الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 75 لسنة 33 ق – جلسة 23 /02 /1967 

أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الاول – السنة 18 – صـ 478

جلسة 23 من فبراير سنة 1967

برياسة السيد المستشار محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عباس حلمى عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد أبو حمزة مندور، ومحمد صدقى البشبيشى.


الطعن رقم 75 لسنة 33 القضائية

صورية. "الصورية النسبية". "التحايل على القانون".
الصورية النسبية بطريق التستر. عدم جواز إثباتها بين المتعاقدين إلا بالكتابة متى كان العقد الظاهر مكتوبا. عكس ذلك. الطعن على العقد بأنه يخفى وصية. جواز إثبات ذلك بكافة الطرق لإعتباره تحايلا على القانون. حق الوارث فى الطعن فى هذه الحالة لا يستمد من المورث وإنما من القانون مباشرة.
الطعن على عقد البيع بأنه يستر وصية ولم يدفع فيه أى ثمن هو طعن بالصورية النسبية بطريق التستر، وإذن فمتى كان العقد الظاهر المطعون عليه بهذه الصورية مكتوبا فإنه لا يجوز لأى من عاقديه أن يثبت هذه الصورية إلا بالكتابة وذلك عملا بالمادة 401/ 1 من القانون المدنى ولا يصح قياس هذه الحالة على حالة الوارث الذى يجوز له إثبات طعنه على العقد بأنه يخفى وصية بجميع الطرق لأن الوارث لا يستمد حقه فى الطعن فى هذه الحالة من المورث وإنما من القانون مباشرة على أساس أن التصرف قد صدر إضرارا بحقه فى الإرث فيكون تحايلا على القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى أن المطعون ضدها الأولى أقامت على ولديها "الطاعن والمطعون ضده الثانى" الدعوى رقم 2246 سنة 1954 كلى القاهرة طلبت فيها الحكم باعتباره عقد البيع المؤرخ أول أكتوبر سنة 1945 والمتضمن بيعها لهما أرض وبناء المنزلين والأطيان المبينة به تصرفا مضافا إلى ما بعد الموت وتسرى عليه أحكام الوصية وإثبات رجوعها فى وصيتها المذكورة مع إلزامهما بتسليمها تلك الأعيان وقالت فى بيان دعواها أنه بمقتضى وصية مستترة فى عقد بيع ابتدائى مؤرخ أول أكتوبر سنة 1945 أوصت لولديها الطاعن والمطعون ضده الثانى بالعقارات الموضحة بالصحيفة. ولما كان عقد البيع يعتبر وصية وفقا للمادة 917 من التقنين المدنى القائم لأن العقارات المبيعة ظلت فى حيازتها وهى المنتفعة بها – وكان يجوز لها الرجوع فى وصيتها عملا بالمادة 18 من القانون رقم 71 لسنة 1946 فقد أنذرت ولديها فى 19 من يولية سنة 1953 برجوعها فى وصيتها ثم أقامت دعواها بطلباتها السابق ذكرها – وبتاريخ 4 من فبراير سنة 1961 قضت محكمة القاهرة الإبتدائية باعتبار عقد البيع المؤرخ أول أكتوبر سنة 1945 تصرفا مضافا إلى ما بعد الموت وتسرى عليه أحكام الوصية وبإثبات عدول المدعية "المطعون ضدها الأولى" عن وصيتها التى تمثلت فى عقد البيع سالف الذكر وبإلزام المدعى عليهما "الطاعن والمطعون ضده الثانى" بتسليم المطعون ضدها الأولى الأعيان موضوع التصرف الآنف – إستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالإستئناف رقم 452 سنة 78 ق وكان مما تمسك به فى أسباب إستئنافه أن الدعوى ليست إلا طعنا بالصورية على عقد البيع من أحد المتعاقدين والصورية بين المتعاقدين لا تثبت إلا بالكتابة ولم تقدم البائعة دليلا كتابيا يخالف الثابت بالعقد – وبتاريخ 30 ديسمبر سنة 1962 قضت محكمة الإستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه فى خصوص السبب الثالث – وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه خطأه فى القانون لمخالفته أحكام انتهائية سابقة حازت قوة الأمر المقضى وفى بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الحكم الإبتدائى المستأنف خالف الأحكام الصادرة فى الدعويين رقمى 805 سنة 1953 و60 سنة 1954 مدنى كلى المنيا واستئنافهما رقمى 994 و995 سنة 72 ق القاهرة كما خالف الحكمين رقمى 145 سنة 1954 و4169 سنة 1954 مدنى ملوى ذلك أن الحكمين الأولين صدرا فى دعويين طالبت فيهما المطعون ضدها بأجرة أطيان مؤجرة منها لآخرين تشمل جزءا من الأرض المبيعة للطاعن وأخيه بالعقد المؤرخ أول أكتوبر سنة 1945 وقد ثار النزاع فى هاتين القضيتين حول ملكية تلك الأرض وبنى الحكمان الصادران فيهما على أساس أنهما مملوكة للطاعن وأخيه بموجب العقد المشار إليه والحكم الصادر بصحة التوقيع عليه – ومن ثم فإن الحكمين المذكورين يحوزان حجية الأمر المقضى فى شأن هذه الملكية بالنسبة للمطعون ضدها الأولى التى كانت طرفا فيهما – وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذه الحجية فإنه يكون مخطئا فى القانون – كذلك فإن الحكمين الصادرين فى الدعويين رقمى 145 سنة 1954 و4169 سنة 1954 مدنى ملوى قد فصلا فى ملكية الزراعة القائمة على بعض الأطيان المبيعة للطاعن بسبب توقيع حجز عليها من المطعون ضدها الأولى باعتبارها المؤجرة لتلك الأطيان وقضى الحكمان بإلغاء هذا الحجز على أساس أن المطعون ضدها المذكورة لا تملك الأطيان المحجوز على زراعتها مما يجعل لهذين الحكمين حجية عليها فيما يختص بملكية الطاعن وأخيه لهذه الأطيان وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذه الحجية فإنه يكون مخالفا للقانون.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه عن الحكم الصادر فى الدعوى رقم 60 سنة 1954 كلى المنيا واستئنافه رقم 995 سنة 72 ق القاهرة فإن الطاعن لم يكن طرفا فيهما ومن ثم فليس له أن يحتج بهما – أما الدعوى رقم 805 سنة 1953 كلى المنيا واستئنافها رقم 994 سنة 72 ق القاهرة فإنه وإن كان الطاعن خصما فيهما إلا أن تلك الدعوى كان موضوعها طلب أجرة أطيان مؤجرة من المطعون ضدها الأولى إلى ثابت كيوان وهو يختلف عن موضوع الدعوى الحالية علاوة على أن الثابت من الحكم الاستئنافى الصادر فيها بتاريخ 29 من مارس سنة 1956 أن المطعون ضدها عندما استأنفت الحكم القاضى بإلغاء أمر الأداء الصادر لها ضد المستأجر بالأجرة المتأخرة تمسكت فى هذا الاستئناف بأن النزاع على ملكية الأطيان المؤجرة مرفوع بشأنه دعوى أخرى رقم 2246 سنة 1954 كلى مصر – وهى ذات الدعوى الحالية – كما قرر وكيلها تنازله عن الأجرة المطالب بها كلها بسبب أنها لا تريد أن تخاطر ببحث هذه الملكية فى دعوى الإيجار المذكورة وإزاء هذا التنازل لم ير الحكم الاستئنافى داعيا لبحث ما كانت تعيبه المطعون ضدها على الحكم المستأنف رقم 805 سنة 1953 كلى من تعرضه لبحث الملكية – ولما كان موضوع تلك الدعوى مختلفا عن موضوع الدعوى الحالية وكان الحكم الاستئنافى الصادر فيها خلافا لما يدعيه الطاعن لم يفصل فى النزاع على ملكية الأطيان المؤجرة بعد أن تنازلت المطعون ضدها الأولى فى تلك الدعوى عن الأجرة التى طالبت بها ولم يؤسس الحكم الاستئنافى الصادر فيها على ثبوت الملكية للمطعون ضدها فإنه لا يجوز أيضا للطاعن أن يحتج بالحكم الصادر فى الدعوى المذكورة رقم 805 سنة 1953 كلى فى الدعوى الحالية، كذلك لا يجوز له الاحتجاج بالحكمين الصادرين فى الدعويين رقمى 145 و4169 سنة 1954 مدنى ملوى لأنه لم يكن طرفا فيهما علاوة على اختلاف موضوعهما عن موضوع الدعوى الحالية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقول أنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن دعوى المطعون ضدها الأولى بطلب إعتبار عقد البيع الصادر منها فى أول أكتوبر سنة 1945 وصية، تعتبر فى حقيقتها طعنا منها فى هذا العقد بالصورية فلا يجوز لها وهى أحد عاقديه إثبات هذا الطعن بغير الكتابة لكن الحكم المطعون فيه على الرغم من تسليمه بأن المطعون ضدها الأولى – البائعة – لم تقدم دليلا كتابيا ينقض ما هو ثابت بالعقد من أنه بيع فإن محكمة الموضوع أقامت قضاءها باعتباره وصية على ما استخلصته من ظروف الدعوى والملابسات التى تم فيها التصرف من أن حقيقته وصية وليس بيعا ورد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعن بعدم جواز الإثبات بغير الكتابة بأن ما طعنت به المطعون ضدها على العقد ينحصر فى أنه وإن أفرغ فى صورة عقد بيع إلا أنها لم تقبض ثمنا على الإطلاق لأن نيتها وقت تحرير العقد انصرفت إلى الإيصاء وليس إلى البيع وإن هذا لا يعتبر منها طعنا على العقد بالصورية حتى يقال بعدم جواز إثبات الصورية بين المتعاقدين بغير الكتابة ويرى الطاعن أن الحكم قد أخطأ فى تكييف الدعوى ودفاع رافعتها فيها وشابه الفساد فى الإستدلال ذلك أن إدعاءها بأن التصرف ليس بيعا ولم يدفع فيه ثمن وأنه فى حقيقته وصية هو إدعاء بالصورية عينها وبما يخالف الثابت فى العقد وبالتالى فلا يجوز للمطعون ضدها إثبات هذا الإدعاء بغير دليل كتابى وإذ استند الحكم فى إثباته على القرائن والظروف التى أحاطت بالتعاقد فإنه يكون مخطئا فى القانون وقد جره إلى هذا الخطأ فساد تكييفه لأساس الدعوى على النحو المتقدم ذكره.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أن المطعون ضدها الأولى طلبت فى دعواها إعتبار عقد البيع المؤرخ أول أكتوبر سنة 1945 والصادر منها إلى ولديها "الطاعن والمطعون ضده الثانى" تصرفا مضافا إلى ما بعد الموت وتسرى عليه أحكام الوصية وإثبات رجوعها فى هذه الوصية وأسست دعواها هذه على القول بأن ما ذكر فى العقد من أن التصرف بيع وأن الثمن وقدره 10530 جنيها قد دفعه المشتريان غير صحيح إذ أن العقد فى حقيقته وصية ولم يدفع فيه أى ثمن – ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن تسمك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن هذا الذى أسست عليه المطعون ضدها دعواها يعتبر منها طعنا فى العقد بالصورية وأنها إذ كانت تدعى خلاف الثابت فيه فإنه لا يجوز لها أن تثبت هذا الإدعاء بغير دليل كتابى وطلب الطاعن رفض الدعوى لعدم تقديم هذا الدليل وقد رد الحكم الإبتدائى الذى أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه على دفاع الطاعن فى هذا الخصوص بعد أن أثبته فى تدويناته بقوله: "وحيث إنه وإن كان التصرف الصادر من المدعية "المطعون ضدها الأولى" لولديها المطعون عليهما بالعقد المؤرخ أول أكتوبر سنة 1945 قد صيغ فى صورة بيع منجز وبالرغم من أن المدعية لم تقدم دليلا كتابيا مثبتا لعكس ما تضمنه هذا العقد إلا أن المحكمة تستخلص من ظروف الدعوى والملابسات التى تم فيها هذا التصرف وما استبان لها من مطالعة الأوراق أن التصرف فى حقيقته وصية للأسباب الآتية" ثم سرد الحكم الظروف وقرائن الأحوال التى استدل منها على أن العقد يستر وصية ولما نعى الطاعن فى أسباب استئنافه وفى المذكرة المقدمة منه إلى محكمة الإستئناف على الحكم الإبتدائى استناده إلى القرائن فى إثبات الصورية المدعاة رد الحكم المطعون فيه على ذلك بقوله "وحيث إن هذا السبب مردود بأن الدعوى موضوعها اعتبار عقد البيع وصية مضافة إلى ما بعد الموت ولم يطعن أحد على العقد المؤرخ أول أكتوبر سنة 1945 بأنه صورى حتى يقال بأن الصورية بين المتعاقدين لا تثبت إلا بالكتابة وإنما كل طعن المستأنف عليها "المطعون ضده" منحصر فى أن التصرف المؤرخ أول أكتوبر سنة 1945 وإن أفرغ فى صورة عقد بيع إلا أنها لم تقبض ثمنا على الإطلاق نظرا لأن نيتها وقت تحرير العقد انصرفت إلى الإيصاء ومن ثم لا يجوز التحدى فى هذا المقام بقاعدة أن الصورية بين المتعاقدين لا تثبت إلا بالكتابة". وهذا الذى قرره الحكمان الابتدائى والمطعون فيه ردا على دفاع الطاعن بعدم جواز الإثبات بغير الكتابة ينطوى على خطأ فى تكييف أساس الدعوى ومخالفة للقانون ذلك أن ما طعنت به المطعون ضدها على عقد البيع المشار إليه من أن ما أثبت فيه من أنه عقد بيع وأن الثمن المسمى فيه قد دفع غير صحيح وأن الصحيح هو أنه يستر وصية ولم يدفع فيه أى ثمن – هذا الذى طعنت به المطعون ضدها على العقد هو طعن بالصورية النسبية بطريق التستر ومتى كان العقد الظاهر المطعون عليه بهذه الصورية مكتوبا فإنه لا يجوز للمطعون ضدها وهى أحد عاقديه أن تثبت ما تدعيه مخالفا لما اشتمل عليه هذا العقد إلا بالكتابة وذلك عملا بالمادة 401/ 1 من القانون المدنى ولا يصح قياس هذه الحالة على حالة الوارث الذى يجوز له إثبات طعنه على العقد بأنه يخفى وصية بجميع الطرق لأن الوارث لا يستمد حقه فى الطعن فى هذه الحالة من المورث وإنما من القانون مباشرة على أساس أن التصرف قد صدر إضرارا بحقه فى الإرث فيكون تحايلا على القانون – لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه على الرغم من تسليمه بأن المطعون ضدها لم تقدم دليلا كتابيا على الصورية التى إدعتها فإنه استدل على قيامها بالقرائن والظروف التى أحاطت بالتعاقد فإنه يكون مخطئا فى القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن – وإذ كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الاستئناف عن بحث ما تضمنه دفاع المطعون ضدها من وجود ورقة ضد بالعقد المستتر قد سرقت منها وهو دفاع لو ثبت يكون من شأنه إجازة الإثبات بالبينة والقرائن طبقا للفقرة ب من المادة 403 من القانون المدنى فإنه يتعين لذلك إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات