الطعن رقم 732 لسنة 28 ق – جلسة 14 /05 /1988
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام
المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون – الجزء الثاني (أول مارس 1988 – 30 سبتمبر 1988) – صـ 1494
جلسة 14 من مايو سنة 1988
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحى وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد السيد عمر والسيد عبد الوهاب أحمد المستشارين.
الطعن رقم 732 لسنة 28 القضائية
عقوبة إدارية – عقد مكتب تلغراف وتليفون (اختصاص).
طبيعة العلاقة القائمة بين الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية والشخص المتعاقد
معها على تركيب كابينة تلغراف وتليفون أهلي – علاقة عقدية مصدرها القانون العام – اتصال
العقد بنشاط مرفق عام كما يعتبر الشخص المتعاقد مع الهيئة مساهماً في تسيير مرفق عام
– احتواء العقد على شروط غير مألوفة في عقود القانون الخاص واتصاله بتسيير مرفق عام
يجعله من العقود الإدارية – أثر ذلك – اختصاص مجلس الدولة دون غيره بالمنازعات التي
تنشأ عن هذا العقد – تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 6/ 4/ 1982 أودع الأستاذ……. المحامي
بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها
برقم 73 لسنة 28 ق في الحكم الصادر بجلسة 7/ 2/ 1982 من محكمة القضاء الإداري في الدعوى
رقم 618 لسنة 34 ق المقامة من المطعون ضده ضد الهيئة الطاعنة والذي قضى بإلزام الهيئة
بأن تدفع للمدعي مبلغ (100 جنيه) (مائة جنيه) كتعويض مؤقت والمصروفات وطلب الطاعن –
للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ
الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المذكور وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون
ضده بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن الطعن قانوناً وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن
شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 18/ 5/ 1987 وتداول نظره
على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 4/ 4/ 1988… إحالة الطعن إلى المحكمة
الإدارية العليا (دائرة الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره
جلسة 30/ 4/ 1988 وفي هذه الجلسة نظرته المحكمة على النحو الثابت بمحضر الجلسة، قررت
إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد القانوني مستوفياً أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق، في
أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 217 لسنة 1979 أمام محكمة بندر المنيا الجزئية طالباً
الحكم بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع له مبلغ مائة جنيه تعويضاً مؤقتاً مع إلزامه
بالمصروفات وأتعاب المحاماة تأسيساً على أن هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية بالمنيا
تعاقدت معه على تركيب كابينة تليفون أهلية بناحية زهرة وبعد قيامه باستيفاء كافة الأوراق
والمستندات تم تركيب الكابينة بأمر التشغيل رقم 6041 في 15/ 2/ 1978 واستلم الدفاتر
والقسائم الخاصة بالعمل، وبعد بدء التشغيل بثلاثة أيام فوجئ بقطع الحرارة بسبب لا يعلمه
ولما كان قد ترتبت التزامات على هذه الكابينة بعد قبول الهيئة إقامتها بملكه كإيجار
المكان المناسب واستخرج بوليصة تأمين ضد خيانة الأمانة والحريق واستخراج كافة الأوراق
والمستندات المطلوبة التي كلفته ما يزيد على ألف جنيه فضلاً عن تعاقده مع أحد الأشخاص
لإدارتها وحدد له أجر وما تكبده من اتصالات للبحث عن المواصفات لدى الجهات الإدارية
المختصة، وقد أضر قطع الحرارة عن الكابينة، به ضرراً مادياً فقد أقام دعواه للحكم بطلباته،
وبالجلسة المنعقدة بتاريخ 10/ 12/ 1979 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى
وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري، وأحيلت الدعوى إليها وقيدت برقم 618 لسنة
34 ق وقد ردت الهيئة على الدعوى بأن المدعي تقدم بعدة طلبات لفتح كابينة أهلية بناحية
زهرة بالمنيا، كما تقدم……. بطلب مماثل، وقد عملت الهيئة دراسة مقارنة بين الطلبين
انتهت إلى صلاحية المكان المقدم من المدعي، وطالبته الهيئة بإعداد المستندات اللازمة
