حق الانتفاع بها ثم حرر الطرفان عقدا آخر بتاريخ أول يناير
سنة 1951 عن قطعة أرض أخرى مساحتها فدانا لضمها لورشة الطوب المؤجرة ونص فى البند الخامس
من هذا العقد على أنه إذا أقام المستأجر منشآت ثابتة أى مبانى على الأرض فإنها تصبح
مملوكة للمؤجر فى حالة إنتهاء الإجارة أو فسخها وبتاريخ 12 مارس سنة 1956 أصدرت وزارة
الأشغال القرار رقم 8818 سنة 1956 بالاستيلاء على الأراضى اللازمة لتنفيذ مشروع إنشاء
الورش الأميرية ومن ضمنها الأرض المقام عليها ورشة الطوب المؤجرة للطاعن وقدرت الوزارة
قيمة المنشآت المقامة على الأرض بمبلغ 3482 ج و188 م أدرجته باسم الطاعن. إلا أن المطعون
ضدهم من الثالثة حتى الأخير نازعوا فى أحقية الطاعن لهذا المبلغ فأودعته الوزارة خزانة
مصلحة المساحة على ذمة الفصل فى النزاع من القضاء، فأقام المطعون ضدهم المذكورون الدعوى
رقم 491 سنة 1959 مدنى كلى الجيزة على الطاعن وباقى المطعون ضدهم بطلب الحكم باستحقاقهم
للمبلغ المذكور استنادا إلى أن جميع المبانى والمنشآت التى أقامها الطاعن ووالده من
قبله تعتبر ملكا لهم بإنتهاء الإجارة نتيجة نزع ملكية الأرض المؤجرة كما أقام الطاعن
الدعوى رقم 501 سنة 1959 مدنى كلى الجيزة على المطعون ضدهم بطلب استحقاقه للمبلغ على
أساس أن الأرض المؤجرة وقد نزعت ملكيتها للمنفعة العامة فإنه يكون صاحب الحق فى اقتضاء
قيمة التعويض عن المنشآت المقامة على الأرض لانفساخ عقد الإيجار بقوة القانون فى 1/
6/ 1958 قبل انتهاء مدته ولعجز المؤجرين عن تمكينه من الاستمرار فى الإنتفاع بالعين
المؤجرة حتى نهاية مدة الإيجار التى تنتهى فى 31/ 12/ 1961 وقد أمرت محكمة الدرجة الأولى
بضم الدعوى الثانية للأولى ثم حكمت فيهما بتاريخ 16/ 1/ 1963 (أولا) فى موضوع الدعوى
رقم 491 سنة 1959 مدنى كلى الجيزة بأحقية المدعين (المطعون ضدهم من الثالثة حتى الأخير)
فى صرف 3482 ج و188 م قيمة التعويض المقدر بمعرفة مصلحة المساحة عن المبانى المقامة
بالعين المنزوعة ملكيتها للمنفعة العامة (ثانيا) فى الدعوى رقم 501 سنة 1959 المقامة
من الطاعن برفضها – فاستأنف هذا الأخير الحكم المذكور بالإستئناف رقم 485 سنة 80 ق
القاهرة ومحكمة الإستئناف حكمت فى أول ديسمبر سنة 1963 برفض الإستئناف وتأييد الحكم
المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض بتقرير فى 26 يناير سنة 1964 وقدمت
النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره
أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصلهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وعاره قصور
فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم الإبتدائى الذى أخذ بأسبابه الحكم المطعون
فيه أقام قضاءه على أن عقود الإيجار المبرمة بين الطرفين تلزم المستأجر بتمليك المنشآت
التى يقيمها على الأرض المؤجرة للمالك من وقت انشائها مع أن عقد الإيجار من العقود
الزمنية ولا يرد إلا على الشئ المؤجر وكيفية الإنتفاع به ومدته أما إذا اشتمل العقد
على إلتزام المستأجر بتملك المبانى للمؤجر فيكون مزيجا من عقد إيجار بالنسبة إلى الأرض
وعقد آخر بالنسبة لتمليك المنشآت، ويسرى على كل منهما أحكام العقود المختلطة التى يشتمل
