الطعن رقم 378 لسنة 32 ق – جلسة 15 /02 /1967
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الاول – السنة 18 – صـ 357
جلسة 15 من فبراير سنة 1967
برياسة السيد المستشار أحمد زكى محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وابراهيم عمر هندى، وصبرى أحمد فرحات، وحسن أبو الفتوح الشربينى.
الطعن رقم 378 لسنة 32 القضائية
( أ ) عمل. "عقد العمل". "الإجازات".
المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952. إجازات العامل. استبدالها بأيام أخر أو بمقابل نقدى.
شرطه. رفض الترخيص بالإجازة. إخلال بإلتزام. تعويض العامل عنه.
(ب) عمل. "آثار عقد العمل". "سلطة رب العمل فى تنظيم منشأته". "إنتهاء عقد العمل".
"تقدير قيام مبرر إنهاء عقد العمل". محكمة الموضوع.
سلطة رب العمل فى تنظيم منشأته. إنهاء عقد العمل. تقدير مبرر الإنهاء. موضوعى.
1 – إجازات العامل بأنواعها عزيمة من الشارع دعت إليها إعتبارات من النظام العام وهى
فى نطاق المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 أيام معدودات من كل سنة لا يجوز فى غير الأحوال
المقررة فى القانون ولغير مقتضيات العمل استبدالها بأيام أخر من السنة أو السنوات التالية،
كما لا يجوز استبدالها بمقابل نقدى، وإلا فقدت إعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض
منها واستحالت إلى "عوض" ومجرد مال سائل يدفعه صاحب العمل إلى العامل، وفى ذلك مصادرة
على اعتبارات النظام العام التى دعت إليها ومخالفة لها، والقول بأن للعامل أن يتراخى
بإجازاته ثم يطالب بمقابل عنها معناه أنه يستطيع بمشيئته وإرادته المنفردة أن يحمل
صاحب العمل بالتزام هو عوض حقه لا عين حقه بينما لا يد له فيه، وهو حال يختلف عما إذا
حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهرى من التزاماته
التى يفرضها عليه القانون ولزمه تعويض العامل عنه.
2 – من سلطة رب العمل – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – تنظيم منشأته واتخاذ ما
يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها متى رأى من ظروف العمل ما يدعو إلى ذلك، بحيث إذا اقتضى
هذا التنظيم إنهاء عقود بعض عماله كان لهذا الإنهاء ما يبرره وانتفى عنه وصف التعسف
[(1)]، وسلطة رب العمل فى ذلك تقديرية لا يجوز لقاضى الدعوى أن يحل
محله فيها وإنما تقتصر رقابته على التحقق من جدية المبررات التى دعت إليه.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أن الأستاذ أحمد الصاوى محمد أقام الدعوى رقم 482 سنة 1958 عمال القاهرة الابتدائية
ضد السيد بشارة تقلا عضو مجلس الإدارة المنتدب لجريدة الأهرام – شركة مساهمة مصرية
– يطلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ 41605 ج و520 م عدله إلى مبلغ 32047 ج و600 م مع المصاريف
ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعدل بلا كفالة، وقال شرحا لدعواه أنه
بدأ عمله بالجريدة سنة 1930 واستمر إلى سنة 1941 حيث ترك العمل تحت ضغط بعض العوامل
والأحداث، ثم لم تلبث علاقة العمل بينهما أن اتصلت حيث عادت وفى 31 مارس سنة 1949 فتعاقدت
معه على أن ينشر فيها مقاله اليومى "ما قل ودل" وأبوابا أخرى للشباب والمرأة والحياة
العقلية والفنية والأدبية والاجتماعية والتاريخية ويتولى تحرير المقالات الرئيسية فى
مختلف المناسبات مقابل أجر شهرى شامل قدره 400 ج وفى 8 أغسطس سنة 1952 قرر مجلس الإدارة
تعيينه رئيسا للتحرير مقابل أجرى شهرى "إجمالى وجزافى" قدره 600 ج ولمدة سنة تنتهى
فى 31 يوليه سنة 1953 وتتجدد ضمنيا من سنة إلى أخرى ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر بعدم
رغبته فى التجديد قبل نهاية المدة بشهرين، ومن أن آلت إليه رئاسة التحرير وأخذ يدفع
الجريدة خطوة وراء خطوة فى طريقها على التمصير صادفته متاعب كثيرة متعددة ومتنوعة منها
عدم الإعلان عن اسمه كرئيس للتحرير والانتقاص من سلطته فى تعيين المحررين وتحديد مرتباتهم
ومخالفة تعليماته فيما ينشر وما لا ينشر ومفاجأته بين الحين والحين بنشر أنباء أو موضوعات
حساسة تبلبل الخواطر وتسئ إلى الصالح العام، ولما لم تفلح هذه المحاولات فى تحقيق الغرض
منها عمدت إدارة الجريدة إلى وسائل أخرى هى تخفيض 1500 ج من مرتبه السنوى وجعله 5700
ج بدلا من 7200 ج ومحاولة إنهاء عقده وذلك بأن أرسلت إليه خطابا تاريخه 31 يوليو سنة
1956 ناشدته فيه أن يساهم فى سياستها الاقتصادية التى تمليها الحالة الحاضرة كما طلبت
إليه فيه الموافقة على إنهاء عقده فى 31 ديسمبر سنة 1956 ثم عادت فى 31 يوليو سنة 1957
فأنهت عقدها معه كرئيس للتحرير وقصرت علاقتها به على تحرير مقال "ما قل ودل" مقابل
أجر شهرى قدره 300 ج وبشروط أخرى تضمنها الاتفاق الجديد المحرر بينهما فى 17 أغسطس
سنة 1957 كما عادت وفى يناير سنة 1958 فأرسلت إليه كشفا يفيد مديونيته لها فى مبلغ
3726 ج حتى 31 ديسمبر سنة 1957 وأرسلت إليه خطابا مسجلا فى 20 فبراير سنة 1958 تخطره
بأن مكافأة مدة خدمته هى مبلغ 2095 ج طبقا لقانون عقد العمل الفردى ستقوم بقيده لحساب
المطلوب منه، وإذ أفصحت الجريدة بتصرفاتها هذه عن سوء نيتها وتعمدها هضم حقوقه وهو
يستحق فى ذمتها مبلغ 32047 ج و600 م منه 5000 ج مكافأة مدة الخدمة طبقا للائحة استخدام
الصحفيين لا قانون عقد العمل الفردى و1500 ج ما اقتطع من مرتبه فى السنة الأخيرة وهى
الفترة من أول أغسطس سنة 1956 إلى 31 يوليو سنة 1957 بغير حق وبطريق إدخال الغش عليه
أو بطريق الهبة والتبرع من جانبه و15547 ج و600 م مقابل أجر أيام العطلة الأسبوعية
والأعياد والإجازات السنوية التى لم يصرح له بها و10000 ج تعويض عن إنهاء عقده الغير
محدد المدة بغير مبرر وبقصد الإضرار به والإساءة إلى مكانته الصحفية، فقد انتهى إلى
طلب الحكم له به – وردت الشركة بأنه يستحق مكافأة قدرها 2258 ج و323 م وفقا للمرسوم
بقانون رقم 317 لسنة 1952 الذى يحكم العلاقة بينهما، وكان يتقاضى مرتبا شهريا قدره
400 ج ولمناسبة تعيينه رئيسا للتحرير تقرر أن يصرف له مبلغ 200 ج شهريا بدل تمثيل لتغطية
