الطعن رقم 227 لسنة 33 ق – جلسة 16 /03 /1967
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثانى – السنة 18 – صـ 665
جلسة 16 من مارس سنة 1967
برياسة السيد المستشار محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد أبو حمزه مندور، ومحمد صدقى البشبيشى.
الطعن رقم 227 لسنة 33 القضائية
( أ ) تزوير. "الإدعاء بالتزوير". "مناط قبوله".
شرط قبول الإدعاء بالتزوير أن يكون منتجا فى الدعوى. وجوب الحكم بعدم قبول الإدعاء
بالتزوير إن كان غير ذى أثر فى موضوع الدعوى دون البحث فى شواهده أو تحقيقها.
(ب) إثبات. "الإثبات بالكتابة". "التوقيع على بياض". "تغيير الحقيقة فيها". تزوير.
تغيير الحقيقة فى الأوراق الموقعة على بياض ممن إستؤمن عليها نوع من خيانة الأمانة.
عدم جواز إثبات عكس ما هو ثابت فى الورقة الموقعة على بياض بغير الكتابة متى كان من
وقعها قد سلمها إختيارا.
1 – يشترط – على ما تقرره المادة 284 من قانون المرافعات – لقبول الإدعاء بالتزوير
أن يكون منتجا فى النزاع فإن كان غير ذى أثر فى موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقضى
بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحققها إذ من العبث تكليف الخصوم بإثبات ما لو ثبت
بالفعل ما كان منتجا نتيجة ما فى موضوع الدعوى [(1)].
2 – الأصل فى الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن إستؤمن عليها هو
نوع من خيانة الأمانة ومن ثم فإنه يرجع فى إثباته إلى القواعد العامة ومن مقتضاها أنه
لا يجوز إثبات عكس ما هو ثابت فى الورقة الموقعة على بياض بغير الكتابة متى كان من
وقعها قد سلمها إختيارا. إذ أن القانون يعتبر ملء الورقة فى هذه الحالة بغير المتفق
عليه بمثابة خيانة أمانة [(2)].
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أن المطعون ضده طلب إصدار أمر أداء بإلزام الطاعن بأن يؤدى له مبلغ 4900 ج وقدم سندا
لطلبه عقد قرض مؤرخ 2 مايو سنة 1961 موقع عليه بإمضاء الطرفين ويفيد إقتراض الطاعن
منه مبلغ 2900 ج وتعهده بتقديم رهن تأمينى عقارى ضمانا لهذا الدين وسندا إذنيا
تاريخه 20 يونيه سنة 1961 يفيد مديونية الطاعن له فى مبلغ 2000 ج مستحق الأداء عند
الطلب، وقد رفض الطلب وحددت جلسة لنظر الموضوع. وبتاريخ 19 فبراير سنة 1962 قضت المحكمة
فى الدعوى رقم 741 سنة 1962 كلى القاهرة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 4900
ج والمصاريف فرفع الطاعن إستئنافين عن هذا الحكم أحدهما بتكليف بالحضور قيد برقم 533
سنة 79 ق والثانى بعريضة أودعت قلم الكتاب وقيد برقم 661 سنة 79 ق وطلب فيهما إلغاء
الحكم المستأنف وأسس الإستئنافين على أن عقد القرض المؤرخ 2 مايو سنة 1961 مزور بإضافة
تاريخ 2/ 5/ 1961 عليه بأكليشيه مصطنع وأن السند المؤرخ 20 يونيه سنة 1961 مزور بنفس
الطريق وأن المطعون ضده حصل على توقيعه عليه على بياض بطريق الغش، وقد ضمت المحكمة
الإستئنافين. وفى 20 فبراير سنة 1963 قرر الطاعن فى قلم كتاب المحكمة بالإدعاء بتزوير
هذين السندين على أساس أنهما ينطويان على تزوير مادى بإضافة التاريخ الموضوع عليهما
بأكليشيه – كما أنهما ينطويان على تزوير معنوى إذ لم يقصد بتحرير عقد القرض إلا أن
يكون مشروع عقد سلمه للمطعون ضده ليعرضه على أقاربه تمهيدا لإتمامه مع من يقبله منهم
أما السند فقد حصل المطعون ضده على توقيعه على ورقة على بياض بطريق الغش إذ أوهمه –
وقد كان وكيلا عنه – بحاجته إلى هذا التوقيع لعقد سلفة له من البنك الصناعى، وقد أعلن
الطاعن شواهد التزوير وطلب تحقيق التزوير بواسطة خبير وبشهادة الشهود وفى 28 مارس سنة
1963 قضت المحكمة حضوريا فى الإستئناف رقم 661 سنة 79 ق بقبوله شكلا وفى الموضوع (أولا)
بقبول مذكرة شواهد التزوير وشكلا وبعدم قبول الإدعاء بالتزوير وبصحة سندى الدعوى (ثانيا)
وفى موضوع الإستئنافين برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وفى 27 مايو سنة 1963 طعن الطاعن
فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وبالجلسة
المحددة لنظره تمسكت برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بنى على سببين ينعى الطاعن فيهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول إن دفاعه قام أمام محكمة الإستئناف على أساسين
الأول وقوع تزوير مادى ومعنوى فى المحررين اللذين طالب المطعون ضده بقيمتهما والثانى
أن المحرر الأول الذى وصف بأنه عقد قرض مع تقرير رهن تأمينى – صورى صورية تدليسية وقد
إتخذ الطاعن إجراءات الإدعاء بالتزوير بالنسبة للمحررين وأعلن شواهد التزوير وطلب من
المحكمة إجراء التحقيق بمعرفة خبير خطوط وبشهادة الشهود ثم الحكم برد وبطلان المحررين
إلا أن المحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب واستعملت الرخصة المقررة لها فى المادة 284 من
قانون المرافعات فى غير موضعها إذ اعتبرت أن وقائع الدعوى ومستنداتها كافية لإقناعها
بصحة الورقتين مع أن هذه الوقائع والملابسات تنطق بتزويرهما لأن إملاق المقرض ثابت
بالحكم عليه جنائيا لإصداره شيكا بمبلغ مائتى جنيه لا يقابله رصيد مما لا يعقل معه
إدعاؤه بأنه أقرض الطاعن 4900 ج خلال شهر واحد. كما أن الحكم أقام قضاءه برفض الإدعاء
بالتزوير على عدم وجود كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة تؤيد ما إدعاه الطاعن مخالفا للثابت
فى المحررين مع أن ما هو ثابت من بيانات فى المحرر المؤرخ أول أبريل سنة 1961 وفى المحرر
المؤرخ 12 نوفمبر سنة 1961 وفى العقد المؤرخ أول ديسمبر سنة 1957 المقدمة فى الدعوى
يجعل إدعاء الطاعن بصورية عملية القرض وبأن المحرر الأول المدعى بتزويره قد أعد لغرض
آخر هو البحث عن مقرضين آخرين من أقارب المطعون ضده، يجعل هذا الإدعاء قريب الإحتمال.
كما أن تسليم المطعون ضده ولو ضمنا بصورية عقد أول أبريل سنة 1961 يعتبر بذاته مبدأ
ثبوت بالكتابة يؤيد صحة هذا الإدعاء وقد أخطأ الحكم المطعون فيه أيضا فيما ذهب إليه
من أن الطعن بتزوير التاريخ غير منتج إستنادا منه إلى أنه وقد ذكر فى العقد أن القسط
الأول يحل فى أول يناير سنة 1962 فلا يهم بعد ذلك إثبات حقيقة تاريخ العقد مع أن هذا
الإستناد يكون مقبولا لو لم يكن العقد مطعونا عليه أيضا بالصورية التدليسية بالإضافة
إلى الإدعاء بتزويره – كما أن ثبوت جهل الطاعن باللغة العربية التى حرر بها المحرران
المطعون عليهما بالتزوير أمر كان يجب أن يكون محل تقدير المحكمة عند بحث الإدعاء بالتزوير،
ثم إن الطاعن قد طعن بالتزوير المعنوى على السند الثانى الذى يفيد إقراضه ألفى جنيه
وطلب من المحكمة تعيين خبير خطوط لإثبات طعنه عن طريق تحديد عمر الكتابة والتوقيع وهو
طلب منتج فى إثبات التزوير المدعى به وفى إثبات خيانة أمانة التوقيع الذى أخذ منه فى
ظل وكالة رسمية واسعة النطاق كانت صادرة منه للمطعون ضده مما يسر للأخير الحصول على
إمضاء الطاعن على ورقة بيضاء لكن محكمة الإستئناف رفضت إجابة هذا الطلب بمقولة أنها
لم تر فى مظهر الورقة وطريق كتابتها ما يريب وذلك على الرغم من وجود كتابة غير متناسقة
فى الورقة وتاريخ بأكليشيه لا يمت للطاعن بصلة ولصق طوابع دمغة لإخفاء تاريخ آخر كان
المطعون ضده قد إختاره للمحرر ثم بدا له أن يعدل عنه وأخيرا فإن الإستعانة بمحام من
جانب المطعون ضده وإيهامه الطاعن بوجود صلات قوية بينه وبين ذوى الشأن فى البنك الصناعى
كل ذلك ليس فى حقيقته إلا وسائل تدليسية إستعان بها المطعون ضده فى إغتصاب أموال الطاعن
والحصول منه على المحررين ومن ثم يجوز إثبات هذه الأفعال بجميع طرق الإثبات وإذ إلتفتت
المحكمة عن كل ذلك ولم تعره إهتماما عند تسبيب قضائها برفض طلب الإحالة إلى التحقيق
فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور وبمخالفة القانون.
وحيث إنه ليس فى أوراق الدعوى ما يفيد أن الطاعن سبق له أن تمسك أمام محكمة الموضوع
بصورية عقد القرض المؤرخ 20 مايو سنة 1961 صورية تدليسية أو باستعمال طرق إحتيالية
للحصول على المحرر الثانى وبالتالى فإن ما جاء بهذا النعى خاصا بهذين الأمرين يعتبر
سببا جديدا وغير متعلق بالنظام العام فلا يجوز قبوله لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن سجل وقائع الدعوى وشواهد التزوير جاء
به قوله "وبما أن المستأنف (الطاعن) يؤسس إدعاءه بتزوير السندين المطعون عليهما على
قوله بانطوائهما على تزوير مادى وتزوير معنوى وأن التزوير المادى مبناه إضافة التاريخ
الموضوع عليهما بأكليشيه أسفل توقيع طرفيهما وأن التزوير المعنوى مرده أن المستأنف
عليه (المطعون ضده) إستحصل على توقيعه أولا بالنسبة لعقد القرض بطريق الغش على أساس
أنه مجرد مشروع لعقد رهن وليحصل له بمقتضاه على القرض وبالنسبة للسند الآخر فقد إستحصل
المستأنف عليه على توقيع المستأنف على بياض بحجة لزوم الورقة لإنهاء سلفة البنك فقد
كان وكيلا رسميا عنه وساق المستأنف الشواهد سالفة البيان على صحة مدعاه. وبما أن ما
أورده المستأنف فى تقرير الإدعاء بالتزوير وما ضمنه مذكرة شواهد التزوير من أقوال وصفها
بشواهد التزوير المدعى به وإجراءات تحقيقه التى يطلب إثباته بها فجميعها أمور غير منتجة
فى النزاع وغير جائز إثباتها لما يلى (أولا) أن عقد القرض المؤرخ 2/ 5/ 1961 والذى
يدعى المستأنف أنه مضاف إليه بعد تحريره هو إدعاء فى ذاته غير منتج لأنه سواء كان لهذا
العقد تاريخا أم لا فهو لا يؤثر فى صحة العقد أو ينال منه طالما أن المستأنف معترف
بصحة توقيعه عليه ولا يغير من الأمر فى شئ وجود صورة من هذا العقد تحت يد المستأنف
خالية من هذا التاريخ أو تعلله بجهله اللغة العربية (ثانيا) أن ما أثاره المستأنف بشأن
التزوير المعنوى المقول به فى عقد القرض من شواهد فهى عبارة عن كلام مرسل مبناه مجرد
الظن والإستنتاج ولا يرقى إلى درجة التشكيك فى صحة هذا العقد (ثالثا) ومن جهة أخرى
فإن هذه الشواهد ممتنع تحقيقها لتضمنها محاولة إثبات عكس الثابت كتابة الممنوع إثباته
بغير الكتابة فى حكم المادة 401 مدنى إذ أن المستأنف يقول إنه وقع على هذا العقد على
إعتباره مجرد مشروع لعقد رهن سلمه باختياره للمستأنف عليه ليحصل له على القرض وهذا
غير جائز إثباته إلا بالكتابة فهو لا يعدو مجرد إدعاء غر مقبول (رابعا) أن مشاهدة المحكمة
بنفسها لهذا السند المؤرخ 20/ 6/ 1961 والسابق الإشارة إليه تدحض مدعى المستأنف بتزوير
هذا السند وما أثاره بشأنه من شواهد ذلك لأن المحكمة لم تلاحظ على طريقة كتابته ما
يريب وأنه بفرض وجود تاريخ آخر مخفى تحت طوابع الدمغة وإضافة التاريخ 20/ 6/ 1961 إليه
فإنها جميعا أمور لا تنال من صحة هذا الإقرار وحجيته على المقر طالما المستأنف معترف
بتوقيعه عليه – وأنه لا يجوز إثبات مدعى المستأنف أن المستأنف عليه إستوقعه على هذه
الورقة على بياض بحجة إنهاء السلفة من البنك لأنه لا يجوز إثبات عكس ما هو ثابت فى
الورقة الموقعة على بياض إلا أن يكون هناك كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة وهو ما لم يتوفر
قيامه فى الدعوى – وبما أنه وقد إستبان للمحكمة من فحص شواهد التزوير على نحو ما سلف
أن مدعى المستأنف بتزوير السندين المطعون عليهما تزويرا ماديا ومعنويا غير منتج فى
النزاع وغير جائز إثباته وأن هاتين الورقتين كافيتان لإقناع المحكمة بصحتهما فإنه يتعين
الحكم بعدم قبول الإدعاء بالتزوير لكونه غير منتج وغير جائز إثباته وبصحة السندين المطعون
عليهما المؤرخين 2/ 5/ 1961، 10/ 6/ 1961" – وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة
فيه للقانون ومن شأنه أن يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ويتضمن الرد الكافى على
ما أثاره الطاعن فى هذا النعى ذلك أنه يشترط على ما تقرره المادة 384 من قانون المرافعات
لقبول الإدعاء بالتزوير أن يكون منتجا فى النزاع فإن كان غير ذى أثر فى موضوع الدعوى
تعين على المحكمة أن تقضى بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحققها إذ من العبث تكليف
الخصوم بإثبات ما لو ثبت بالفعل ما كان منتجا نتيجة ما فى موضوع الدعوى كما أنه لا
يجوز للطاعن أن يثبت بغير الكتابة ما ادعاه من أنه سلم عقد القرض للمطعون ضده على إعتبار
أنه مشروع عقد قرض مضمون برهن ليعرضه على أقاربه تمهيدا لإتمامه مع من يقبله منهم إذ
هذا منه إدعاء بما يخالف ما هو ثابت بالعقد من أنه يتضمن إقتراضه من المطعون ضده مبلغ
2900 ج تدفع على أقسام مبينة تواريخ إستحقاقها فيه، كذلك لا يجوز له إثبات ما يخالف
الثابت بالورقة المدعى بتوقيعها منه على بياض بغير الكتابة متى كان قد سلمها للمطعون
ضده بإختياره ذلك أن الأصل فى الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن
إستؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة ومن ثم فإنه يرجع فى إثباته إلى القواعد العامة
ومن مقتضاها أنه لا يجوز إثبات عكس ما هو ثابت فى الورقة الموقعة على بياض بغير الكتابة
متى كان موقعها قد سلمها إختيارا إذ أن القانون يعتبر ملء الورقة فى هذه الحالة بغير
المتفق عليه بمثابة خيانة أمانة – ولما كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بوجود
مبدأ ثبوت بالكتابة كما أن الحكم قد نفى وجود مبدأ من هذا القبيل وانتهى بأسباب سائغة
إلى أن الطاعن قد سلم الورقة الموقعة منه على بياض إلى المطعون ضده باختياره فإن النعى
على الحكم المطعون فيه يكون فى جميع ما تضمنه على غير أساس ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
[(1)] راجع نقض 28 مارس سنة 1966 مج المكتب الفنى
س 17 ص 740.
[(2)] راجع نقض 9 مارس سنة 1961 مج المكتب الفنى س 12 ص 212 ونقض 16
يونيه سنة 1966 مج المكتب الفنى س 17 ص 1399 وقارن نقض 3 يونيه سنة 1965 مج المكتب
الفنى س 16 ص 679.
