الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 215 لسنة 33 ق – جلسة 27 /04 /1967 

أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثانى – السنة 18 – صـ 879

جلسة 27 من أبريل سنة 1967

برياسة السيد المستشار محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عباس حلمى عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد أبو حمزة مندور، ومحمد صدقى البشبيشى.


الطعن رقم 215 لسنة 33 القضائية

( أ ) دعوى. "دعاوى الملكية ودعاوى الحيازة". أموال عامة.
طلب تقرير حق الحكومة على أرض النزاع باعتبارها من الأموال العامة. دعوى ملكية لا دعوى حيازة.
(ب) أموال عامة. حيازة. "حسن النية". "مناطه".
ثبوت صفة العمومية للمال بتخصيصه للمنفعة العامة. إنتفاء حسن نية من يحوز المال بعد التخصيص. عدم جواز التحدى بجهله أنه معتد على حق الغير. هذا الجهل ناشئ عن خطأ جسيم لما يشهد به الواقع من تخصيص المال للمنفعة العامة.
(ج) أموال عامة. "صفة المال العام". بطلان. "البطلان فى العقود". "البطلان المتعلق بالنظام العام". نظام عام.
بطلان التصرف فى أرض إكتسبت من قبل صفة المال العام قبل صدوره. بطلان مطلق متعلق بالنظام العام. لا يعذر المشترى الحائز بجهله عيوب سنده.
(د) أموال عامة. "صفة المال العام". "مناطها". "أثرها". ملكية. تسجيل.
إنتقال الملكية فى ظل القانون المدنى الملغى بين المتعاقدين بالعقد دون حاجة إلى تسجيل طبقا للمادة 606 من ذلك القانون قبل إلغائها بقانون التسجيل الصادر فى أول يناير سنة 1924.
شراء الحكومة أرض النزاع ثم تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة بإدخالها فى جسر ترعة عمومية. إكتسابها صفة المال العام من وقت التخصيص. عدم جواز تملكها أو التصرف فيها. (المادة 9 من القانون المدنى الملغى وتقابلها المادة 87 من القانون القائم).
(هـ، و) تقادم. "تقادم مسقط". حيازة. "الحائز سئ النية". إلتزام.
عدم سيران التقادم المنصوص عليه فى المادة 172 مدنى على التزام الحائز سيئ النية برد الثمار. خضوعه لتقادم المادة 375/ 2 من القانون المدنى وهو خمس عشرة سنة.
1 – إذا كانت الدعوى قد رفعت من الحكومة (المطعون ضدها) بقصد تقرير حقها على الأرض المتنازع عليها باعتبارها من أموال الدولة العامة وأنه بذلك يكون وضع يد الطاعنين عليها غير مشروع فإن هذه الدعوى تكون دعوى ملكية لا دعوى حيازة.
2 – ثبوت صفة العمومية للمال بتخصيصه بالفعل لمنفعة عامة ينتفى معه حسن نية من يحوز المال بعد حصول هذا التخصيص إذ يمتنع عليه فى هذه الحالة التحدى بأنه كان عند حيازته يجهل أنه يعتدى على حق الغير لأن هذا الجهل يكون ناشئا عن خطأ جسيم لما يشهد به الواقع من تخصيص المال الذى يحوزه للمنفعة العامة ومن ثم فلا تتوافر بهذا الجهل حسن النية لدى الحائز.
3 – متى كان العقد قد تناول التصرف فى أرض كانت قد اكتسبت صفة المال العام قبل صدوره فإنه يكون باطلا بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام وفى هذه الحالة لا يعذر المشترى الحائز بجهله عيوب سنده.
4 – إذا كانت الحكومة قد اشترت أرضا بموجب عقد محرر فى سنة 1884 فان ملكيتها تنتقل بموجب هذا العقد وإن لم تقم بتسجيله لأن الملكية فى ظل القانون المدنى الملغى كانت تنتقل بين المتعاقدين بالعقد دون حاجة إلى تسجيل طبقا لنص المادة 606 من ذلك القانون قبل إلغائها بقانون التسجيل الصادر فى أول يناير سنة 1924، فإذا كانت الحكومة – على أثر إنتقال ملكية الأرض إليها بطريق الشراء من مالكها الأصلى – قد خصصتها بالفعل للمنفعة العامة بأن أدخلتها فى جسر ترعة عمومية فإن ذلك من شأنه أن يخلع على الأرض صفة المال العام من وقت تخصيصها للمنفعة العامة وبالتالى لا يجوز تملكها أو التصرف فيها عملا بالمادة 9 من القانون المدنى الملغى التى تقابلها المادة 87 من القانون القائم.