لذلك، وأثناء الأعمال التحضيرية لمشروع الاتفاق طلب رئيس مركز المنيا إيقاف الطلبات
المقدمة لتشغيل المكتب وأنه أعد مكاناً حكومياً لإقامة الكابينة لخدمة الأهالي وذلك
حتى لا تقوم فتنة بين أهالي القرية ولذلك أوقفت الهيئة المفاوضات الجارية مع المدعي
كما أنه لم يتم أي تعاقد مع المدعي ولم توقع الهيئة على العقد وكل ما تم إنما كان من
قبيل الإجراءات التمهيدية التي تسبق العقد، وخلصت الهيئة إلى أنها لم ترتكب أي خطأ،
ومن ثم تنتفي مسئوليتها وطلبت الحكم برفض الدعوى، وبالجلسة المنعقدة بتاريخ 7/ 2/ 1982
أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلزام الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية
بأن تدفع للمدعي مبلغ 100 جنيه (مائة جنيه) كتعويض مؤقت والمصروفات تأسيساً على أن
العقد الإداري شأنه في ذلك شأن العقد الخاص ينعقد بإيجاب وقبول متطابقين، والثابت أن
المدعي طلب من الجهة الإدارية المدعى عليها الموافقة على تركيب كابينة تلغراف وتليفون
أهلي بناحية زهرة وقامت الجهة الإدارية بمعاينة ذلك المكان وتبين صلاحيته لتركيب الكابينة
وصلاحية المدعي للعمل بالمكتب لحسن سمعته وقام المدعي باستيفاء كافة الإجراءات التي
طلبتها منه كما وافقت محافظة المنيا على قيام المدعي بأعمال المكتب وقامت الجهة الإدارية
في 7/ 3/ 1979 بإبرام العقد فمن ثم ما كان يجوز لها التحلل من التزاماتها على النحو
الذي استبان من الأوراق خاصة أن الهيئات المحلية وهي مجلس محلي البرجاية ومحافظة المنيا
قد وافقا على تركيب الكابينة ولا يجديها نفعاً التذرع بما جاء بكتاب رئيس مركز المنيا
الذي طلب إيقاف تشغيل الكابينة منعاً لحدوث فتن بين عائلات القرية الواحدة، إذ أن إجراءات
الموافقة على فتح المكتب قد مرت على كافة الجهات المسئولة ومنها الوحدة المحلية التابعة
لها القرية المراد افتتاح المكتب بها وهي البرجاية وكذلك محافظة المنيا وهي الجهة الرئاسية
لمركز المنيا، وبناء على ذلك تكون الجهة الإدارية قد ارتكبت خطأ تعاقدياً يوجب مسئوليتها
عنه إذا ما تحقق ركن الضرر وعلاقة السببية بين خطأها والضرر الذي أصاب المدعي، ومما
لا شك فيه أن المدعي تكلف مبالغ في إعداد مكان إقامة الكابينة فضلاً عن أنه تحمل تكاليف
استخراج وثيقة التأمين التي قدمها للهيئة وقد توافرت علاقة السببية بين خطأ الجهة الإدارية
والأضرار التي لحقت بالمدعي ومن ثم فإن المحكمة تجيب المدعي إلى طلباته بالحكم بتعويضه
تعويضاً مؤقتاً مقداره مائة جنيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون ومجانبته الصواب والقصور في
التسيب وفساد الاستدلال إذ أن ما تم بين الهيئة والمطعون ضده إجراءات مادية تسبق العقد
ولم تنته بتوقيع أي تعاقد معه، وقد حجبت الهيئة الصورة الضوئية المقدمة من المطعون
ضده إذ ليس لها أصل ثابت في الأوراق وغير موقعة من الهيئة والتوقيع المدون عليها مشطوب
بطريقة ظاهرة ولا توحي بالثقة وإذ انتهى الحكم إلى أن الهيئة ارتكبت خطأ تعاقدياً يوجب
مسئوليتها رغم عدم وجود العقد فيكون قد أخطأ في تحصيل الواقع مما ترتب عليه الخطأ في
تطبيق القانون، ويتمثل القصور في التسبيب وفساد الاستدلال فيما أورده الحكم من أن الهيئات
المحلية وافقت على تركيب الكابينة للمدعي، ولا يجديها نفعاً التذرع بما جاء بكتاب رئيس
مركز المنيا الذي طلب فيه إيقاف تشغيل الكابينة منعاً لحدوث فتن بين عائلات القرية
الواحدة إذ أن هذا التفسير مخالفاً للقانون وما استقر عليه الفقه والقضاء من قيام المرافق
العامة على تحقيق نفع عام تغليباً للمصلحة العامة على المصلحة الفردية أو الخاصة ولتغليب
المصلحة العامة ومصلحة وخدمة أهالي الناحية وعدم حدوث فتنة بين الأهالي استجابت الهيئة
لطلب رئيس مركز المنيا بإيقاف الطلبات المقدمة لتشغيل الكابينة وإعداد مكان حكومي لإقامة
كابينة حكومية وهو ما يحقق المصلحة العامة للمرفق والأهالي، وإذ فسرت المحكمة تصرفات
الهيئة بإيقاف المفاوضات مع الأهالي حفاظاً على الصالح العام بأنه خطأ تعاقدي تكون
قد خالفت القانون، ولم يعقب المطعون ضده على الطعن رغم حضور محام عنه أمام دائرة فحص
الطعون جلسة 7/ 3/ 1988 والتماسه حجز الطعن للحكم مع مذكرات.
ومن حيث إنه يتعين التنويه بداءة أن الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية تقوم
بإبرام عقود مكاتب التلغراف والتليفون التي يديرها الأفراد والهيئات الخاصة بوصفها
أشخاصاً من أشخاص القانون العام مع أحد الأفراد أو الهيئات الخاصة الذي يتعهد بالقيام
بأعمال التلغراف والتليفون وذلك بتنفيذ المخابرات الخارجية (ترنك) والمحلية المطلوبة
بالبلدة دون أن يتسبب في تأخير تنفيذها وتحصيل قيمتها لحساب الهيئة طبقاً لتعريفة الأجور
المعمول بها، وتحصيل اشتراكات المشتركين بهذه الجهة، وتلقي البرقيات التلغرافية وإملاء
الصادر منها لمكتب التلغراف بالسنترال الرئيسي المتصل به وتوزيع البرقيات الواردة بدون
تأخير من جانبه مع تحصيل قيمة البرقيات التلغرافية لحساب الهيئة القومية للاتصالات
السلكية واللاسلكية طبقاً للتعريفة الخاصة بأجور التلغراف المعمول بها (البند 4 من
العقد) ولذلك فإن العقد يعتبر بهذه المثابة متصلاً بمرفق عام كما يعتبر الشخص أو الهيئة
المبرم معه العقد مساهماً في تسيير هذا المرفق وباستقراء أحكام العقد يبين أنه قد تضمن
شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص فقد جاءت غالب أحكامه تعهداً من قبل التعاقد
مع الهيئة بالقيام بالأعمال المعهودة إليه كما تضمن البند التاسع من العقد إقرار المتعاقد
مع الهيئة بحقها في القيام بالتفتيش على أعمال التلغراف والتليفون والإيرادات الخاصة
بها في أي وقت واتباع التعليمات الإدارية التي تفرضها الهيئة عليه، وتضمن البند الحادي
عشر بأنه إذا أخل المتعاقد مع الهيئة بأي من التزاماته أو لم يؤد الخدمة العامة محل
التعاقد لمدة ستة أيام متصلة أو لمدد منفصلة مجموعها (30 يوماً) في السنة أو إذا تنازل
عن العقد للغير دون موافقة كتابية من الهيئة يكون للهيئة الحق في فسخ العقد ومصادرة
التأمين بموجب إخطار مسجل مصحوب بعلم وصول دون حاجة إلى تنبيه أو اتخاذ أي إجراءات
أخرى، وفي هذه الحالة تعمل التسويات الحسابية اللازمة وتسلم جميع ما بعهدته من أجهزة
وأثاث ومطبوعات وغيرها مما يخص الهيئة أو سداد قيمتها وذلك دون إخلال بحق الهيئة في
الرجوع على المتعاقد معها بما قد يترتب على ذلك من تعويضات عن الأضرار المادية والمعنوية،
وفي غير حالات فسخ هذا العقد للهيئة أن تخصم من التأمين المذكور أي مبالغ تستحق لها
في ذمة المتعاقد معها الذي يلتزم بتكملته خلال سبعة أيام من تاريخ إخطاره بذلك بموجب
كتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول، وغني عن البيان أن كل هذه الشروط الاستثنائية غير مألوفة
في عقود القانون الخاص ومن ثم فإن طبيعة العلاقة القائمة بين الهيئة القومية للاتصالات
السلكية واللاسلكية والشخص المتعاقد معها تكون علاقة عقدية مصدرها القانون العام ويكون
عقد مكاتب التلغراف والتليفون التي يديرها الأفراد والهيئات الخاصة من قبيل العقود
الإدارية تكاملت فيه خصائص وميزات العقد الإداري ومن ثم يدخل الفصل في المنازعات الخاصة
بهذا العقد في اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها وفقاً للبند (حادي عشر) من المادة
العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده تقدم بعدة طلبات لفتح كابينة
أهلية للتلغراف والتليفون بناحية زهرة مركز المنيا عام 70 و1971 وانتهت الدراسة التي
قامت بها الأجهزة الفنية بالهيئة إلى عدم إجابته إلى طلبه لأن المنطقة المراد إقامة
كابينة بها تتوسط كابينتين إحداهما تبعد عنها 1.250 كيلو متر وتبعد الأخرى 1.500 كيلو
متر. وبتاريخ 30/ 7/ 1977 تقدم المواطن/ ……. بنفس الناحية بطلب لفتح كابينة باسمه
للتلغراف والتليفون فقامت الهيئة بإعادة بحث الموضوع وأجريت دراسة مقارنة بين الطلبين
المقدمين من المذكور والمطعون ضده وانتهت الهيئة إلى صلاحية المكان المقدم من المطعون
ضده وبتاريخ 28/ 2/ 1979. أخطرت إدارة الهيئة بمنطقة المنيا سكرتارية مدير عام محافظة
المنيا بموافقة الهيئة على فتح الكابينة الأهلية إدارة المطعون ضده وطلبت منه بعض المستندات
ومن بينها تزكية من المحافظة حتى يمكن اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح الكابينة، وقد
استوفى المطعون ضده جميع المستندات، وبتاريخ 1/ 3/ 1979 أرسل سكرتير عام المحافظة الكتاب
رقم 2006 بتكليف المطعون ضده لفتح كابينة أهلي تلغراف وتليفون بزهرة لحسن سمعته وبتاريخ
7/ 3/ 1979 أبرمت الهيئة الطاعنة العقد الخاص بتركيب كابينة تليفون وتلغراف بناحية
زهرة وبتاريخ 11/ 3/ 1979… ورد للهيئة (منطقة المنيا) خطاب رئيس مركز المنيا بإيقاف
الطلبات المقدمة من المواطنين لتشغيل الكابينة لحين دراسة الأمر مع الهيئات المحلية
وبتاريخ 31/ 3/ 1979 ورد منه خطاب بإيقاف عمل أية توصيلات للأهالي حتى لا تحدث فتنة
بين عائلات القرية الواحدة، وتم الاتفاق على إنشاء كابينة للتلغراف والتليفون حكومية،
وقد تم تنفيذ ما اتفق عليه بتشغيل وافتتاح كابينة زهرة اعتباراً من 8/ 5/ 1980 بمعرفة
موظفي الوحدة المحلية بالبرجاية لخدمة الجمهور.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن كل ما تم بين الهيئة الطاعنة والمطعون ضده لم يكن
سوى مجرد إجراءات سابقة على العقد لم تتجه إلى توقيع أي تعاقد، وقد حجبت الهيئة الصورة
الضوئية للعقد المقدمة من المطعون ضده إذ ليس لها أصل ثابت من الأوراق وغير موقعة من
الهيئة والتوقيع المدون عليها مشطوب بطريقة ظاهرة ولا توحي بالثقة ولم يقدم المطعون
ضده أي دليل ينفي ذلك ويقطع بإبرام العقد بينه وبين الهيئة، ولما كان الثابت أن الهيئة
بعد أن كانت قد اتجهت إلى التعاقد مع المطعون ضده
عدلت عن ذلك قبل إتمام التعاقد لما أوضحه رئيس المركز بالمنيا في 11/ 3/ 1979 بإيقاف
تشغيل الكابينة لحين دراسة الأمر مع الهيئات المحلية بالبرجاية وورد خطابه الأخير في
31/ 3/ 1979 بإيقاف عمل أية توصيلات للأهالي حتى لا تحدث فتن بين عائلات القرية الواحدة،
وتم الاتفاق على إنشاء كابينة للتلغراف والتليفون حكومية وتدار بمعرفتها، ومن ثم يكون
قرار الهيئة بعدم التعاقد مع المطعون ضده متفقاً وأحكام القانون ولا يكون ثمة خطأ في
تكوين العقد قد وقع منها فلا يكون ثمة أساس لأية مسئولية عليها في هذا الصدد فعدول
الهيئة عن التعاقد كان له ما يبرره من تجنب الفتنة بين العائلات وهو من الأهداف الأساسية
التي يجب مراعاتها تحقيقاً لقيام المرفق بأداء عمله في جو من الطمأنينة والاستقرار
وهو ما تحقق بإنشاء الهيئة كابينة حكومية تنأى عن الصراعات المحتملة بين أهالي القرية
وعائلاتها، وإذ عدلت وهي في سبيل الإجراءات ولم يكن التعاقد قد تم بعد ولأسباب متعلقة
بالصالح العام فلا غبار على تصرفها ولا مسئولية عليها، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى
خلاف ذلك فيكون قد أخطأ في استظهار الوقائع واستخلاص حكم القانون يتعين إلغاؤه والحكم
برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده بمصروفات الدرجتين.
