الطعن رقم 337 لسنة 30 ق – جلسة 26 /01 /1967
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الاول – السنة 18 – صـ 215
جلسة 26 من يناير سنة 1967
برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وحافظ محمد بدوى، وعباس عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.
الطعن رقم 337 لسنة 30 القضائية
( أ ) محكمة الموضوع "سلطتها فى تفسير الاتفاقات".
لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تفسير الاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه
أوفى إلى نية عاقديها مستهدية بظروف الدعوى دون رقابة لمحكمة النقض عليها فى ذلك ما
دامت لا تخرج فى تفسيرها عن المعنى الذى تحتمله عبارات الاتفاق.
(ب) عقد. "التراضى". "الإتفاق على المسائل الجوهرية".
إتفاق الطرفين على جميع المسائل الجوهرية مع احتفاظهما بمسائل تفصيلية يتفقان عليها
فيما بعد. عدم اشتراطهما أن العقد لا يتم إلا عند الاتفاق عليها. تمام العقد. وللطرفين
أن يلجآ إلى المحكمة للفصل فى خلافهما حول المسائل التفصيلية.
(جـ) إستئناف. "الإستئناف الفرعى". بطلان.
توجيه الاستئناف الفرعى إلى الطاعنة – رافعة الاستئناف الأصلى – بصفتها الشخصية وبصفتها
نائبة عن زوجها. قبول الاستئناف الفرعى بالنسبة للصفة الأولى وهى التى رفعت بها الاستئناف
الأصلى. إنكار المستأنفة نيابتها فى التقاضى عن زوجها السابق. ليس لها – فى الطعن بالنقض
– أن تثير أمر بطلان الاستئناف الموجه إليه.
(د) عقد. "فسخ العقد" "الشرط الفاسخ الضمنى".
التأخير فى الوفاء بالمبلغ المتفق عليه فى عقد الصلح لا يترتب عليه حتما فسخ العقد
عند عدم وجود الشرط الفاسخ الصريح. أمر الفسخ فى هذه الحالة خاضع لتقدير محكمة الموضوع.
شرط القضاء به أن يظل المدين متخلفا عن الوفاء حتى صدور الحكم فى الدعوى سواء أعذر
بالوفاء أم لا.
(هـ) إلتزام. "إنقضاء الإلتزام". وفاء. "العرض الحقيقى والإيداع".
تقييد العرض الحقيقى والإيداع بشروط لا تخالف النظام العام ويستلزمها الدين المعروض
وليس فيها ما يخالف طبيعة العرض. إستخلاص محكمة الاستئناف – بأسباب سائغة – أن رفض
الدائن قبول الوفاء المعروض عرضا صحيحا كان بغير مبرر وأن الإيداع الذى تلاه كان صحيحا.
براءة ذمة المدين مما التزم به.
1 – لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تفسير الإتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما
تراه أوفى إلى نية عاقديها مستهديه فى ذلك بظروف الدعوى وملابساتها ولا رقابة لمحكمة
النقض عليها فى ذلك ما دامت لا تخرج فى تفسيرها عن المعنى الذى تحتمله عبارات الإتفاق.
2 – إذا اتفق طرفا العقد على جميع المسائل الجوهرية واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان
عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الإتفاق عليها أعتبر العقد قد تم
وإذا قام بينهما خلاف على المسائل التى أرجئ الإتفاق عليها كان لهما أن يلجآ إلى المحكمة
للفصل فيه.
3 – متى وجه الإستئناف الفرعى إلى الطاعنة – رافعة الإستئناف الأصلى – بصفتها الشخصية
وبصفتها نائبة عن زوجها فإنه يكون مقبولا بالنسبة لها بصفتها الأولى وهى الصفة التى
رفعت بها استئنافها الأصلى ويكون لمحكمة الإستئناف أن تنظره على هذا الإعتبار وليس
للطاعنة ما دامت تنكر نيابتها فى التقاضى عن زوجها السابق أن تثير أمر بطلان الاستئناف
الموجه إليه.
4 – متى كان عقد الصلح لم يتضمن شرطا فاسخا صريحا يقضى بفسخ العقد عند التأخير فى الوفاء
بالمبلغ المتفق عليه فإن هذا التأخير لا يترتب عليه حتما فسخ العقد بل يكون أمر الفسخ
فى هذه الحالة خاضعا لتقدير محكمة الموضوع ويشترط للقضاء به أن يظل المدين متخلفا عن
الوفاء حتى صدور الحكم فى الدعوى وذلك سواء كان الدائن قد أعذره بالوفاء أو لم يعذره.