5 – إذ نص المشرع فى المادة 375/ 2 من التقنين المدنى القائم على أن الريع المستحق فى ذمة الحائز سئ النية لا يسقط إلا بانقضاء خمس عشرة سنة فقد دل على أن حكم المادة 172 من القانون المدنى لا يسرى على إلتزام الحائز سيء النية برد الثمار.
6 – متى إنتهى الحكم إلى إعتبار الطاعنين سيئ النية فى وضع يدهم على جزء من الأملاك العامة فإن ذلك يقتضى إعتبارهم مسئولين عن جميع ثماره التى قبضوها والتى قصروا فى قبضها. ولا يسقط حق الحكومة فى المطالبة بها إلا بانقضاء خمس عشرة سنة طبقا لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 375 من التقنين المدنى القائم التى قننت ما كان مستقرا وجرى به قضاء محكمة النقض فى ظل التقنين الملغى من عدم إنطباق التقادم الخمسى فى هذه الحالة.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن وزير الأشغال المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم 2779 سنة 56 ق أمام محكمة الإسكندرية الإبتدائية المختلطة وطلب فيها الحكم بإخلاء قطعة الأرض الموضحة بالعريضة وتسليمها له وبتعويض قدره تسعة عشر جنيها سنويا بسبب شغل الطاعنين لهذه الأرض وقال فى بيان الدعوى إن الطاعنين وضعوا أيديهم بغير حق على قطعة أرض مساحتها 459 مترا مربعا من جسر ترعة المحمودية الذى يعتبر من أملاك الدولة العامة وأنه إذ كانت الأموال العامة لا يجوز تملكها بالتقادم فإن وضع يد الطاعنين يكون بطريق الغصب ومن ثم يحق للوزارة التى يمثلها المطعون ضده أن تطلب إخلاءهم من الأرض والتعويض عن حرمانها من ريعها طوال مدة الغصب. وتحصل دفاع الطاعنين فى موضوع الدعوى فى أن الأرض المتنازع عليها تقع فى ملكهم وإنها فى وضع يدهم من تاريخ شراء مورثهم لها فى سنة 1918 وبتاريخ 10 من مارس سنة 1938 قضت المحكمة المختلطة بندب خبير لمعاينة الأرض محل النزاع وبيان ما إذا كانت تعتبر جزءا من جسر ترعة المحمودية من عدمه وقدم الخبير تقريرا إنتهى فيه إلى أن تلك الأرض لا تدخل ضمن ما وصفته عقود الشراء بأنها ترعة المحمودية – وإذ أحيلت الدعوى إلى محكمة الإسكندرية الإبتدائية وقيدت بجدولها برقم 1685 سنة 1949 قضت تلك المحكمة فى 25 من أبريل سنة 1955 بندب مكتب الخبراء بوزارة العدل للإنتقال إلى الأرض المتنازع عليها لمعاينتها وبيان واضع اليد عليها وما إذا كانت تدخل ضمن جسر ترعة المحمودية أم لا – فباشر المكتب مهمته وقدم تقريرا خلص فيه إلى أن الطاعنين قد تعدوا على أرض المنافع العامة "جسر ترعة المحمودية" بما مساحته 459 مترا مربعا وذلك بالبناء عليها وضمها لأرضهم وانها فى وضع يدهم من تاريخ شراء مورثهم لها فى سنة 1918 كما كانت من قبل فى وضع يد البائع لهم الذى تلقى ملكيتها فى سنة 1913 – وأن الطاعنين يستغلون تلك الأرض كحديقة ضمن المنزل أو الورشة وانها تدخل فى جسر ترعة المحمودية حسب إتفاق سنة 1884 المحرر بين الحكومة وبين أحمد رأفت "المالك الأصلى" وبتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1957 أخذت محكمة الإسكندرية الإبتدائية بهذا التقرير وقضت بإلزام الطاعنين بإخلاء الأرض وتسليمها إلى وزارة الأشغال خالية من المنشآت وبأن يدفعوا لها مبلغ تسعة عشر جنيها سنويا من تاريخ شراء مورثهم لهذه الأرض حتى تسليمها. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم بالإستئناف رقم 477 سنة 15 ق ومحكمة إستئناف الإسكندرية حكمت فى 19 من مارس سنة 1963 بتأييد الحكم المستأنف وطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ولدى نظره أمام هذه الدائرة أصرت على هذا الرأى.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب من وجهين يتحصل أولهما فى أن الدعوى المرفوعة من المطعون ضده هى فى حقيقتها دعوى وضع يد وأنه على الرغم من أن الحكم المطعون فيه قد قضى فيها على هذا الإعتبار فإنه لم يتحقق من توافر شروطها القانونية كما لم يفطن إلى أن المحكمة الجزئية هى المختصة بالفصل فيها – وعلاوة على ذلك فقد قضى فيها على أساس ثبوت الحق وبذلك كله خالف القانون.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك إنه لما كانت الدعوى مرفوعة من الحكومة بقصد تقرير حقها على الأرض المتنازع عليها باعتبارها من أموال الدولة العامة وأنه لذلك يكون وضع يد الطاعنين عليها غير مشروع فإن هذه الدعوى تكون دعوى ملكية لا دعوى حيازة كما يدعى الطاعنون ويكون الإختصاص بنظرها منعقدا للمحكمة الإبتدائية إذ أن الدعوى بحسب قيمتها تدخل فى حدود النصاب الإبتدائى لتلك المحكمة – أما القول بأن الحكم المطعون فيه قد كيفها بأنها من دعاوى وضع اليد فغير صحيح ذلك أنه يبين من هذا الحكم أن محكمة الموضوع قد فهمت الدعوى على حقيقتها وقضت فيها بإعتبارها دعوى ملكية لا دعوى حيازة ومن ثم يكون النعى بهذا الوجه غير سديد.
وحيث إن الشق الأول من الوجه الثانى يتحصل فى أن الحكم الإبتدائى الذى أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه قضى بإلزام الطاعنين بدفع مبلغ تسعة عشر جنيها عن كل سنة من سنوات إشغالهم للأرض موضوع النزاع إبتداء من تاريخ شراء مورثهم لها فى 29 من مايو سنة 1918 حتى تسليمها إلى الوزارة المطعون ضدها دون أن يعنى ببيان الأساس الذى أقام عليه قضاءه ولا العناصر التى استخلص منها تقديره لذلك المبلغ مما يجعل الحكم معيبا بالقصور وفوق ما تقدم فإنه خالف المادة 978 مدنى والتى تقضى بأن الحائز يكسب ما يقبضه من ثمار ما دام حسن النية، إذ أن حسن نية الطاعنين مستفاد مما أثبته الحكم من أن مورثهم إشترى الأرض المتنازع عليها بعقد رسمى كما أن تقرير الخبير الذى عوله عليه الحكم فى قضائه جاء به أن تلك الأرض مقام عليها مبان من المالك السابق الذى تلقى عنه مورث الطاعنين الملكية وهذا بدوره تلقاها من المرحوم أحمد رأفت الذى شقت ترعة المحمودية فى أرضه، وإذ كانوا حسنى النية فإن إلزامهم بالثمار يكون مخالفا للقانون.
وحيث إن النعى بالقصور مردود بأن الحكم المطعون فيه خلافا لما يقرره الطاعنون قد بين الأساس القانونى لقضائه بإلزام الطاعنين بدفع مبلغ تسعة عشر جنيها عن كل سنة من تاريخ وضع يدهم على الأرض موضوع النزاع حتى تسليمها للحكومة ذلك أنه بعد أن خلص إلى أن هذه الأرض هى من المنافع العامة ذكر أن المبلغ المقضى به هو تعويض عن مقابل الإنتفاع الذى يستحق للحكومة عن شغل الطاعنين لجزء من الأملاك العامة واعتبر أن هذا المبلغ هو المقابل المناسب لحرمان الحكومة من الإنتفاع بهذه الأرض الناتج عن غصب المطعون ضدهم لها وفى هذا الذى قرره الحكم ما يكفى لتسبيب قضائه بهذا المبلغ – أما ما ينعاه الطاعنون على الحكم من أنه خالف نص المادة 978 من القانون المدنى فمردود بأن ثبوت صفة العمومية للمال بتخصيصه بالفعل لمنفعة عامة تنتفى معه حسن نية من يحوز المال بعد حصول هذا التخصيص إذ يمتنع عليه فى هذه الحالة التحدى بأنه كان عند حيازته له يجهل أن يتعدى على حق الغير لأن هذا الجهل حتى بفرض تحققه يكون ناشئا عن خطأ جسيم لما يشهد به الواقع من تخصيص المال الذى يحوزه للمنفعة العامة ومن ثم فلا تتوافر بهذا الجهل حسن النية لدى الحائز ولا يجدى الطاعنين فى إثبات حسن نيتهم ما قرروه من أن مورثهم اشترى الأرض محل النزاع بعقد رسمى فى سنة 1918 ذلك أنه هذا العقد وقد تناول التصرف فى أرض كانت قد اكتسبت صفة المال العام قبل صدوره فإنه يكون باطلا بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام وفى هذه الحالة لا يعذر المشترى الجائز بجهله عيوب سنده.
وحيث إن حاصل الشق الثانى من الوجه الثانى أن الطاعنين تمسكوا لدى محكمة الإستئناف بسقوط حق المطعون ضده فى المطالبة بالمبلغ النقدى الذى طلبه فى دعواه وذلك تأسيسا على أن هذا المبلغ عبارة عن رسم إشغال يسقط الحق فى المطالبة به بمضى ثلاث سنوات غير أن تلك المحكمة رفضت هذا الدفع قولا منها بأن المبلغ ما هو إلا تعويض عن مقابل الانتفاع بالأرض المتنازع عليها لا يسقط الحق فيه إلا بمضى المدة الطويلة – وهذا القول مخالف لصريح نص المادة 172 من التقنين المدنى التى تقضى بتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات – ويضيف الطاعنون أنه لما كانت هذه الرسوم تتجدد كلما تجدد إستعمال الطريق العام بنفس الفئات المحددة بلائحة إشغال الطريق العام بمدينة الإسكندرية – فإن حق الحكومة فى إقتضاء تلك الرسوم يكون بمثابة حق دورى متجدد مما ينطبق عليه نص المادة 375 من القانون المدنى ويتقادم لذلك بمضى خمس سنوات.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه لا محل للتمسك بنص المادة 172 من التقنين المدنى القائم لأنه نص مستحدث لم يكن له نظير فى القانون المدنى الملغى الذى يحكم واقعة الدعوى وفوق ذلك فإن المشرع إذ نص فى المادة 375/ 2 من التقنين المدنى القائم على أن الريع المستحق فى ذمة الحائز سيء النية لا يسقط إلا بإنقضاء خمس عشرة سنة قد دل على أن حكم المادة 172 مدنى لا يسرى على التزام الحائز سيء النية برد الثمار. كما أنه لا محل للتحدى بالتقادم الخمسى ذلك أن الحكم المطعون فيه وقد اعتبر الطاعنين سيئى النية فى وضع يدهم على جزء من الأملاك العامة فإن ذلك يقتضى إعتبارهم مسئولين عن جميع ثماره التى قبضوها والتى قصروا فى قبضها ولا يسقط حق الحكومة فى المطالبة بها إلا بإنقضاء خمس عشرة سنة طبقا لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 375 من التقنين المدنى القائم التى قننت ما كان مستقرا عليه وجرى به قضاء هذه المحكمة فى ظل التقنين الملغى وذلك على أساس أن إلتزام الحائز سيء النية برد الثمرات لا يعتبر من قبيل الديون الدورية المتجددة التى تتقادم بمضى خمس سنوات. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر فى قضائه بالريع فإنه لا يكون مخالفا للقانون.