النفقات التى يستلزمها منصبه الجديد، وابتداء من أول أغسطس سنة 1956 خفض من مرتبه مبلغ
1500 ج، وأنه لا حق له فى مقابل إجازات أيام العطلة الأسبوعية لأنه كان يتغيب أيام
الجمع وبفرض أنه كان يعمل خلالها كلها أو بعضها فإن وظيفته وطبيعة عمله تقتضى ذلك،
كما أنه لا حق له فى مقابل إجازات الأعياد الرسمية لأن الجرائد جميعها تحتجب عن الظهور
يومين فى عيدى الفطر والأضحى ويوم شم النسيم وفى كثير من الأيام كان لا يطول حضوره
عن ساعة واحدة وفى أيام أخرى كان يباشر العمل من منزله أو من عزبته، وليس له أن يطالب
بمقابل الإجازات السنوية السابقة على السنة الأخيرة لأن الإجازات السنوية لا ترحل ولا
تجمد وحقه فى مقابل إجازة السنة الأخيرة سقط بعدم المطالبة به خلالها ومنذ تعيينه رئيسا
للتحرير كان هو المتصرف فى مواعيد حضوره وانصرافه ومواعيد غيابه ومواعيد قيامه بالإجازة
أو عدم قيامه بها وتشهد بعض مقالاته "ما قل ودل" بأنه كان يكتبها من الاسكندرية وحضوره
فى الشهرين السابقين على إنهاء عقده كان نادرا وانعدم كلية فى الشهر الأخير وهو أمر
ثابت فى سجل الساعة الموجودة بالجريدة، وتخفيض مبلغ ال 1500 ج من مرتبه فى السنة الأخيرة
أملته ظروف الجريدة وحالتها المالية وضرورة الإقتصاد فى نفقاتها وقد صور المدعى موافقته
على هذا التخفيض بأنه تبرع أو هبة يجوز له الرجوع فيها، وعن التعويض فإن عقد المدعى
محدد المدة وقد انتهى برضاه وسويت حالته بالطريقة التى اقترحها وقبلتها الشركة حيث
أخطرته بكتابها المؤرخ 29 مايو سنة 1956 بعدم رغبتها فى تجديد عقده بشروطه ودارت المحادثات
بينهما وتم الاتفاق على تجديده لمدة سنة من أول أغسطس سنة 1956 مع تخفيض مرتبه 1500
ج وقبل انتهاء هذه المدة بشهرين أخطرته بكتابها المؤرخ 26 مايو سنة 1957 بعدم رغبتها
فى تجديد العقد مرة أخرى وقبل ذلك وتخلى عن وظيفته وعرض عليها اتفاقا جديدا لمدة سنتين
من أول أغسطس سنة 1957 إلى آخر يوليو سنة 1959 مقابل مكافأة قدرها 3000 ج وقبلت الجريدة
هذا العرض وعلى ذلك لا تكون هناك إساءة لاستعمال الحق وقصد الإضرار به ومع افتراض أن
العقد غير محدد المدة فإن مبرر إنهائه ومبرر الفصل قائم وهو ما رأته الشركة من ضرورة
إعادة تنظيم رئاسة التحرير وإسنادها إلى رئيس واحد بدلا من رئيسين بعد أن لاحظت سوء
حالتها المالية وما قد يترتب عليها من خطر الانهيار إذا ما استمرت الحالة على ما كانت
عليه، وأضافت الشركة أن حساب المدعى لديها مدين فى مبلغ 3576 ج و445 م وإذ يستحق فى
ذمتها مبلغ 2258 ج و322م مكافأة مدة الخدمة فقد أقامت دعوى فرعية طلبت فيها إجراء المقاصة
بين مكافأة مدة الخدمة وحسابه المدين لديها وإلزامه بالفرق وقدره 1318 ج و123 م مع
الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية للسداد، وطلبت رفض الدعوى الأصلية فيما
عدا ذلك. وبتاريخ 30 يونيه سنة 1959 حكمت المحكمة حضوريا وقبل الفصل فى الموضوع بندب
مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة ليعهد إلى أحد أعضائه المحاسبين بالاطلاع على ملف
الدعوى ومستنداتها وما يقدمه له طرفا الخصومة لبيان ما إذا كان الأستاذ أحمد الصاوى
محمد – المدعى – قد حصل على إجازاته الأسبوعية وإجازاته عن الأعياد الرسمية وإجازاته
السنوية أم زوال العمل خلالها وذلك فى الفترة من 31 مارس سنة 1949 إلى 31 يوليه سنة
1957 وبيان ما إذا كانت الشركة المدعى عليها قد منيت بخسارة فى السنوات 1954 و1955
و1956 أم لا، وكذا بيان المبالغ التى تسلمها الأستاذ أحمد الصاوى محمد من الشركة وسبب
تسلمه لها – على سبيل القرض أم لأغراض أخرى – وما يكون قد سدده من هذه المبالغ وما
إذا كانت ذمته ما زالت مشغولة بشئ منها ومقداره إن وجد. وبعد أن باشر الخبير مأموريته
وقدم تقريره عادت وبتاريخ 20/ 6/ 1961 فحكمت فى موضوع الدعويين الأصلية والفرعية بإلزام
المدعى عليه بصفته فى الدعوى الأصلية بأن يدفع للمدعى فى الدعوى الأصلية مبلغ 829 ج
و734 م ثمانمائة وتسعة وعشرين جنيها وسبعمائة وأربعة وثلاثين مليما والمصاريف المناسبة
للدعوى الأصلية وثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات للمدعى
وأعفته من باقى المصاريف، كما رفضت طلبات المدعى عليه بصفته فيما عدا ما أجريت المقاصة
بشأنه من دين للمدعى عليه فى الدعوى الفرعية وأعفت المدعى من المصاريف المناسبة لما
أجريت المقاصة بشأنه وألزمت المدعى عليه بصفته بباقى مصاريف الدعوى الفرعية وشملت الحكم
بالنفاذ المعجل بلا كفالة. واستأنف الأستاذ أحمد الصاوى محمد هذا الحكم لدى محكمة استئناف
القاهرة طالبا تعديله والحكم له بمبلغ 27859 ج و750 م باقى طلباته أمام محكمة أول درجة
بعد إستبعاد مبلغ 3187 ج و850 م المحكوم به لصالح الجريدة فى الدعوى الفرعية وقيد هذا
الإستئناف برقم 1763 سنة 78 قضائية، كما استأنفته مؤسسة جريدة الأهرام طالبة إلغاءه
فيما قضى به من مقابل الإجازات وإلزام الأستاذ أحمد الصاوى محمد بأن يدفع لها مبلغ
896 ج و189 م – الفرق بين حسابه المدين لديها ومكافأة مدة الخدمة – وقيد هذا الإستئناف
برقم 8 سنة 79 قضائية. وقررت المحكمة ضم الإستئنافين، وبتاريخ 30 يونيه سنة 1962 حكمت
حضوريا بقبول الإستئنافين شكلا وفى موضوع الإستئناف رقم 1763 سنة 78 قضائية المرفوع
من الأستاذ أحمد الصاوى محمد بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف ضده بصفته بأن
يدفع إلى الأستاذ أحمد الصاوى محمد مبلغ 8557 ج و753 م (ثمانية آلاف وخمسمائة وسبعة
وخمسين جنيها وسبعمائة وثلاثة وخمسين مليما) والمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ
60 ج (ستين جنيها) مقابل أتعاب المحاماة عنهما وفى موضوع الاستئناف رقم 8 سنة 79 قضائية
المرفوع من مؤسسة جريدة الأهرام برفضه وإلزامها بمصاريفه. وطعنت مؤسسة الأهرام فى هذا
الحكم بطريق النقض للسببين الواردين فى التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت
إحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض
الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون عليه بمقابل
الإجازات بأنواعها مستندا فى ذلك إلى أنه لا نزاع بين الطرفين فى أنه منذ بدأ عمله