5 – إذا كانت الشروط التى قيد بها العرض الحقيقى والإيداع ليس فيها ما يخالف النظام
العام أو يتنافى مع مقتضى ومرمى الصلح الذى تم بين الطرفين بل هى شروط يستلزمها الدين
المعروض ولا تخالف طبيعة العرض، وكانت محكمة الإستئناف قد انتهت فى حدود سلطتها التقديرية
– بأسباب سائغة – إلى أن رفض الدائن قبول الوفاء المعروض عليه عرضا صحيحا كان بغير
مبرر وأن الإيداع الذى تلا هذا العرض كان صحيحا وتم وفقا للقانون فإنها إذ إعتبرت ذمة
المدين قد برئت من المبلغ المودع – الذى التزم به فى عقد الصلح – تكون قد طبقت القانون
تطبيقا صحيحا.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى
أنه بتاريخ 24 من ديسمبر سنة 1933 توفى المرحوم أرداشيس جرابيديان وترك وصية كان قد
حررها فى 19 ديسمبر سنة 1932 أمام موثق العقود بمدينة افيان الحمامات بفرنسا أوصى فيها
بمعظم تركته إلى زوجته وابن أخيه المطعون ضدهما الأولين – فلجأت الطاعنة إلى القضاء
الشرعى بطلب الحكم باثبات بنوتها له، فقضت المحكمة العليا الشرعية فى 4 فبراير سنة
1936 بعدم سماع دعواها للإنكار – فأقامت دعوى أخرى عن ذات الموضوع أمام محكمة بيزانسون
بفرنسا قضى فيها بعدم جواز نظرها لتقديمها بعد المواعيد المقررة فى القانون الفرنسى،
ثم اتجهت الطاعنة إلى القضاء المختلط فرفعت الدعوى رقم 9099 سنة 53 ق كلى مختلط القاهرة
على المطعون ضدهم بطلب استحقاقها لتركة المرحوم ارداشيس جرابيديان باعتبارها ابنته
والوارثة الوحيدة له وقد انتهت تلك الدعوى صلحا بين الطرفين وصدقت المحكمة بجلسة 29
يونيه سنة 1939 على عقد الصلح المؤرخ 27 يونيه سنة 1939 الذى بمقتضاه تنازلت الطاعنة
عن جميع حقوقها فى التركة مقابل مبلغ 4000 ج قبضت منه مبلغ 800 ج وقت التصديق على الصلح
والباقى وقدره 3200 ج يدفع لها فى 27 يونيه سنة 1940، وحصلت الطاعنة بمقتضى هذا الصلح
على أمر بالإختصاص على أعيان التركة، وسارت فى إجراءات التنفيذ العقارى غير أن المطعون
ضدهم – تفاديا من استمرار الطاعنة فى السير فى تلك الإجراءات – عرضوا عليها – بوساطة
الشركة العقارية مبلغ 3289 ج و703 م عرضا حقيقيا، فلم تقبله فأودع خزانة المحكمة فى
3 يونيه سنة 1943 برقم 48090، ثم رفعت الطاعنة الدعوى رقم 342 سنة 72 ق مختلط القاهرة
على المطعون ضدهم طلبت فيها الحكم باعتبار المرحوم ارداشيس جرابيديان روسى الجنسية
وإثبات بنوتها له طبقا للقانون السوفيتى مع إلزام تركته بأن تدفع لها مبلغ 3000 ج كنفقة
مؤقتة، وبتاريخ 34 مايو سنة 1948 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية المختلطة بعدم اختصاصها
بالفصل فى مسألتى الجنسية والنسب وبإلزام المطعون ضدهم بأن يدفعوا للطاعنة من أموال
التركة مبلغ 1000 ج نفقة مؤقتة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 528 سنة
73 ق س مختلط، كما استأنفه المطعون ضدهم، ونظر الاستئنافان أمام محكمة الاستئناف المختلطة
بجلسة 12 مايو سنة 1949 وفيها عرض محامى المطعون ضده الأول على الطاعنة مبلغ 11000
ج علاوة على ما قبضته بمقتضى الصلح السابق الحاصل فى القضية رقم 9099 سنة 53 ق مختلط
القاهرة – يدفع منه 5000 ج خلال خمسة أيام من تاريخ تلك الجلسة والباقى وقدره 6000
ج يدفع خلال ثلاثة شهور، وتعهد المطعون ضده الأول بدفع مبلغ إضافى قدره 500 ج فى حالة
عدم الوفاء بمبلغ الستة آلاف جنيه فى الميعاد المتفق عليه، وعلى أن تتنازل الطاعنة
عن نفسها وبالنيابة عن زوجها السابق جان بوشيل – باعتبارهما خاضعين لنظام الأموال المشتركة
طبقا للقانون المدنى الفرنسى – عن مطالبة تركة ارداشيس جرابيديان بأى شئ. وقد قبلت
الطاعنة هذا العرض على النحو المبين بمحضر الجلسة المذكور، ووقع أطراف الخصومة على
ذلك المحضر وأجلت الدعوى لجلسة 16 يونيه سنة 1949 وفيها اعترضت الطاعنة على الصلح استنادا
إلى أنها أبرمت مع المطعون ضده الأول صلحا آخر فى 6 يونيه سنة 1949 فى بلدة مرسيليا
ولم تقرها المحكمة على ذلك وحكمت بالتصديق على محضر الصلح الثابت بمحضر جلسة 12 مايو
سنة 1949 وكانت الطاعنة أثناء نظر الاستئناف المذكور قد أقامت الدعوى الحالية على المطعون
ضدهم أمام محكمة مصر المختلطة طالبة الحكم باستحقاقها لجميع ممتلكات ارداشيس جرابيديان
المبينة بصحيفة الدعوى رقم 9099 سنة 53 ق مختلط وأحيلت الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية
بعد إلغاء نظام القضاء المختلط وقيدت بجدولها برقم 5090 سنة 1949 وتمسك المطعون ضده
الأول فى دفاعه بحجية محضر الصلح المصدق عليه من محكمة الاستئناف المختلط فى 16 يونيه
سنة 1949 وقدم طلبا عارضا فى مذكرته المقدمة فى 11 نوفمبر سنة 1950 ببراءة ذمته من
مبلغ الصلح وقدره 11000 جنيه ومبلغ الخمسمائة جنيه التى التزم بدفعها فى حالة التأخير
فى الوفاء بمبلغ الصلح فى الميعاد المتفق عليه، كما طلب الحكم بعدم أحقية الطاعنة وزوجها
جان بوشيل فى مطالبة الورثة بأى مبلغ وشطب جميع القيود والتسجيلات التى أوقعتها على
أعيان التركة واستند المطعون ضده الأول فى طلب براءة الذمة إلى أن الطاعنة صرفت فى
أول يونيه سنة 1950 من خزينة محكمة القاهرة الابتدائية مبلغ 2284 ج و475 م باقى الوديعة
رقم 48090 واستلمت مبلغ 200 جنيه بمقتضى إيصال وإنه عرض عليها فى 3 يونيه سنة 1950
باقى مبلغ الصلح وقدره 9065 ج و545 م عرضا حقيقيا أمام موثق العقود بمكتب الشهر العقارى
بالقاهرة بشرط أن تقرر بتنازلها عن كل حقوقها وادعاءاتها قبل تركة ارداشيس جرابيديان
وشطب كافة التسجيلات والقيود ورفع الحجوزات التى أوقعتها على التركة، وقد رفضت التوقيع
على هذا التنازل وامتنعت عن استلام المبلغ المعروض وإزاء ذلك قام بإيداعه فى 5 يونيه
سنة 1950 خزانة محكمة القاهرة الابتدائية بعد خصم مبلغ 91 ج و745 م رسم الإيداع، وبتاريخ
14 يوليه سنة 1950 عدلت الطاعنة طلباتها إلى طلب الحكم بانطباق القانون السوفيتى على
تركة ارداشيس جرابيدان وانحصار هذه التركة فيها باعتبارها ابنته والوارثة الوحيدة له
وطلبت فى مذكرتها المؤرخة 30 مايو سنة 1951 الحكم ببطلان إجراءات العرض والإيداع واعتبارهما
غير مبرئين لذمة المطعون ضده الأول. وبتاريخ 9 يونيه سنة 1951 حكمت محكمة الدرجة الأولى
(أولا) بعدم قبول طلب الطاعنة الخاص باستحقاقها لتركة ارداشيس جرابيديان المؤسس على
الادعاء ببنوتها منه وبرفض باقى طلباتها الأخرى لقيامها على غير أساس وألزمتها مصروفات
دعواها (ثانيا) فى الطلبات الفرعية المبداه من المدعى عليه بول جرابيديان باعتبار ذمته
قد برئت نهائيا حيال المدعية هديت بوشيل (الطاعنة) من المبلغ الذى التزم به بمقتضى
عقد الصلح المؤرخ 12 مايو سنة 1949 وإلزام الطاعنة بشطب كافة القيود والتسجيلات والأعباء
التى أوقعتها نفاذا لعقد الصلح المؤرخ 27 يونيه سنة 1939 المصدق عليه فى 29 يونيه سنة
1939 من محكمة مصر المختلطة فى الدعوى رقم 9099 سنة 53 ق مختلط وبرفض باقى طلباته الأخرى.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 744 سنة 68 ق القاهرة كما رفع المطعون ضده
الأول إستئنافا فرعيا قيد برقم 875 سنة 68 ق القاهرة ومحكمة الإستئناف قضت بتاريخ 24
يونيه سنة 1952 فى موضوع الاستئنافين برفض الإستئناف الأصلى وتأييد الحكم المستأنف
وفى الاستئناف الفرعى بتعديل الحكم المستأنف وبأحقية الطاعنة فى صرف المبالغ المودعة
على ذمتها وذمة زوجها تحت رقم 48090 محكمة مصر المختلطة فى 3 يونيه سنة 1943 وتحت رقم
171 بخزانة محكمة القاهرة الابتدائية بتاريخ 5 يوليه سنة 1950 وببراءة ذمة المطعون
ضده الأول نهائيا من المبلغ الذى التزم به فى عقد الصلح المؤرخ 12 مايو سنة 1949 وبشطب
جميع القيود والتسجيلات والاعتراضات التى أوقعتها الطاعنة وزوجها جان بوشيل على أعيان
التركة نفاذا لعقد الصلح الحاصل فى 27 يونيه سنة 1939 ورخصت لمصلحة الشهر العقارى بإجراء
هذا الشطب. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 150 سنة 23 ق وقضت
محكمة النقض فى 22 يناير سنة 1959 بنقض الحكم لعدم تلاوة تقرير التلخيص وإعادة القضية
لمحكمة الاستئناف ومحكمة الإحالة قضت بتاريخ 26 مايو سنة 1960 ببطلان الحكم المستأنف
لعدم تلاوة تقرير التلخيص وفى موضوع الإستئنافين برفض جميع طلبات الطاعنة وبراءة ذمة
المطعون ضده الأول من المبلغ الذى التزم به بمقتضى عقد الصلح المؤرخ 12 مايو سنة 1949
للطاعنة، وإلزامها بشطب كافة القيود والتسجيلات والأعباء التى أوقعتها نفاذا لعقد الصلح
المحرر فى 27/ 6/ 1939 والمصدق عليه فى 29/ 6/ 1939 من محكمة مصر المختلطة فى الدعوى
رقم 9099 سنة 53 ق مختلط وبإلغاء جميع الحجوز التى أوقعتها باسمها أو باسم زوجها ضد
المطعون ضدهم ورفض باقى طلبات المطعون ضده الأول، طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق
النقض بتقرير فى 26 يونيه سنة 1960 وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم فى خصوص
السبب الخامس، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة
المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب يتحصل السبب الأول فى النعى على الحكم المطعون فيه
بالبطلان، ذلك أن محكمة النقض قضت فى الطعن رقم 150 سنة 23 ق بنقض حكم محكمة الاستئناف
الصادر فى 24 يونيه سنة 1952 وإحالة الدعوى إلى تلك المحكمة للفصل فيها من جديد، وهذا
كان يقتضى أن يعين رئيس المحكمة مستشارا مقررا من بين أعضاء الدائرة الجديدة لوضع تقرير
يلخص فيه موضوع الإستئناف وطلبات الخصوم وأسانيد كل منهم ودفوعهم ودفاعهم، إلا أن محكمة
الإحالة أغلفت هذا الإجراء الجوهرى واكتفت بتلاوة تقرير التلخيص الذى كان قد وضعه أحد
أعضاء الدائرة الاستئنافية التى أصدرت الحكم المنقوض وفى هذا ما يجعل الحكم المطعون
فيه باطلا طبقا للمادتين 116، 407 مكرر من هذا القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن كل ما أوجبته المادتان 407 مكرر، 408 مكرر من قانون المرافعات
قبل إلغائهما بالقانون رقم 100 لسنة 1962 هو أن يضع العضو المقرر فى الدائرة الاستئنافية
تقريرا يلخص فيه موضوع الاستئناف وطلبات الخصوم وأسانيد كل منهم ودفوعهم ودفاعهم وأن
يتلى هذا التقرير فى الجلسة قبل بدء المرافعة – ولئن كان يجب تلاوة التقرير من جديد
بعد عودة القضية من محكمة النقض إلى محكمة الاستئناف، وذلك بسبب تغيير هيئة المحكمة
إلا أنه لا يشترط أن يكون التقرير الذى يتلى فى هذه الحالة من عمل أحد أعضاء الهيئة
الجديدة بل يكفى تلاوة التقرير الذى وضعه العضو المقرر الأول لأن تلاوة هذا التقرير
تفيد أن العضو الذى تلاه قد أقره وتبناه ولم يجد داعيا لوضع تقرير جديد، وتتحقق بهذه
التلاوة الغاية التى يهدف إليها المشرع من إيجاب وضع التقرير وتلاوته – لما كان ذلك
وكان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن التقرير تلى بجلسة المرافعة التى حجزت
فيها الدعوى للحكم فإن النعى على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى فى السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تكييف الاتفاق
الوارد بمحضر جلسة 12 مايو سنة 1949 بالقضية رقم 528 سنة 73 إستئناف مختلط، وفى بيان
ذلك تقول أن الحكم اعتبر ما ورد بمحضر تلك الجلسة عقد صلح متوافر الأركان ملزما للطاعنة
مع أن مؤدى ما جاء بمحضر الجلسة المذكور أن الطرفين علقا إتمام الصلح على تحرير عقد
بشروطه التى يتم الاتفاق عليها بينهما فيما بعد وأن ما عرضه الأستاذ زنانيرى وكيل المطعون
ضده الأول بتلك الجلسة لم يكن إلا مجرد إقتراحات وافقت الطاعنة عليها مبدئيا كأساس
للصلح وعلقت موافقتها النهائية على قبولها الشروط التى سيعرضها عليها المطعون ضده الأول،
ولما بين الأستاذ زنانيرى المحامى هذه الشروط فى إنذاره الذى وجهه إليها فى 29 سبتمبر
سنة 1949 وفى مشروع الصلح الذى أرفقه بهذا الإنذار رفضت التوقيع على هذا المشروع لأنه
يتضمن شرط تنازلها عن نسبها للمرحوم ارداشيس جرابيديان وهو شرط باطل لتعلق مسائل النسب
بالنظام العام مما لا يصح معه أن تكون محل إتفاق، وبالتالى يكون ما عرضه الأستاذ زنانيرى
بمحضر الجلسة المشار إليه وفى إنذاره مجرد عرض لم تقبله الطاعنة ومن ثم فلم ينعقد الصلح
لعدم تلاقى الإرادتين عليه ويكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من إنعقاد الصلح ولزومه
مخالفا للقانون وللتكييف الصحيح لما جاء بمحضر الجلسة المذكور ولا يؤثر فى بطلان هذا
الصلح ما قرره الحكم المطعون فيه من أن محكمة الاستئناف المختلط قد صدقت عليه لأن هذا
التصديق لم يكن إلا على مشروع صلح معلق إتمامه على تحرير عقد صلح نهائى وليس من شأن
هذا التصديق أن يزيل ما شابه من بطلان سيما وأن التصديق تم رغم اعتراض الطاعنة عليه.
ويتحصل السبب الرابع فى أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت فى الأوراق فيما قرره من
أن أمر بنوة الطاعنة قد فصلت فيه المحكمة المختصة بعدم أحقيتها فيها وأنه لا يبقى بعد
ذلك إلا إدعاءها البنوة الطبيعية وهى لا تتفق مع قواعد النظام فى مصر، ذلك أنه لم يصدر
أى حكم برفض طلب ثبوت بنوة الطاعنة موضوعا لأن المحكمة العليا الشرعية إنما قضت فى
24 فبراير سنة 1936 بعدم جواز سماع دعواها للإنكار ولم تتعرض لموضوع البنوة فى ذاته،
كما أن محكمة بيزانسون الفرنسية قضت بعدم قبول دعوى البنوة لرفعها بعد الميعاد دون
أن تتعرض هى الأخرى لموضوع البنوة، أما المحاكم المختلطة فلم تحكم فى دعوى النسب لأنها
رأتها خارجة عن اختصاصها، ومن ثم فإن حق الطاعنة فى إثبات بنوتها ظل حتى الآن قائما
لم يصدر أى حكم بنفيه خلافا لما قرره الحكم المطعون فيه، كما أن ما قرره هذا الحكم
من أن الصلح اقتصر على عدم إدعاء الطاعنة بأى حق فى التركة أو قبل الورثة وأنها ادعت
البنوة الطبيعية يخالف الثابت فى الأوراق لأن وكيل المطعون ضده الأول الأستاذ زنانيرى
قد طلب من الطاعنة فى إنذاره الموجه إليها فى 29/ 9/ 1949 وفى مشروع الصلح المرفق به
التنازل عن البنوة كشرط لازم لإبرام الصلح كما أن الطاعنة لم تدع البنوة الطبيعية وإنما
تمسكت ببنوتها الشرعية لأرداشيس جرابيديان وبأنها لذلك الوارثة الوحيدة له.
وحيث إن النعى بهذين السببين غير صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر فى هذا الخصوص
ما يأتى: "وحيث إن جوهر النزاع بين الطرفين هو بحث ما إذا كان اتفاق 12 مايو سنة 1949
يعتبر صلحا ملزما للطرفين من عدمه وهل قام المستأنف ضده الأول (المطعون ضده الأول)
بتنفيذ الالتزامات التى رتبها هذا الصلح على عاتقه بحيث إن ذمته قد أصبحت بريئة منها
– وحيث إن الثابت من محضر جلسة 12 مايو سنة 1949 فى القضية رقم 528 سنة 73 ق استئناف
مختلط أنه تضمن فى عبارات صريحة قبول المستأنف أصليا (الطاعنة) للصلح على مبلغ 11000
جنيه نظير تنازلها عن ادعائها بأى حق فى التركة، وهذا الصلح ملزم للطرفين وقد صدقت
عليه المحكمة فلا يجوز لأحد الطرفين نقضه بغير مبرر قانونى، وأنه وإن كان أشير فيه
إلى اتفاق تال فليس معنى هذا تعليق الصلح الثابت فى محضر الجلسة المذكور على اتفاق
لاحق من نوع جديد، بل إن المقصود بذلك على ما هو واضح من جميع عبارات ذلك المحضر وأوراق
الدعوى وخصوصا من التعبير عن تلك الإجراءات التالية بأنها: Modalites de la transaction
أى أوصاف وتفاصيل الصلح هو تعاون الطرفين فيما بينهما على تفاصيل تنفيذ الشروط الأساسية
للصلح الحاصل بينهما فى موضوع الدعوى فى يوم 12 مايو سنة 1949 كما تقدم، وليس للمستأنفة
الأصلية (الطاعنة) لذلك أن تعتبر ذلك الصلح لا يزال فى حاجة لأى اتفاق جديد لقيامه
أو إلزام الطرفين به، وحيث إنه لا يقدح فى ذلك أن الصلح تناول تنازل المستأنفة (الطاعنة)
عن حقوقها فى التركة، وهذه مترتبة على إدعائها البنوة للمتوفى وحقها فى هذه البنوة
من الحقوق الشخصية التى لا يجوز التنازل عنها لمساس ذلك بالنظام العام، ذلك لأنه فضلا
عن أن الصلح اقتصر على عدم إدعاء المستأنفة (الطاعنة) بأى حق فى التركة، فان أمر هذه
البنوة قد فصلت فيه المحكمة المختصة كما تقدم بعدم أحقية المستأنفة (الطاعنة) فيها
فلم يبق لها بعد ذلك إلا الإدعاء بالبنوة الطبيعية وهذا الادعاء فى حد ذاته لا يعتبر
من الحقوق الشخصية التى لا يجوز التنازل عنها فضلا عن أن البنوة الطبيعية لا تتفق مع
قواعد النظام العام فى مصر". ولما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تفسير الاتفاقات
والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها – مستهدية فى ذلك بظروف الدعوى
وملابساتها ولا رقابة لمحكمة النقض عليها فى ذلك ما دامت لا تخرج فى تفسيرها عن المعنى
الذى تحتمله عبارات الاتفاق – ولما كان الثابت من الصورة الرسمية المقدمة بملف الطعن
لمحضر جلسة 12 مايو سنة 1949 فى الاستئناف رقم 528 سنة 73 ق مختلط أن الأستاذ زنانيرى
وكيل بول جرابيديان – المطعون ضده الأول – عرض على الطاعنة عرضا باتا أن يدفع لها مبلغ
أحد عشر ألف جنيه منه 5000 ج تدفع فى خلال ثلاثة أيام من تاريخ هذا المحضر وستة آلاف
جنيه تدفع خلال ثلاثة شهور وقد أعلنت الطاعنة فى هذا المحضر قبولها لهذا العرض وأنها
مقابل إبرام هذا الصلح والوفاء بالمبالغ الواردة به تقرر عن نفسها وبالنيابة عن زوجها
السابق بمقتضى السلطات الممنوحة لها منه، قبولها التنازل عن كل مطالبة ضد ورثة ارداشيس
جرابيديان بوجه عام وضد بول جرابيديان بصفة خاصة كما تعهدت بأن تتعاون فى الإجراءات
اللازمة لسحب المبالغ المودعة ولعقد السلفة التى قد يقترضها بول جرابيديان ليتمكن من
دفع مبلغ الستة آلاف جنيه لها واتبع هذا بالنص فى المحضر على أن سائر الأوضاع الأخرى
للصلح Autre Modalites de Transaction سيقوم الطرفان بمناقشتها مباشرة فى القاهرة.
وكان ما استخلصته محكمة الإستئناف من عبارات الاتفاق المثبتة بمحضر تلك الجلسة من أنه
ينطوى على صلح ملزم لطرفيه وأنه لم يعلق إتمامه على إتفاق آخر لاحق وأن ما عناه الطرفان
بأوضاع الصلح الأخرى Modalites التى سيجرى مناقشتها فيما بعد هى المسائل التفصيلية
الخاصة بتنفيذ الصلح الذى تم بينهما ولم يقصد الطرفان تعليق إتمام عقد الصلح على الإتفاق
على تلك المسائل – هذا الذى استخلصته المحكمة هو تفسير سائغ تحتمله عبارات ذلك الاتفاق،
وقد بينت المحكمة فى حكمها الاعتبارات المعقولة المؤدية إليه، وكان ما انتهت إليه من
أن إرجاء الاتفاق على تلك المسائل التفصيلية لا يحول دون إعتبار الصلح قد تم وأصبح
ملزما لطرفيه لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أنه إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية
واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم
الاتفاق عليها أعتبر العقد قد تم وإذا قام بينهما خلاف على المسائل التى أرجئ الاتفاق
عليها كان لهما أن يلجآ إلى المحكمة للفصل فيه – لما كان ذلك، وكان ما تضمنه الصلح
من تنازل الطاعنة عن كل مطالبة لها ضد ورثة ارداشيس جرابيديان لا يعتبر تنازلا عن النسب
ذاته وإنما عن الحقوق المالية المترتبة على إدعائه، وهذه الحقوق مما يجوز الصلح عليها
كصريح نص المادة 654 من القانون المدنى المختلط الذى يحكم عقد الصلح المتنازع بشأنه،
أما إدعاء الطاعنة بأن مشروع عقد الصلح الذى أرفقه الأستاذ زنانيرى بالإنذار الذى وجهه
إليها فى 29 سبتمبر سنة 1949 يتضمن إقرارها بالتنازل عن حقها فى النسب فإنه بفرض أن
هذا المشروع يحوى عبارات بهذا المعنى فإن الأستاذ زنانيرى عندما أنذر الطاعنة فى 27
مايو سنة 1950 بالحضور فى يوم أول يونيه سنة 1950 أمام موثق العقود بمصلحة الشهر العقارى
لتسلم المبلغ الذى إلتزم موكله فى عقد الصلح بدفعه لها لم يشترط فى هذا الإنذار كما
يبين من صورته الرسمية المودعة بملف الطعن سوى توقيعها على عقد الصلح المتضمن تنازلها
عن كل حقوقها أو إدعاءاتها قبل تركة أرداشيس جرابيديان وشطب كل التسجيلات والقيود ورفع
الحجوزات، كما أنه حين عرض عليها هذا المبلغ عرضا حقيقيا أمام الموثق فى يومى أول وثلاثة
من يونيه سنة 1950 لم يقيد هذا العرض – على ما يبين من الصورة الرسمية لمحضره – إلا
بطلب توقيع الطاعنة على عقد يتضمن إقرارها بالتخالص مما هو مطلوب لها وفقا لحكم محكمة
الإستئناف المختلطة الصادر فى 16 يونيه سنة 1949 وشطب جميع القيود والإختصاصات – ولما
رفضت الطاعنة قبول الوفاء المعروض بغير مبرر قام الأستاذ زنانيرى بإيداع المبلغ المعروض
خزانة المحكمة بموجب محضر إيداع تاريخه 25 يوليه سنة 1950 يبين من صورته الرسمية المقدمة
بملف الطعن أن المودع قيد صرف المبلغ المودع للطاعنة بشرطين أولهما أن تقدم لقلم الكتاب
شهادة من مصلحة الشهر العقارى تفيد شطب القيود والتسجيلات المبينة فى محضر الإيداع
والشرط الثانى أن توقع على الاقرار المبين نصه فى هذا المحضر وهو يتضمن تنازلها وزوجها
جان بوشيل عن جميع الحقوق والقضايا والادعاءات أيا كانت فى خصوص تركة المرحوم أرداشيس
جرابيديان سواء كانت مبنية على إدعاء النسب لهذا الأخير أو على أى سبب أخر سواء قبل
بول جرابيديان أو قبل من آلت لهم هذه التركة عن طريق الوصية أو الميراث الشرعى أو أى
سبب آخر، ولما كانت الشروط والقيود المنصوص عليها فى الإنذار المؤرخ 27 مايو سنة 1950
وفى محضر العرض الحقيقى المؤرخ 3 يونيه سنة 1950 وفى محضر الإيداع المؤرخ 5 يوليه سنة
1950 وهى الشروط والقيود السابق بيانها جائزة قانونا لأن التنازل الذى طلب فى هذه الأوراق
الثلاثة من الطاعنة الإقرار به إنما هو عن الحقوق المالية المترتبة على إدعائها البنوة
والتى يجوز الصلح عليها، وليس عن حقها فى هذه البنوة، فإن تحدى الطاعنة بما تضمنه مشروع
الصلح المرفق بالإنذار الموجه إليها فى 29 سبتمبر سنة 1949 يكون غير منتج ما دام المطعون
ضده الأول لم يتمسك بالشروط الواردة فى هذا المشروع وجاء عرضه الحقيقى للمبلغ الذى
إلتزم به فى عقد الصلح وإيداعه له خاليين من أى شرط خاص بتنازل الطاعنة عن حقها فى
البنوة – لما كان ذلك، فإن النعى بالسبب الثانى يكون على غير أساس – كما أنه ما دام
الحكم قد انتهى بأسباب كافية وصحيحة إلى أن الصلح انعقد صحيحا بين الطرفين وأنه ليس
فى الشروط التى تضمنها ما يخالف النظام العام فإن ما ورد فى أسبابه بعد ذلك خاصا بالفصل
فى أمر البنوة من المحكمة المختصة وبحكم البنوة الطبيعية فى القانون المصرى يعتبر استطرادا
زائدا عن حاجة الدعوى يستقيم الحكم بدونه ومن ثم فإن الخطأ فيه بفرض حصوله لا يؤثر
على سلامة الحكم وبالتالى يكون النعى عليه بالسبب الرابع غير منتج.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل فى النعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون وفى بيان
ذلك تقول الطاعنة إنها دفعت ببطلان الاستئناف الفرعى الموجه إليها من المطعون ضده الأول
عن نفسها وبصفتها ممثلة لزوجها جان بوشيل بطلب الحكم بشطب القيود والتسجيلات التى أوقعتها
على أعيان التركة، وذلك على أساس أنها رفعت الإستئناف الأصلى على المطعون ضده الأول
بصفتها الشخصية فلا يجوز توجيه الإستئناف الفرعى إليها بغير هذه الصفة وإذ قضى الحكم
المطعون فيه للمطعون ضده الأول بطلباته التى رفع بشأنها الإستئناف الفرعى دون أن يعرض
لهذا الدفع فانه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن الإستئناف الفرعى الذى رفعه المطعون ضده الأول وقد وجه
إلى الطاعنة رافعة الإستئناف الأصلى بصفتها الشخصية وبصفتها نائبة عن زوجها جان بوشيل
فانه يكون مقبولا بالنسبة لها بصفتها الأولى وهى الصفة التى رفعت بها إستئنافها الأصلى
ويكون لمحكمة الاستئناف أن تنظره على هذا الاعتبار – وليس للطاعنة ما دامت تنكر نيابتها
فى التقاضى عن زوجها السابق جان بوشيل أن تثير أمر بطلان الاستئناف الموجه إليه – على
أنه إذ كان لم يترتب على قبول الإستئناف الفرعى الحكم على الطاعنة أو زوجها بشئ غير
ما قضى به الحكم المستأنف لأن كل ما زاده الحكم المطعون فيه فى منطوقه هو بيان القيود
والتسجيلات والأعباء التى أوقعتها المدعية نفاذا لعقد الصلح المحرر فى 27/ 6/ 1939
والمصدق عليه بتاريخ 29/ 6/ 1939 من محكمة مصر المختلطة، وهى جميعها تشملها عبارة "كافة
القيود والتسجيلات والأعباء التى أوقعتها المدعية نفاذا لعقد الصلح المؤرخ 27 يونيه
سنة 1939" الواردة فى منطوق الحكم الإبتدائى فإن النعى على الحكم المطعون فيه بخطئه
فى قبول الاستئناف الفرعى بالنسبة لجان بوشيل يكون أيضا غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك أنه قضى بصحة العرض
الحاصل فى 3 يونية سنة 1950 وبصحة الإيداع الذى تلاه فى 5 يوليه سنة 1950 مع أن هذا
العرض حصل بعد فوات الميعاد المتفق عليه فى مشروع محضر الصلح المؤرخ 12 مايو سنة 1949
الذى التزم فيه المطعون ضده الأول بأن يدفع للطاعنة مبلغ 5000 ج فى ميعاد خمسة أيام
من تاريخ المحضر المذكور ومبلغ 6000 ج خلال ثلاثة شهور كما أن العرض كان مقيدا بشرط
توقيع الطاعنة على عقد الشطب، وهو شرط يخالف طبيعة العرض كما كان مقيدا بشرط تنازلها
نهائيا عن ادعاء نسبها إلى المرحوم أرداشيس جرابيديان وهو شرط مخالف للنظام العام يبطل
معه العرض والإيداع الذى تلاه وأضافت الطاعنة أنه لا صحة لما استند إليه الحكم فى القول
بعدم أحقيتها فى طلب فسخ الصلح من أنها كانت تسعى فى عرقلة تنفيذه وأنها لم تعذر المطعون
ضده الأول لتنفيذ الصلح ذلك أنها كانت محقة فى رفض العرض لإقترانه بشرط مخالف للنظام
العام هو التنازل عن نسبها للمرحوم أرداشيس جرابيديان كما أنها قامت بإنذار المطعون
ضده رسميا على يد محضر فى 23 مايو سنة 1949 وقد أغفل الحكم المطعون فيه الإشارة إلى
هذا الإعذار.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بصحة إجراءات العرض والإيداع
ورفض طلب الفسخ على ما يأتى "وحيث إن ما تثيره المستأنفة (الطاعنة) من بطلان العرض
والإيداع اللذين تما من قبل المستأنف ضده الأول (المطعون ضده الأول) فإن الثابت من
أوراق الدعوى أن هذا الأخير عرض عليها فى 27 مايو سنة 1950 مبلغ 9016 ج مشترطا توقيعها
على عقد التخالص والشطب المترتبين على قبولها صلح 12 مايو سنة 1949 وليس فى هذا الشطب
بذاته خروج على مقتضى ذلك الصلح بل إنه المفهوم ضمنا من وقوع الصلح لأن المقصود منه
تسوية النزاع القائم بين الطرفين وبراءة ذمة التركة من إدعاءات المستأنفة (الطاعنة)
ثم تكرر العرض فى صورة أخرى رسميا فى يومى أول و3 يونيه سنة 1950 حيث امتنعت المستأنفة
(الطاعنة) عن التوقيع على عقدى الشطب والتخالص أمام موثق العقود، وقد اشترط المستأنف
ضده الأول عند الإيداع الذى تلا هذا العرض والحاصل فى 5 يوليه سنة 1950 بخزانة محكمة
مصر الوطنية رقم 171 عن مبلغ 6173 ج و800 م مضافا إليه مبلغ 91 ج و740 م رسوما ومبلغ
2800 ج المودعة معها من شركة الإدارة العقارية من أصل الوديعة رقم 48090 ما يكون مجموعه
9065 ج و540 م واشترط المستأنف ضده الأول أن توقع المستأنفة على عقدى الشطب والتخالص،
وبطبيعة الحال لا يحق للمستأنفة أن تعترض على هذا الشطب متى تسلمت المبلغ المتفق عليه
فى الصلح لأن هذا الشطب والتنازل هو تخصيص الصلح لنفس السبب الذى من أجله عرض عليها
هذا المبلغ ولا سيما إذا لوحظ أن الإيداع قد تم أيضا بالنسبة لمبلغ الخمسمائة جنيه
المشروط دفعه فى حالة التأخير فى دفع مبلغ 11000 ج وقرر المودع أنه يودعه رغم عدم مسئوليته
عن هذا التأخير حتى يقطع عليها كل سبيل فى المنازعة وأن الباقى وقدره 49 ج و995 م هو
مقابل رسوم عقد الشطب الذى علق عليه صرف الوديعة، فإذا علق صرف المبلغ على تقديم شهادة
بشطب القيود والتسجيلات المبينة بمحضر الإيداع، فإن هذا من حق المستأنف عليه الأول
لأن من شروط الصلح أن تتنازل عن حقوقها قبل التركة… ومن ثم يكون إعتراض المستأنفة
على العرض والإيداع فى غير محله، وحيث إن ما تنعاه المستأنفة أصلا على المستأنف ضده
الأول من أنه تأخر فى العرض والإيداع، فإنه فضلا عن أنه لم يثبت أن هذا التأخير كان
بسبب خطئه هو بل على العكس تبين أنها هى التى تسعى فى عرقلة تنفيذ الصلح، فإنه متفق
فى الصلح على دفع مبلغ 500 ج عند حصول تأخير فى الدفع وقد دفعه المستأنف عليه فعلا،
ومعنى ذلك أن التأخير لا يبطل الصلح وإنما يترتب عليه دفع مبلغ التعويض فقط، ومع هذا
كله فإن المستأنفة لم تعذر المستأنف عليه الأول لتنفيذ الصلح فلا حق فى طلب فسخه أو
زيادة التعويض" وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن الشروط
التى قيد بها العرض الحقيقى الذى تم فى 3 يونيه سنة 1950 والإيداع الذى تلاه فى يوم
5 يوليه سنة 1950 ليس فيها ما يخالف النظام العام – على ما سبق بيانه فى الرد على السبب
الثانى أو يتنافى مع مقتضى ومرمى الصلح الذى تم بين الطرفين، بل هى شروط يستلزمها الدين
المعروض ولا تخالف طبيعة العرض، كما قرر الحكم المطعون فيه بحق – لما كان ذلك، وكانت
محكمة الاستئناف قد انتهت فى حدود سلطتها التقديرية وبأسباب سائغة إلى أن رفض الطاعنة
قبول الوفاء المعروض عليها عرضا صحيحا كان بغير مبرر وأن الإيداع الذى تلا هذا العرض
كان صحيحا وتم وفقا للقانون فإنها إذ اعتبرت ذمة المطعون ضده الأول قد برئت من المبلغ
المودع وهو باقى المبلغ الذى التزم به فى عقد الصلح تكون قد طبقت القانون تطبيقا صحيحا،
كما أنه لما كان عقد الصلح لم يتضمن شرطا فاسخا صريحا يقضى بفسخ العقد عند تأخير المطعون
ضده فى الوفاء بهذا المبلغ فإن هذا التأخير لا يترتب عليه حتما فسخ العقد، بل يكون
أمر الفسخ فى هذه الحالة خاضعا لتقدير محكمة الموضوع ويشترط للقضاء به أن يظل المدين
متخلفا عن الوفاء حتى صدور الحكم فى الدعوى، وذلك سواء كان الدائن قد أعذره بالوفاء
أو لم يعذره، وإذ كان المطعون ضده الأول قد قام بالوفاء بما التزم به إذ عرضه عرضا
حقيقيا وأودعه وذلك قبل أن تدفع الطاعنة باعتبار العقد مفسوخا فإن المحكمة إذ لم تجبها
إلى هذا الطلب لم تخالف القانون وذلك سواء صح ما تدعيه من أنها أعذرت المطعون ضده الأول
أو لم يصح. ومن ثم يكون النعى بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