وحيث إن الطاعنين ينعون فى السبب الثانى – على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب من ثلاثة أوجه – يتحصل أولها فى أن الحكم إعتبر أن ملكية الأرض المتنازع عليها قد انتقلت إلى الحكومة بموجب الإتفاق المحرر فى سنة 1884 مع أن هذا الإتفاق المقول بحصوله بين الحكومة والمالك الأصلى والذى لم يسجل غير ناقل للملكية بالنسبة لمورث الطاعنين وسلفه اللذين سجل كل منهما عقده فانتقلت المكية إليه ولقد تمسك الطاعنون بأن مورثهم وسلفه من قبل قد تملكا الأرض قبل أن يقضى بإعتبارها من المنافع العامة وقد أطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع دون أن يبين كيف إنتقلت ملكية هذه الأرض إلى الحكومة وكيف خصصت للمنفعة العامة وبذلك شاب الحكم القصور. وحيث إن هذا النعى مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه إستند فى قضائه باعتبار الأرض محل النزاع من الأموال العامة للدولة إلى ما جاء بتقرير مكتب الخبراء من أن الحكومة بعد أن اشترت الأرض من مالكها الأصلى فى سنة 1884 أدخلتها ضمن جسر ترعة المحمودية فخصصتها بذلك للمنفعة العامة وأنها بهذا التخصيص أصبحت من الأملاك العامة ورتب الحكم على ذلك إطراح عقود الطاعن رغم إنطباقها على الأرض محل النزاع لورودها عليها بعد صيرورتها من الأموال العامة ولما كان ما استند إليه الحكم من شأنه أن يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ولا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه لما كان الثابت من الأوراق أن الأرض المتنازع عليها كانت مملوكة أصلا للمرحوم أحمد رأفت وأن الحكومة إشترتها منه بعقد محرر فى سنة 1884 فإن ملكتيها تنتقل إليها بموجب هذا العقد وإن لم تقم بتسجيله إذ أن الملكية فى ظل القانون المدنى الملغى كانت تنتقل بين المتعاقدين بالعقد دون حاجة إلى تسجيل طبقا لنص المادة 606 من ذلك القانون قبل إلغائها بقانون التسجيل المعمول به فى أول يناير سنة 1924 لما كان ذلك وكانت الحكومة على أثر إنتقال ملكية هذه الأرض إليها فى سنة 1884 بالشراء من مالكها الأصلى قد خصصتها بالفعل للمنفعة العامة بأن أدخلتها ضمن جسر ترعة المحمودية الذى يعتبر من هذه المنافع فإن ذلك من شأنه أن يخلع على الأرض صفة المال العام من وقت تخصيصها بالفعل لهذه المنفعة العامة ومن ثم فلا يجوز تملكها أو التصرف فيها عملا بالمادة 9 من القانون المدنى الملغى والتى تقابلها المادة 87 من القانون القائم – ومتى كان ذلك فإن العقد الصادر من المالك الأصلى للأرض إلى البائع لمورث الطاعنين فى سنة 1913 والعقد الصادر من هذا البائع إلى مورث الطاعنين فى سنة 1918 يكونان باطلين بطلانا مطلقا لورودهما على مال عام – لما كان ما تقدم فإن النعى على الحكم بالقصور والخطأ فى القانون لا يكون له أساس.
وحيث إن الوجه الثانى من السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه لم يبين أسباب عدم اكتساب الطاعنين ملكية الأرض موضوع النزاع بناء على العقود الناقلة للملكية – وأقام قضاءه على أن أرض النزاع قد آلت ملكيتها إلى الحكومة بموجب عقد صدر إليها من المالك الأصلى وأنها أصبحت مالا عاما باستخدامها جسرا لترعة المحمودية فى حين أن هذا العقد لا وجود له فى أوراق الدعوى وكل ما هناك أن الوزارة المطعون ضدها قدمت صورة لقائمة مساحة أطيان ورثة المرحوم محمد أغا الخازندار الكائنة بالبر القبلى من ترعة المحمودية مؤرخة فى يونيه سنة 1884 مبصوم عليها بخاتم أحمد رأفت باشا بما يفيد أن مسح الأرض حصل فى حضوره وورد بها أن الحد البحرى للأطيان هو جسر ترعة المحمودية – وهذه الورقة لا تدل بحال على أن بيعا أو إتفاقا على البيع تم بين المالك الأصلى وبين الحكومة – ولو فرض أن ثمت عقد قد صدر بين الحكومة وبين المالك الأصلى ببيعه لها هذه الأطيان فإنه لا يكفى لإعتبارها من الأموال العامة أن تكون الحكومة قد إشترتها من مالكها الأصلى بل لا بد من ثبوت أنها استعملت للمنفعة العامة بصفة مستمرة الأمر الذى لم يثبت فى الدعوى. إذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على دليل معدوم وعلى افتراض أن الأرض المتنازع عليها قد خصصت للمنفعة العامة دون تبيان أسانيد ومسوغات إفتراضه فإنه يكون معيبا بالقصور.
وحيث إن النعى فى هذا الوجه على الحكم المطعون فيه بالقصور مردود بما سجله الحكم الإبتدائى الذى أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه من أنه وإن كانت مستندات ملكية المطعون ضدهم تنطبق على الأرض المتنازع عليها إلا أنها لا تكسبهم ملكيتها إذ أنها لاحقة على شراء الحكومة لها وتخصيصها بالفعل للمنفعة العامة أما ما يثيره الطاعنون من أن العقد المقول بصدوره فى سنة 1884 من المرحوم أحمد باشا رأفت إلى الحكومة ببيعه الأرض موضوع النزاع لا وجود له فإنه لما كان الثابت من أوراق الملف المضموم أن الطاعنين لم ينازعوا أمام محكمة الموضوع فى وجود هذا العقد بل على العكس فإنهم قد تناولوه فى مرافعتهم الشفوية وفى المذكرات المقدمة منهم على أنه حقيقة واقعة – لما كان ذلك فإنه لا يجوز للطاعنين إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع يجب عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث أن دفاع الطاعن الرابع قد قام على أنه ليس مالكا للأرض موضوع النزاع ولا حائزا لها كما أنه ليس وارثا ولهذا طلب إخراجه من الدعوى غير أن الحكم المطعون فيه قد إلتفت عن هذا الدفاع وقرر أن الخصومة قد ابتدأت بتوجيه الدعوى إليه منفردا ثم وجهت الخصومة بعد ذلك لمورث باقى الطاعنين وأنه لا عبرة بما يزعمه الطاعنون الثلاثة الأول من أن الأرض مملوكة لهم دون الطاعن الرابع إذ أن الدعوى لا صلة لها بالملكية بل يتعرض الطاعنين ومورثهم من قبل وطلب إزالة ما عليها من مبان وإخراجهم منها ويرى الطاعن الرابع أن هذا الذى قرره الحكم لا يصلح ردا على دفاعه ذلك أن الوزارة المطعون ضدها لم تنازع فيما أبداه هو من دفاع وطلبات كما أنه لا مسوغ للحكم عليه بمصروفات الدعوى طالما أنه قرر أنه لا صلة له بالأرض ولا ينازع فى طلبات المطعون ضدها كذلك لا معنى لإلزامه بالإخلاء وهو لم يكن شاغلا للعين المطلوب إخلاؤها – وفى ذلك ما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أن دفاع الطاعن الرابع قد إنحصر أمام محكمة الموضوع فى أن الأرض المتنازع عليها مملوكة لباقى الطاعنين ولم يؤسسه على عدم تعرضه للمطعون ضدها فيها ولا على عدم إنتفاعه بها – ولما كان الحكم المطعون فيه قد إستخلص للأسباب التى أوردها إعتبار هذا الطاعن متعرضا للمطعون ضدها فى حقها على الأرض المذكورة وشاغلا لها وقضى بإلزامه مع باقى الطاعنين بإخلائها وتسليمها فإنه يكون قد واجه دفاعه بما يقتضيه ومن ثم فإن النعى عليه بالقصور يكون على غير أساس – كما أن هذا الحكم إذ قضى بإلزام الطاعن بالمصروفات باعتباره محكوما عليه فى الدعوى فإنه يكون قد أعمل نص المادة 375 من قانون المرافعات التى تنص بأن مصروفات الدعوى يقضى بها على الخصم المحكوم عليه فيها.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات