الطعن رقم 50 لسنة 33 ق – جلسة 09 /02 /1967
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الاول – السنة 18 – صـ 325
جلسة 9 من فبراير سنة 1967
برياسة السيد المستشار محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوى، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد أبو حمزة مندور، ومحمد صدقى البشبيشى.
الطعن رقم 50 لسنة 33 القضائية
( أ ) حوالة. "ضمان المحيل". تعويض. "عناصر التعويض".
حق المحال له فى التعويض فى حالة الضمان. إقتصاره على استرداد ما دفعه للمحيل عوضا
عن الحق المحال به مع الفوائد والمصروفات فى حالة المادتين 308 و309 مدنى. شموله قيمة
الحق كلها وما يلحق بالمحال له من ضرر بسبب فعل المحيل فى حالة ضمان المحيل لأفعاله
الشخصية (م 311 مدنى).
(ب) حوالة. "ضمان المحيل". "ضمانه الأفعال الشخصية".
إمتناع المحيل عن تسليم السندات المثبتة للحق المحال به. لا محل لضمان المحيل إلا إذا
ترتب على امتناعه إستحالة استيفاء المحال له الحق المحال من المدين.
(ج) حوالة. "أحكام الضمان".
ينظم المشرع أحكام الضمان فى حوالة الحق بنصوص خاصة. لا محل لتطبيق أحكام الضمان فى
باب البيع على الحوالة.
1 – لا يقتصر حق المحال له فى التعويض – فى حالة ضمان المحيل لأفعاله الشخصية وفقا
للمادة 311 من القانون المدنى – على استرداد ما دفعه للمحيل عوضا عن الحق المحال به
مع الفوائد والمصروفات كما هو الحال عندما يتحقق الضمان طبقا للمادتين 308 و309 من
القانون المدنى بل يكون التعويض كاملا يشمل قيمة هذا الحق كلها ولو زادت على ما دفعه
المحال له للمحيل ويشمل أيضا التعويض عن أى ضرر آخر يلحق بالمحال له من جراء فعل المحيل.
2 – إمتناع المحيل عن تسليم المستندات المثبتة للحق المحال به لا يجيز الرجوع عليه
بالضمان إلا إذا ترتب عليه استحالة استيفاء المحال له الحق المحال من المدينين المحال
عليهما إذ يعتبر عندئذ عائقا يحول دون حصول المحال له على هذا الحق فيضمنه المحيل متى
كان بفعله الشخصى.
3 – إذ نظم المشرع فى المواد من 308 إلى 311 من القانون المدنى أحكام الضمان فى حوالة
الحق بنصوص خاصة فإنه لا يجوز مع وجود هذه الأحكام الخاصة تطبيق أحكام الضمان الواردة
فى باب البيع على الحوالة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أن المطعون ضده الأول طلب من قاضى الأمور الوقتية بمحكمة القاهرة الابتدائية إصدار
أمر بتوقيع الحجز على ما لديه للطاعن وذلك وفاء لمبلغ 411 ج و500 م والمصاريف الاحتمالية
مؤسسا طلبه هذا على أن الطاعن كان قد حول له بمقتضى العقد المؤرخ 15 سبتمبر سنة 1953
حقه فى الدين المستحق له قبل المطعون ضدهما الثانى والثالث ومقداره 411 ج و500 م محرر
به خمس سندات إذنية الأول بمبلغ 58 ج و282 م ويستحق السداد فى 30/ 7/ 1953 والثانى
بمبلغ 75 ج ويستحق فى 31/ 8/ 1953 والثالث بمبلغ 50 ج ويستحق فى 10/ 9/ 1953 والرابع
بمبلغ 100 ج ويستحق فى 30 / 9/ 1953 والخامس بمبلغ 127 ج ويستحق فى 31/ 10/ 1953. وقد
تمت هذه الحوالة نظير مبلغ 210 ج تسلمه منه الطاعن وتعهد فى عقد الحوالة المشار إليه
بأن يسلمه هذه السندات فى ميعاد غايته 30 سبتمبر سنة 1953 إلا أنه لم ينفذ هذا التعهد
مما أصبحت معه حقوق المطعون ضده الأول قبل المدينين مهددة بخطر سقوطها بالتقادم. وبتاريخ
24 من ديسمبر سنة 1957 أصدر القاضى أمره بتوقيع هذا الحجز وحدد لنظر الموضوع جلسة 15
يناير سنة 1958 وقد قيدت دعوى الموضوع برقم 74 سنة 1958 كلى تجارى القاهرة وانتهى المطعون
ضده الأول فى طلباته فيها إلى طلب الحكم أصليا بإلزام الطاعن بأن يسلمه سندات الدين
سالف الذكر واحتياطيا فى حالة امتناعه عن تسليمها إلزامه بأن يدفع له مبلغ 411 ج و500
م قيمة السندات المذكورة مضافا إليها 1 ج و218 م رسم البروتستات المحررة عنها الذى
شمله عقد الحوالة مع الفوائد القانونية من يوم المطالبة الرسمية حتى تمام السداد وصحة
إجراءات الحجز الموقع تحت يد المطعون ضده فى 24 ديسمبر سنة 1957 وجعله نافذا مع مصاريف
الدعوى وأتعاب المحاماة وأسس المطعون ضده الأول طلبه الاحتياطى على المادة 311 من القانون
المدنى التى تقضى بمسئولية المحيل عن أفعاله الشخصية. وأضاف أن الطاعن بعد صدور الحوالة
منه استصدر بالسندين الرابع والخامس المستحقين فى 30 سبتمبر و31 أكتوبر سنة 1953 حكما
ضد مدينيه (المطعون ضدهما الثانى والثالث) فى الدعوى رقم 1607 لسنة 56 بندر طنطا بإلزامهما
متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 200 ج من قيمة هذين السندين، وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا
فى الدعوى رقم 135 لسنة 57 وتحصل دفاع الطاعن أمام المحكمة الإبتدائية فى أنه سلم السندات
الخمس المشار إليها فى عقد الحوالة إلى الأستاذ شوحيط محامى المطعون ضده الأول وأن
السندين الإذنيين اللذين طالب المدينين بباقى قيمتهما بالدعوى رقم 1607 سنة 1956 بندر
طنطا ليسا من ضمن تلك السندات ودلل على ذلك فى مذكرته المعلاة برقم 14 ملف ابتدائى
بالحكم الصادر فى تلك الدعوى. وفى استئنافها رقم 1135 سنة 57 قائلا إن ذلك الحكم فصل
فى تلك المسألة وأنه قد أصبح نهائيا وحائزا قوة الشئ المقضى ومن ثم فهو حجة على المطعون
ضده الأول الذى كان خصما فى الدعوى التى صدر فيها ويمتنع عليه لذلك تجديد النزاع فى
هذا الشأن. واختصم الطاعن مدينيه المطعون ضدهما الثانى والثالث فى الدعوى ليقضى عليهما
للمطعون ضده الأول بمبلغ 411 ج و500 م المرفوعة به الدعوى واستند فى اختصامهما إلى
أنهما قد أقرا بمديونيتهما بهذا الدين فى المذكرة المقدمة من وكيلهما ومحاميهما فى
الدعوى رقم 1607 لسنة 1956 بندر طنطا السالفة الذكر ووصف الطاعن هذا الإقرار بأنه إقرار
قضائى صادر من المدينين. وطلب المطعون ضدهما الثانى والثالث رفض الدعوى الموجهة إليهما
من الطاعن تأسيسا على أنه لم يعد دائنا لهما بعد أن حول حقه إلى المطعون ضده الأول
وحصل منه على مبلغ 210 ج مقابل هذه الحوالة. وبتاريخ 11 نوفمبر سنة 1958 قضت المحكمة
الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن بكافة طرق الإثبات القانونية أنه
سلم المطعون ضده الأول السندات الإذنية الموضحة بعقد الحوالة الموصوف بأنه عقد بيع
والمؤرخ 15 سبتمبر سنة 1953 واحتجاجات عدم الدفع الخاصة بهذه السندات وصرحت المحكمة
لمن يهمه الأمر من الخصوم بالنفى بذات الطرق. وبعد أن سمعت المحكمة شاهدى الطاعن حكمت
فى 3 من فبراير سنة 1959 بالزام الياس خزام وجوزيف خزام (المطعون ضدهما الثانى والثالث
المدينين) بأن يدفعا للمدعى سليم خزام (المطعون ضده الأول) مبلغ 210 ج وفوائده بواقع
5% سنويا ابتداء من 15/ 9/ 1953 حتى السداد والمصاريف المناسبة وأسست حكمها على أن
التنفيذ العينى قد أصبح مستحيلا بخطأ المدين (الطاعن) بعد أن امتنع عن تسليم سندات
الدين بغير مبرر وأنه لذلك لم يبق إلا التنفيذ بطريق التعويض عملا بنص المادة 215 من
القانون المدنى وأن المحكمة تقدر التعويض المستحق نظير ما لحق المطعون ضده الأول من
خسارة وما فاته من كسب بالمبلغ الذى حكمت به واستندت المحكمة فى إلزام المدينين بدفع
هذا المبلغ مباشرة للمدعى (المطعون ضده الأول) إلى نص المادة 148 مرافعات. وقد استأنف
المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 334 سنة 76
ق وطلب فى صحيفة استئنافه تعديل الحكم المستأنف والقضاء بإلزام الطاعن بأن يدفع له
مبلغ 411 ج و500 م وفوائده القانونية من يوم المطالبة الرسمية وبصحة حجز ما للمدين
لدى الغير الموقع فى 24 ديسمبر سنة 1957 وجعله نافذا، وطلب الطاعن تأييد الحكم المستأنف
على أساس أن المادة الواجبة التطبيق فى تقدير التعويض هى المادة 310 من القانون المدنى
الواردة فى باب الحوالة والتى لا تجيز إلزام المحل فى حالة رجوع المحال له عليه بالضمان
إلا برد ما استولى عليه مع الفوائد والمصروفات وأن الحكم المستأنف حين قضى على المدينين
بدفع مبلغ التعويض للمستأنف مباشرة قد طبق المادة 148 مرافعات تطبيقا صحيحا. وبتاريخ
10 من ديسمبر سنة 1962 حكمت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف
ضده الأول (الطاعن) بأن يدفع للمستأنف (المطعون ضده الأول) مبلغ 411 ج و500 م والفوائد
القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 30/ 12/ 1957 حتى السداد
ومصروفات الدرجتين وعشرة جنيهات أتعابا عنهما ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات واحتفظت
فى أسبابها للطاعن بحق مطالبة المدينين بباقى قيمة السندات بدعوى مستقلة. طعن الطاعن
فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون
فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة تمسكت النيابة بهذا الرأى.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن فى أولها على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون وفى بيان ذلك يقول إن ذلك الحكم أسس قضاءه بالمبلغ الذى ألزمه به على نص المادتين
443 و444 من القانون المدنى الخاصتين بضمان استحقاق المبيع مع أن العقد الذى تم بينه
وبين المطعون ضده الأول هو عقد حوالة. وقد أورد المشرع بشأن الضمان فى الحوالة أحكاما
خاصة تغاير أحكام الضمان الواردة فى باب البيع ومن ثم فلا يجوز تطبيق هذه الأحكام الأخيرة
على الحوالة وأنه إذ كانت المادة 310 من القانون المدنى لا تجيز للمحال له فى حالة
رجوعه بالضمان على المحيل أن يحصل على أكثر مما استولى عليه الأخير مع الفوائد والمصروفات
وكان ما دفعه المطعون ضده الأول للطاعن مقابل الحوالة هو مبلغ 210 ج فإن الحكم المطعون
فيه إذ طبق على هذه الحوالة أحكام الضمان الواردة فى باب البيع فى المادتين 443 و444
من القانون المدنى وقضى على أساسها بإلزام الطاعن بمبلغ 411 ج و500 م وهو يزيد كثيرا
على المبلغ الذى استولى عليه كعوض للحوالة يكون مخالفا للقانون. ويتحصل السبب الثانى
فى أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور يبطله، ذلك أنه أسس قضاءه بإلزام الطاعن بمبلغ
411 ج و500 م قيمة السندات موضوع الحوالة على أن الطاعن حصل بعد صدور الحوالة منه على
حكم ضد المدينين المحال عليهما (المطعون ضدهما الثانى والثالث) فى الدعوى رقم 1607
سنة 1956 بندر طنطا واستئنافها رقم 235 لسنة 57 يقضى بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ مائتى
جنيه وذلك استنادا إلى سندين من السندات الخمسة التى كان قد حول حقه الثابت فيها إلى
المطعون ضده الأول هذا فى حين أن الحكم الصادر للطاعن فى تلك الدعوى هو عن دين آخر
لا شأن له بالدين موضوع الحوالة وقد أقر المدينان المحال عليهما فى الدعوى الحالية
بانشغال ذمتهما بالدين المحال به وبأنهما لم يسددا منه شيئا ولم يتمسكا بأى قضاء سابق
ضدهما لصالح الطاعن المحيل خاصا بهذا الدين المحال ومن ثم يكون استنتاج الحكم من اتفاق
السندين موضوع الدعوى رقم 1607 لسنة 56 بندر طنطا مع بعض السندات المحالة فى القيمة
وتواريخ الاستحقاق أن الدين المحكوم به فى الدعوى المذكورة هو جزء من الدين المحال
هو استنتاج خاطئ وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على هذا الاستنتاج ولم يرد على ما
ورد فى أسباب الحكم الابتدائى خاصا بإقرار المدينين المحال عليهما بمديونيتهما بالدين
المحال وبأنهما لم يسددا منه شيئا فإنه يكون مشوبا بالقصور.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن نفى ما ادعاه الطاعن من تسليمه سندات الدين المحال
به إلى محامى المطعون ضده الأول قال "إنه تبين من مطالعة القضية المنضمة للمفردات رقم
1607 لسنة 56 بندر طنطا أن المستأنف عليه الأول (الطاعن) أقام هذه الدعوى ضد المستأنف
عليهما الثالث والرابع (المطعون ضدهما الثانى والثالث) يطلب الحكم فيها بإلزامهما بأن
يدفعا له بملغ 200 ج مرتكنا فى ذلك إلى سندين إذنيين أحدهما بمبلغ 127 ج استحقاق 31/
10/ 1953 والآخر بمبلغ 100 ج استحقاق 30/ 9/ 1953 وقد قضى له بما طلب وتأيد هذا الحكم
فى الدعوى رقم 135 لسنة 57 استئناف طنطا، ويبين من ذلك أن السندين المذكورين هما ضمن
السندات التى تعهد المستأنف عليه الأول (الطاعن) أن يسلمها للمستأنف (المطعون ضده الأول)
كما يبين ذلك من قيمة كل سند وتاريخ استحقاقه وعدم ثبوت وجود معاملة أخرى بين الطرفين
بنفس القيمة وفى ذات تاريخ الاستحقاق مما يقطع بأن المستأنف عليه الأول لم يسلم السندات
الإذنية التى تعهد بتسليمها إلى المستأنف بل إنه عمد أكثر من ذلك إلى مطالبة المستأنف
عليهما الثالث والرابع بقيمة سندين منها وقد استحصل على حكم بذلك فى القضية سالفة الذكر
ومن ثم فقد استحق المستأنف عليه الأول (الطاعن) جزءا من المبيع لنفسه بلغ أكثر من النصف
حتى أن الجزء الباقى من الدين قد أصبح أقل من المبلغ الذى دفعه المستأنف. ومن ثم وإعمالا
لأحكام المادتين 443 و444 من القانون المدنى يكون للمشترى المستأنف أن يطالب المستأنف
عليه الأول بقيمة المبيع أى بمبلغ 411 ج و500 م والفوائد القانونية من وقت المطالبة
القضائية". ولما كان العقد المؤرخ 15 سبتمبر سنة 1953 الذى بمقتضاه حول الطاعن إلى
المطعون ضده الأول دينه المبين فى هذا العقد والمستحق له فى ذمة المطعون ضدهما الثانى
والثالث هو عقد حوالة حق وكان المشرع قد نظم أحكام الضمان فى هذه الحوالة بنصوص خاصة
فبين فى المادتين 308 و309 من القانون المدنى ما يضمنه المحيل وما لا يضمنه فى حالة
عدم وجود اتفاق خاص على هذا الضمان وحدد فى المادة 310 ما يلزم به المحيل فى حالة رجوع
المحال له بالضمان عليه طبقا للمادتين السابقتين ثم نص فى المادة 311 على ضمان المحيل
فى جميع الأحوال لأفعاله الشخصية. وفى هذه الحالة لا يقتصر حق المحال له فى التعويض
على استرداد ما دفعه للمحيل عوضا عن الحق المحال به مع الفوائد والمصروفات كما هو الحال
عندما يتحقق الضمان طبقا للمادتين 308 و309 بل يكون التعويض كاملا يشمل قيمة هذا الحق
كلها ولو زادت على ما دفعه المحال له للمحيل ويشمل أيضا التعويض عن أى ضرر آخر يلحق
بالمحال له من جراء فعل المحيل، ولما كان لا يجوز مع وجود هذه الأحكام الخاصة تطبيق
أحكام الضمان الواردة فى باب البيع على الحوالة فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق على واقعة
الدعوى أحكام المادتين 443 و444 من القانون المدنى الخاصتين بضمان استحقاق المبيع يكون
مخطئا فى القانون. لما كان ذلك وكان ما استنتجته محكمة الاستئناف من إطلاعها على أوراق
القضية رقم 1607 لسنة 56 بندر طنطا واستئنافها رقم 135 لسنة 57 من أن الدين المحكوم
به للطاعن فى تلك الدعوى هو جزء من الدين موضوع الحوالة الصادرة منه إلى المطعون ضده
الأول، هذا الإستنتاج فاسد لمناقضته لما هو ثابت فى أوراق الدعوى المذكورة من أن الطاعن
قد رفعها ضد المطعون ضدهما الأول والثانى وليس ضد الثانى والثالث كما توهم الحكم وطلب
إلزام ثانيهما بوصفه مدينا وأولهما بوصفه ضامنا متضامنا بأن يدفعا له مبلغ مائتى جنيه
إستنادا إلى سندين إذنيين موقع عليهما من المطعون ضده الثانى باعتباره مدينا ومؤرخين
23/ 4/ 1953 الأول بمبلغ 100 ج يستحق السداد فى 30/ 9/ 1953 والثانى بمبلغ 127 ج يستحق
السداد فى 31/ 10/ 1953 وإلى إقرار مؤرخ 21/ 9/ 1955 موقع عليه بإمضاء المطعون ضده
الأول يتضمن تضامنه مع أخيه المطعون ضده الثانى فى سداد مبلغ مائتى جنيه مطلوب الطاعن
من أخيه المذكور وقد دفع المطعون ضدهما الأول والثانى تلك الدعوى بأن السندين المطالب
بقيمتهما فيها من ضمن السندات الخمسة موضوع الحوالة الصادرة من الطاعن إلى المطعون
ضده الأول بالعقد المؤرخ 15 سبتمبر سنة 1953 وإنه لذلك لا تكون للطاعن صفة فى مطالبتهما
بأى قدر من قيمة هذين السندين بعد أن حولهما للمطعون ضده الأول، وقد بحثت المحكمة الإستئنافية
هذا الدفاع فى أسباب حكمها رقم 135 سنة 57 س طنطا وقررت أنه غير صحيح وإن الدين المطالب
به فى تلك الدعوى لا يدخل ضمن الديون التى حولها الطاعن إلى المطعون ضده الأول وكان
تقريرها هذا هو العلة التى انبنى عليها منطوق حكمها بتأييد الحكم المستأنف القاضى بإلزام
المطعون ضدهما الثانى بوصفه مدينا والاول بوصفه ضامنا متضامنا بمبلغ المائتى جنيه.
ولما كان الفصل فى تلك المسألة لازما للحكم فى الدعوى المذكورة وكانت أسباب ذلك الحكم
التى تضمنت هذا الفصل مؤديه للمنطوق ومكملة له فإنها تحوز مثله قوة الأمر المقضى بالنسبة
للمطعون ضده الأول الذى كان طرفا فى ذلك الحكم وتكون حجة عليه بما فصلت به فى المسألة
المذكورة ولا يجوز له نقض هذه القرينة بأى دليل عكسى كما لا يجوز للمحكمة أن تقضى على
خلافها فى الدعوى الحالية متى كان الطاعن قد تمسك فيها بحجية الحكم السابق وقدم صورة
منه للمحكمة على ما هو ثابت من مذكرته المقدمة لجلسة 21 أكتوبر سنة 1958 والمعلاه برقم
14 ملف ابتدائى. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن (المحيل) بالمبلغ
الذى ألزمه به على أن جزءا من الحق المحال به قد استحق بفعل الطاعن (المحيل) وكان ما
أورده الحكم فى شأن التدليل على حصول هذا الإستحقاق مبنيا على ما يخالف الثابت فى أوراق
القضية رقم 1607 لسنة 1956 التى استند إليها ويناقض القرينة القانونية القاطعة التى
تقوم عليها حجية الأمر المقضى للحكم الصادر فى تلك القضية فإن الحكم المطعون فيه يكون
مشوبا بالقصور وبمخالفة القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن ولا
يشفع له ما أورده بشأن إمتناع الطاعن عن تسليم السندات المثبتة للحق المحال به ذلك
أن هذا الإمتناع لا يجيز الرجوع عليه بالضمان إلا إذا ترتب عليه استحالة استيفاء المحال
له الحق المحال من المدنيين المحال عليهما (المطعون ضدهما الثانى والثالث) إذ يعتبر
عندئذ عائقا يحول دون حصول المحال له على هذا الحق فيضمنه المحيل متى كان بفعله الشخصى،
وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يبحث مدى توفر هذه الاستحالة ولم يدل برأيه فيما إذا
كانت تقوم مع ما قرره من اعتراف المطعون ضدهما الثانى والثالث بالحوالة وعدم إنكارهما
إنشغال ذمتهما بالدين المحال أو لا تقوم فإن هذا الذى قرره عن امتناع الطاعن عن تسليم
سندات الدين لا يصلح لإقامة قضائه.
