الطعن رقم 66 لسنة 34 ق – جلسة 18 /05 /1967
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثالث – السنة 18 – صـ 1068
جلسة 18 من مايو سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمى عبد الجواد، ومحمد صدقى البشبيشى.
الطعن رقم 66 لسنة 34 القضائية
بيع. "فوائد الثمن". فوائد. "الفوائد التأخيرية".
استحقاق البائع للفوائد القانونية عما لم يدفع من الثمن. شرطه تسليم المبيع للمشترى
وقابلية المبيع لإنتاج ثمرات أو إيرادات أخرى سواء كان الثمن حالا أو مؤجلا أو كان
للمشترى حق حبس الثمن. إستحقاق الفوائد بلا حاجة لإتفاق أو إعذار المشترى. عدم الإعفاء
منها إلا باتفاق أو عرف.
نص الفقرة الأولى من المادة 458 من القانون المدنى صريح فى أن للبائع الفوائد القانونية
عما لم يدفع من الثمن متى كان قد سلم المبيع للمشترى وكان هذا المبيع قابلا لإنتاج
ثمرات أو إيرادات أخرى. وتجب هذه الفوائد بغير حاجة إلى وجود اتفاق عليها ولا يعفى
المشترى منها إلا إذا وجد اتفاق أو عرف يقضى بهذا الإعفاء ولم تشترط المادة لإستحقاق
الفوائد فى هذه الحالة إعذار المشترى كما لم يفرق بين ما إذا كان الثمن الذى لم يدفع
حال الأداء أو مؤجلا. وحكم هذه المادة يقوم على أساس من العدل الذى يأبى أن يجمع المشترى
بين ثمرة البدلين – المبيع والثمن – ويعتبر استثناء من القاعدة المقررة فى المادة 226
من القانون المدنى والتى تقضى بأن الفوائد القانونية لا تستحق إلا عن دين حل أداؤه
وتأخر المدين فى الوفاء به ومن تاريخ المطالبة القضائية بها ومن ثم فلا يمنع من إستحقاق
البائع لفوائد الثمن أن يكون ما لم يدفع من الثمن مؤجلا من الأصل أو أن يصبح غير مستحق
الأداء حالا لسبب يرجع إلى البائع أو أن يكون للمشترى الحق فى حبسه ما دام قد وضع يده
على الأطيان المبيعة وكان فى استطاعته أن يحصل على ثمارها.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أن المطعون ضده أقام فى 21 من يناير سنة 1962 الدعوى رقم 86 سنة 1962 كلى الزقازيق
على الطاعن وطلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ 3729 ج و600 م قائلا فى بيان دعواه إنه بعقد
تاريخه 16 من نوفمبر سنة 1956 باع للطاعن أطيانا زراعية مساحتها 6 ف و23 ط و18 س بثمن
قدره 4108 ج دفع منه مبلغ ألف جنيه وقت تحرير العقد وتعهد بدفع 2608 ج عند التوقيع
على العقد النهائى والباقى بعد ذلك وقدره خمسمائة جنيه تعهد بسداده فى نهاية أكتوبر
سنة 1957 لكنه لم يف بتعهده ولم يسدد له باقى الثمن على الرغم من تسلمه منه المستندات
اللازمة لإتمام العقد النهائى ومن إعداد البيانات المساحية بالطلب رقم 945 فى 8/ 12/
1956 مما يجعل باقى الثمن مستحق الأداء وأنه إذ كان الطاعن قد تسلم الأطيان المبيعة
فى 26 من نوفمبر سنة 1956 بموجب إقرار موقع عليه منه فى هذا التاريخ وكانت هذه الأطيان
تنتج ثمرات فإنه يلتزم طبقا للمادة 458/ 1 من القانون المدنى بالفوائد القانونية بواقع
