الطعن رقم 1380 لسنة 30 ق – جلسة 28 /05 /1988
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون – الجزء الثاني (أول مارس 1988 – 30 سبتمبر 1988) – صـ
1563
جلسة 28 من مايو سنة 1988
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحى وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد عبد الوهاب أحمد وإسماعيل صديق محمد المستشارين.
الطعن رقم 1380 لسنة 30 القضائية
قرار إداري – أركانه – شكل القرار – التفرقة بين الأشكال الجوهرية وغير
الجوهرية.
قواعد الشكل في إصدار القرار الإداري ليست كأصل عام هدفاً في ذاتها أو طقوساً لا
مندوحة من اتباعها تحت جزاء البطلان الحتمي – هي إجراءات تقتضيها المصلحة العامة
ومصلحة الأفراد على السواء – يجب التفرقة بين الشكليات الجوهرية التي تنال من تلك
المصلحة ويقدح إغفالها في سلامة القرار وصحته وغيرها من الشكليات الثانوية – لا
يبطل القرار الإداري إلا إذا نص القانون على البطلان لدى إغفال الإجراء وكان
الإجراء في ذاته يترتب على إغفاله تفويت المصلحة التي عنى القانون بتأمينها –
ببطلان القرار يكون بحسب مقصود الشارع منه – لا يستوي إجراءً جوهرياً يستتبع
البطلان إذا كان الإغفال متداركاً من سبيل آخر دون مساس بمضمون القرار الإداري
وسلامته وضمانات ذوي الشأن واعتبارات المصلحة العامة الكامنة فيه – تطبيق [(1)].
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 31/ 3/ 1984 أقامت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيد وزير
الداخلية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1380 لسنة 30 ق في
الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 31/
1/ 1984 في الدعوى رقم 1207 لسنة 37 ق والذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام
الجهة الإدارية المصروفات، وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها بتقرير الطعن – تحديد
أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن
إلى إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا لتقضي بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض
الدعوى مع إلزام المطعون ضدها المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وأعلن الطعن قانوناً وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعن ارتأت فيه قبول
الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بإيقاف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها
المصروفات، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام
المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 2/ 6/ 1986 وتداول نظره
على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 18/ 4/ 1988 إحالة الطعن إلى
المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية
والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 7/ 5/ 1988 وفي هذه الجلسة نظرته المحكمة على النحو
الثابت بمحضر الجلسة وقررت حجزه للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد القانوني مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر
أوراقه في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1207 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء
الإداري بتاريخ 22/ 12/ 1982 طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إدراجها في قوائم
الممنوعين من السفر مع حفظ حقها في طلب التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي
لحقتها من جراء هذا القرار وبينت أنها مصرية ولدت على أرض مصر وقاربت الأربعين من
عمرها وتقيم إقامة مستمرة بالبلاد، ولم يصدر ضدها حكم جنائي ولم تتهم في تحقيق ما
ولم تكن لها معاملات تجارية استوجبت إفلاسها وعندما عزمت على السفر استخرجت جواز
سفر وأعدت تذكرة السفر وعندما وصلت المطار قيل لها أنها مدرجة في كشوف الممنوعين من
السفر ومنعت من ركوب الطائرة، فعادت وهي لا تعرف أسباب هذا القرار، فتظلمت إلى
الجهات المختصة ولم تتلق رداً على تظلماتها، ونعت المذكرة على القرار المطعون فيه
مخالفته لأحكام المواد 50، 51، 52 من الدستور التي تكفل للمواطنين حرية التنقل
والإقامة والمغادرة النهائية والمؤقتة، كما نعت عليه إساءة استعمال السلطة لعدم
قيامه على أسبابه تؤدي إليه وتنتجه، وردت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى فدفعت
بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد لأن القرار المطعون فيه صدر سنة 1970 ثم تجدد،
وتعلم المدعية ذلك يقينياً بدليل محاولة استخراج جوازات سفر مزورة أكثر من مرة
واتهمت بالتزوير في القضيتين رقم 5925 لسنة 1972 جنح قصر النيل ورقم 4187 لسنة 1972
جنح قصر النيل ولم تقدم المدعية أي دليل على تظلمها وطلبت الحكومة رفض الدعوى
بشقيها لأن المدعية أدينت في 1115 لسنة 1970 جنح آداب القاهرة في جريمة بغاء دولي
لإكراهها باقي زوجات زوجها الأردني على البغاء، كما اتهمت بممارسة الدعارة في
القضية رقم 249 لسنة 1976 جنح آداب القاهرة واعترفت بذلك، وحاولت الخروج من البلاد
عن طريق انتحال أسماء أخرى واتهمت بالتزوير في القضيتين رقمي 4187 و5925 لسنة 1972
جنح قصر النيل وكذلك القضية رقم 5612 إداري لسنة 1972 ولما كانت المادة 11 من
القانون رقم 98 لسنة 1959 بشأن جوازات السفر تخول وزير الداخلية المنع من السفر
لأسباب هامة يقدرها فإن القرار المطعون فيه يكون قائماً على أسباب تبرره حفاظاً على
وجه مصر وقيمها وأخلاقياتها الأصيلة وشريعتها الغراء، وإذ مضى عليه أكثر من ثلاثة
عشر يوماً ما فلا يكون ثمة وجه للاستعجال وقد صدر القرار الطعين استناداً إلى سببه
الصحيح وتكون الدعوى بإلغائه فاقدة الأساس خليقة بالرفض، وبجلسة 31/ 5/ 1983 حكمت
المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الشق المستعجل برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون
فيه وألزمت المدعية مصروفات هذا الطلب، وبجلسة 31/ 1/ 1984 أصدرت المحكمة حكمها
المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات تأسيساً
على أن قرار وزير الداخلية رقم 812 لسنة 1969 في شأن قوائم الممنوعين – الذي تم
إدراج المدعية في ظله وقرار وزير الداخلية رقم 975 لسنة 1983 بشأن تنظيم قوائم
الممنوعين الذي حل محل القرار الأول وأصبح سارياً على وقائع النزاع يقضيان بأن تظل
الأسماء المستوفية للبيانات مدرجة بالقوائم من تاريخ الإدراج وبرفع الإدراج
تلقائياً بعد انقضاء ثلاث سنوات تبدأ من أول يناير التالي لتاريخ الإدراج إذا لم
يرفع قبل انقضائها بناء على طلب الجهة الطالبة ويستمر الإدراج بعد انقضائها إذا
طلبت الجهة ذلك وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن الجهة الإدارية التي سبق لها أن طلبت
إدراج المدعية ضمن قوائم الممنوعين من السفر منذ سنة 1970 قد طلبت تجديد هذا
الإدراج بعد أن أكملت ثلاثة عشر عاماً في ديسمبر سنة 1983 ولم يجدد منذ يوليو سنة
1979 فيكون قد سقط في ديسمبر سنة 1983.
ومن حيث إن مبنى الطعن خطأ الحكم في تطبيق القانون وتأويله إذ أن الدعوى أقيمت
في 22/ 12/ 1982 في الوقت الذي يتمتع قرار إدراجها بالصحة لاتسامه بالمشروعية إذ أن
الإدراج قائم بمقتضى التجديد الحاصل في 14/ 7/ 1979 ولمدة ثلاث سنوات. وإذ كانت
العبرة في الحكم بمشروعية القرار المطعون فيه من عدمه هو بتاريخ صدوره وليس بالظروف
اللاحقة عليه فإذا كان سلمياً وقت صدوره ووقت رفع الدعوى كما في الحالة المعروضة
يتحصن عن الإلغاء بصرف النظر عن الظروف التي تطرأ بعد ذلك، وفضلاً عن ذلك فقد ناقضت
المحكمة بحكمها الصادر في الموضوع حكمها الصادر في الشق المستعجل إذ بينما استندت
في رفض الشق العاجل من الدعوى إلى سلامة الأسباب التي استندت إليها القرار المطعون
فيه، ذهبت في حكمها الصادر في الشق الموضوعي إلى مذهب آخر هو اكتمال مدة الثلاث
سنوات المقررة للإدراج أثناء نظر الدعوى الأمر الذي يعيب الحكم بعيب مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه لما كان تنفيذ الحكم المطعون
فيه من شأنه التصريح للمطعون ضدها بالسفر وما يترتب على ذلك من إساءة لسمعة البلاد
والحط من كرامتها فإنه يحق للطاعن طلب وقف تنفيذه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن مشروعية القرار الإداري إنما تبحث على
أساس الأحكام القانونية المعمول بها عند صدوره وعلى ضوء الظروف والملابسات التي
كانت قائمة آنذاك دون أن يدخل في الاعتبار ما جد منها بعد ذلك، وأن قواعد الشكل في
إصدار القرار الإداري ليست كأصل عام هدفاً في ذاتها أو طقوساً لا مندوحة من إدراجها
تحت جزاء البطلان الحتمي، وإنما هي إجراءات تقتضيها المصلحة العامة ومصلحة الأفراد
على السواء ويجب أن يفرق فيها بين الشكليات الجوهرية التي تنال من تلك المصلحة
ويقدح إغفالها في سلامة القرار صحته وغيرها من الشكليات الثانوية، وعليه لا يبطل
القرار الإداري لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على البطلان لدى إغفال الإجراء، أو
كان الإجراء في ذاته يترتب على إغفاله تفويت المصلحة التي عنى القانون بتأمينها ومن
ثم بطلان القرار بحسب مقصود الشارع منه، أما إذا كان الإغفال متداركاً من سبيل آخر
دون مساس بمضمون القرار الإداري وسلامته موضوعياً وضمانات ذوي الشأن واعتبارات
المصلحة العامة الكامنة فيه فإن الإجراء الذي جرى إغفاله لا يستوي إجراءً جوهرياً
يستتبع البطلان (يراجع حكم المحكمة الصادر في الطعن رقم 1081 لسنة 12 ق بجلسة 11/
3/ 1967 وحكمها الصادر في الطعن رقم 571 لسنة 18 ق بجلسة 12/ 5/ 1979).
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها حكم عليها حضورياً في القضية رقم
1115 لسنة 1970 جنح آداب القاهرة (بغاء دولي) بالحبس ثلاث سنوات والمراقبة ثلاث
سنوات والغرامة 300 جنيه إذ قامت بالتسهيل بالإكراه لباقي زوجات زوجها الأردني
الجنسية والمتزوج لأربع زوجات أخرى غيرها على ممارسة البغاء، كما اتهمت في الجنحة
رقم 249 لسنة 1976 آداب القاهرة لممارستها الدعارة وقد اعترفت بارتكابها هذه الجنحة
فضلاً عن أنها في سبيل سفرها إلى الخارج ارتكبت جريمتي تزوير وانتحال أسماء أخرى
قيدتا ضدها برقمي 4187 و5925 لسنة 1972 جنح قصر النيل كما انتحلت اسماً في ذات
السنة وحصلت على جواز سفر بالاسم المنتحل وتحرر عن ذلك القضية رقم 5612 إداري لسنة
1972 وقد أدرج اسم المذكورة ضمن قوائم الممنوعين من السفر سنة 1970 وظل هذا الإدراج
يتجدد إلى أن تقرر تجديده في الرابع عشر من شهر يوليو سنة 1979 لمدة ثلاث سنوات
تنتهي في آخر ديسمبر سنة 1982 وإذا كانت المادة الخامسة من قرار وزير الداخلية رقم
812 لسنة 1969 في شأن قوائم الممنوعين من السفر المقابلة للمادة السادسة من قرار
وزير الداخلية برقم 975 لسنة 83 تنص على أن تظل الأسماء المستوفية البيانات مدرجة
بالقوائم من تاريخ الإدراج ويرفع الإدراج تلقائياً بعد انقضاء ثلاث سنوات تبدأ من
أول يناير التالي لتاريخ الإدراج إذا لم يرفع قبل انقضائها بناء على طلب الجهة
الطالبة، ويستمر الإدراج بعد انقضائها إذا طلبت الجهة ذلك، وعلى الجهات التي لها
طلب الإدراج إعداد سجل خاص لديها بالأسماء التي لها طلب إدراجها بالقوائم لمراجعتها
وتصفيتها في المواعيد المشار إليها في الفقرة السابقة مع إخطار مصلحة وثائق السفر
والهجرة والجنسية بالأسماء التي ترى استمرار إدراجها بالقوائم في موعد غايته شهر
نوفمبر من كل عام، ولو كان اسم المطعون ضدها مدرجاً بقوائم الممنوعين من السفر منذ
عام 1970 وتجديداته التي تمت بعد ذلك على ضوء الظروف والملابسات التي كانت قائمة
وقت الإدراج التجديد فمن ثم يكون قرار إدراجها بقوائم الممنوعين متفقاً وأحكام
القانون، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إلغاء القرار المطعون فيه تأسيساً
على خلو الأوراق مما يفيد أن الجهة الإدارية التي سبق أن طلبت إدراج المطعون ضدها
ضمن قوائم الممنوعين من السفر منذ سنة 1970 قد طلبت تجديد هذا الإدراج بعد أن أكملت
ثلاثة عشر عاماً في ديسمبر سنة 1983 ولم يجدد منذ يوليو سنة 1979 فإن عدم تجديد
إدراج اسم المطعون ضدها بقوائم الممنوعين من السفر لا يعدو أن يكون إجراءً شكلياً
لا يمس مضمون قرار منع المذكورة من السفر وسلامته موضوعياً للأسباب التي قام عليها
وبالتالي لا يعتبر إجراءً جوهرياً يستتبع البطلان هذا مع ملاحظة أن الوزارة التي
تجري الإدراج هي نفسها التي كانت طالبة الإدراج، ولم يكن الأثر في هذا الصدد يتطلب
على وجه الحتم طلب إدراج جديد طالما أن أسباب الإدراج لا زالت قائمة وأخيراً إذا
كانت المحكمة تعلل قضاءها برفض الطلب المستعجل بجلسة 31/ 5/ 1983 بأن مدة الثلاث
سنوات المحددة لإدراج الممنوعين من السفر لم تكن قد اكتملت وإنما اكتملت في آخر
ديسمبر سنة 1983، فإن الثلاث سنوات قد اكتملت في آخر ديسمبر سنة 1982 وقد صدر الحكم
المستعجل بعد هذا التاريخ بجلسة 31/ 5/ 1983 ومع ذلك حكمت المحكمة برفض الطلب
المستعجل وناقضت نفسها عندما حكمت في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ومن ثم
يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ويتعين الحكم
بإلغائه، وبذلك تكون دعوى المطعون ضدها غير قائمة على أساس قانوني سليم فيتعين
الحكم برفضها وإلزام المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدها بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
[(1)] هذا المبدأ تأكيداً لما سبق أن قضت به هذه المحكمة في الطعن رقم 1081 لسنة 12 ق بجلسة 11/ 3/ 1967 وحكمها في الطعن رقم 571 لسنة 18 ق بجلسة 12/ 5/ 1979.