عليها، وإذ كانت عقود الإيجار المبرمة بين الطرفين لا تخول للمؤجر تملك المنشآت التى
يقيمها المستأجر (الطاعن) إلا عند الفسخ لغير القوة القاهرة أو بسبب انتهاء مدة الإيجار
فانه لا يجوز للمطعون ضدهم المؤجرين تملكها لغير ذلك من الأسباب وبالتالى فلا تؤول
ملكية المنشآت إليهم عند انتهاء الإيجار بسبب نزع ملكية العين المؤجرة للمنفعة العامة،
لأن نزع الملكية فى هذه الحالة يأخذ حكم الهلاك الكلى ويؤدى حتما إلى انفساخ الإيجار
بقوة القانون قبل انتهاء مدته لاستحالة التنفيذ، وتزول تبعا لذلك التزامات كل من الطرفين
المترتبة على العقد وتعود الحالة إلى ما كانت عليه قبل التعاقد، فيرد كل منهما ما تسلمه
بمقتضى العقد بعد أن تم فسخه مع مراعاة حالة العقود الزمنية وحكمها بالنسبة لما تم
تنفيذه منها ومن ثم يكون للطاعن الحق فى ثمن المنشآت التى نزعت ملكيتها، وإذ قضى الحكم
المطعون فيه بأحقية المطعون ضدهم ورثة المؤجر لهذا الثمن، فانه يكون قد خالف ما اتفق
عليه المتعاقدان بشأن تملك المستأجر للمنشآت عند انتهاء مدة الإيجار وأخطأ فى التكييف
القانونى لعقود الإيجار.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه يبين من الحكم الإبتدائى الذى أخذ بأسبابه الحكم المطعون
فيه أنه أقام قضاءه على قوله "وحيث إن التعرض الحاصل للمستأجر من جهة حكومية بنزع ملكية
العين المؤجرة للمنفعة العامة والإستيلاء عليها يعتبر صادرا فى حدود القانون ولا دخل
للمؤجرين فيه ويعتبر فى حكم التعرض الحاصل من الغير ومن أجل ذلك يترتب عليه إنهاء العقد..
وحيث إنه بالنسبة للمبانى التى أقامها المستأجر بالعين المؤجرة، فان الأصل أن المستأجر
إذا ما أوجد بالعين المؤجرة بناء أو غراسا أو غير ذلك من التحسينات بما يزيد من قيمة
العقار التزم المؤجر أن يرد للمستأجر عند انقضاء الإيجار ما أنفقه فى هذه التحسينات
أو ما يزيد فى قيمة العقار ما لم يكن هناك اتفاق يقضى بغير ذلك. وحيث إنه بمطالعة عقود
الإيجار والإقرارات موضوع الدعويين الحاليين يتبين أنها قد تضمنت تصريح المؤجرين ومورثهم
من قبل لمورث المستأجر الذى أقر بنودها باقامة مبانى ومنشآت بالعين المؤجرة على نفقة
المستأجر وعلى أن تؤول ملكيتها عند نهاية التعاقد أو فسخه سليمة إلى المؤجر دون إحداث
أى تلف بها وبدون الرجوع على هذا الأخير بأى مبلغ ما. وحيث إن المحكمة ترى أنه طالما
قد وجد إتفاق بين المتعاقدين يبين مصير هذه المبانى عند انتهاء مدة الإيجار فلا شك
فى وجوب اتباعه والعمل بأحكام هذه الاتفاقات لأن العقد شريعة المتعاقدين ومن ثم تكون
ملكيتها تابعة لملكية العقار المؤجر ويصبح مبلغ التعويض المقدر عنها من حق المؤجرين
دون المستأجر…" وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله "إن مورث المستأنف (الطاعن)
قد أقر فى إقراره المؤرخ أول ديسمبر سنة 1934 بأن الاستراحة التى أقامها بالورشة المؤجرة
تصبح ملكا للمؤجر فى حالة انتهاء الإجارة وقد أقر المستأنف ذلك فى إقراره المؤرخ أول
سبتمبر سنة 1946 بقوله إن هذه المنشآت تصبح ملكا للمالك فى النهاية ولا شك أن المقصود
بعبارة انتهاء العقد أو فى النهاية كما جاء بالإقرار الآخر هو زوال العقد سواء بالانقضاء
أو الانحلال أو إبطاله ولا يقصد بأى حال انقضاء العقد فقط وذلك كله واضح من ظروف التعاقد".
ولما كان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة فى تفسير جميع العقود والشروط المختلف عليها
بما تراه أوفى بمقصود العاقدين مستعينة فى ذلك بجميع ظروف الدعوى وملابساتها، ولا رقابة
لمحكمة النقض عليها فى ذلك متى كان تفسيرها تحتمله عبارة هذه الشروط ولا خروج فيه على
المعنى الظاهر لها وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من عقود الإيجار المبرمة بين الطرفين
ومورثيهما ومن الإقرار المؤرخ أول ديسمبر سنة 1934 الصادر من مورث الطاعن ومن الإقرار
المؤرخ أول سبتمبر سنة 1946 الصادر من الطاعن نفسه أن نية الطرفين قد اتجهت إلى أن
تكون المنشآت التى تقام بمعرفة المستأجر على الأرض المؤجرة ملكا للمؤجر عند انتهاء
الإيجار لأى سبب من الأسباب التى ينقضى بها الإيجار دون أن يكون للطاعن الحق فى المطالبة
بأى تعويض عن هذه المبانى ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك أحقية ورثة المؤجر – وهم
المطعون ضدهم من الثالثة حتى الأخير – فى المبلغ الذى قدرته الجهة الإدارية نازعة الملكية
لهذه المبانى وذلك على أساس أن نزع ملكية العين المؤجرة يترتب عليه انتهاء عقد الإيجار
وكانت عبارات الاتفاقات التى أشار إليها الحكم المطعون فيه تؤدى إلى ما استخلصه الحكم
منها وبخاصة ورقة اتفاق أول سبتمبر سنة 1946 التى أقر فيها الطاعن نفسه صراحة بأن جميع
المبانى المقامة منه أو من مورثه على الأرض المؤجرة وما يستجد من مبان أخرى على هذه
الأرض تؤول فى النهاية إلى المالك المؤجر دون أن يكون للطاعن الحق فى المطالبة بشئ
مطلقا من نفقات إقامة هذه المبانى وأن ملكيتها ثابتة للمالك من الآن وأن المالك مصرح
للطاعن بالانتفاع بها وأنه إذا أجر الطاعن الورشة من باطنه فلا يكون للمستأجر من الباطن
حق الانتفاع بهذه المبانى – وهذه العبارات قاطعة فى الدلالة على أن ملكية المبانى التى
ينشئها المستأجر تكون للمؤجر من وقت إنشائها وأنه فى حالة انتهاء الإجارة لا يكون للمالك
أن يطالب بأى تعويض عنها. لما كان ما تقدم، وكان يترتب على نزع ملكية العين المؤجرة
للمنفعة العامة انفساخ عقد الايجار من تلقاء نفسه لاستحالة تنفيذه بسبب انعدام المحل
لسبب أجنبى وكان عقد أول يناير سنة 1951 قد نص صراحة على أن المبانى تصبح مملوكة للمؤجر
فى حالة انتهاء الاجارة أو فسخها، فان الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أحقية المطعون
ضدهم – ورثة المؤجر – لمبلغ التعويض الذى قدرته الجهة نازعة الملكية للمبانى المقامة
على الأرض المنزوع ملكيتها يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة فى القانون وبالتالى يكون
النعى عليه بالخطأ فى القانون والقصور فى التسبيب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
[(1)] راجع نقض 25/ 12/ 1958 مج المكتب الفنى س 9 ص 816.