بالجريدة فى 31/ 3/ 1949 إلى نهايته فى 31/ 7/ 1959 لم يحصل على حقه القانونى فيها،
وقد أكد منذ فجر الخصومة أنه كان يطالب بإجازاته – سنوية وموسمية وأسبوعية – شفويا
وفى أثناء السنة التى استحقت فيها ولكن الجريدة كانت ترفض ولا تصرح له بها إستنادا
إلى حاجة العمل، وتطمئن المحكمة إلى ما قرره فى هذا الصدد لأن الطاعنة جاهرت ومنذ فجر
الخصومة بما يؤيد ذلك وراحت تقول إن طبيعة عمله والوظيفة التى كان يشغلها توجب أن يكون
إتصاله بالجريدة مستمرا ولا تسرى فى شأنه مواعيد ساعات العمل وفترات الراحة والعطلة
الأسبوعية وإجازات الأعياد والمواسم واستندت إلى العقد المحرر بينهما فى 8/ 8/ 1952
مع أن عبارة العقد لا تستهدف حرمانه من إجازاته ولا تأثير لها على ما له من حق ثابت
فى اقتضاء مقابلها خصوصا وأن أحكام الإجازات من النظام العام ولا يصح الاتفاق على ما
يخالفها، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون ولا سند له من وجوه (أولها) أن الطاعنة
أنكرت على المطعون عليه دعواه أنه كان يطالب بإجازاته على اختلاف أنواعها ولم تصرح
له بها، وتمسكت فى دفاعها أمام محكمة أول درجة – ومنذ فجر الخصومة – بأن الأصل فى الإجازة
السنوية أنها حق إختيارى للعامل لا محل لإلزام صاحب العمل بتعويض عنها إذا لم يطلبها
خلال السنة وتسقط ولا تجمد ولا ترحل إلى سنة تالية، والجرائد جميعها تحتجب عن الصدور
يومين فى كل من عيدى الفطر والأضحى ويوم شم النسيم، وكان المطعون عليه يغيب فى أغلب
أيام الجمع وفى كثير من الأيام كان لا يطول حضوره لأكثر من ساعة وفى أيام أخرى كان
يكتفى بمباشرة العمل من منزله أو من مزرعته ومنذ تعيينه رئيسا للتحرير فى أغسطس سنة
1952 كان هو المتصرف فى مواعيد حضوره وانصرافه ومواعيد غيابه ومواعيد قيامه بالإجازة
أو عدم قيامه بها وكان ملحوظا فى تقدير مرتبه طبيعة عمله ووظيفته ونص فى الاتفاق المبرم
بينهما فى 8/ 8/ 1952 على أن لا يطالب بأكثر منه فى أية حالة من الأحوال وأيا كانت
الظروف والأعباء أو الأعمال التى يقوم بها، ورددت الطاعنة هذا الدفاع لدى محكمة الاستئناف
وأضافت إليه أنها لم ترفض للمطعون عليه طلبا بمنحه إجازته السنوية ولم يتقدم إليها
بأى طلب، وحق العامل فى الإجازة السنوية والمطالبة بمقابل عنها يسقط بمضى سنة دون طلبها،
وأن طبيعة عمله والوظيفة التى كان يشغلها توجب أن يكون إتصاله بالجريدة مستمرا شأنه
فى ذلك شأن رؤساء المصالح والمنشآت الذين جرى العرف – ودون حاجة إلى نص تشريعى – على
أن لا يتقيدوا بساعات عمل معينة (وثانيها) أن مجرد اطمئنان الحكم إلى ما ذكره المطعون
عليه من أنه كان يطالب بإجازاته شفويا فى كل سنة ليس من الأدلة التى رسمها القانون
ولا يصلح للإثبات (وثالثها) أن مناط تعلق الإجازة السنوية بالنظام العام هو أن لا تكون
السنة التى تستحق فيها قد مضت قبل حصول العامل عليها بحيث إذا حل ميعادها وانقضت السنة
دون أن يحصل عليها انقطعت الصلة بينهما وبين اعتبارات النظام العام وأصبحت حقا عاديا
يرد عليه التنازل.
وحيث إن هذا الوجه فى محله ذلك أن إجازات العامل بأنواعها عزيمة من الشارع دعت إليها
إعتبارات من النظام العام، وهى – وفى نطاق المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 الذى يحكم
واقعة الدعوى – أيام معدودات فى كل سنة، لا يجوز – فى غير الأحوال المقررة فى القانون
ولغير مقتضيات العمل – إستبدالها بأيام أخر من السنة أو السنوات التالية، كما لا يجوز
إستبدالها بمقابل نقدى وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض منها واستحالت
إلى "عوض" ومجرد مال سائل يدفعه صاحب العمل إلى العامل، وفى ذلك مصادرة على اعتبارات
النظام العام التى دعت إليها ومخالفة لها، والقول بأن للعامل أن يتراخى بإجازاته ثم
يطالب بمقابل عنها معناه أنه يستطيع بمشيئته وإرادته المنفردة أن يحمل صاحب العمل بالتزام
– هو عوض حقه لا عين حقه – بينما لا يد له فيه، وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض
صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهرى من التزاماته التى يفرضها
عليه القانون ولزمه تعويض العامل عنه – وإذ كان ذلك وكانت الطاعنة قد تمسكت فى دفاعها
لدى محكمة الموضوع بأن المطعون عليه لم يطالب بإجازاته ولم ترفض التصريح له بها وكان
هو المتصرف فيها وفى مواعيد حضوره وانصرافه ومواعيد غيابه وحقه فى الإجازات السنوية
يسقط بمضى السنة التى استحقت فيها، ولم يعول الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع وقضى
للمطعون عليه بمقابل الإجازات مستندا فى ذلك إلى أنه "لا نزاع بين الطرفين فى أنه منذ
أن بدأ الأستاذ الصاوى عمله فى الجريدة فى 31/ 3/ 1949 حتى نهاية عمله فى 31 يوليه
سنه 1957 لم يحصل على حقه القانونى فى هذه الإجازات بأنواعها" وقد "أكد منذ فجر الخصومة
بأنه كان يطالب بإجازاته بأنواعها الثلاثة شفويا، سنوية وموسمية وأسبوعية، فى أثناء
السنة التى استحقت فيها، ولكن الجريدة كانت ترفض ولم تصرح له بها، استنادا إلى حاجة
العمل". وإن "المحكمة تطمئن إلى ما قرره الأستاذ الصاوى فى هذا الصدد إذ أن الجريدة
قد جاهرت منذ فجر الخصومة بما يؤيد ذلك إذ راحت تقول إن طبيعة عمل الأستاذ الصاوى والوظيفة
التى كان يشغلها كانت تستوجب أن يكون اتصاله بالجريدة مستمرا فلا يسرى بشأنه تحديد
فترات الراحة والعطلة الأسبوعية والأعياد الرسمية، وكانت تستند فى ذلك إلى العبارة
الواردة فى عقد الأستاذ الصاوى" وهى تقريرات لا يساندها دفاع الطاعنة ولا تصلح دليلا
فى الدعوى، تحجب بها الحكم عن تطبيق القانون على الواقع فيها، فإنه يتعين نقضه فى هذا
الخصوص.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة فى الوجه الثانى من هذا السبب أنه سواء اعتبر عقد المطعون
عليه محدد المدة أو غير محدد المدة فإن المراكز القانونية وما يترتب عليها من نتائج
تختلف باختلاف طبيعة العقود والوظيفة والعمل وظروف وملابسات كل حالة، وقد كانت الجريدة
فى حاجة لإعادة تنظيم رئاسة التحرير ورأت إسنادها إلى شخص واحد جديد يستطيع أن يمسك
بزمام التحرير بقوة وحماس بدلا من الرئيسين السابقين وأخطرت المطعون عليه بعدم رغبتها
فى تجديد عقده عند انتهائه فى 31/ 7/ 1957، ورأى المطعون عليه من مصلحته أن يتخلى عن
مسئولياته ويستريح وأن يركز جهوده فى الأدب والكتابة واقترح أن يقوم بكتابة مقاله "ما
قل ودل" يوميا ولمدة سنتين من 1/ 8/ 1957 إلى 31/ 7/ 1959 مقابل مكافأة سنوية قدرها
ثلاثة آلاف جنيه وقبلت الطاعنة ما اقترحه عليها رئيس تحريرها السابق ولم تبخل عليه
وتبودلت الخطابات بينهما تأييدا لهذا الاتفاق الجديد، وبه يكون العقد السابق قد انتهى
برضاء الطرفين وبالتسوية التى أرادها المطعون عليه وهى تسوية سخية يستبعد معها كل فصل
تعسفى وبلا مبرر، وإذ قضى الحكم بتعويض عن هذا الفصل فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون
وتفسيره بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أن من سلطة رب العمل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة
– تنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها متى رأى من ظروف العمل ما
يدعو إلى ذلك، بحيث إذا اقتضى هذا التنظيم إنهاء عقود بعض عماله كان لهذا الإنهاء ما
يبرره وانتفى عنه وصف التعسف، وسلطته فى ذلك تقديرية لا يجوز لقاضى الدعوى أن يحل محله
فيها وإنما تقتصر رقابته على التحقق من جدية المبررات التى دعت إليه – وإذ كان ذلك
وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة تمسكت فى دفاعها بأنها كانت فى حاجة لإعادة تنظيم
رئاسة التحرير ورأت ضرورة استبدال رئيس تحرير واحد برئيسى التحرير السابقين، وجرى الحكم
المطعون فيه على أن إختيار رئيس جديد بدلا من الرئيسين السابقين لا يعتبر مبررا معقولا
أو مشروعا لإنهاء عقد المطعون عليه ورتب على ذلك الحكم له بالتعويض، فإنه يكون قد خالف
القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجد نقضه فى هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الثانى أن الحكم المطعون فيه بعد أن قضى بأن الأجر الذى تحتسب مكافأة
مدة الخدمة على أساسه لا يشمل بدل التمثيل، عاد وعند حساب المكافأة فخصم مبلغ ال 1500
ج السابق تخفيضه من مجموع الأجر وبدل التمثيل بواقع ألف جنيه من الأجر وخمسمائة جنيه
من بدل التمثيل وبما ترتب عليه رفع الأجر الذى احتسبت المكافأة على أساسه من 275 ج
إلى 316 ج و660 م، وهذا من الحكم تناقض وقصور يعيبه ويبطله، لأنه لم يبين الأسباب التى
بنى عليها هذا التقسيم.
وحيث إن هذا السبب فى غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام
قضاءه فى هذا الخصوص على أن المبلغ المخفض وقدره 1500 ج "تناول مجموع ما يتقاضاه الأستاذ
الصاوى فى السنة الأخيرة من أجر وبدل تمثيل وقد عبر عن ذلك صراحة خطاب 13 / 7/ 1956"
وعلى ذلك "يجب تقسيم هذا المبلغ وقدره 1500 بين الأجر والبدل، ومن ثم فيستنزل مبلغ
ألف جنيه من قيمة الأجر فى السنة الأخيرة ومبلغ خمسمائة جنيه من البدل" "وإذ كان أجر
الأستاذ الصاوى فى السنة الأخيرة 4800 ج وباستنزال مبلغ ألف جنيه من هذا المبلغ يكون
الباقى 3800 ج أى بواقع 316 ج و660 م شهريا" "وهذا الأجر الأخير هو الذى يتخذ أساسا
لتقدير المكافأة" وهى تقريرات موضوعية سائغة جرى الحكم فى حساب المكافأة على أساسها.
[(1)] نقض 6/ 4/ 1966. الطعن رقم 127 لسنة 32 ق. السنة 17 ص 821.