4% عن الباقى من الثمن وقدره 3108 ج لهذا فقد رفع عليه الدعوى مطالبا بهذا المبلغ مضافا
إليه 621 ج و600 م قيمة الفوائد المستحقة عليه فى السنوات الخمس السابقة على رفع الدعوى
– وبجلسة 5 من ديسمبر سنة 1962 قصر المطعون ضده طلباته على مبلغ 621 ج و600 م قيمة
الفوائد المذكورة بعد أن أوفاه الطاعن بجميع الباقى من الثمن فى 2 من يوليه سنة 1962
أثناء سير الدعوى – وتحصل دفاع الطاعن فى أن الفقرة الأولى من المادة 458 لا توجب الفوائد
إلا إذا كان الثمن مستحق الأداء وأنه إذ نص فى العقد على أن الباقى من الثمن لا يستحق
إلا عند التوقيع على العقد النهائى ولم يتم هذا العقد بفعل المطعون ضده لأنه بعد أن
سلمه المستندات اللازمة لإتمامه عاد واستردها منه ليقدمها فى قضية رفعها على آخر كان
ينازعه فى ملكية الأطيان المبيعة ولم يحكم فيها لصالح المطعون ضده نهائيا إلا فى 6
من يونيه سنة 1961 ولم يسجل المطعون ضده هذا الحكم – وهو سند ملكيته – كما لم يرد إليه
المستندات التى كان قد أخذها منه مما استحال معه على الطاعن تحرير العقد النهائى فإن
باقى الثمن لا يكون حال الأداء وبالتالى فلا تستحق عليه فوائد – وبتاريخ 19 من ديسمبر
سنة 1962 حكمت محكمة الزقازيق الإبتدائية بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع للمدعى
(المطعون ضده) مبلغ 8 ج و450 م قيمة الفوائد القانونية بواقع 4% عن مبلغ 500 ج (الذى
كان مشترطا فى العقد دفعه فى آخر أكتوبر سنة 1957) إبتداء من 21 يناير سنة 1962 تاريخ
رفع الدعوى حتى 2 يوليه سنة 1962 تاريخ سداد هذا المبلغ والمصاريف المناسبة لمبلغ 8
ج و450 م والمقاصة فى أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات مؤسسة قضاءها برفضها
على أن المشترى لا يلزم طبقا للمادة 458/ 1 من القانون المدنى دفع فوائد إلا عن الثمن
الذى حل ميعاد الوفاء به وأن مبلغ الـ 2608 ج الذى كان مشترطا سداده عند التوقيع على
العقد النهائى لا يحل إلا بعد خلوص ملكية الأطيان المبيعة للمطعون ضده بالحكم الصادر
له فى 6 من يونيه سنة 1961 ضد من كان ينازعه فى هذه الملكية وبعد وقيامه بإعذار الطاعن،
وإذ كان هذا الإعذار لم يحصل قبل أن يقوم الطاعن بسداد هذا المبلغ فإنه لا تستحق عنه
فوائد ما – استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة إستئناف المنصورة وقيد إستئنافه
برقم 28 سنة 6 قضائية ناعيا على الحكم المستأنف خطأه فى تفسير المادة 458/ 1 من القانون
المدنى وطالبا تعديله وفقا لطلباته الختامية أمام محكمة أول درجة – وبتاريخ 5 من ديسمبر
سنة 1963 قضت محكمة الإستئناف بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون
ضده مبلغ 621 ج و600 م والمصاريف عن الدرجتين – فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض
بتقرير تاريخه 2 من فبراير سنة 1964 وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن
وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على هذا الرأى.
وحيث إن الطعن بنى على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون
وفى تفسيره، ذلك أنه أقام قضاءه على أن المشترى يلتزم بفوائد الثمن بمجرد استلامه المبيع
القابل لإنتاج ثمرات ولو كان هذا الثمن مؤجلا أو مقسطا وأن عدم استقرار ملكية المطعون
ضده (البائع) فى وقت ما مما كان سببا فى عدم إمكان تحرير العقد النهائى لا يعتبر عذرا
يخول للطاعن الامتناع عن أداء الفوائد ما دام قد وضع يده على المبيع – ويرى الطاعن
أن هذا من الحكم خطأ فى تفسير المادة 458/ 1 من القانون المدنى، ذلك أن الفوائد بحسب
هذه المادة لا تستحق إلا عن ثمن واجب الأداء غير مؤجل وبعد إعذار المشترى كما أن عدم
استقرار ملكية البائع المطعون ضده وتأخيره فى تسجيل سند ملكيته ثم تأخيره فى رد المستندات
اللازمة لإعداد العقد النهائى كل ذلك يعد عذرا للطاعن فى تأجيل دفع باقى الثمن خصوصا
وأن هذا الباقى متفق على سداده عند التوقيع على العقد النهائى – ويدلل الطاعن على وجهة
نظره فى تفسير المادة 458/ 1 بأن الثمن المؤجل شأنه شأن أى دين آخر يلتزم المدين بالوفاء
به فى أجل معين والإلتزام المقترن بأجل لا يكون طبقا للمادة 274 من القانون المدنى
نافذا إلا فى الوقت الذى ينقضى فيه الأجل كما أن الفوائد التى نصت عليها المادة 458
ليست إلا تعويضا عن التأخر عن الوفاء كما صرحت بذلك المادة 226 وقد إشترطت المادة 218
لاستحقاق التعويض إعذار المدين ما لم يتفق على الإعفاء من هذا الإعذار وأن حكم المادة
458/ 1 ما هو إلا ترديد لما نصت عليه المادتان 218 و226 المذكورتان ومن ثم يكون ما
نصت عليه المادة 458 من إستحقاق البائع للفوائد إذا سلم الشئ المبيع قابلا لإنتاج ثمرات
إنما قصد به حق البائع فى إستيفاء فوائد تأخيرية عن ثمن حل ميعاد الوفاء به إذ البائع
الذى يرضى بتأجيل الثمن دون أن يشترط فوائد يكون قد أدخل ذلك فى حسابه عند تحديد الثمن.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أن نص الفقرة الأولى من المادة 458 من القانون المدنى
صريح فى أن للبائع الفوائد القانونية عما لم يدفع من الثمن متى كان قد سلم المبيع للمشترى
وكان هذا المبيع قابلا لإنتاج ثمرات أو إيرادات أخرى وتجب هذه الفوائد بغير حاجة إلى
وجود إتفاق عليها ولا يعفى المشترى منها إلا إذا وجد إتفاق أو عرف يقضى بهذا الإعفاء
ولم تشترط المادة لإستحقاق الفوائد فى هذه الحالة إعذار المشترى كما لم تفرق بين ما
إذا كان الثمن الذى لم يدفع حال الأداء أو مؤجلا بل إن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى
صرحت بأن المشترى يلتزم بالفوائد القانونية فى هذه الحالة ولو لم يكن الثمن مستحقا
وحكم هذه المادة يقوم على أساس من العدل الذى يأبى أن يجمع المشترى بين ثمرة البدلين
– المبيع والثمن – ويعتبر استثناء من القاعدة المقررة فى المادة 226 والتى تقضى بأن
الفوائد القانونية لا تستحق إلا عن دين حل أداؤه وتأخر المدين فى الوفاء به، ومن تاريخ
المطالبة القضائية بها ومن ثم فلا يمنع من إستحقاق البائع لهذه الفوائد أن يكون ما
لم يدفع من الثمن مؤجلا من الأصل أو أن يصبح غير مستحق الأداء حالا لسبب يرجع إلى البائع
أو أن يكون للمشترى الحق فى حبسه ما دام قد وضع يده على الأطيان المبيعة وكان فى استطاعته
أن يحصل على ثمارها وإذن فلا يجدى الطاعن ما تمسك به من أن ما لم يدفعه من الثمن لم
يكن مستحق الأداء لعدم تسليم المطعون ضده إياه المستندات اللازمة لاعداد العقد النهائية
أو لتخلفه عن تسجيل سند ملكيته متى كان الطاعن قد أقر بأنه وضع يده على الأطيان المبيعة
فى 26 نوفمبر سنة 1956 ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر الصحيح فإن النعى
عليه بالخطأ فى تطبيق المادة 458 من القانون المدنى وفى تفسيرها يكون على غير أساس
ويتعين لذلك رفض الطعن.